الأن الكومبيوتر يفصل الجينز بدقة تفوق مهارة الخياطين

الدراسة التي نشرتها المؤسسة المختصة بدراسة أحوال السوق، "مينتيل" والتي تفيد بأننا سنصرف ما لا يقل عن 1.5 مليار جنيه استرليني على بنطلونات الجينز هذا العام، وبأن ثلاثة بنطلونات تباع في كل ثانية، لا تدعو للدهشة أو الاستغراب.


فالجينز قطعة لا يستغني عنها أي احد منا، بغض النظر عن الجنس والعمر والطبقة والمناسبة منذ عام 1945 تقريبا، عندما تبناه الأمريكي العادي بعد عودته من الحرب العالمية الأولى، ووجد أن لديه كميات كبيرة منه في المخازن كان عليه ان يسوقها بأي شكل من الأشكال إلى العالم. وهو ما كان، إذ سرعان ما تحول ما كان مخزونا فائضا عن الحاجة إلى نجاح تجاري وموضة في مجموع أوروبا، لا سيما بعد ظهور نجوم هوليوود به، بدءا من مارلين مونرو إلى مارلون براندون وجيمس دين مرورا بإلفيس بريسلي.

بيد أن الجديد في الدراسة هو الإشارة إلى أن مبيعاته ستزيد هذا العام بمعدل 40% مقارنة بالأعوام الخمسة الأخيرة، وهي نسبة عالية جدا في ظل ما نراه هذه الأيام من مناهضة لأي شيء يضر بالبيئة أو يقوم على استغلال الإنسان في دول العالم الثالث، ونحن نعرف أن صناعة الجينز قد تكون من اسوأ صناعات الأزياء التي تؤثر على الجانبين: البيئي والإنساني على حد سواء. من الناحية البيئية فهي تمر بعدة مراحل تدخل فيها مواد كيميائية مختلفة خصوصا في مرحلة الدباغة.

ومن الناحية الإنسانية، تصنع في بلدان العالم الثالث من قبل قاصرين أحيانا وبأجور بخسة، مما يفسر طرحها بهذا الزخم في الأسواق العالمية بأسعار زهيدة، لا تتعدى أحيانا العشرة دولارات، مما يغرينا بشراء اعداد كبيرة منه حتى عندما لا نحتاجها.

وهذه الأسباب كافية لأن يجعله بنظر الداعين إلى حماية البيئة عدوا لدودا لها، ويجعلنا طرفا أساسيا في الجريمة بسبب شراهتنا على اقتناء اكثر من قطعة منه. لكن ما يجهله هؤلاء الداعون إلى مناهضة كل منتوج غير رحيم بالطبيعة والقائلون بأن واحدا منه يكفي، لكن يعرفه كل رجل أنيق أو امرأة انيقة جيدا أن الحصول على البنطلون المناسب، الذي يبدو وكأنه صمم خصيصا للابسه إلى حد يغني عن سواه، من شبه المستحيلات.

العارضة جودي كيد في تصميم لتريستان ويبر استعمل فيه تقنية الكومبيوترفرحلة البحث عن الجينز المثالي تستدعي العديد من التجارب وشراء نسخ متنوعة وجولات متكررة للأسواق، وربما إلى أعوام قبل التوصل إلى ذلك التصميم المثالي الذي يحلم به أي منا، وإن كان البعض لا يسعفه الحظ ابدا. "بادي ميتريكس" Bodymetrics شركة حاولت حل هذه المعضلة من خلال تقديم خدمة مبتكرة تتمثل في أخذ مقاييس الجسم بواسطة الكومبيوتر حتى تكون دقيقة ولا تقبل الخطأ، وتتوفر في كل من متاجر "هارودز" و"سيلفريدجيز" اللندنية.

الدكتور سوران غوناتلايك، صاحب الفكرة ومؤسس الشركة يؤكد أن الخدمة ستعطي أي واحد منا نتيجة تشبه ما قد نحصل عليه من قطعة مفصلة باسلوب "الهوت كوتير" أو من شارع "سافيل رو" اللندني العريق، أي ان البنطلون سيكون مفصلا على المقاس "مثل القفاز" حسب قوله، وبالتصميم الذي نحلم به. يقول: "يمكن بعد اخذ المقاييس، الاختيار من بين عدة تصميمات للحصول على تصميم خاص جدا".

والحقيقة ان الفكرة جد عملية لأن الجينز قد يكون من أجمل القطع التي تبرز جماليات جسم المرأة أو العكس، وقد يكمن الفرق بين النتيجتين في تفصيل صغير لا يخطر على البال. فالتصميم الأنبوبي (الضيق جدا) مثلا، قد لا يناسب ذوات السيقان المكتنزة والقصيرة، كما ان التصميم الواسع من تحت قد لا يناسب القصيرات، والذي يتميز بعدة جيوب من الخلف لا يناسب ذوات المؤخرة الكبيرة والأرداف العريضة وهكذا.

وهنا يأتي دور "باديميتريكس" في جمع كل الميزات وإقصاء كل ما لا يضفي علينا أي جمالية في بنطلون منقح، لا يناسب الحجم فحسب، بل شكل الجسم والأسلوب ككل. ويضيف الدكتور سوران أن الطريقة تتمثل في فحص تصويري يلتقط حوالي 200 تفصيل من كل الجوانب لإعطاء نسخة ديجيتال تفوق في دقتها ما يمكن ان يقوم به أكثر الخياطين مهارة، مما يسمح بإعطاء الزبون بنطلونا بمقاييس خاصة جدا ولا تتكرر.

بنطلون جينز من «بادي ميتريكس» مفصل بالطريقة الرقميةوالأجمل ان الكومبيوتر يحتفظ بهذه القياسات في حالة ما كانت هناك رغبة في الحصول على ألوان أو أشكال أو خامات أخرى في المستقبل. كل هذا بسعر لا يتعدى الـ 450 جنيها استرلينيا، وهو سعر قد يبدو مرتفعا للوهلة الأولى، لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد المرات والسنوات التي سنستفيد منه، هذا إذا لم يتغير مقاس الجسم، فإنه سعر معقول في ظل ما يشهده السوق من اسعار قد تتعدى الـ 3000 جنيه استرليني للجينز.

ومما يذكر ان مؤرخ الجينز، لين داوني، لم يستطع في عام 2003 مقاومة اقتناء بنطلون جينز من موقع «إي باي» يعود تاريخه إلى 1880 بمبلغ خيالي وصل إلى 46.000 دولار. لكن ليس هناك أكثر منه إدراكا لأهمية هذه القطعة التي دخلت التاريخ وأثرت على حياتنا الاقتصادية والاجتماعية بل والثقافية ايضا.

فمن كان يتصور ان يتحول قماشه الخشن المصنوع من القنب، والذي كان موجها اساسا إلى عمال مناجم الذهب بسان فرانسيسكو في عام 1853 إلى قطعة تضج بالأناقة والنعومة والأنوثة في آن واحد؟ فمما لا شك فيه ان مبتكره ليفي ستراوس نفسه لو عاش إلى اليوم لاندهش لهذا التطور الذي مر به وتأثيره القوي، خصوصا عندما يراه ينافس الفساتين في مناسبات السهرة والمساء، على أجسام الرجال والنساء.

تصميم مستقيم من «فوكسي جينز» لفرانكو دي زازوصحيح ان استغرابه قد يخف عندما يلمسه ويستشعر نعومته العصرية، أو عندما يرى تطريزاته وترصيعاته بأحجار الكريستال، لكنه قد لا يتخلص من حيرة السؤال كيف تسلل إلى خزانات الرؤساء، ليس من باب الإجازات ونهايات الأسبوع فحسب بل ايضا من باب السياسة ومحاولة كسب ود الطبقات الشعبية وشرائح الشباب من خلاله. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه القطعة استطاعت أكثر من أي قطعة اخرى في التاريخ، أن تكسر المتعارف عليه وتتجاوز الطبقية لتلمس حياة الكادحين والمخمليين على حد سواء، لكن طبعا كل حسب إمكاناته.

وكما كسرت الفروقات بين مناسبات النهار والمساء، ايضا كسرت الفروقات بين أماكن العمل والاستجمام، حيث لم يعد غريبا ان يتوجه المرء إلى عمله بقميص وسترة وبنطلون جينز، بل اصبح هذا المظهر عاديا ومقبولا حتى من قبل رؤساء الأقسام والمديرين، بشرط اختيارهم التصميم الأنيق. فالبنطلون الواسع الذي يتدلى من على الخصر بطول يمسح الأرض غير مقبول في أي حال من الأحوال ولم يكن يناسب الأغلبية.

والمبشر في الأمر ان بريقه بدأ يذوي في السنوات الاخيرة، بعد ان بدأ يتخلى عنه مغنو الهيب هوب والراب الذين كانوا اكثر من روج له سابقا، لصالح التصميمات المفصلة. وهذا ما أنعش سوق الجينز الضيق جيدا الذي اشتهر به مغنو الروك اند رول في الستينات والسبعينات وعاد ليجمل الأجسام الرشيقة والطويلة، ويشكل كابوسا لمن لا يتمتعون بمقاييس الغزلان. ولا يعرف ما إذا كان هذا التراجع يشير إلى انحسار الضوء على موسيقى الهيب هوب أو الراب، أم انه نتيجة طبيعية لجهود مصممين من أمثال هايدي سليمان، مصمم دار كريستيان ديور السابق، الذي يعتبر من عشاق الروك اند رول وتأثر بأمثال ديفيد بوي وميك جاغر اللذين استوحى منهما تشكيلات رائعة تبلورت من خلال تصميمات ضيقة للغاية، وجهها اساسا للرجل، لكنها نالت إعجاب المرأة ايضا، وعلى ما يبدو ستظل معنا لمواسم عديدة مقبلة رغم تركه دار كريستيان ديور. قواعد ذهبية

* إذا كانت قامتك صغيرة :
 
فإن تصميم "الهيب هوب" الواسع بطول يمسح الأرض سيغمرك تماما ويجعلك تبدين اصغر حجما. اختاريه بقصة بسيطة ومستقيمة وبطول يغطي الحذاء، ويفضل ان يكون ضيقا من أسفل. التصميم الأنبوبي رائع عليك إذا كانت مقاييسك ناعمة.

* إذا كنت نحيفة جدا أو بدينة :
 تجنبي الجينز المطاطي الذي يلتصق بالجسم لأنه سيبرز إما نحافتك الهيكلية أو بدانتك الزائدة. إذا كنت نحيفة اختاريه سميكا وبقصة مستقيمة، وإذا كنت بدينة اختاريه ناعما ومن دون نقوشات أو تطريزات.

* إذا كانت اردافك عريضة :
 يفضل اختياره بقصة تتسع من تحت لتخلق بعض التوازن مع الجزء الأعلى، على ان تتجنبيه إذا كان بجيوب كبيرة أو منتفخة أو مطرزة.