حرقة المعدة المزمنة .. هل تحتاج لإجراء تنظير داخلي؟
03:28 م - الخميس 3 يوليو 2014
هناك واحد من بين كل خمسة رجال يشعر بآلام الحرقة، أو حرقة المعدة. وبالنسبة لكثير من الرجال يعد هذا المرض مزمنا ويتطلب تناولهم علاجا يوميا. ونظرا لكثير من الأسباب، ينتهي الحال بالأشخاص المصابين بحرقة المعدة المزمنة إلى إجراء تنظير داخلي أو أكثر، حيث يستخدم الطبيب خلال هذا التنظير أداة مرنة مضيئة للتأكد مما إذا كانت هناك أي مشكلات في الجزء الأسفل من المريء أم لا.
الحاجة إلى التنظير
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يحتاج الشخص المصاب بحرقة المعدة المزمنة إلى إجراء تنظير داخلي فعلا، وما السبب وراء ذلك؟ ولإدراك وفهم هذا الموضوع ومعرفة أحدث التطورات الخاصة بالإرشادات الطبية المرتبطة به، توجهنا بسؤالنا إلى كونال جاجو، اختصاصي التنظير الداخلي وأستاذ الطب المساعد بمستشفى بريغهام للنساء التابعة لجامعة هارفارد.
يمكن أن يكون التنظير الداخلي(endoscopy) مفيدا للرجال الذين يعانون حرقة المعدة المزمنة - حتى في هذا العصر الذي أصبحت فيه جميع الاختبارات والإجراءات الطبية غير الضرورية شائعة للغاية - عند الضرورة فقط. ويقول جاجو: «لا تتطلب حرقة المعدة في حد ذاتها إجراء تنظير داخلي، ولكن في حال وجود أعراض أخرى بشكل مؤكد، يتعين على الشخص التوجه إلى طبيبه للحصول على المشورة».
حرقة المعدة
إذا كنت في منتصف العمر أو أكبر سنا وتعاني من حرقة المعدة المزمنة، فمن المحتمل أن يكون هذا المرض هو داء الارتجاع المعدي المريئي (gastroesophageal reflux disease GERD).
ويحدث ذلك عندما ترتد المكونات الحمضية في المعدة إلى أسفل (قاعدة) المريء، أي الأنبوب الذي ينقل الطعام والشراب بشكل طبيعي إلى الاتجاهات الأخرى. ويؤدي تناول دواء خافض للحموضة إلى تهدئة أعراض حرقة المعدة والسماح بعلاج الطبقة السطحية من المريء.
وفي الحالات العادية، يعالج مرض الارتجاع المعدي المريئي بنجاح باستخدام الأدوية. وفي حالة إجراء اختبار للمريء عن طريق التنظير الداخلي، فمن غير المحتمل الحصول على أي معلومات تؤدي إلى تغيير العلاج. وفي الوقت نفسه، تتضاءل فرصة حدوث مضاعفات للشخص نتيجة لهذا الإجراء والشعور بالتعب.
إذا جربت أخذ أي دواء واستمر وجود أعراض قرحة المعدة بعد شهر أو شهرين، فقد ينصحك طبيبك بإجراء تنظير داخلي للتأكد من الأمور الأخرى التي قد توضح أسباب هذه المشكلات، مثل القرحة والتآكل اللذين يصيبان جدار المريء أو المعدة.
وبالإضافة إلى ذلك، يعد التنظير الداخلي مناسبا في حالة وجود أعراض مرض الارتجاع المعدي المريئي مع ظهور دلائل «تحذيرية»، مثل صعوبة البلع أو فقدان الوزن بشكل ملحوظ أو حدوث نزف بالجهاز الهضمي أو الأنيميا (فقر الدم). ويقول جاجو: «سيكون لدى الشخص مخاوف بشأن الإصابة المحتملة بالسرطان عند التأخر في إفراغ المعدة، مما يمكن أن يسبب حدوث ارتجاع».
ويوضح جاجو أن عاملي السن وسجل التاريخ العلاجي للشخص، من العوامل المهمة أيضا في هذا الصدد. ومن غير الشائع شعور الأشخاص الكبار، الذين يزيد عمرهم على 50 عاما، بوجود أعراض مفاجئة لداء الارتجاع المعدي المريئي.
داء «مريء باريت»
إذا كنت تعاني مرض الارتجاع المعدي المريئي وخضعت للتنظير الداخلي، فقد تكون هناك فرصة للطبيب لرصد التغييرات غير الطبيعية في قاعدة المريء، وحينئذ تسمى هذه الحالة داء «مريء باريت» (Barrett›s esophagus) وتكون أكثر شيوعا عند الرجال أكثر من النساء. وتتسبب أكثر الأنواع شيوعا من «مريء باريت» في زيادة مخاطر تطور أحد الأنواع إلى سرطان المريء.
وكان من المعتقد، حتى وقت قريب، أن معدل المخاطرة السنوي لإصابة الأشخاص، الذين يعانون حالة «مريء باريت»، بالسرطان هي نسبة واحد بين كل 200 شخص.
بيد أن هناك دراسة مهمة في الدنمارك كشفت أن نسبة المخاطرة قد تكون أقل من ذلك؛ واحد تقريبا بين كل 1000 شخص. وبالنسبة للأشخاص العاديين، الذين تنخفض لديهم نسبة الإصابة بـ «داء باريت»، فتتمثل الإرشادات الموصى بها في إجراء تنظير داخلي لمتابعة الحالة كل ثلاث إلى خمس سنوات للتأكد من وجود تغييرات ما قبل الإصابة بالسرطان. وإذا كانت حالة «باريت» تبدو غير طبيعية بشكل أكثر، فإنه ينصح بالخضوع لأكثر من متابعة بشكل متكرر.
فحص «داء باريت»
على الرغم من أن هذا الأمر غير شائع نسبيا، فإن معدلات الوفاة بسبب سرطان المريء ترتفع. وعليه، فهل يجب خضوع جميع الأشخاص الذين لديهم تاريخ علاجي من الإصابة بمرض الارتجاع المعدي المريئي، للفحوصات الخاصة بداء «مريء باريت» مرة واحدة على الأقل؟
لا يتفق جميع الخبراء على ضرورة خضوع هؤلاء الأشخاص المصابين للفحص، وكذلك على عدد مرات إجراء هذا الفحص.
وتقول كل من الجمعية الأميركية لطب الجهاز الهضمي وكلية الأطباء الأميركية إن «عملية الفحص قد تكون مهمة للرجال الذين يعانون من الارتجاع المعدي المريئي ومن عوامل المخاطر الأخرى للإصابة بسرطان المريء، مثل السجل التاريخي لعلاج الأسرة من السرطان، والتدخين، وتعاطي الكحول بشراهة، والسمنة».
وحتى الآن، لا توجد دارسة توضح أن الخضوع للتشخيص واحتمالية علاج داء «مريء باريت» يمنع الوفاة الناجمة عن سرطان المريء. ومثلما هي الحال عند اتخاذ قرار للخضوع لفحوصات بشأن جميع الأمراض، ينبغي على الشخص التأكد من معرفته للاحتمالات ومناقشة هذا الأمر بالكامل مع طبيبه.
احتمالات بعيدة للإصابة بسرطان المريء
وفقا لإحدى الدراسات الصادرة حديثا في الدنمارك، تنخفض نسبة مخاطر التعرض للإصابة بسرطان المريء بين الأشخاص الذين يعانون الشكل الأكثر شيوعا من داء «مريء باريت» بشكل أقل مما يعتقد الخبراء. وتتطور حالة 12 شخصا، من بين كل 1000 شخص يعانون الإصابة بداء «مريء باريت»، إلى الإصابة بسرطان المريء على مدى فترة قدرها عشر سنوات.
وتعادل هذه النسبة 30 مرة من معدل الإصابة بالسرطان لدى الأشخاص غير المصابين بحالة «باريت»، ولكن بشكل إجمالي، فإن السرطان ما زال غير شائع.