زراعة خلايا دم الحبل السري .. التاريخ ونسب النجاح

لا يوجد خطر من سحب خلايا الحبل السري، سواء على الأم أو الطفل، فهي عملية آمنة بكل المقاييس ولا تستغرق العملية برمتها أكثر من عشر دقائق.
لا يوجد خطر من سحب خلايا الحبل السري، سواء على الأم أو الطفل، فهي عملية آمنة بكل المقاييس ولا تستغرق العملية برمتها أكثر من عشر دقائق.

في السنوات العشر الأخيرة أصبح دم الحبل السري المصدر البديل والأهم للخلايا الجذعية المستخدمة في زراعة نخاع العظم.


تحدثت الدكتورة أمل السريحي، استشارية أمراض الدم والأورام وزراعة نخاع العظم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، أنه في عام 1972 ظهر أول دليل على امكانية الاستفادة من دم الحبل السري.

وفي عام 1980، كثرت الابحاث التي تقارن بين الخلايا الجذعية في دم الحبل السري ونخاع العظم، وقد تبين ان دم الحبل السري يحتوي على خلايا جذعية كافية وقادرة على النمو في بيئة نخاع العظم وانتاج مكونات نخاع العظم (كريات الدم البيضاء، والحمراء، والصفائح الدموية)، في مدة تتراوح بين 21 ـ 42 يوما بعد الزراعة.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1988، تم اجراء أول عملية زراعة لخلايا جذعية مستخلصة من دم الحبل السري على يد الدكتورة والباحثة الفرنسية اليان جلوكماف، لطفل مريض عمره ست سنوات يعاني من مرض وراثي أدى الى فشل نخاع العظم يعرف بـ «انيميا فانكوني» Fanconi"s anemia، وقد جمعت تلك الخلايا من دم الحبل السري الخاص بأخته المتطابقة نسيجيا مع أخيها المريض. ولا يزال يعيش هذا المريض إلى يومنا هذا.

مميزات الدم
أوضحت الدكتورة أمل السريحي، أن للخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري مميزات عن نخاع العظم، من أهمها:

ـ أنها خلايا جذعية بدائية لا يشترط في أغلب الحالات ان تكون متطابقة مع خلايا المريض كما هي الحال في زراعة نخاع العظم، بل يكفي ان تكون مطابقة بنسبة 4/6 أو 5/6، وهناك احتمال بنسبة 10% ان يرفض الجسم هذه الخلايا.

ـ تمتاز وحدات الخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري بسرعة توفرها.

ـ أنها اقل عرضة للأمراض التي لها علاقة برفض نظام المناعة في جسم المريض من جهة قبوله الخلايا الغريبة، وبانخفاض معدل الإصابة بالأمراض المعدية التي تصيب المريض عادة بعد الزراعة، كذلك بمعدل أقل للأمراض الناتجة عن مهاجمة الخلايا المزروعة لأنسجة المريض إذا ما قورنت بزراعة الخلايا الجذعية من نخاع العظم أو الدم.

ـ يمكن ان تحفظ وحدة الحبل السري لمدة قد تبلغ عشر سنوات، حيث يتم سحب ما يقارب من 70 ـ 150 ملم من دم الحبل السري بعد الولادة مباشرة، وذلك بعد خروج المولود وفصله عن المشيمة. وترسل إلى المختبر المناعي لفرز الخلايا ومن ثم حفظها. عملية آمنة

ونؤكد أنه لا يوجد خطر من سحب خلايا الحبل السري، سواء على الأم أو الطفل، فهي عملية آمنة بكل المقاييس ولا تستغرق العملية برمتها أكثر من عشر دقائق.

وأن بضع أونصات (الاونصة 29 ملليلترا تقريبا) منه كافية للزراعة. وتتم اجراء العديد من الفحوص على دم الحبل السري للتأكد من خلوه من الأمراض المعدية أو الوراثية.

ونشير إلى أن هناك حاليا أكثر من 6000 حالة تمت زراعتها من دم الحبل السري في العالم لأكثر من 70 مرضا مختلفا.

 وهذه الأمراض تدرج تحت قائمة فشل نخاع العظم بجميع انواعه الوراثي منه والمكتسب مثل: الثلاسيميا، الأنيميا المنجلية، أمراض نقص المناعة الوراثي، الأورام اللمفاوية الخبيثة، اللوكيميا، وأخيرا الأمراض الاستقلابية الوراثية.

نتائج الزراعة
أن نتائج الزراعة تختلف باختلاف المرض وحالة المريض عند اجراء الزراعة. ويجب ان نذكر هنا انه لا يجب مقارنة النتائج ببعضها.

وبحسب الاحصائيات التي نشرت حديثا في المجلات الطبية الخاصة بزراعة النخاع العظمي والخلايا الجذعية، تبلغ نسبة الشفاء في مرض اللوكيميا من 45% الى 62%، وفي حالات فشل النخاع العظمي تصل النسبة الى 50%، وتستحوذ أمراض نقص المناعة الوراثي على الحظ الأوفر، حيث تبلغ نسبة النجاح 70 ـ 80%.

وفي بعض الأمراض الاستقلابية الوراثية مثل مرض هيرلر Hurler disease، تصل نسبة النجاح الى 72%، أما بالنسبة لحالات الثلاسيميا والانيميا المنجلية فالحالات المزروعة من دم الحبل السري قليلة ويفضل ان تتم الزراعة باستخدام خلايا نخاع العظم من متبرع قريب، أو إذا كانت الزراعة من دم الحبل السري، فيجب ان تكون من حبل سري قريب ويحتوي على جرعة عالية من الخلايا الجذعية.

ويجب ذكر ان الاحصاءات المذكورة تخص فقط الاطفال. وحيث ان حوالي 30% من الاطفال السعوديين المرضى لا يتوفر لهم متبرع قريب مطابق، كان الحل الامثل لعلاج هؤلاء الاطفال هو ارسالهم الى خارج المملكة (اميركا واوروبا) لإجراء زراعة النخاع.

لذا ونظرا الى ان مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث يمتلك الآن الامكانات والكفاءات الطبية العالية والمخبرية والمادية لاجراء هذا النوع من الزراعة، فقد بدأ برنامج زراعة الخلايا الجذعية من دم الحبل السري في عام 2003، الذي تم بالتعاون مع بنوك دم الحبل السري في أوروبا وأميركا.

يبلغ سعر الوحدة الواحدة للحبل السري حوالي 25 ألف دولار أميركي. وعند وجود مريض بحاجة الى احدى وحدات الحبل السري، يتم توفيرها بالتعاون مع أحد هذه البنوك ويتم ارسال الوحدة خلال 5 ـ 7 أيام.

ونظرا الى ازدياد عدد الحالات التي تم زرعها باستخدام خلايا دم الحبل السري في مستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث تم زرع أكثر من 73 حالة، لأمراض مختلفة منذ بداية البرنامج حتى الوقت الحالي لأمراض نقص المناعة الوراثي، فشل نخاع العظم، الأنيميا المنجلية، الأمراض الاستقلابية الوراثية، واللوكيميا بنسبة نجاح تبلغ 50 ـ 60% فسوف يتم البدء في المستقبل القريب ان شاء الله باستخدام وحدات الحبل السري من البنك السعودي الوطني الأول في مستشفى الملك فيصل التخصصي.

والخلاصة ان خلايا دم الحبل السري قد تحولت من مجرد بقايا يتم التخلص منها في النفايات، الى مصدر مهم للخلايا الجذعية التي تساهم بدرجة كبيرة في انقاذ حياة الكثير من المرضى.