الخوف من الظلام !

الكثير منا لديه أشياء يتفاداها ويحرص على تجنبها لما يشعر تجاهها من خوف وليس الأمر يقتصر فقط على مجرد الخوف بل هناك أيضاً الخوف الشديد فيما يعرف  بالفوبيا، وقد تنوعت مخاوف الناس على اختلاف أعمارهم وتجاربهم فمنهم من يرهب الأماكن المغلقة، الأماكن المرتفعة.
 
وذهب البعض للخوف من العديد من الكائنات والحيوانات كالقطط والكلاب وبعض الحشرات كالصراصير، بل إن الأمر وصل إلى أن هناك من يخاف من بعض أنواع المأكولات!، ولكن من أكثر أنواع الخوف شيوعاً (الخوف من الظلام والمعروف علمياً بـ (achluiphobia..
وعن تعريف ذلك الشعور (فالمخاوف جميعها ناجمة عن إحساس العقل الباطن بأن هناك خطرا ما يجب أن ينبهك له فيجعلك تشعر بالخوف تجاهه) فالعقل الباطن قد وجد لينبهنا دائماً للمخاطر فيدفع صاحبه للنجاة من تلك المخاطر، وهذا أمر طبيعي أما عن المشكلة فتكمن في الخوف من أشياء لا تدعو أبداً للخوف منها؛ مثل الخوف من الظلام، فقد رأى الأطباء أنه خوف غير عقلاني فلدى البعض ممن يخافون الظلام تخيلات بأن في داخل الظلمة وحوشاً وكائنات مخيفة سيلقونها إذا ما دخلوا إليها، وذلك الخوف قد يؤثر على حياة الشخص المصاب به فيجعله لا ينام إلا بإضاءة الأنوار وأحياناً يضيف إليها تشغيل التلفاز لزيادة الإضاءة.
 
أسباب الخوف من الظلام 
الخوف من الظلام عادةً يحدث للشخص نتيجة صدمة نفسية تعرض لها ولعب فيها الظلام دوراً رئيسياً، فعلى سبيل المثال عندما كان الشخص صغيراً قام أحدهم بإخافته من الظلام بأن اختبأ عنه لمفاجئته وشعر حينها بالخوف الشديد فصار بعدها الخوف من الظلام ملازماً له.
 
التغلب على الشعور بالخوف من الظلام
ذكرنا سابقاً أن الشعور بخوف الظلام أمر غير عقلاني وأن صاحبه يتخيل وجود أشياءًا مخيفة بداخل الظلمة، ولكن ما الذي يدفع صاحبه في التصديق والإعتقاد بأنه لا وجود حقيقي لأي من تلك الأشياء؟! الحل إذاً هو المواجهة وعدم الهروب الدائم من الظلام فالهروب من جميع المخاوف يبقيها حيث هي، ولا ينجلي أي نوع من الخوف إلا بمواجهته.. وعند عزم الشخص المصاب بالرهاب على الدخول في مواجهة مع الظلام، وقتها فقط سيكتشف أنه لم يكن هناك أبداً ما يدعوا للخوف منه.
 
وإذا ظل المصاب بالرهاب لا يزال يخاف من الظلام ولا يجرؤ على المواجهة المباشرة له باقتحام أي من المجالات المظلمة فيمكن حينها اتباع نظام (الحساسية المنهجية) فتلك الطريقة متبعة في معالجة داء الرهاب والقلق وهي على العكس من المواجهة المباشرة.
 
وعند العلاج بنظام (الحساسية المنهجية) ينبغي أولاً معرفة أي درجة من الرهاب مصاب بها هذا الشخص وإلى أي من مستويات الخوف ينتمي فللخوف مستويات عدة، وتفصيلها كما يلي:
 
المستوى الأول: 
أن المريض يمكنه التواجد في غرفة مظلمة ولكن بشرط وجود صديق له بجواره يدخل معه.
والمستوى الثاني: 
يمكن للشخص دخول غرفة مظلمة بمفرده والتواجد بها أولاً لوقت بسيط مع علمه بأن أحد رفقائه سيدخل إليه لاحقاً.
المستوى الثالث:
يمكن للمريض البقاء في المكان المظلم وحده حتى ولو لدقائق معدودة ولا تزيد عن ذلك.
المستوى الرابع:
يمكن للشخص التواجد في الأماكن المظلمة وحده ولوقت غير محدود.
 
ولذا ينبغي على من يعاني الرهاب اختبار جميع المستويات السابقة حتى يعرف لأيهم تنتمي حالته فيبدأ مما تليها وهكذا، وبالفعل تلك الطريقة ستؤتي نتائجًا جيدة معه لأنه يتغلب بها على الأفكار التي تؤدي لمعتقدات تخيفه من الظلام وتمنعه منه وتولد لديه شعور بالخوف تجاهها، وبطرق العلاج السابقة يمكن لمن يعاني من الرهاب السيطرة على عقله الباطن عبر اقتحامه الظلام فيدرك حينها أنه لا يوجد ما يستدعي الخوف منه وتتبدد عنه تلك المخاوف التي طالما أرقت يقظته ومنامه.
 
ولا داعي أبداً لإخافة أطفالكم من الظلام عبر إيهامهم بأن هناك كائنات مخيفة تنتظرهم وراءها، من باب المزاح معهم والضحك على ردود أفعالهم فهم لا يأخذونها على هذا المحمل أبداً وإنما يصدقون جميع ما تقولونه لهم وأنتم لا تدرون ما تسببونه لهم من مشاكل وعقد نفسية تترسب في عقلهم الباطن وتظل معهم وقتا قد يطول فيصعب التغلب عليها رغم الكبر.