الغرق .. كيف نسرع بعلاجه لتفادي الموت؟
11:57 ص - الثلاثاء 5 مارس 2013
ما تزال حالات الغرق تمثل مشكلة صحية كبيرة بالمجتمع وبالذات لدى الذكور والأطفال الأقل من خمسة أعوام. ويعد الأطفال الرضع هم الأكثر عرضة للغرق في المراحيض وأوعية الغسيل بينما معظم حالات الغرق لدى الأطفال الأكبر سنا تكون في المسابح.
ومن أهم العوامل المؤدية لغرق الأطفال ومن ثم وفاتهم هو عدم مراقبتهم بصورة جيدة من قبل المربيين وخاصة قليلي الخبرة، بينما تكون الوفيات لدى الأطفال المراهقين أثناء الأنشطة المائية خارج المنزل.
ويجب أولا التفريق بين حالتين الأولى «شبه الغرق Near - drowning» وهي حالة تحدث عندما يتم إنقاذ الطفل قبل أن يموت غرقا وتحمل مراضة شاقة morbidity، والثانية «الموت غرقا» نتيجة الغمر في الماء والاختناق.
إحصاءات يقدر عدد الذين يموتون من الغرق في جميع أنحاء العالم بـ 500.000 في السنة، والغالبية منها تحدث في البلدان النامية. ويمثل الغرق ثاني سبب لوفيات الأطفال الناجمة عن الحوادث في الولايات المتحدة لأكثر من 1000 حالة وفاة سنويا.
ومع ذلك، فإن معدل التنويم السنوي بالمستشفيات، والمرتبط بالغرق، كان قد سجل انخفاضا من 4.7 لكل 100000 نسمة في عام 1993 إلى 2.4 لكل 100000 عام 2008، وكان الانخفاض شاملا جميع الفئات العمرية، ولكل من الذكور والإناث.
وبالنسبة للبلدان النامية، فلا تتوفر فيها بيانات مماثلة. ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أن مع كل طفل يغرق، هناك ما لا يقل عن 3 حالات ناجين من الغرق يتم استقبالهم في الطوارئ لتلقي الرعاية الفائقة، والمزيد من الأطفال لا يتم إحضارهم إلى المستشفى. وعليه فإن نسبة حالات «شبه الغرق» أعلى بكثير بسبب عدم الإبلاغ.
عوامل الخطر
الذكور هم دائما في خطر أعلى مقارنة مع الإناث، ومعظم حالات الغرق تحدث في المياه العذبة، وخاصة في المسابح السكنية الخاصة.
وتشكل المسابح المحمولة، الغسالات، وحاويات الغسيل نسبة 55 من تلك المصادر وفقا لإحدى الدراسات التي أجريت بالسعودية. ومثلها أحواض الاستحمام المنزلي والمراحيض، وأوعية الغسل التقليدية.
يضاف إلى ذلك مياه الأنهار والبحيرات والبرك، وتجمع مياه الأمطار الموسمية الغزيرة والسيول، مع قلة الخبرة في السباحة والغوص، كما يمثل تعاطي المخدرات والكحول عاملا مهما في البلدان الأخرى. وهناك عوامل خطر أخرى، تتمثل في الأمراض التي يتصدرها مرض الصرع النشط، وتزداد الخطورة إذا كان المريض أيضا متخلفا عقليا.
المظاهر والمضاعفات
إن الكثير من أجهزة الجسم تتأثر بدرجات مختلفة من الشدة بسبب الإصابة بحالة «شبه الغرق near - drowning» وما يتبعها من نقص الأكسجين في الدورة الدموية.
وما يحدث بالتحديد خلال الغمر في الماء، إذ أن الطفل يمتنع في البداية عن التنفس، محاولا العودة لسطح الماء، ثم يصاب بالهلع عندما يفشل، فيبتلع ويستنشق الماء، ثم يزرق لنقص الأكسجين ويفقد وعيه، ويتوقف التنفس.
ويحدث في أقل من 10 من الحالات ما يسمى «الغرق الصامت Silent drowning» وذلك لتشنج الحنجرة بمجرد وصول الماء إليها مما يؤدي إلى جفاف الرئة بدلا من امتلائها بالماء وخلوها أيضا من الدم، مما يقلل كذلك التهوية والأكسجين. وإذا ما تم إنقاذ المريض، فينبغي متابعته خشية حدوث وذمة رئوية تنفسية في وقت لاحق خاصة عند البالغين.
وتحدث المظاهر المرضية العصبية في نحو 10 من حالات «شبه الغرق near - drowning» اعتمادا على مدة وشدة حدوث الميتة الدماغية الأولى (نقص الأكسجين عن الدماغ). وينبغي مراقبة هؤلاء المرضى من حدوث وذمة الدماغ خلال أول 3 أيام من الإصابة.
أما المضاعفات فتشمل اضطراب وظائف القلب، عدم انتظام ضربات القلب، وحماض الدم، وخلل شوارد الدم الكهربية electrolyte، انخفاض ضغط الدم، وانخفاض حرارة الجسم الذي يؤدي بدوره إلى نقص كبير في حجم الدم نتيجة لتضيق الأوعية الطرفية. كما يصاب ضحايا «شبه الغرق» بصدمة مع فقر الدم المرتبط بها، مع نخر وعائي حاد وتجلط دموي داخل الأوعية.
العلاج الإسعافي
- ينبغي للعلاج الإسعافي أن يبدأ فورا في وقت الحادثة من أجل منع المضاعفات العصبية غير الحميدة. ويجب أن يبدأ الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) فورا وفي مكان الحادث. إلا أن عدم وجود تدريب عام للأسر على عمل الإنعاش يعيق إنقاذ الكثير من الحالات.
- يجب تثبيت منطقة الرقبة وعدم تحريك الفقرات العنقية منعا لحدوث شلل رباعي، خاصة إذا سقط الضحية من مكان عالٍ أو كان يغوص.
- يجب تقييم حالة مجرى الهواء، والتنفس، والدورة الدموية.
- عدم ضياع الوقت في عمل تفريغ الماء من الرئتين، فلم يعد يوصى به لعدم فعاليته، وتسببه في التقيؤ الذي قد يؤدي إلى الاختناق وتأخيره عمل الإنعاش CPR الأكثر أهمية، خاصة أن الإنعاش يمكن عمله مع وجود سوائل في الرئتين طالما أن مجرى الهواء غير مسدود.
- وفي المستشفى، يتم فحص العمود الفقري العنقي جيدا، وعمل أشعة للتأكد من عدم وجود إصابات محتملة أو كسر، عمل فحص دم كامل وغازات الدم.
- معالجة تشنج القصبة الهوائية على وجه السرعة، وكذلك الوذمة الرئوية.
- عدم الإسراع في إعطاء المضادات الحيوية والكورتيزون بشكل روتيني إلا إذا كان الماء ملوثا.
- معالجة الأعراض والمضاعفات الأخرى مثل انخفاض ضغط الدم، نوبات التشنج، واضطرابات وظائف الكلى.
- معالجة الوذمة الدماغية على وجه السرعة من أجل تحسين النتائج العصبية.
- تدفئة الجسم خاصة لصغار الأطفال.
ما بعد العلاج
تتحسن صحة معظم المرض بسرعة إذا ما حصلوا على العلاج الإسعافي السريع. وإذا لم يبدِ الطفل أي تحسن أو أن حالته بدأت تتدهور، فيجب البحث عن مسببات أخرى أو حصول مضاعفات، بما في ذلك إصابات الرأس، فقدان شديد للدم، شرب الكحول، أو تناول المخدرات.
والشائع بين الأطفال إما التماثل للشفاء من دون عاهات عصبية، أو الموت مباشرة بعد الغمر في الماء، خاصة الأطفال الصغار (5 سنوات) من دون رقابة جيدة، أو في الأطفال الأكبر سنا الذين سبحوا في مياه مفتوحة كالبحار.
أما العوامل التي ترتبط بحدوث اعتلالات عصبية شديدة فتشمل الغمر في الماء، عمل الإنعاش القلبي الرئوي CPR لأكثر من 25 دقيقة، ارتفاع سكر الدم (وفقا لدراسة سعودية)، انخفاض حرارة الجسم.
وللوقاية من الغرق ينبغي:
- وضع قيود لوصول الأطفال إلى المياه بشكل عام.
- وجود إشراف من شخص بالغ لمسابح الأطفال.
- وضع سياج على المسابح المنزلية بارتفاع 1.4 مترا مع بوابة ذاتية الغلق.
- ضرورة وجود وسائل السلامة في جميع المسابح الخاصة والعامة.
- وضع كاميرات مراقبة لرصد حالة المتواجدين بالقرب من المياه.
- وضع غطاء على المسبح المنزلي لمزيد من الأمان عندما لا يتم استخدامه.
- عمل دورات للإنعاش القلبي الرئوي CPR لتحسين نتائج العلاج لمن تعرض للغرق.
- تعليم الأطفال كيفية السباحة جيدا.