الموت الإكلينيكي وأسرار العائدين من الموت
11:45 ص - الإثنين 3 يونيو 2013
خاص الجمال - عمرو لبيب
لم يحدث أن مات شخص ما ثم عاد إلي الحياة مرة أخري ليروي لنا ما رآه في العالم الآخر وأسرار الموت التي لاتزال تمثل اللغز الأكبر وستظل، اللهم إلا بعض الحالات المعدودة والتي كانت بمقتضي إرادة إلهيه مثل أصحاب الكهف وصاحب الحمار وذلك الذي أحياه النبي عيسي بإذن الله.
ولكن ما نتعرض له اليوم هو الموت الإكلينيكي والذي يعرف بـ"تجربة الموت الوشيك" أو الاقتراب من الموت "NDE" "Near-death experience " والذي لا زال يكتنفه الغموض، حيث يري البعض أن وراءه أسبابا علمية وأخري فسيولوجية وأخري نفسية، والبعض الآخر يري أنها لا تعدو مجرد هلاوس أو أضغاث أحلام يراها المريض حال تعرضه للغيبوبة، أو بعض الظواهر المرضية الأخري.
تعريف الموت الإكلينيكي أو الوفاة السريرية:
هي استنتاج البوادر الأولى لظهور الموت من قبل الطبيب، ويلاحظ أولا فقدان البصر مع اتساع حدقة العين التي تصبح بيضاوية.
ويمكننا الحديث عن موت الجهاز التنفسي الذي كان يسعي الأطباء خلفه في القرون الماضية من خلال وضع مرآة على فم المريض لمعرفة ما إذا كان هناك بخار ماء من عدمه.
ثم يأتي الموت والسكون للقلب من خلال توقف القلب دون النجاح في جعله يخفق مرة أخرى (سواء كان ذلك من خلال التدليك، أو الصعق بالكهرباء، والرجفان..).
ولكي يتيقن الطبيب من ذلك الطبيب يقوم بإجراء الاختبارات:
بواسطة "فلوريسئين – ايكار" (1948)، و l'H²S مع ورقة تتحول إلي السواد مع جيلب الكبريت، أو من خلال حقن الأثير العضلي الذي يتم لفظه في حالة الوفاة (1958).
تجربة الاقتراب من الموت (NDE) هي مجموعة من "الأحاسيس" التي يعيشها بعض الأفراد أثناء غيبوبة متقدمة أو الموت السريري، قبل أن يتم إنعاشهم حيث يشهدون غالبا علي إمكانية أن يبقى المرء في حالة وعي خلال الموت.
مرادفات بمعنى واحد:
"تجربة علي حدود الموت"، "تجربة الاقتراب من الموت" (EMA)، "تجربة العودة من الموت"، "تجربة الموت الوشيك" (NDE).
نشأة المصطلح:
كان الطبيب النفسي ريموند مودي هو أول من ذكر وصف تلك التجارب في 1975تحت اسم "تجربة الاقتراب من الموتNear Death Experience أو""NDE، مستعيدا تعبير اقترح بالفعل من قبل فيكتور إيجار في 1895.
تجربة الاقتراب من الموت وتجربة الموت المشترك:
بعد استعادة بعض هؤلاء المرضى لوعيهم، فإنهم يروون قصصا متشابهة مثل:
التحرر من الجسد، الاقتناع بأنهم قد ماتوا ولكنهم في حالة من الوعي ولكن في هيئة غير مادية (أو جسم نجمي) يتحركون على طول نفق مع رؤية الضوء الساطع، الالتقاء بأشخاص أموات "كائنات نورانية"، استرجاع الوجود بسرعة واستعادة الوعي، وما إلى ذلك.
في معظم الحالات، تعتبر التجربة ممتعة وتوصف بأنها "مضيئة" مع مفهوم روحاني، حتى أن الشخص قد يواجه صعوبات في العودة إلى الواقع المادي للعالم.
ومع ذلك يصف 4٪ من الناس هذه التجربة بأنها مخيفة أو محبطة، وتتعارض بعض الدراسات الموثوق بها والتي أجريت في سياقات مختلفة مع هذه الأرقام وتظهر تباينا كبيرا بين شعور المتعة / والنفور اعتمادا على البيئة الثقافية والدينية.
تجربة أو "نموذج" الموت وشيك وفقا لريموند مودي هي كما يلي:
"هاهنا رجل مات، وبينما بلغ ذروة الشد الجسدي، قال إنه سمع الطبيب يقرر وفاته.
ثم بدأ يلاحظ ضوضاء مزعجة، مثل لهجة قوية من رنين أو طنين، وفي الوقت نفسه يشعر بأنه يحلق بعيدا بسرعة كبيرة من خلال نفق مظلم وطويل، ثم يجد نفسه فجأة خارج جسده المادي، ولكن دون ترك بيئته مباشرة، وقال إنه يرى جسده من مسافة بعيدة ولكن كمتفرج.
ومن موقع متميز لاحظ محاولات الإنعاش التي تجري علي جسده، ثم توالت الأحداث، أناس آخرون يتقدمون للقائه وعلى ما يبدو أنهم يريدون أن يساعدوه، ويرى أرواح الأقارب والأصدقاء الذين ماتوا قبله، ولكن بعد ذلك يجد أن عليه أن يذهب إلى الوراء، ويبدو أن وقت الوفاة لم يحن بعد بالنسبة له، عند هذه النقطة أخذ يقاوم، لأنه مغمور الآن بتدفق أحداث الآخرة ولا يريد أن يعود.
وعندما حاول لاحقا أن يشرح للمحيطين به ما عاشه، في غضون ذلك، واجه عقبات مختلفة، في المقام الأول فشل في العثور على الكلمات البشرية التي يمكن أن تصف هذه الأحداث الخارقة، ولكن هذه التجربة كان لها تأثير عميق وقلبت حياته رأسا علي عقب بما في ذلك كل أفكاره عن الموت وعلاقته مع الحياة.
- ريموند مودي، الحياة بعد الحياة ، 1977،إصدارات لاحقة لـ "روبرت لافون "، ص 35 إلى 37.
تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة التحرر من الجسد ليست حكرا على الموت الإكلينيكي، فبعض الناس الذين لم يموتوا ودخلوا في غيبوبة قرروا أنهم "قد خرجوا من أجسادهم" خلال التأمل أو أثناء النوم، وهذا ما يسمى بـ"السفر النجمي" أو "السفر خارج الجسم".
وبالعكس في السفر النجمي لا يرى الأشخاص النفق والنور، إلا أنهم يظلون على الخريطة الأرضية ويرتبطون بأجسادهم عن طريق حبل غير مادي، ويقولون أنهم يمكنهم السفر في سرعة تفكيرهم وبالتالي فإنهم يمكنهم الذهاب إلى البلدان والأماكن التي طالما حلموا دائما بزايارتها بل ويكون بوسعهم أن يصعدوا عاليا في الفضاء لمراقبة الأرض.
إنه جانب يستحق الاهتمام، وذلك من خلال معرفة الظواهر الخارقة للطبيعة والتي تتأتى إما من الأحداث العادية أو الخبرات الروحانية.
يقول الأطباء النفسيون عموما أن تجربة الاقتراب من الموت هي مجرد انطباع، وهي نوع من الوهم ليس إلا.
غير إنه يبدو أن الضحية تذكر معرفة موضوعية، على الرغم من أنها من الخوارق ويمكن القول بأن وعيه:
1- ينفصل عن الجسم.
2- يثبت في الخارج، في السقف مثلا.
3- يجمع معلومات دقيقة، من المستحيل أن نتذكرها عادة، وهذا يعني أن وعيه يظل معلقا بالجسم.
4- يشعر بعواطف من النوع الأخلاقي، الديني والروحي، مثل الشفقة، الاتحاد الروحاني والتعاطف الكوني.
ها هو مثال إلى حد ما "تم إعادة بناءه" والذي قدمه الطبيب النفسي ستانيسلاف جروف والمعروف بعمله بتجاربه LSD باعتباره مؤسس "علم النفس الروحاني" والمروج للتنفس الهولوتروبيكي "holotropicbreath".
"إنه مثال مثير للاهتمام أن يشعر الإنسان بمفارقة روحه لجسمه في حالة الموت الوشيك ألا وهي حالة "تيد"، وهو مدرس من أصل إفريقي بالغ من العمر 26 عاما، ويعاني من مرض سرطان لا يرجي شفائه، وكان الفريق الطبي قد قرر أن يجري له عملية جراحية، وعلمنا أنه خلال هذه العملية، تعرض تيد لتوقف القلب مرتين مما أدي إلى موته سريريا، وكان لا بد من إنعاشه في هاتين المرتين،
سألنا تيد عن تجاربه التي شعر بها أثناء هذه الفترة، فأخبرنا أن وعيه كان مركزا في أعلى السقف ولا يستطيع العودة إلى جسده، وبدأ يصف بدقة ما كنا نرتدي من [الملابس] خلال زيارتنا الأخيرة، لم يكن هناك أي شك في أنه كان ينظر بشكل صحيح للأشخاص في الغرفة، في حين ظل مغلقا عينيه.
وقال إنه لاحظ حتى في لحظة ما دموعا تنهمر على وجنتي جوان ورأى ضوءا ساطعا مصحوبا بشعور من القداسة والسلام الداخلي العميق، في الوقت نفسه شاهد فيلما علي السقف يصور كل السيئات التي اقترفها في حياته بصورة مكثفة جدا، ورأى وجوه كل الذين قتلهم خلال الحرب تُعرض أمام عينيه، وشعر بالألم والمعاناة لجميع الأشخاص الذين ظلمهم طوال حياته".
ستانيسلاف جروف "عندما يحدث المستحيل، 2007 ، جي تردينال المحرر، الصفحتان 205-207.
يجب أن نتحدث أيضا عما يسميه الدكتور ريموند مودي "خبرات الموت المشترك" في كتابه الأخيره الذي يحمل اسم "شاهد الحياة بعد الحياة".
وتشبه تجارب الموت المشترك تجارب الموت الوشيك (تحرر من الجسد، ورؤية ثاقبة، وضوء روحاني، وشعور مبالغ فيه بالراحة، مع الحب والسلام، الخ) باستثناء تفصيل واحد أن هذه التجربة تقع لأناس أصحاء جسمانيا ونفسيا، وبالتالي فهم ليسوا على وشك الموت إن لم يكونوا قريبين من الموت، لأن أحد الخصائص الرئيسية لهذه التجارب "الموت المشترك" أنها تحدث عند وقوع وفاة أحد الأقارب.
وكثير من الأزواج والآباء والأطفال، والممرضين شهدوا هذه الظاهرة "الأقدم من الطب نفسه".. إنهم يقفون قرب جثة حديثة الوفاة، وفجأة يشعرون أنهم يُنقلون إلي مكان آخر، كما لو كانوا يخرجون من أجسادهم، ويغمرهم ضوء مكثف إلا أنه لا يأخذ بالأبصار، و"يشاركون" في سلام ومحبة بدءا من القريب (أو المريض) بعد أن شاهد بجانبه فيلما لحياته.
وهنا نري كيف يتعرض شهود الحياة بعد الحياة لنموذج تلك التجربة:
"كانت امرأة تدعى جين تجلس إلي جانب زوجها المريض بالسرطان في المرحلة الأخيرة، بعد ثلاثين عاما قضتها معه، وأثناء ذلك فقد وعيه، ووفقا للطبيب الذي يعالجه أن موته بات وشيكا.
وبينما كانت جين تحدق في وجهه إذ ارتفع ضباب أبيض وتبدد في الهواء فوقه، وفجأة،أصبحت الغرفة مليئة بالأضواء والضوء الأبيض الذي كانت تتراقص جزيئاته.
كانت جين تشعر بالدوار قليلا ثم تركت جسدها فجأة وتحركت بالقرب من سقف الغرفة ورأت نفسها تجلس إلي جوار جثة زوجها، هذا ما بدا غريبا لأنها تشعر في الوقت نفسه أنها ليست بعيدة عن نفسها، أدارت رأسها ورأته يبتسم لها، تواصل الزوجان في الارتفاع في حين دارت مشاهد من حياتهما من حولهما، وأخذا يسافران في ماضيهما، وشاهدا مقاطع تعرض بشكل استعراضي، بعض المشاهد لا تظهر فيها جين، إنها مشاهد من حياة زوجها, انتقلا معا إلى زاوية الغرفة التي لم تعد بعد ذات زوايا قائمة، لقد تغير شكل الغرفة كلها، ويبدو أنها ستستمر في التغير، قد يكون هذا عائد لهذا الافتتاح علي الأنبوب الذي يبدو أنه يتوسع بالقرب من السقف وكأنه بوابة إلى مكان آخر.
دخلت جين ومعها زوجها بداخل هذا الباب وانطلقا في منظر طبيعي حيث كل شيء يبدو جميلا من حولهما، وسارت جين وزوجها على درب يقود إلى مجري مائي، وبينما كانا يتقاربان أدركت جين أنها لا تستطيع أن تذهب أبعد من ذلك.
إنها سعيدة لأن زوجها لم يعد يعاني وليس له جسم بشري، أخذت الإذن منه وفي ومضة وجدت نفسها في جسدها من اللحم والعظام جالسة إلي جانب جسد زوجها الهامد.
ويحلل ريموند مودي بشكل أكثر وضوحا 7 عناصر مكونة لهذه الظاهرة:
1- "التغيير في الهندسة":
يبدو أن الحجرة "تحولت" إلى شيء آخر، "إنها تتمتد وتنهار في الوقت نفسه، كما لوكانت ترسم هندسة بديلة"، وفقا لرؤية عالم رياضيات.
2- "الانغماس في باطن الضوء الروحاني":
وهو مصدر للنقاء والسلام والمحبة الخالصة.
3- "الموسيقى":
وما يتبع ذلك من أصوات موسيقية مصاحبة للتجربة.
4- "التحررية":
من المجرب والشخص المتوفى.
5- "فيلم الماضي":
إنهم جميعا يعيشون الحياة الماضية للمتوفى، ويدعم ذلك ما قالته الزوجة: "كنت واقفة أمام ما يشبه شاشة واسعة مع زوجي الذي كان قد توفي للتو، وكنا نراقب حياته تتكشف أمام أعيننا، بعض الأشياء التي رأيتها لم أكن أعرفها تماما حتى ذلك الحين".
6- "اكتشاف المناظر الطبيعية أو الغير حقيقية".
7- "الضباب في وقت الموت":
إنه نوع من الدخان الأبيض يخرج من جسم الميت ويأخذ أحيانا شكل الإنسان.
وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام الكبير بدراسة هذه التجارب للموت المشترك سببه أن العقول التي عاشت تلك التجارب صحية وحيوية وحية وجيدة الأوكسيجين، ولا تعاني مسبقا من أي عيوب في المواد الكيميائية في الدماغ مرتبطة باقتراب من الموت، لذلك فإنه من الصعب انتقادها على المعايير البيوكيميائية وحدها (ضيق التنفس، نقص الأوكسجين، وغير ذلك..).
إنها حتى قد تظهر للبعض كدليل جديد لصالح الوعي الغير متجسد والذي ليس نتاجا العقل، بل وحتى باعتباره استجواب حول الواقع كما نفهمه.
ومع ذلك كما يبين ريموند مودي في كتابه أن التجربة المشتركة للوفاة لا تزال لغزا لا تفسير له وتحتاج للبحث ويعرض "الأفكار التي من المرجح أن تصبح مهيمنة لشرح هذه الظاهرة المدهشة":
- النظام التعاطفي.
- "نشاط دائرة الروح" التي تقع في الفص الصدغي الأيمن.
- الهستيريا الجماعية.
لمحات عامة:
وفقا لمقال بيم فان لوميل نشر في مجلة "لانسيت" في 15 ديسمبر2001، من بين 344 مريضا تم إنعاشهم من غيبوبة ثانوية لأمراض القلب والدورة الدموية، 18٪ (62 مريضا) وصفوا تجربة الاقتراب من الموت.
وعادة ما تكون التجارب من هذا النوع مؤثرة جدا علي حياة الاشخاص الذين عاشوها، وقد تكون العودة إلى الوعي مصحوبة ببعض الخلط بين تجربة الموت الوشيك والواقع والخوف من أن يصبح ضحية لمرض عقلي.
أما علي المدى الطويل، فغالبا ما يكون هناك نمو تعاطفي، وتشكيك في الأولويات والتغيرات في نمط الحياة، وبعض الآثار (الانعكاسات على سير الحياة، ص 102-106).
وهذه بعض التأثيرات والبعض الآخر بشهادة أصحابها:
- "تعمقت حياتهم بشكل عميق".
- "التفكير في المشاكل الفلسفية".
- "لقد نضجت فجأة".
- "[من قبل] كنت أتصرف باندفاع، والآن أنا أفكر في كل شيء يمر عبر وعيي".
- "أصبحت أكثر وعيا من ذي قبل للتركيز على العقل أكثر من الجسم".
- "ومنذ ذلك الحين لاحظ الكثيرون أنني أحدث تأثيرا مهدئ على الناس".
- "تقريبا كل الشهود يشيرون إلي الحب المستقبلي الفريد والعميق".
- "وبالإضافة إلى ذلك، أهمية طلب العلم".
- "ولم يحدث في أي حال من الأحوال أن تلك التجربة أوحت لهم بفكرة الخلاص الفوري أو العصمة الأخلاقية".
وقد تعرضت النتائج التي توصلت إليها دراسة بيم فان لوميل لصالح فرضية البقاء علي قيد الحياة (بمعني أن الوعي يمكن أن يعمل بشكل مستقل تماما عن الدماغ وبالتالي يبقي أو ينجو من الموت)لانتقادات من قبل الحركات التشكيكية لـ "برتراند راسل" في العلم والدين، وقال إن بقاء الوعي لبضع لحظات بعد الوفاة لا يضمن أنه سوف يبقي على قيد الحياة إلى الأبد.
المنظور الروحي والمرضى:
تجربة باميلا رينولدز:
وخير مثال على تجربة الاقتراب من الموت EMI هي تجربة باميلا رينولدز، حيث عاشت هذه الأمريكية تجربة الاقتراب من الموت خلال عملية لعلاج تمدد الأوعية الدموية في الدماغ، وكان الجراحون يحاولون إجراء عملية خطيرة للحد من مخاطر ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 15.5 درجة مئوية، وإقامة دورة دموية خارج الجسم وهكذا، استغرقت العملية مدة 45 دقيقة بواسطة الرسم الكهربائي للدماغ (EEG)، أي دون أي نشاط كهربائي في الدماغ يمكن الكشف عنه.
ووفقا لروايتها قالت باميلا أنها تركت جسدها عند توقف الـ EEG وكانت قادرة على رواية كل التفاصيل بعد وقوعها والعملية برمتها التي حضرتها من الخارج، كحكايات الممرضات، والأدوات الجراحية المستخدمة، ومرحلة الصعود، ومسألة النفق والضوء.
توفيت باميلا في 29 مايو 2010 عن عمر يناهز الـ 53 عاما بعد 19عاما من هذه الجراحة.
ووصفت حالة باميلا بالتفصيل في Light and Death لطبيب القلب الأميركي مايكل (المتشكك في الأساس حول هذه التجارب)، واتخذت من قبل دانيال مأور في تجارب الاقتراب من الموت.
وقد نتج عن شهادة باميلا رينولدز وأطبائها وكذلك البيانات العلمية المتصلة بالوفاة مؤقتة لباميلا إصدار تقرير تم نشره عالميا.
الدراسات في هذا الاتجاه [تحرير]:
ينظر البعض لـ EMI بوصفها سلائف للحياة الآخرة، وقالوا أنه لا يمكن تفسير الـ EMI تماما لأسباب فسيولوجية أو نفسية، والتي يمكن أن تعمل بشكل مستقل وأن الوعي يمكن أن يعمل بشكل مستقل عن النشاط العقلي.
ووفقا لنظريات عديدة، يبدو أن كثيرين ممن شهدوا الـ EMI يشملون عناصرا لا يمكن تفسيرها إلا من خلال الوعي المتحرر من الجسد، وعلى سبيل المثال وصفت امرأة في شهادتها بدقة أداة جراحية لم ترها من قبل، وقصت المحادثة التي جرت بينما كانت تحت التخدير الكلي.
وفي قصة أخرى، منقولة عن دراسة هولندية على الـ EMI، قامت ممرضة بإزالة طاقم الأسنان لمريض فاقد الوعي يعاني من نوبة قلبية، وعندما استعاد وعيه طلب من الممرضة أن ترد الطاقم له، ومن الصعب بالتأكيد شرح الكيفية التي يمكن للمريض الغائب من خلالها أن يتعرف علي ممرضة في وقت لاحق من خلال الكلمات.
الدكتور مايكل سابوم يروي حالة امرأة خضعت لعملية جراحية لعلاج تمدد الأوعية الدموية، وذكرت المرأة تجربة الخروج من الجسد (out-of-body) والتي استمرت بينما كان هناك غياب كامل للنشاط الدماغي لمدة قصيرة.
يقول ريسون أنه "لا يوجد نموذج فيسيولوجي أو نفسي يمكنه أن يفسر وحده كل الخصائص المشتركة لتجربة الاقتراب من الموت.
أما مفارقة الضوء وزيادة الوعي في بيئته، وكذلك عملية التفكير المنطقي التي تظهر في هذه الفترة من الارتباك وضعف الدماغ فتطرح تساؤلات مقلقة حول فهمنا الحالي للوعي وعلاقته بوظيفة الدماغ.
هذه القدرة على الشعور الواضح وهذه العمليات المعقدة من التصور خلال فترة الموت السريري تتناقض مع فكرة أن الوعي موجود حصرا في الدماغ".
وقد اقترحت بعض الأبحاث أن المرضى في حالة اللاوعي يمكنهم أن يستمروا في سماع الأحاديث حتى لو كانت الأجهزة الطبية لا تسجل أي نشاط للدماغ.
وأدت الأبحاث التي أجريت في جامعة شيفيلد إلى استنتاج مفاده أن إفراج الأدرينالين الذي تسببه ندبات الأنسجة أثناء الجراحة يمكن أن تتسبب في هذه الظاهرة.
وأظهرت النتائج الحديثة أيضا أن الأشخاص الذين تم تشخيصهم في "حالة غيبوبة دائمة" يمكنهم التواصل من خلال أفكارهم، وهو ما تم الكشف عنه من قبل.
المفهوم الديني للظاهرة:
ذكرت العديد من الروايات قصص تجارب الاقتراب من الوفاة والتي تمثل الظواهر الموجودة في النصوص المقدسة، في حركة الروحانيات، والنصوص الهندوسية "كارما"، وإعادة التجسد والخوارق.
على الرغم من أن البعض يزعم بأن هذه التجارب من نوع الـ EMI أثرت في نوع كتابة النصوص الدينية، فمن المسلم به عموما أن سيناريو الـ EMI هو من خلق الدماغ ليكون قصة ما بما يتفق مع المرجعيات الثقافية للفرد من خلال مجموعة من الأحاسيس، وبالإضافة إلى ذلك وجد أن تجارب الاقتراب من الموت EMI عند الأطفال (الذين لم يتح لهم الوقت عموما لوضع اعتقاد معين) كانت محدودة للغاية (مثل صبي تحدث مع أخيه فقط، أو فتاة كانت تتحدث مع والدتها).
ومع ذلك لم يعد هناك EMI بين المؤمنين وكذلك بين الملحدين
ووفقا للقبلانيين الجدد (مذهب يهودي)، أن بعض تجارب الاقتراب من الموت قد وصفت من خلال أسفار الكابالا، من خلال هذا المنظور في إطار روحاني يمكن أن نموت عشرات المرات وفي كل مرة ندخل في عالم جديد.
وبالنسبة لآجان براهام فإن الاقتراب من الموت يظهر أن هناك نوعا من الاستقلال بين الوعي والجسد (استقلال تؤكده التجربة التأملية "جاهانا"، ولا يمكن لأحد القول أن الوعي هو كيان متعال أو خالد (وفقا لمذهب أناتمان).
نقاط خلاف:
يقول بعض المشككين في صدق هذه التجارب، أن الأمر لا يعدو أن يكون هلوسة أو أضعاث أحلام، وقد تصدى الكثير من الباحثين والعلماء لإنكار هذا الأمر وذلك لغياب الأدلة العلمية على الفرضية المطروحة وانعدام الأبحاث الموضوعية الحيادية، كما أن غياب القدرة على قياس أو تحديد عامل مادي يدعم صدق النظرية هو أحد عوامل الاعتراض على النظرية، فقد يرى بعض النائمين أحياناً أحلاماً تتشابه في وصفها مع ما يرويه من يدعون مرورهم بتجارب الاقتراب من الموت وهذا ما يجعلها غير محصورة بحالة حدوث واحدة.
وجهة النظر العلمية:
من وجهة النظر العلمية، فالـ EMI هي ذاكرة من الانطباعات التي نشهدها خلال توقف القلب والتي تؤدي إلي تغيير حالة الوعي.
ويمكن تفسير هذه الحالة من قبل النظريات الفسيولوجية والنفسية كما يلي:
على المستوى الفيسيولوجي،الـ EMI لا يمكن أن يكون ذا صلة بحالات الوعي المتغيرة، بالأحلام، والهلوسة، وبعض حالات الصرع.
وهذه الحالات معروفة علميا وقد تكون على سبيل المثال نتيجة لنقص الأوكسجين الذي يتسبب في خلل في قرن آمون، فالمرجح أن الظروف السريرية قد تؤدي إلى EMI متضمنة الشروط التالية:
نوبة قلبية، صدمة مؤلمة بعد خسارة كبيرة للدم أو المضاعفات المحيطة بالجراحة، صدمة الحساسية، الصدمات الكهربائية، الغيبوبة، ونزيف المخ أو احتشاء الدماغ، محاولة الانتحار، الاقتراب من الغرق أو الاختناق، انقطاع النفس والاكتئاب الشديد.
التفسير الفيسيولوجي:
ومن المعروف أن الحرمان من الأوكسجين، أو نقصه يتسببان في كثير من أعراض الـ EMI.
ففي عام 2002، نشر أولاف بلانك وستيفاني أورتيج وتيودور لانديس، في قسم الأعصاب بمستشفى جامعة جنيف في مجلةNature العلمية مقالة تصف التجربة التي يسببها التحفيز الكهربائي لمنطقة محددة في الدماغ عند مريض مصاب بالصرع، وربط البعض بين اقتحام النوم في حالة اليقظة التي وجدت لدي بعض المرضي.
وفي الحقيقة يتعلق الأمر بتنشيط القشرة القذالية (بمؤخرة الرأس) والتي تنظمها العديد من هياكل جذع الدماغ مثل نواة الجسر الساقي pedunculopontine، الغشائي الجانبي، والرفاء الظهري، والبقعة الزرقاء (توجد تحت القشرية الدماغية وهي الآلية الكولينية التي من شأنها أن تسبب رد فعل التنبيه النورادريناليني.
التفسير النفسي:
يمكن أيضا أن تفسر EMI من خلال مصطلح التفكك، تبدد الشخصية، وإعادة ذكريات الولادة والانحدار.
في النظرية الجديدة التي طورها كينشار في عام 2006، يتم تطبيق المعارف الحالية للنظام العصبي المستقل في مجال البحوث المتعلقة بظاهرة الـ EMI.
وتشرح نظريته أن تجربة الموت الوشيك هي مفارقة غريبة للغاية لكائن حي، والتي تطلق بدورها العوامل التي تسبب EMI وخلال هذا، يصبح الفرد قادرا على "رؤية" الدماغ بتحليل كامل لكل الذاكرة العرضية (بما في ذلك التجارب السابقة للولادة) حتي يتم العثور على تجربة مشابهة لحالة الموت الوشيك.
يتم تقييم جميع هذه القطع من المعلومات التي تم جمعها وتحليلها من قبل الدماغ، كما لو كنا نبحث عن آلية لنسخ وسيلة لتجنب هذا الموقف القاتل الكامن.
اعتقد كينشر أن هذا السبب في حدوث تجربة الاقتراب من الموت هو أمر غير عادي، ووفقا لهذه النظرية فإن الخروج من الجسم والذي "يرافق الـ EMI"" هو محاولة من الدماغ لإعادة تمثيل العقلية لموقف أو لمرحلة.
وسيتم وضع الدماغ إذا في معلومات أجهزة الاستشعار الحسية والتجارب المخزونة (المعرفة)، وبالتالي إنتاج نوع من "الحلم" حول الذات والبيئة المحيطة.
نموذج Rasch:
عموما، تعتبر حالات الموت الوشيك EMI مؤكدة عند المريض الذي عانى من الموت السريري وتم إنعاشه بنجاح، وعندئذ يمكن مقارنة قصصهم بسلم EMI الذي تأسس على نموذج Rasch لتحليلها.
وقد بني كينيث رينج بشكل خاص مؤشر WCEI(Weighted Core Experience Index) لقياس "نوعية" الـ EMI وبروس جريسون سلما لتصنيف الشهادات.
وقد أبلغ عن تجارب مماثلة من قبل نساء بعد الولادة، أو بعد التعرض لوعكة أو أثناء التخدير بالكيتامين، على الرغم من أن حياتهم لم تكن علي المحك.
تناول حبوب المهلوسات (DMT) أو حتى بعض تقنيات التأمل يمكن أيضا أن تسبب بعض الأحاسيس التي تقرب البعض من الـ EMI دون أن تؤدي إليه بشكل كامل.
وتظهر حالات كثيرة من EMI بعد حدث حاسم (على سبيل المثال عندما يسمع المريض عن إعلان وفاته من قبل الطبيب أو الممرضة)، أو عندما يشعر الشخص أنه في حالة وفاة (على سبيل المثال قبل حادث سيارة).
وخلافا للاعتقاد الشائع، فغالبا لا تؤدي محاولات الانتحار إلى حالات في EMI علي غرار ما يحدث في حالات غير مقصودة.
ووفقا لدراسات وبائية، فإن شهود الـ EMI أكثر شيوعا عند الذين تقل أعمارهم عن 60 سنة.
وسواء كانت هذه التجارب القريبة من الموت نوعا من الهلوسة أو لا، إلا أنها لا تزال تنطوي علي تأثير عميق على الفرد، وقد اعترف العديد من علماء النفس بهذا الأثر، دون المساس بطبيعة الهدف من هذه التجربة التي تم وصفها.
ودون السعي بالضرورة إلى التشكيك في التفسيرات المتطرفة، حتى الدينية، فقد اقتصر العلماء أنفسهم بعناية علي فهم الآليات البيولوجية الكامنة.
ومن خلال اختبار مفصل وغير متحيز، ميزت العالمة النفسية البريطانية سوزان بلاكمور روايات الـ EMI، ومن خلال الانتقاد المتشدد "للنظريات" الأكثر شعبية، حيث سلطت الضوء على العيوب الخفية لهذه النظريات واقترحت الخطوط العريضة لتفسير خلق المظاهر التقليدية للـ EMI المظاهر العقلية للدماغ الذي وضع في ظروف حرجة (غياب الأوكسجين الدماغي، الخ).
الروايات التاريخية:
روى العديد من الكتاب القدامى تجارب الاقتراب من الموت، وهذه الأوصاف تناولت كل الخصائص المختلفة لتجارب الاقتراب من الموت بمفرداتهم الخاصة: الضوء الساطع، والنفق، والشعور بالارتفاع، ووجود كائنات نورانية، والتردد في العودة إلى العالم، والخجل في الكشف عن الأشياء التي شاهدها بعد الاستيقاظ، والاستعداد للانخراط في عمل مؤثر استنادا إلى الخبرة، الخ...
أفلاطون، الفيلسوف اليوناني من القرن الرابع قبل الميلاد:
في نهاية الكتاب العاشر "الجمهورية" ذكر أفلاطون ما رواه سقراط بخصوص محارب اسمه "إير بامفيليان، أقدم حالة معروفة لتجربة الاقتراب من الموت.. وكان إير جندي تُرك ليموت على أرض المعركة، وقد أفاق على محرقة الجنازة.. لقد روي ما شاهده وسمعه في الآخرة: العقوبات أو مكافآت الأرواح وفقا لما قاموا به خلال حياتهم الدنيوية.
ثم تمت إعادته إلى الأرض في مهمة تهدف إلى إظهار ما شاهده وسمعه لتنوير الناس.
بروكلس، الفيلسوف اليوناني من القرن الخامس الميلادي:
كان كليونيم من أثينا.. غارقا في الحزن لوفاة أحد الأصدقاء، تمزق قلبه وخر مغشيا عليه، واعتقد أنه في عداد الموتى، ووفقا للتقاليد تم عرضه في اليوم الثالث، وبينما كانت أمه تقبله سمعت همسة طفيفة.
وإذا بكليونيم يعود ببطء إلى رشده، ويستيقظ ويحكي ما رأى وسمع بعد أن كان خارج جسمه، وكان يبدو وكأن روحه قد تحررت في وقت الوفاة وجثته ملقاة بجوارها، وصعدت روحه إلى مرتفعات وبالتالي ارتفع فوق سطح الأرض، وشاهد على الأرض أماكن متنوعة لا حصر لها من حيث المظهر واللون، ومجاري الأنهار الغير مرئية للبشر، ووصلت روحه في النهاية إلي مسافة معينة، ثم حضرت القوى الشيطانية في شكل امرأة ذات جمال لا يوصف..." (بروكلس، التعليق على جمهورية أفلاطون، المقال السادس عشر، 114، العابر، ص 58-59).
جريجوري دو تور، وهو مؤرخ فرنسي من القرن السادس الميلادي، ونسخة من وصف لتجربة الاقتراب من الموت):
في يوم ما كنت منهكا من الحمي وأرقد لاهثا على السرير، فجأة غمرت غرفتي إضاءة ساطعة بدأت تهتز، كانت الأيدي ممدودة إلى السماء، وافته المنية، وسمع صراخ الرهبان تختلط مع عويل أمه ورآهم يحملون جثتة، ولكن في صباح اليوم التالي، بينما الاستعداد لمراسم الجنازة، بدأت الجثة تتحرك على محفة اللوح، والرجل يهتز كما لو كان يستيقظ من نوم عميق، ثم بدأ يفتح عينيه ويرفع يديه، وصاح:
"يا رب يا رحيم، ماذا فعلت لكي تسمح لي بالعودة إلى هذا المكان المظلم الذي يسكن فيه العالم، بينما رحمتك في السماء أفضل لي من الحياة في هذا العالم البغيض؟
"ولكن رغم أن جميع أفراد أسرته صدموا وسألوه عما تعنيه مثل هذه المعجزة، فإنه لم يقدم أي إجابة لأولئك الذين سألوه.
وظل صامتا محاطا بتوسلات إخوته ليروي لهم ما شهد وقال: "لقد رأيتموني منذ أربعة أيام في حالة اللاوعي في غرفتي التي كانت تهتز، لقد أخذني اثنين من الملائكة وحملوني إلى عنان السماء لدرجة أنني لم أتصور هذا العالم البشع تحت قدمي فقط، بل السماء والقمر والغيوم والنجوم أيضا.
ثم من خلال الباب الذي ظل أكثر إشراقا دخلت في المنزل حيث كان البهو مشرقا مثل الذهب والفضة، وعلى ضوء فائق الوصف، والحجم لا يوصف.
كان هناك جمع من كلا الجنسين يغطيانه بحيث لا يمكن إدراك بداية أو عمق هذا الحشد، وسمعت صوتا يقول "ليكن هذا الرجل مرة أخرى في القرن لأنه لا زال ضروري"، يمكنك سماع صوت المتكلم فقط ولكن من المستحيل أن تستشفه.
بعد النطق بهذه الكلمات في ذهول الحاضرين، عاد الرجل يتحدث والدموع تنساب من عينيه: "الويل لي لأنني تجرأت على كشف مثل هذا الغموض" (جريجوري دو تور، تاريخ الفرنجة، الكتاب السابع، الفصل الأول).