الجراحات التجميلية للثدي .. ترفع من معدلات الانتحار بين النساء
بين التجاذب العلمي الدائر اليوم حول ما الذي يُمكن وضع اللوم عليه، كسبب في ارتفاع معدلات الانتحار بين النسوة اللائي يخضعن لعمليات التجميل بزراعة الثدي الصناعي، يظل هؤلاء النساء هن الضحية لتلك المشكلة بلا حل، إذْ في حين لا يزال ثمة من يقول إن الحالة النفسية الأساسية لهؤلاء النساء هي السبب في دفعهن إلى إجراء عملية تجميل الثدي، وأنهن غالباً لا يشعرن بالرضا من نتائجها بعد حين، ما يجعل العامل النفسي لديهن غير مستقر، يقول آخرون إن المواد المستخدمة في صنع تلك الأثداء ربما تتسبب بتغيرات في الجسم أو الدماغ، ما ينجم عنها اضطراب الحالة النفسية وارتفاع محاولات الإقدام على الانتحار.
وتأتي هذه المناقشات بعد صدور تقرير المجمع الأميركي لجراحي التجميل، الذي أكد على أن عمليات تكبير الثدي باستخدام زراعة الثدي الصناعي شكلت في عام 2006 أعلى نسبة بين جميع عمليات التجميل التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة، والتي تحديداً بلغت حوالي 230 ألف عملية تكبير ثدي، بمعدل تكلفة يبلغ حوالي 3600 دولار للعملية الواحدة.
وهو ما يعني أن حجم سوق هذه العمليات التجميلية الخاصة فقط بتكبير حجم الثدي يبلغ حوالي مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة فقط، دون تحديد حجم سوق هذه العمليات سنوياً في بقية مناطق العالم. ودون أيضاً تحديد حجم سوق بقية أنواع العمليات التجميلية المتعددة الأخرى للثدي نفسه في الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم.
والواقع أن التهوين من شأن هذه الدراسات، والتي دأب عليه البعض، يجب أن لا يستمر، لأن الحديث فاق مجرد الملاحظة. والإصرار المتكرر حتى اليوم بأن المواد المستخدمة في صنع الأثداء المزروعة ليست هي السبب، بل السبب هو الحالة النفسية للنساء، إنما هو حجب للحقائق في وقت مبكر جداً من البدء في النقاش، وتسليط قد يكون مقصوداً للضوء على ما يُلقي الكرة في ملعب النساء وحدهن.
وهو أسلوب ينأى الكثيرون بالأطباء اللجوء المجرد والمتسرع إليه، لأن الأطباء هم الذين عودوا الناس على تمحيص كل الأمور الطبية بتأن وبتعمق، وكسبوا كل التقدير والثقة بذلك. وحتى لو كان العامل النفسي وحده هو السبب، فلماذا يتفاقم تأثيره لديهن بعد ما بين عشر إلى عشرين سنة؟ وما الذي يُميز عمليات تضخيم الثدي عن غيرها من العمليات التجميلية للثدي في التسبب بارتفاع حالات الانتحار؟
تكبير الثدي والانتحار
وضمن عدد أغسطس من مجلة مدونات جراحة التجميل الصادرة في الولايات المتحدة قال الباحثون من المؤسسة الدولية لأبحاث علم الأوبئة، في روكفيل بولاية ميريلاند الأميركية، إن المقارنة بين النساء اللواتي أُجريت لهن جراحات لتكبير الثدي اظهرت انهن عُرضة لاحتمالات الإقدام على الانتحار بنسبة تتجاوز ثلاثة أضعاف تلك الاحتمالات لدى النساء اللواتي لم يخضعن لذلك النوع من العمليات. وأن هذا الارتفاع لا يتضح إلا بعد مرور عشر سنوات أو أكثر بعد اللجوء إلى عملية زراعة ثدي صناعي للتغلب على عدم الرضا بحجم الثدي الذي وُهبن إياه بصفة طبيعية.
وتتبع فريق البحث لمدة 19 عاما محصلة حالات أكثر من 3500 امرأة سويدية خضعن لعملية تجميل الثدي عبر الزراعة فيما بين عام 1965 وعام 1993. وقارنوا فيما بين أسباب الوفيات بينهن وبين التي لدى النساء الأخريات. وكانت أعلى معدلات الانتحار لدى النساء اللواتي لجأن لعملية تكبير الثدي وهن في عمر 45 سنة وما فوق.
وأضافوا بأن الدراسة الأخيرة لهم تُضاف إلى عدد متزايد من البحوث والدراسات صدرت في السنوات القليلة الماضية، والتي وجدت أن منْ يُقدمن على زراعة الثدي الصناعي هن أكثر احتمالاً في الإقدام على إزهاق أرواحهن بأنفسهن. وذلك على حد قول الدكتورة لورين ليبورث في عبارات البحث. واستطردت قائلة: إن الدراسة الجديدة واحدة من خمس دراسات أظهرت بشكل متواصل وثابت، ارتفاع مخاطر الإقدام على الانتحار بين النساء اللواتي خضعن لهذا النوع، بالذات، من عمليات تجميل الثدي. وهذه الدراسات تمت في الولايات المتحدة والسويد والدنمرك وكندا وفنلندا.
وبالإضافة إلى ارتفاع خطورة الإقدام على الانتحار، وجد الباحثون لدى من أجرين عمليات تكبير الثدي، ارتفاع نسبة الوفيات نتيجة اضطرابات نفسية أخرى، أي بطريق غير الانتحار، وتحديداً ارتفاع الوفيات بمقدار ثلاثة أضعاف نتيجة تناول الكحول أو الاعتماد على المخدرات. وبشكل عام قال الباحثون إن الانتحار والاضطرابات النفسية الإدمانية شكّلا خمس أسباب الوفيات فيما بين منْ أُجريت لهن عمليات تكبير الثدي بزراعة الثدي الصناعي فيه.
وكانت نتائج دراسة الباحثين من المؤسسة القومية للسرطان في الولايات المتحدة المنشورة في مجلة علم الأوبئة عام 2006، والتي تابعت لمدة عشرين سنة أكثر من 12 ألف امرأة ممن خضعن لعملية زراعة ثدي صناعي فيما بين عام 1960 وعام 1988. وبمقارنتهن مع نساء أجرين عمليات تجميلية أخرى في نفس تلك الفترة، وأيضاً بنساء عاديات لم يقمن بأي عمليات تجميلية، تبين أن نسبة الوفيات نتيجة الإقدام على الانتحار أعلى بنسبة الضعف لدى منْ أجرين عملية الثدي. وكذلك الحال مع الوفيات نتيجة حوادث المرور.
تعليلات ودفاع تجميلي
وفي محاولة لتفسير سبب إقدام هؤلاء النساء على الانتحار، تقول الدكتورة ليبورث كلاماً مشوباً بالشك والضعف، مفاده من الممكن أن بعض النساء ممن لديهن بالأصل أمراض نفسية قبل الخضوع لعملية زراعة الثدي، أحسسن بنوع من التحسن في الوظائف النفسية على المدى القصير بعد العملية، وهو شعور لا يستمر. ولذا فإن بعد 10 أو 20 سنة يحصل تكرار أو سوء للمشاكل النفسية، ما يُؤدي بهن إلى الانتحار.
وهو ما يعني أن كلامها مبني على افتراض أن الانتحار لا يقع إلا من قبل النساء اللواتي لديهن بالأصل اضطرابات نفسية. وأيضاً فقط ممن حالتهن النفسية تحسنت في السنوات الأولى ثم ساءت بعد أكثر من عشر سنوات من الرضا بما حصلن عليه.
والغريب تعقيبها المباشر، دونما استناد لأي دراسات أو أدلة علمية داعمة، بالقول أن لا شيء في تلك المواد المكونة للأثداء الصناعية المزروعة يُمكنه أن يُؤدي إلى رفع احتمالات إقدام المرأة على الانتحار! واستمرت بالقول إنها تظن أن بعض النساء ممن يتم زرعها فيهن من المحتمل في الغالب أن تكون لديهن مشاكل نفسية تُؤدي إلى اللجوء للانتحار.
وقال الدكتور ريتشارد دي أميكو، الناطق باسم المجمع الأميركي لجراحي التجميل وطبيب الجراحة في إيغلوود بنيوجيرسي والمرشح لرئاسة المجمع المذكور، إنه لا تُوجد علاقة مباشرة من نوع السبب والنتيجة فيما بين زراعة الثدي الصناعي والإقدام على الانتحار، وأن جراحي التجميل محاطون علماً بأن بعضاً من المرضى اللائي تُجرى لهن عمليات تجميلية ربما ليسوا مرشحان مناسبان للخضوع لها. وأن أعضاء المجمع من الأطباء يفحصون مدى وجود اضطرابات نفسية أو عضوية فيمن يُجرون لهن تلك العمليات. وإذا ما كانت ثمة علامات عليها فإن الجراح سيُحيل أولئك المرضى إلى المختصين بالعناية الطبية بهن. وهو تصرف روتيني تعود جراحو التجميل فعله. انتهى تعليقه!
جدوى التحليل النفسي
من جانبه كتب الدكتور ديفيد ساروير، طبيب النفسية في المركز النفسي لمظهر الإنسان التابع لكلية الطب بجامعة بينسيلفينيا في فيلاديلفيا، مقالة "تشجيع للنقاش" مرافقة للدراسة المنشورة في نفس العدد. وفيها طالب الدكتور ساروير الأطباء بأن يُبدوا الاهتمام بالدراسة ونتائجها، وإلى أيضاً تقييم المريضات قبل إخضاعهن لعملية زراعة الثدي أو غيرها من العمليات التجميلية، وخاصة البحث بشكل محدد عن وجود أي من الاضطرابات النفسية. ولو كانت المرأة تتلقى معالجة نفسية فإنه طالب جراحي التجميل الاتصال بأطبائها النفسيين لتقييم مدى استقرار حالتها النفسية بشكل كاف، ومناسبة إجراء العملية التجميلية لها.
وفي عرضه قال الدكتور ساروير إن النساء اللواتي يُفكرن حول زراعة الثدي الصناعي أو أي من الجراحات التجميلية عليهن أن يُسألن ثلاثة أسئلة أساسية. وهي:
- ما هي طبيعة، وغاية اهتمامها بمظهرها؟ وهل المناطق التي تود تحسينها فيها خلل متوسط؟ وهل لا يكاد للغير ملاحظة أي خلل في تلك المناطق؟
- هل الباعث والمحفز لإجراء هذه العملية ينبع من داخل المرأة، أم هو خارجي نتيجة لمؤثرات يُمكن إجمالها بعبارة " مؤثرات بيئية"؟ وعلى سبيل المثال فإن الإقدام على تضخيم حجم الثدي حينما يكون لتحسين الوضع الوظيفي أو الحصول على عمل أفضل أو حتى لمحافظتها على الزواج من الانهيار وجذبها للزوج المنصرف عنها، فإن هذه علامات سيئة، على حد قوله. لكن إذا كانت تعتقد بأن عملية تكبير الثدي ستُحسن مظهرها بطريقة معقولة، فإن هذه علامة جيدة.
- هل المرأة واقعية في توقعاتها من تأثيرات نتائج ما بعد العملية، لجهة شكل أو حجم أو مظهر الثدي؟ بمعنى أن من توقعاتهن أنهن سيبدين أكثر جاذبية وإغراءً أو سيكتسبن مزيداً من الأصدقاء، فإنهن غالباً ما يُواجهن صعوبات لاحقة. لكن ومع هذا الكلام كله، فإن السؤال المطروح هو ما جدوى كل هذه المعرفة عن الحالة النفسية بالنسبة لمستقبل المريضات اللواتي خضعن أو سيخضعن لتلك العمليات؟ وهل ثبت أن الالتفات إليها ومراعاتها يُقلل فعلاً من معدلات الانتحار أم هو شيء متوقع علينا ربما أن نُضحي قبل إثبات صحته أو عدم ذلك؟ لأننا إزاء ملاحظة حقيقية ثابتة، نحتاج وسيلة حقيقية ثابتة في الوقاية. خاصة وأننا نتحدث عن عملية تجميلية، يُعتبر من الرفاهية لجوء بعض المقتدرات من النساء إليها دون أن تكون ثمة ضروراة صحية لحياتهن أو سلامتهن.
زراعة الثدي لتكبير حجمه.. أنواع مختلفة وتاريخ طويل
المحاولات الأولى لزراعة ما يُمكنه تضخيم الثدي حصلت عام 1895، وذلك بوضع أنسجة شحمية نمت بشكل غير طبيعي في مناطق أخرى من الجسم وتمت إزالتها وزراعتها في الثدي. ثم تمت محاولات حقن مادة البارافين في الثدي، ما أدى إلى حصول تداعيات صحية خطيرة. ثم استخدمت كرات من الزجاج والمطاط وحتى غضاريف الثيران لتلك الغاية. ثم ظهرت بعد ذلك عمليات جراحية أخرى لإعادة تشكيل مظهر مكونات الصدر لرفع حجم الثدي.
وبشكل عام اليوم، ثمة نوعان من المواد المستخدمة في صناعة الثدي المزروع. وهما إما سائل الماء المملح أو جل ( هلام ) السيلكون. ومن المهم التنبه إلى أن مواد كلا نوعي الزراعة يُوضعان في غلاف من مادة السيلكون.
- سائل الماء المملح:
والقول باستخدام السائل الملح في زراعة الثدي لا يعني مطلقاً عدم وضع وزراعة السيلكون في ثدي المريضة، بل السيلكون هو ما يتكون منه الغلاف المحيط بكمية الماء المملح تلك. وظهر هذا النوع لأول مرة في فرنسا عام 1964. وكان الهدف من استخدام الماء المملح هو تسهيل إجراء الزراعة دون الحاجة إلى فتح جرح كبير لإدخال الثدي الصناعي.
وهنا يتم إدخال مغلف سيلكوني فارغ، ثم ملؤه بالماء المملح وهو داخل الثدي، بخلاف المغلف المحتوي مسبقاً على السيلكون، لأنه سيكون أكبر حجماً في البدء ويتطلب بالتالي إجراء شق أكبر في الجلد. والسائل المملح هو الأكثر شيوعاً في الولايات المتحدة لأسباب قانونية تتعلق بالتضييق على التمادي في زراعة أغلفة هلام أو جل السيلكون. لكنه أكثر تسبباً بمشاكل تجميلة مثل التمزق أو ظهور تجعدات على الجلد أو ملاحظة وجود الغلاف تحت الجلد إما بالنظر أو اللمس. وخاصة عند النساء اللواتي لديهن ثدي طبيعي صغير جداً بالأصل.
- جل السيلكون:
ظهر قبل النوع الأول بسنوات قليلة. وثمة عدة فئات منه تختلف فيما بينها في جوانب متقاربة، إذْ الفئة الأولى ظهرت بشكل الدمعة وكانت أشد قسوة.
ثم ظهرت في السبعينات أنواع أرق في قشرة الغلاف، لكنها سهلت التمزق. ثم أنواع مكونة من طبقتين للهلام السيلكوني وللماء المملح. وبعدها تحسنت نوعية طبقة الغلاف أو نوعية الهلام وغيرها من الجوانب التحسينية.
وأياً كان نوع المادة المستخدمة، فإن عملية الزراعة تستغرق ما بين حوالي الساعة إلى الساعتين. وثمة طرق جراحية مختلفة في مكان عمل الشق في الجلد، وفي كيفية إدخال الكيس السيلكوني إلى منطقة الزراعة في الثدي، وفي أي طبقات ما تحت جلد الصدر يتم تثبيت ذلك الثدي الصناعي المزروع، وفي غيرها من الجوانب.
وتستغرق فترة النقاهة حوالي أسبوع. تستطيع المرأة بعدها العودة لممارسة الأنشطة اليومية الطبيعية المعتادة، دون تلك الشاقة في حمل الأشياء أو بذل المجهود البدني الشديد. وتُشفى تماماً عادة ندبات مكان جرح فتحة العملية خلال ما بين ثلاثة إلى ستة أسابيع، لتختفي تماماً خلال بضعة أشهر في الغالب.
ارتفاع معدلات الانتحار.. ربما يعود الى تركيبة الثدي الصناعي
مع هذا العدد الكبير سنوياً للنساء اللواتي يخضعن لعمليات تكبير حجم الثدي، فإن حديثاً علمياً يُطرح ليقول لنا إن حالات الانتحار بين منْ تُجرى لهن هذه العمليات يبلغ ثلاثة أضعاف تلك التي تقع بين عموم النساء أو حتى التي تقع بين من أجرين عمليات تجميل أخرى من النساء.
لا يبدو أن من المنطقي أن يمر هذا الكلام بسهولة ودون توقف للبحث في صحته وفي أسبابه، والأهم منع حصوله. وإن كان كثير من الأطباء، خاصة أطباء جراحة التجميل لا يزالون يُقنعون النساء بأمان هذه العملية، ويُعللون سبب ارتفاع حالات الانتحار بين من شملتهم مجموعات من الدراسات الواسعة وطويلة الأمد وفي دول متعددة، بأنه الحالة النفسية الأصلية لهن قبل إجراء عملية الثدي وما يحصل في هذا الجانب في السنوات التالية هو السبب، فإن من الواضح جداً أن هذا مجرد رجم بالغيب وتعليل لا يمكن أن يقف صامداً أمام مناقشات جادة لدحضه.
ولعل أبسطها هو:
لماذا يختص ارتفاع الانتحار بمن أجرين عملية تكبير الثدي، التي تُزرع فيها أجسام غريبة داخل الجسم، ولم يُلاحظ لدى منْ أُجريت لهن جراحات تصغير الثدي، التي لا يُدخل إلى الجسم فيها أي جسم غريب؟
مع العلم أن كلتيهما من المفترض أن تغير شكل الثدي نحو الأفضل والأجمل والأكثر جاذبية. هذا مع الافتراض أن عدم الرضا بما قسمه الله لهن حاصل لدى مجموعتي النساء هؤلاء، ما يُبرر لجوءهن إلى الجراحين لتحسين صورة ما يُؤذي نفسيتهن رؤيته في أنفسهن. ومن المحتمل أن لا يُحقق أي منهما المقصود من إجراء نوعي العملية. وأيضاً لِمَ لم يُلاحظ ارتفاع نسبة الانتحار لدى منْ أُجريت لهن عمليات تجميل لشكل أو حجم الأنف أو غيرها من القائمة الطويلة للعمليات التجميلية لكامل أجزاء الجسم؟ والتي خلّفت، مع التمادي الواسع في إجرائها، صور أشكال أجسام نساء متطابقة، لا يُمكن للكثير من الرجال التمييز بين النسوة أولئك لا في شكل وجوههن أو صدورهن أو بطونهن أو أردافهن! وما يُقال حتى اليوم غير منطقي وغير مقبول.
والذي يزيد الأمور تعقيداً هو أن نشرات المؤسسة القومية للصحة العقلية بالولايات المتحدة تقول إن احتمالات أن يُقدم مرضى الاكتئاب الذين تم تشخيص إصابتهم به، على الانتحار لا تتجاوز 2%. وأن الانتحار لدى المُصابين بالاكتئاب بالأصل هو فعل الرجال منهم في الغالب، لأن نسبة الرجال إلى النساء فيما بين المكتئبين الذين تُوفوا نتيجة الانتحار هي 7 إلى 1. وأن عوامل خطورة الإقدام عليه تشمل وجود أحد الأمراض النفسية أو إدمان الكحول أو المخدرات أو الإقدام في السابق على الانتحار أو التعرض للاستغلال الجنسي في السابق.
والجانب الذي لا يجد تعليلاً إلا بما لا علاقة له بالحالة النفسية هو تأخر ظهور ارتفاع معدلات الانتحار إلى ما بعد عشر سنوات من إجرائها، ولدى من تجاوزا سن الخامسة والأربعين. وهو ما لا يُمكن تفسيره بخيبة الأمل من نتائج العملية أو إعادة ظهور الاضطرابات النفسية، لأن الشابات أكثر طموحاً من متوسطات العمر، ولأن خيبة الأمل لدى نوعية من يلجأن إلى عمليات التجميل لا تحتاج إلى عشر سنوات حتى تبدو عليهن. بل ربما الأقرب إلى التفكير المنطقي أن ثمة مواد كيميائية يتأثر الدماغ بها وترفع من معدل الانتحار مع مرور وقت كاف لتراكمها أو تراكم مفعولها في الدماغ.
والإشكالية الأخرى التي لم تجد رأياً علمياً حاسماً هي تأثيرات البلاتين على الجسم. والمعلوم أن البلاتين يُسهم في تسهيل تفاعلات تكوين لدائن السيلكون. وفي عام 2002 راجعت إدارة الغذاء والدواء الدراسات الطبية المتوفرة حول البلاتين في السيلكون وزراعات الثدي الصناعي، وتوصلت إلى أن القليل من الأدلة يدعم أنه ستنشأ حالة من التسمم بالبلاتين جراء ذلك لدى هؤلاء النساء.
لكن في عام 2006، ظهرت دراسة في عدد مايو من مجلة الكيمياء التحليلية، أثارت مزيداً من التشويش حول حقيقة ذلك الأمر لدى من خضعن لزراعة الثدي المحتوي في أي أجزائه على السيلكون. وهو ما طلب محررو المجلة العلمية من الأطباء قراءة البحث بعناية ودون الاستعجال في استخلاص نتائج "غير صحيحة" منه. وعللوا ذلك بملاحظات لديهم حول كيفية إجراء وتصميم الدراسة.
لكن لا يزال الأمر مفتوحاً للنقاش دون أي نتائج حاسمة لا للأطباء المهتمين بالآثار الطبية على كامل الجسم لزراعة السيلكون بكمية كبيرة جداً في الجسم ولا للنساء أنفسهن.