ما هو الاسلوب الافضل لعلاج ضيق الشريان .. العملية الجراحية أم علاج الطبي؟
عندما يتعلق الامر بعلاج الذبحة الصدرية (الخناق الصدري)، او تضيق الشريان الاكليلي، فإن عمليات رأب الوعاء ليست افضل من العلاج الطبي لمنع النوبات القلبية او الوفاة المبكرة.
لكن، ما هو الاسلوب الافضل لعلاج تضيق الشريان الاكليلي؟..
لقد كان هذا السؤال قمة دراسة كلفت ملايين الدولارات تحت عنوان "كوريج" COURAGE، التي تعني اختصارا "النتائج السريرية لإعادة عمل الاوعية الدموية وتقييم مفعول العقاقير" Clinical Outcomes Utilizing Revascularization and Aggressive Drug Evaluation، وقد صدمت نتائج هذه الدراسة التي قدمت في الخريف الماضي، بعض الاطباء، كذلك وسائل الاعلام، آملين ألا يدهش ذلك القراء ايضا. وقد تبين ان عمليات رأب الوعاء لفتحه (لجريان الدم فيه) لدى الاشخاص الذين يعانون من امراض شريانية اكليلية ثابتة ومستقرة stable angina (اي احتشاء الشرايين التي تغذي القلب)، ليست افضل من الادوية والعقاقير وإحداث تغيير في نمط الحياة لمنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المستقبل، كما ان الاجراء الاول لم يقم بإطالة امد الحياة.
وقد حاولت وسائل الاعلام التلاعب بنتائج هذه الدراسة التي قدمت في الاجتماع السنوي للكلية الاميركية لأمراض القلب في مارس (آذار) الماضي، لكن الواقع هو غير ذلك.
ولكن قبل الذهاب ابعد من ذلك، فإنه من الضروري التأكيد بأن هذه الدراسة قارنت عمليات رأب الوعاء بالعلاج الطبي بالنسبة الى الاشخاص الذين يعانون فقط من الذبحة الثابتة والمستقرة (ألم في الصدر لدى بذل مجهود)، او من تضيق في الشرايين الاكليلية التي لا تسبب اي اعراض.
لكن بالنسبة الى انسداد مفاجئ في الشريان التاجي، فإن العملية الطارئة لرأب الوعاء وفتحه عن طريق بالون وما يعقبها من وضع حصيرة داخله هو العلاج الافضل.
دراسة دقيقة
وكانت دراسة "كوريج" قد شملت 2287 متطوعا جميعهم في الواقع يعانون على الاقل من شريان اكليلي واحد مصاب بالتضيق الشديد بفعل اللويحات المليئة بالكوليسترول.
كما كان هناك دليل واضح على عدم سريان الدم وتدفقه بحرية الى جزء من القلب، بحيث كان يظهر على شكل آلام في الصدر، او علامات خطيرة لدى اجراء تخطيط القلب الكهربائي، او اجراء اختبارات الاجهاد.
وجرى تعيين نصفهم عشوائيا لعمليات رأب الوعاء واضافة الحصيرة مع العناية اللاحقة التي تتبع ذلك.
أما النصف الآخر، فقد خضعوا الى علاج طبي ملائم من الادوية والعقاقير للتخفيف من الذبحة الصدرية وحماية القلب والاوعية الدموية، وفي بعض الحالات دعم وتعزيز الكوليسترول الواقي الجيد العالي الكثافة HDL. كما جرى التأكيد على التمارين الرياضية والطعام الصحي.
وبعد متابعة دامت اربع سنوات ونصف السنة كان الفريقان متشابهين، فالقيام بعملية رأب الوعاء وإدخال حصيرة لفتح الشريان المتضيق لم يقدم اي وقاية اضافية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية، او من القدوم للمعالجة في المستشفيات من متلازمة الشريان الاكليلي الحادة، او من الوفاة المبكرة.
وكان الفرق الكبير بين الاسلوبين يتمثل في درجة التخلص من الذبحة الصدرية والحاجة الى عمليات متابعة، فبعد مضي سنة، كان 66 في المائة من اولئك الذين خضعوا الى رأب الوعاء متحررين من الذبحة الصدرية مقارنة بـ 58 في المائة الذين خضعوا الى علاج طبي ملائم.
وبعد انقضاء خمس سنوات، لم يظهر اي فرق بحيث ان 73 في المائة من كلتا المجموعتين لم يشكوا من اي ذبحة قلبية.
وخلال الاجراءات التي تلت، احتاج نحو 20 في المائة من اولئك الذين خضعوا في الاصل الى رأب الوعاء الى تكرير عملية رأب الوعاء، او عملية صنع المجازة لتدفق الدم، في حين ان 31 في المائة من اولئك الذين شرعوا في العلاج الطبي، احتاجوا في النهاية الى رأب الوعاء او عملية المجازة.
عملية أم علاج؟
والدرس الفعلي من دراسة "كوريج"، هو ان الاشخاص الذين يشكون من الذبحة القلبية الثابتة والمستقرة، او تضيق الشريان الاكليلي لهم عدة خيارات.
ومثل هذه المشكلات ليست قنابل موقوتة ينبغي نزع فتيلها حالا، لا سيما إن كان الشخص المعني يشعر انه بحالة جيدة.
وثمة سببان للخضوع الى العلاج، وهما الشعور بالراحة او العيش فترة اطول، فإذا كنت لا تشكو من ألم في الصدر، او اي اعراض اخرى، فإن رأب الوعاء لفتح شريان متضيق لا يجعلك تشعر انك افضل حالا. ونتيجة دراسة "كوريج" والدراسات الاخرى التي سبقتها، تظهر ان رأب الوعاء لن يساعدك على العيش فترة اطول.
واذا كانت هناك لويحة من الكوليسترول كبيرة الحجم بحيث تعرقل تدفق الدم، فإن ذلك يعني عادة ان هناك غيرها تتسكع خلفها.
لكن اذا ما حشرتها الى جانب جدار الشريان عن طريق الحصيرة، فإن غيرها قد يظهر ايضا في مكان آخر اشبه بلعبة من الالعاب.
ومكافحة تصلب الشرايين تعني مهاجمة المرض على جميع الاتجاهات، فعن طريق التمارين والطعام الصحي والادوية التي تسيطر على اللويحات تجري اعاقة تكون الخثرات الدموية في شرايين القلب والتغيرات المؤذية في شكل القلب، مع بذل جهد ايضا للسيطرة على ضغط الدم والكوليسترول.
واذا كنت تشكو من الذبحة القلبية المزمنة، او الحادة، فإنه من الجدير تجربة المدرسة القديمة في العلاج الطبي، لان احد الاكتشافات من دراسة "كوريج" الذي فاجأ حتى الباحثين، هو مدى فعالية العلاج الطبي في تخفيف تأثيرات الذبحة القلبية وتحسين نوعية الحياة وجودتها.
وقد تدهش كيف ان التمارين الصحية والوجبات الغذائية الجيدة والعقاقير تجعلك تشعر بذلك. لكن إن ظلت الذبحة القلبية تزعجك بعد مضي ستة اشهر، او سنة، او تمنعك من ممارسة النشاطات التي تهواها، فإن رأب الوعاء وعملية المجازاة، قد يكونان الخطوة التالية المعقولة.