ظاهرة غريبة حول دور الجينات الأفريقية في الإصابة بسرطان الثدي
الخبراء الإجابة عن سؤال محير، لفهم ألغاز الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء السوداوات وهو: لماذا تصاب النساء السوداوات، اللواتي يتعرضن بدرجة أقل للاصابة به عادة من النساء البيضاوات، بهذا السرطان في شبابهن.. ولماذا يتوفين بسببه على الأغلب؟ وقد اكتشف العلماء الآن سببا جوهريا له، وهو ان النساء السوداوات وخصوصا الشابات منهن يصبن، غالبا، بنوع خبيث جدا من سرطان الثدي، الذي لا يمكن علاجه بأحدث العلاجات.
إلا أن هذا الاكتشاف قد أثار أسئلة جديدة ومناقشات حامية: هل ان النساء السوداوات اكثر عرضة لهذا النوع المميت من السرطان نتيجة أسباب جينية؟ إذ ان نفس النوع من سرطان الثدي هذا، ينتشر في مناطق افريقيا التي ازدهرت فيها تجارة الرقيق، الأمر الذي يعني ان الجينات تلعب دورها.. أم ان هناك سببا آخر، بعد أن عثر العلماء على عوامل اخرى مثل علاقة عدم ممارسة الرضاعة الطبيعية بهذا السرطان؟
أورامه تفتقد ثلاث علامات لتمييزها ولا تستجيب لأحدث عقاقير الوقاية
وقد دفع هذا الاكتشاف باتجاه اجراء بحوث اخرى، كما انه اثار بعض القلق لدى الأطباء الذين يتخوفون من ان التركيز على الجانب البيولوجي للأفراد يشتت الجهود حول ازالة الفوارق المقدمة في مجال الرعاية الصحية لكل الاعراق، اضافة الى مخاوفهم من ظهور أحكام مسبقة، ومن استمرار التأكيد على الفوارق بين الاعراق.
وقال اوتيس براولي العالم في السرطان في جامعة إيموري إن «هناك احكاما مسبقة بأن السود يختلفون جينيا عن البيض. وهذا ما يركز على الأفكار القائلة بأن السود لديهم عيوب بيولوجية».
الا أن علماء آخرين يقولون ان الصورة التي تظهر حول سرطان الثدي تشير الى امكانات بروز تحولات في تطوير ادوات مكافحة المرض، خصوصا لدى النساء السوداوات.
وقال روان خليبوفسكي الباحث في معهد هاربور الطبي بجامعة كاليفورنيا في لوس انجليس ان «هذا تغير هائل حول طرق تفكيرنا حول سرطان الثدي عند النساء الأميركيات من أصل افريقي. ان ذلك سيغير اتجاه المناقشات» حول السرطان.
وكان الباحثون يعتقدون لزمن طويل، بأن سبب الموت المحتم غالبا للمصابات من النساء السوداوات بسرطان الثدي، يعود الى الاجحاف الدائم عند توفير نوعية الرعاية المقدمة للأقليات، فالنساء السوداوات تجرى لهن عمليات اقل للتصوير الشعاعي، كما يتم التوصل الى تشخيص السرطان لديهن عندما يكون المرض في حالة متقدمة، ومنتشرا، كما انهن يحصلن على علاجات اقل قوة لاستئصاله، كما أشارت العديد من الدراسات.
ورغم ان تلك العوامل تلعب دورها، فإن البحث الجديد اشار الى انه، وحتى ولو كانت كل الأمور الأخرى متساوية، فإن النساء السوداوات هن الأقل حظا في تجاوز المرض.
وفي نفس الوقت اكتشف العلماء وباستخدام الأدوات الجزيئية، ان سرطان الثدي يأتي بخمسة انواع على الاقل. ويسمى أحدها «الثلاثي ـ السلبي» لأنه يفتقد الى ثلاث علامات يمكن بواسطتها تمييز الاورام، وهو نوع ينمو بسرعة، وتتكرر عودته اكثر، ويؤدي الى وفيات اكثر. ومن الصعب الوقاية منه وعلاجه، لأنه لا يستجيب لأحدث العقاقير، ومنها تلك التي تحاصر الاستروجين والتي تخصص للعلاج الموجه مثل «هيرسبتين».
وقد نفذ العلماء الى قلب الحقائق العام الماضي، عندما اظهرت تحاليل جينية ل 496 من اورام سرطان الثدي، ان الشكل «المشابه للقاعدة» من السرطان «الثلاثي ـ السلبي» كان الأكثر شيوعا لدى النساء السوداوات الشابات، بنسبة 39 في المائة مقارنة بـ16 في المائة للنساء البيضاوات.
وقالت ليزا كاري الباحثة في جامعة نورث كارولينا التي اشرفت على الدراسة: «لقد عثرنا على قطعة مهمة من الفزورة. انها تشير الى ان البيولوجيا مهمة».
واكدت دراسات اخرى هذه النتائج، ومنها دراسة لنحو 50 الف من نساء كاليفورنيا الشهر الماضي وجدت ان اورام السرطان «الثلاثي ـ السلبي» تظهر مرتين اكثر لدى النساء السوداوات مقارنة بالبيضاوات. كما وجدت ان «الثلاثي ـ السلبي» اكثر حدوثا لدى النساء المتحدرات من اصول لاتينية مقارنة بالبيضاوات.