التأخر اللغوي عند الأطفال .. لا داعي للقلق مع هذه النصائح
05:13 م - الأربعاء 25 سبتمبر 2013

خاص الجمال - محفوظ الهلالي
يشكو الكثير من الآباء والأمهات من مشاكل تأخر أطفالهم في الكلام، وهذه المشكلة تختلف عن مشكلة تعلثم الطفل في الكلام؛ حيث يبدو على الوالدين في هذه الحالة علامات القلق والارتباك والبحث عن الأطباء المتخصصين للبحث عن المشكلة وعلاجها مبكرا قبل أن تتفاقم وتطول فترة تأخر طفلهما في الكلام.
فترة التأخر في الكلام:
إن بعض الأطفال ولأسباب ما يخفقون في اكتساب اللغة؛ فقد تظهر الكلمة الأولى في سن ثلاث سنوات أو حتى بعد ذلك، وقد يصل الطفل إلى سن ست سنوات وقدراته اللغوية لا تزيد عن بضع كلمات بسيطة يستعملها في مختلف المواقف.
وقد يحدث أن يتأخر في اكتساب جوانب معينة في اللغة، أو أن يكون لديه بطء واضح في مراحل التطور اللغوي حيث يحتاج إلى وقت أطول من الأطفال الآخرين لتعلم واكتساب جانبا معينا في اللغة مثل استعمال قواعد الجملة أو الكلمة أو القدرة على التعبير باستخدام جمل صحيحة وطويلة.
أسباب تأخر النطق في اللغة:
- ضعف أو فقدان السمع:
تختلف الاضطرابات اللغوية عند إصابة حاسة السمع في شدتها من طفل إلى آخر، وذلك اعتمادا على عوامل وظروف عديدة من أهمها زمن حدوث إصابة السمع، فهناك اختلاف في القدرات اللغوية بين الطفل الذي يولد مصابا بفقدان أو ضعف في السمع، وبين الطفل الذي يصاب بفقدان السمع بعد اكتساب اللغة أو اكتساب قدر معقول من القدرات اللغوية، ففي الحالة الأولى تكون مشكلة اللغة أشد.
ويعتمد الأمر كذلك على فعالية التدخل المبكر والتزود بالمعين السمعي الصحيح والملائم لمشكلة السمع؛ فكلما كان هناك تدخل مبكر فعال وصحيح كلما تطورت القدرات اللغوية بشكل أفضل وتمكن الطفل من اكتساب اللغة والكلام والأداء التواصلي الشفهي بشكل جيد.
ومن الأمور الأخرى التي تعتمد عليها شدة المشكلة اللغوية عند المصابين بحاسة السمع هي درجة وشدة فقدان السمع؛ فالطفل الذي يعاني من ضعف بسيط في السمع لا يتجاوز مستوى 40 ديسبل dB يختلف عن الطفل الذي يعاني من فقدان السمع الشديد أو العميق والذي يتجاوز مستوى 90 ديسبل.
ـ انخفاض القدرات العقلية:
هناك علاقة وثيقة جدا بين الإصابة بضعف القدرات العقلية أو الإعاقة الذهنية وبين الاضطرابات اللغوية، ومن المسلم به لدى جميع المختصين باضطرابات اللغة والكلام بأن الطفل الذي يعاني من انخفاض في القدرات العقلية لابد وأن يعاني من اضطراب في اللغة والعكس ليس صحيحا.
العوامل الوراثية والتأخر اللغوي:
الاضطرابات بشكل أكثر عند الأطفال الذين عانى أحد والديهم من اضطراب لغوي أو كلامي في سنين الطفولة المبكرة وكذلك في الأسر التي يوجد بها أشخاص لديهم اضطرابات في اللغة والكلام، وفي الوقت الحالي هناك دراسات تشير إلى اكتشاف جينات لها علاقة بالتأخر اللغوي عند الأطفال.
الولادة المبكرة والتأخر في اكتساب اللغة:
تشير الدراسات إلى أن نسبة حدوث التأخر اللغوي عند الأطفال المولودين قبل الوقت هي أعلى بكثير من النسبة التي نجدها عند الأطفال الآخرين.
اضطراب التوحد:
يوصف اضطراب التوحد على أنه اضطراب بالتواصل؛ فمن أكثر ما يلاحظ عند الأطفال المصابين بالتوحد الكلاسيكي هو وجود عجز نوعي وكمي في التواصل الشفهي وغير الشفهي، وكثيرا ما يأخذ اضطراب اللغة عند المصابين بالتوحد صفات معينة ومميزة عند هذه الفئة من الأطفال.
اضطراب فرط الحركة:
عدد كبير من المصابين بهذا الاضطراب يلاحظ لديهم كذلك اضطراب في التطور اللغوي، والذي يأخذ أشكالا متنوعة، وحتى الوقت الحالي من غير المعروف على وجه الدقة علاقة اضطراب عجز الانتباه والتركيز باضطراب اللغة، إلا أنه من المسلم به هو أن اكتساب اللغة يحتاج من الطفل الانتباه والقدرة على التقليد والتعامل السوي مع المدركات الحسية، والقدرة على تخزين واسترجاع المعلومات، والقدرة على ملاحظة العلاقة بين الأصوات التي تتكون منها الكلمة والمعنى المرتبط بهذه الأصوات.
تأثير البيئة:
من المعروف أن الاستعداد الفطري لاكتساب اللغة لا يمكن الطفل وحده من تعلم واكتساب اللغة؛ فهناك حاجة لوجود بيئة محفزة تساعد الطفل على اكتساب اللغة.
فالطفل الذي يعيش في بيئة تساعده على اكتساب اللغة وتزوده بالمعارف والخبرات والمعلومات اللغوية سوف يكتسب اللغة والكلام بشكل أسرع وأفضل بكثير من الطفل الذي لا يتعرض للخبرات اللغوية بدرجة كافية.
- ضعف القوى العقلية:
فهناك صلة وثيقة بين الذكاء السوي للطفل وبين الكلام. والتخلف العقلي له تأثير كبير على تطور الكلام عند الطفل؛ فالطفل المتخلف عقليا لا ينتبه لما يقال له، ولا يلقي بالاً لما يدور حوله، وذلك لعدم وجود قوة التركيز والانتباه عنده، وعدم تمكنه من محاكاة الغير وتقليد الكلام إلا متأخرا.
- نقص السمع:
يتعلم الطفل الكلام عند سماعه من الآخرين الذين يحيطون به، لذا فمن البديهي إذا كان الطفل مصابا بخلل في قوة السمع، فانه لا يستطيع أن يتعلم الكلام لعدم سماعه له، واطلاعه على النطق، ومعرفة كيفية التفوه بالكلمات.
- العوامل العائلية:
تلعب العوامل العائلية دورا مهما في تطور الكلام؛ فإذا ما تأخر الطفل السوي ذو الذكاء الطبيعي، الذي يملك سمعا جيدا وليس مصابا بتخلف عقلي، فإن سبب ذلك التأخر يعود في الغالب إلى وجود حالات تأخر للكلام في العائلة ولا سيما عند الأب أو الأم؛ حيث إن الكلام مثل غيره من حالات التطور الأخرى، يعتمد على نضج النخاعية (mylination) في الجهاز العصبي، في أجزائه التي تتحكم بالكلام.
- العوامل البيئية:
تؤثر بيئة الطفل المحيطة على تأخر تطور الكلام عند الطفل؛ فقد لوحظ أن الأطفال الذين يتربون في المؤسسات والمعاهد التربوية بعيدا عن أمهاتهم، كثيرا ما يصابون بتأخر الكلام.. وقد يكون السبب هو عدم اهتمام المعنيين والمربين في هذه المؤسسات بتدريب الطفل على الكلام لسبب أو لآخر.
كذلك فإن سوء تصرف الأم أو الوالدين معا في معاملة الطفل، فيما يخص النطق في أول عهد الطفل بتعلم الكلام، قد يسبب امتناع الطفل عن الكلام أو التقليل منه.
حيث إن بعض الأمهات يستخففن بطفلهن، فينتقدن كيفية نطقه وطريقة الكلام عنده ويسخرن من كلامهم وطريقة نطقهم، فيصاب الطفل بالخيبة التي تفقده حسن النطق والتجويد في الكلام مدة من الوقت.
كذلك العائلة المفتقدة للنظام والتي تعيش بحالة فوضى وشجار بين الأب والأم، قد يكون لذلك تأثير على نفسية الطفل، فيسبب تأخراً في الكلام لديه أو يؤدي لإصابته ببعض مشاكل الكلام وعيوبه.
وقد لوحظ أن تطور الكلام عند العائلات ذات المستوى الاجتماعي والثقافي العالي مع وجود وضع اقتصادي جيد يكون أفضل وأسرع.
عوامل وظروف أخرى:
إضافة إلى ما سبق ذكره هناك عوامل وأسباب أخرى وراء الاضطرابات اللغوية عند الأطفال أو تأخر الطفل في اكتساب اللغة، إلا أن آلية عمل وتأثير هذه العوامل غير واضحة على وجه التحديد.
فعلى سبيل المثال لاحظت بعض الدراسات وجود حالة التأخر في اكتساب اللغة عند التوأم المتشابه أكثر من التوأم غير المتشابه، وأرجعت هذه الدراسات السبب في ذلك إلى أن الوالدين يتكلمان مع طفل واحد فقط في حالة التوأم المتشابه والطفل الآخر لا يحصل على الخبرات اللغوية الكافية وذلك للتشابه الشديد بين الولدين.
كيف يتم التطور اللغوي لدى الأطفال؟
تمـر عمليـة التطـور اللغـوي لـدى الأطفــال بصفة عامة بعدة مراحل.. فتبـدأ من الشهور الأولى مـن عمـر الطفــل حيث يبدأ الطفل أولاً بالمناغـاة ثــم يقـوم بتكرار المقاطع الصوتية مثل "ما ما أو دا .. دا " وغيرها من المقاطع الصوتية الخفيفة، وبعـدها يقـوم الطفـل بمضاعفـة تلك المقاطع التي يصدرها مثل " ما ما – با با " وبعـد ذلك يقـوم الطفـل بتقليـد الأصوات التي يستمع إليها من المحيطين بـه إلى أن يصل إلى إصـدار الكلمة الأولى وذلك تقريبـاً عنـد بلوغ الطفل العام الأول من العمر.
وتـزداد الحصيلة اللغـوية للطفـل بتقـدمـه فـي العمــر مــروراً بإصـدار الجُمــل التي تتكـوَّن مـن كلمتيـن ثــم مـن ثلاث كلمـات إلـى أن يصبـح قــادراً علـى إصـدار جُمـل تتكوَّن من ( 5 – 8 ) كلمات.