منع التسوق يوم الأحد يغضب الفرنسيين
01:06 م - الثلاثاء 8 أكتوبر 2013
قرار حظر التسوق في فرنسا يوم الأحد يحدث إنشقاقًا في الحكومة والأوساط الاقتصادية، مع صدور أحكام قضائية منعت تجار التجزئة غير الغذائية من العمل لوقت متأخر من الليل أو أيام الأحد، ما أغضب العمال الذين يحتاجون ساعات العمل الإضافية.
بيروت: القانون الذي يمنع التسوق في أسواق ومتاجر فرنسا يوم الأحد يترك الزوار والسياح في حيرة من أمرهم، لأنهم يخصصون عطلتهم للتسوق في مدينة السحر والأناقة.
لكن الاخطر من ذلك هو أن الحظر يحدث انشقاقًا في الحكومة والأوساط الاقتصادية في البلاد. فقد وصل هذا الجدل إلى ذروته في الأسابيع الأخيرة، مع سلسلة من الأحكام القضائية التي منعت تجار التجزئة غير الغذائية من العمل لوقت متأخر من الليل أو أيام الأحد، ما أغضب العمال الذين يحتاجون ساعات العمل الإضافية، ويتذمرون من أن القوانين قديمة وغير ملائمة في ظل المصاعب الاقتصادية التي تمر بها فرنسا.
أشعر بالخجل!
يأتي هذا الجدل في الوقت الذي تتصارع فيه منطقة اليورو مع معدل البطالة المرتفع، والركود في حركة النمو. لكن الحكومة الإشتراكية في فرنسا، التي وعدت بتحقيق التوازن بين التقشف والنمو، تؤيد الحظر حتى الآن.
"لن تمس التغييرات مبدأ منع العمل يوم الأحد" كما قال وزير العمل الفرنسي ميشيل سابين، مصرًا على أنّ هذا التشريع يستند إلى مبادئ اجتماعية، لا سيما إفساح المجال للعائلات للعبادة والترابط الأسري.
ومع ذلك، فقد عينت الحكومة الرئيس السابق لخدمات البريد جان بول بايلي للنظر في نقاط الضعف في التشريعات الحالية وتقديم مقترحات بحلول نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) القادم. وقالت اليزابيث أرماني، وهي شابة باريسية تشعر بالغضب من عدم قدرتها على التسوق يوم الأحد: "أنا أشعر بالخجل، أجد أنه من المخزي ألا نعطي الناس في هذا البلد الحق في العمل، وبعد ذلك نستغرب أننا نعاني من البطالة".
لصالح مدن أخرى
من جهتها، حذرت ناتالي كوسيوسكو موريزيت، مرشحة الحزب الحاكم لرئاسة بلدية باريس، من أن الحظر سيسبب خسائر ضخمة في واحدة من المدن الأكثر زيارة في العالم. وقالت: "هناك العديد من الموظفين الذين يريدون العمل، والشركات تحصد 20 بالمئة من قيمة التداول الأسبوعية الخاصة بها في هذا اليوم، لذلك لا بد من أن نحافظ على القوة الاقتصادية في العاصمة".
وأشارت موريزيت إلى أن حظر التسوق الحالي لا يأخذ في الاعتبار حقيقة أن منظمي الرحلات السياحية في باريس يحشدون عملائهم من المدينة إلى لندن يوم الاحد، حتى يتمكنوا من التسوق، ما يعني أن فرنسا تخسر زبائنها لصالح مدن أخرى.
وعلى الرغم من الحظر، حصلت بعض المحلات التجارية على إذن خاص من السلطات المحلية المتعاطفة لفتح أبوابها يوم الاحد، لكن العديد من المتاجر تحدت القرار من دون إذن رسمي. وأظهرت دراسة إحصائية حديثة أن 66 بالمئة من 933 شخصًا شملهم الاستطلاع يرفضون الحظر.
يوم العائلة
وبموجب القانون الفرنسي، يمكن للشركات طلب موظفين للعمل من التاسعة حتى السادسة، انما بشكل استثنائي لا يشكل قاعدة، وتلبية لمعايير محددة من القواعد والشروط. أما تجار التجزئة، فباستطاعتهم فتح أبواب متاجرهم يوم الأحد في ظل ظروف محددة للغاية - أي إذا كانت محلاتهم في منطقة سياحية أو ذات كثافة سكانية مرتفعة - في حين يسمح لمتاجر بيع المواد الغذائية بالعمل حتى الواحدة ظهرًا.
وقانون حظر العمل يستمد جذوره من مبدأ مقدس لدى الفرنسيين، وهو تناول طعام الغداء يوم الأحد مع الأسرة. وقال جان إيف نوديه، رئيس رابطة الاقتصاديين الكاثوليكية، أن رفاه الأطفال والحياة العائلية المتوازنة أكثر أهمية بكثير من التجارة.
يشار إلى أن العديد من السياسيين يشاطرون نوديه وجهة نظره، إذ يقول مرشح الوسط فرانسوا بايرو: "أعظم الحضارات في العالم تنص على تخصيص يوم واحد في الأسبوع تكون فيه الأفضلية للعائلة والروابط الاسرية وليس للتجارة".
في ظل هذا الجدل، استجاب رئيس الوزراء الفرنسي للمطالبات بالسماح للمتاجر بفتح أبوابها يوم الأحد، فأعلن يوم الاثنين انه يعيد النظر في الإطار الحالي للقوانين واللوائح التي تنظم هذا الأمر.
وكلّف جان مارك أيرول، الرئيس السابق لخدمات البريد جان بول بايلي لإلقاء نظرة على نقاط الضعف في النظام الحالي، وتوضيح القضايا حول فتح بعض المحلات التجارية في أيام الأحد و تقديم قائمة بالمقترحات للحكومة.
وفي الوقت الذي تعاني فيه فرنسا من ارتفاع معدلات البطالة وسجل سيء في الركود الاقتصادي، يقول النقاد إنه قد يكون من الضروري أن يتسم قانون الحظر بمرونة أكبر من حيث ثقافة العمل، بهدف خلق فرص عمل والمنافسة على المستوى العالمي.
وقالت موريزيت إن السماح للمتاجر بفتح أبوابها يوم الأحد أو على الأقل لوقت معين في هذا اليوم سيؤدي إلى نتائج اقتصادية ايجابية، متوقعة أن يخلق 10 آلاف فرصة عمل جديدة للشباب الذي يعاني من البطالة ويبحث عن وظيفة.