حقائب يد غيرت مصير سجينات إلى الأبد
01:01 م - الأحد 7 ديسمبر 2014
عندما بدأت المحامية أمل علم الدين التجهّيز لزفافها من الممثل العالمي جورج كلوني، وقع اختيارها على دار «Sarah›s bag» في بيروت لتنتقي منها 11 حقيبة يد.
فقيم هذه الشركة تناسب توجه أمل علم الدين بصفتها محامية وناشطة حقوقية، بالنظر إلى أن من يصنع هذه الحقائب ويتولى تطريزها سجينات.
تقول سارة بيضون، التي أسست الشركة منذ نحو 14 عاما، أن زياراتها لسجني طرابلس وبعبدا، ضمن عملها بصفتها مساعدة اجتماعية كانت وراء ولادة الفكرة، وتروي أنها أثناء زيارتها في إحدى المرات لمؤسسة «دار الأمل» المعنية بإعادة تأهيل السجينات، لاحظت أنهن في حاجة قصوى لتحفيزهن لإكمال حياتهن بصورة طبيعية، لا سيما وأنهن لا يجدن بسهولة عملا يعيلهن بعد خروجهن من السجن.
بداية، اشتغلت سارة مع 4 نزيلات في سجن بعبدا، لكن لم يمر عام واحد حتى فاق عددهن الـ40 امرأة، لا سيما أن بعضهن بقين معها حتى بعد حصولهن على حريتهن.
إلى الحرية، تشرح سارة: «عندها فقط بدأت في التفكير في تطوير العمل ونقله إلى مرحلة الاحتراف، بتأسيس مشغل ودار أبيع فيها هذه الحقائب، ويخصص قسم من ريعها لهؤلاء النسوة، أي أجرا يتلقينه مقابل كل قطعة يزخرفنها»، وبالفعل تحقق الأمر، بمساعدة مصممين مختصين وفريق خاص بالتسويق وإدارة الإنتاج؛ مما جعل عدد السجينات العاملات يزيد إلى 150 امرأة.
تقول سارة بيضون: «تغيرت حياتهن تماما، وأصبحت الغالبية منهن تساهمن، وبشكل فعّال، في إعالة عائلاتهن ماديا؛ مما حفزهن على إنجاز هذه الحقائب بسرعة وتفان. كن ينقلن صور الموديلات المطبوعة وتطريزها على الأقمشة بدقة شديدة، ليتحولن بين ليلة وضحاها من سجينات إلى سيدات أعمال».
وتؤكد سارة أن بعضهن ساهمن في تربية أبنائهن إلى أن وصلوا إلى الجامعات وتخرجوا فيها.
وتتذكر أن إحداهن اشترت في البداية ثلاّجة ثم فرن غاز، وكانت في مرة تشعر بسعادة كبيرة، لأنها شعرت بنوع من الاستقلالية المادية وبأنها غير مخنوقة بالسجن.
أكثر ما تشدد عليه دار «Sarah›s bag» هو أن توقّع كل حقيبة بعبارة «صنع في لبنان»، وأن تحمل كل واحدة من موديلاتها فكرة من لبنان، تراثية كانت كالحقيبة التي اختارتها أمل علم الدين على شكل طاولة النرد، أو فيروزية تنطق بأغاني فيروز، ولو من خلال عبارة تطرّز عليها كـ«حبّيتك تانسيت الليل»، أو سياحية كتلك التي تحمل صور المطربة صباح أو خارطة أحياء بيروت القديمة، أو على شكل منقوشة بالزعتر، وما شابه.
وتعلق سارة بيضون: «لقد اهتممت اهتماما خاصا بجيل الشباب، وتعمدت أن أعرفه برموز بيروت، فتبقيه على علاقة دائمة ووطيدة بها مهما هاجر أو تغرب، ونجحت إلى حد كبير، لأن هناك شريحة لا يستهان بها منهم تقصدنا لتختار ما يناسب ذوقها، كتلك التي تحمل عبارة «حبّك نار» أو كلمة «waw» التي يستخدمونها بكثرة عند مشاهدتهم شيئا يحبونه».
وعن كيفية تعرفها إلى أمل علم الدين تقول: «لقد تعرّفت على أمل في جلسة جمعتني بها في نيويورك كون شقيقها صديق زوجي، وعندما حدثتها عن «Sarah›s bag» تحمّست للفكرة، خصوصا أنها تتلاءم ونشاطها الإنساني عالميا»، وتتابع: «هي امرأة ذكية وجميلة وأنيقة، وعندما قررت الارتباط بالممثل جورج كلوني أرسلت تطلب مني 11 حقيبة، تم تصميم بعضها بناء على طلبها كحقيبة (القبعة البيضاء)، وأخرى أعجبتها من المجموعة الجديدة على شكل (طاولة النرد)».
لكن أمل علم الدين ليست الوحيدة التي تتعامل مع الدار، فالملكة رانيا العبد الله كانت أولى من سلط الضوء عليها عندما ظهرت بتصاميمها منذ عدة سنوات في مهمات رسمية كبيرة، مثل حقيبة مطرّزة بعبارة تقولـ «على قدر أهل العزم تأتي العزائم». ثم هناك النجمة الفرنسية كاترين دونوف، والمخرجة نادين لبكي، والمهندسة المعمارية العالمية زها حديد، وكل امرأة «تؤمن بقضيتنا وتتمتع بحس إنساني»، حسب قول سارة بيضون.
فللدار اليوم فروع في باريس، وطوكيو، ولندن، ولوس أنجليس، ولم تعد تكتف الحقائب، بل أصبحت تقدم أيضا شلحات من الصوف والحرير، وأغراض لحديثي الولادة، إضافة إلى إكسسوارات ومجوهرات تليق بكل الأعمار، فالفكرة التي ولدت من منظور إنساني تطورت لتصبح إمبراطورية صغيرة غيرت حياتها وحياة الكثير من النساء.