وجبة الإفطار .. هل تحد من الأكل الزائد؟

عدم تناولها يزيد من الإقبال على الأطعمة التي تحتوي على السكريات والدهون
عدم تناولها يزيد من الإقبال على الأطعمة التي تحتوي على السكريات والدهون

من المعلومات الطبية الأكثر تداولا عند معظم البشر، أن وجبة الإفطار تعتبر أهم وجبات اليوم كله على الإطلاق. ورغم أن هذه المعلومة متواترة منذ فترات طويلة، فإن الدراسات الطبية التي تؤكد صحتها وتعدد فوائدها تكاد لا تنتهى، وأحدث هذه الدراسات دراسة نشرت في مجلة التغذية الطبيعية «Nutrition Journal» في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، قام بها فريق بحثي من جامعة ميسوري بولاية كولومبيا في الولايات المتحدة University of Missouri in Columbia.
 
وأجرى الفريق العلمي الدراسة في محاولة لتفهم أسرار البدانة التي باتت خطرا يهدد الأميركيين، حيث إن تقريبا ثلث المراهقين الأميركيين يعانون البدانة.
 
وفي الأغلب، سيستمرون على هذا المنوال حسب الدراسات الطبية.
 
والخطر لا يهدد الولايات المتحدة فقط بطبيعة الحال، وهناك إحصاءات تشير إلى أن أعداد الأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار في المدن الكبرى حول العالم في ازدياد مستمر، خاصة في الدول المتقدمة والصناعية.
 
وكانت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية حذرت من أن معظم المراهقين الأميركيين لا يتناولون وجبة الإفطار، وهو الأمر الذي يجعلهم يفرطون في تناول الطعام بقية اليوم.
 
 
وجبة الإفطار
وفي الدراسة التي أجريت على مجموعة صغيرة من المراهقات الأميركيات، أشارت إلى أن تناولهم وجبة الإفطار يزيد من مادة الدوبامين dopamine في المخ التي يبدو أن زيادتها تتحكم في الرغبة الملحة في تناول الطعام، وأنهم من خلال فهم هذه الآلية في المستقبل يمكنهم التحكم في مستويات البدانة ومعالجتها.
 
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص تقل لديهم الرغبة في تناول الأطعمة التي تحتوي على السكريات، كما أن الإفطار الذي يحتوي على كمية كبيرة من البروتينات يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون.
 
وعلى النقيض، إذا أهمل المراهق وجبة الإفطار فإن إقباله على الأطعمة التي تحتوي على السكريات والدهون يزيد. وكان السبب الأساسي الذي لفت نظر الباحثون أنه على الرغم من أن عدد مرات تناول الطعام تراجع بالنسبة للأميركيين في الخمسين عاما الماضية، إلا أن معدلات البدانة زادت بشكل كبير.
 
وكانت الدراسة التي تم إجراؤها على 20 من الفتيات، تتراوح أعمارهن بين 18 و20 عاما ويعانين جميعا زيادة الوزن وفي الأغلب لا يتناولن وجبة الإفطار.
 
وتعرضت كل مشاركة في التجربة لثلاثة أنواع من الأنظمة الغذائية خلال أسبوع.
 
وفي النظام الأول، تناولت المشاركات وجبة إفطار تحتوي على 350 من السعرات الحرارية وتحتوي على كمية قليلة من البروتين. وفي نموذج آخر، تناولن الكمية نفسها من السعرات الحرارية، ولكن تحتوي على كمية عالية من البروتينات. 
 
وفي النموذج الثالث، لم يتناولن وجبة الإفطار على الإطلاق أسبوعا كاملا. وفي نهاية الأسبوع، كان الفتيات يخضعن لتقييم عبارة عن استبانة عن مدى رغبتهم الملحة في تناول الطعام.
 
وأظهرت النتائج أن كلا من النموذجين لوجبات الإفطار (سواء التي تحتوي على بروتينات أقل أو التي تحتوي على بروتينات أكثر) تلازما مع عدم الرغبة الملحة في تناول الطعام بكميات كبيرة، خاصة الأطعمة التي تحتوي على السكريات والدهون. وحينما تمت مقارنة كمية البروتينات تبين أن الوجبة التي تحتوي على بروتين أكثر ساعدت أكثر في خفض الرغبة في تناول الدهون على وجه التحديد.
 
وأشار الباحثون إلى أن المراهق حينما يبدأ الأكل يقوم المخ بإفراز الدوبامين الذي يحفز مراكز المكافئة reward في المخ التي بدورها تشعر الإنسان بالشبع، وهذا الأمر هو الذي ينظم عملية تناول الوجبات.
 
غذاء بروتيني
وتبين أن المراهقين الذين يعانون البدانة أو زيادة الوزن تكون لديهم مستويات أقل من الدوبامين، ومن ثم يحتاجون إلى الأكل أكثر من غيرهم ليستطيع الدوبامين أن يحفز مركز المكافئة ومن ثم الشعور بالشبع، وأشار الباحثون إلى أن آلية تشبه هذا النظام تماما توجد في المراهقين الذين لا يتناولون وجبة الإفطار.
 
ولمواجهة هذه الآلية ومنع الإفراط في تناول الطعام، توصل الباحثون إلى أن اتباع نظام غذائي معين يعتمد على تناول وجبة الإفطار التي تحتوي على البروتينات (التي يمكن أن تكون المسؤولة عن القيام بدور المحفز لمركز المكافأة في المخ).
 
وفي الوقت نفسه، تحد من الرغبة الملحة في تناول الطعام الغني بالدهون وأهمية زيادة البروتينات ضرورية، حيث إن من المعروف أنه بعد تناول الطعام مباشرة تزيد نسبة الجلوكوز في الدم ومن ثم يقوم الجسم بإفراز كمية أكبر من الإنسولين لتوصيل الجلوكوز إلى أنسجة الجسم المختلفة والاستفادة منه.
 
وفي بعض الأحيان، إذا كانت نسبة الجلوكوز كبيرة يمكن أن تكون نسبة الإنسولين غير كافية ومن ثم يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم. وكلما احتوت وجبة الإفطار على كمية أكبر من البروتينات، كان ذلك مفيدا، ومن ثم يعمل كوقاية مستقبلية من الإصابة بمرض السكري.
 
وعلى الرغم من أن معظم الأميركيين لا يتناولون أكثر من 15 غراما فقط من البروتينات في وجبة الإفطار، فإن رفع كمية البروتينات ليس بالأمر العسير بحيث يمكن دائما إضافة البيض أو السجق إلى وجبة الإفطار.
 
وفي النهاية، يجب أن يحرص الجميع، وخصوصا المراهقين والأطفال، على تناول وجبة الإفطار لمقاومة البدانة.