تجربة زراعة النخاع العظمي لمرضى «الثلاسيميا»
تعتبر أنيميا البحر الابيض المتوسط (الثلاسيميا) من أهم وأخطر امراض الدم الوراثية المنتشرة في بلادنا. ويحتاج المريض لأخذ الدم بشكل شهري وصفة منتظمة منذ السنة الاولى من العمر، مما ينتج عن ذلك ترسبات الحديد التي تؤثر على وظائف الجسم الحيوية اذا لم يؤخذ العلاج المناسب لتراكم الحديد والذي يعتبر بحد ذاته معاناة أخرى.
وعلى الرغم من ظهور ادوية تعطى عن طريق الفم بدل المضخة تحت الجلد فإنها لا تعتبر العلاج الناجع الذي يعوض عن اخذ الدم المنتظم والمضاعفات الأخرى.
وعن زراعة النخاع تحدث الى الدكتور عبد الله حسين الجفري استشاري امراض دم وزراعة النخاع ورئيس قسم امراض الدم للأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، موضحا أن زراعة النخاع العظمي من متبرع سليم تعتبر هي العلاج الوحيد الشافي لمرضى أنيميا البحر الابيض المتوسط (الثلاسيميا).
وأضاف أن عمليات زراعة النخاع العظمي قد بدأت في عام 1981 في كل من الولايات المتحدة وايطاليا. ومع الوقت تطورت التقنيات والرعاية الطبية واصبحت نتائجها مشجعة وحققت نجاحات مطردة.
وعن عوامل نجاح العملية، أكد الدكتور الجفري أن هناك شروطا تساعد على النجاح وتقلل من نسب الفشل مثل وجود المتبرع القريب المطابق، وإجراء العملية في سن مبكرة لتفادي التأثيرات السلبية من تكرر اعطاء الدم وأهمها تراكم الحديد المخزون في الدم في اعضاء حيوية من الجسم وحدوث اضطرابات في تلك الأعضاء ومنها القلب والكبد.
ومواكبةً للتقدم الطبي في هذا المجال، فقد اصبح مرض الثلاسيميا من ضمن الامراض التي تتم زراعة النخاع العظمي لها، مثلها في ذلك مثل السرطانات المستعصية وامراض نقص المناعة وامراض اضطراب الاستقلاب (التمثيل الغذائي)، فكذلك أصبحت هذه الزراعة تستخدم لعلاج امراض فشل النخاع العظمي أيضاً.
تجربة المملكة
أشار الدكتور عبد الله الجفري الى أن برنامج زراعة النخاع العظمي لمرضى الثلاسيميا تم البدء فيه لأول مرة في المملكة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض حيث تم اجراء 62 عملية زراعة منذ عام 1998 الى عام 2006 وقد شملت الاطفال المصابين بمرض الثلاسيميا بمختلف درجات المرض من بسيطة الى مراحل مرضية متقدمة. وقد تم نقل النخاع من متبرعين اشقاء مطابقين وبصحة جيدة.
وعن اجراءات الزراعة ذكر الدكتور الجفري أنه بعد إتمام اجراء الدراسات الدقيقة على المريض والمتبرع، يتم ادخال المريض الى وحدة العزل واجراء العلاجات الطبية اللازمة له، ومن ضمنها العلاج الكيميائي وذلك للتخلص من النخاع العظمي المريض، ثم ينقل النخاع الطبيعي السليم الى المريض بعد أخذه من المتبرع تحت التخدير العام.
ويبقى المريض بعد ذلك فترة تتراوح من 3 ـ 4 اسابيع ثم يخرج من المستشفى ليتابع بشكل منتظم في عيادة زراعة النخاع.
نتائج الزراعة
بعد إجراء عملية زراعة النخاع العظمي، تتم متابعة المريض بشكل منتظم وبصفة مستمرة، وهناك %92 من المرضى الزارعين منذ عام 1998 لا يزالون يتابعون في مستشفى الملك فيصل التخصصي حتى تاريخه.
وأوضح الدكتور الجفري أن نسبة نجاح عملية الزراعة لمرضى الثلاسيميا وصلت الى 77% من الذين اجريت لهم العملية بالمستشفى، وكللت بالشفاء التام وأصبحوا طبيعيين من دون الحاجة لأخذ الدم او أي ادوية اخرى. كما أنه لم تحصل لهم أي مضاعفات مثل رفض النخاع او عودة المرض من جديد او حدوث مهاجمة للجسم من النخاع الجديد.
وأضاف أن تجربة مستشفى الملك فيصل تعتبر بذلك في مصاف اكبر مراكز زراعة النخاع العالمية في اوروبا واميركا، خاصة اذا علمنا ان اكبر مراكز ايطاليا في هذا المجال قد سجلت نسبة نجاح وصلت الى 75%، بعد اجراء العملية لعدد 824 مريضا.
وكنتيجة لهذه النتائج الجيدة التي حققها مستشفى الملك فيصل التخصصي، فقد تمت المشاركة في مؤتمرات عالمية واختيرت التجربة السعودية في «زراعة النخاع العظمي» للطرح في مؤتمر الفدرالية العالمية لمرض الثلاسيميا عام 2006.
وقد قدمت دراسة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض في «زراعة النخاع العظمي» في اهم المؤتمرات العالمية في الولايات المتحدة واوروبا، وقد رشحت لجائزة المؤتمر الاوروبي لزراعة النخاع عام 2007.