«الوشاح» .. إكسسوار يزيد المرأة سحراً .. وصناع الموضة ربحاً
12:03 م - الثلاثاء 9 أبريل 2013
يلفّ عنق المرأة أو يغطي رأسها وكتفيها حسب الحاجة والمكان والمناسبة. فالوشاح، أو الـ«فولار»، كما هو معروف عالميا، واحد من أهم الإكسسوارات التي لم يخف وهجها لعقود، إلى حد أن بعض أنواعه أقرب إلى التحف الفنية منها إلى قطعة لها وظيفة عملية.
أكبر دليل على هذا ما تطرحه بيوت مجوهرات، مثل «بولغاري»، التي يمكن القول إنها تصوغها بالحرير وترصعها برسوم تجعلها تبدو وكأنها قطع مجوهرات لا بد من الحصول عليها والحفاظ عليها مدى الحياة، من دون أن ننسى بيوت أزياء كثيرة، مثل «هيرميس» و«غوتشي» و«لوي فويتون» وغيرهم. وإذا كانت نجمات مثل غريس كيلي وأودري هيبورن وإليزابيث تايلور في الستينات أكبر مروج له، فإن المرأة العربية من بين أكثر من تستهلكه، نظرا لمتطلبات بيئتها وثقافتها.
ولا نحتاج للقول إنه أصبح في المدة الأخيرة من بين أهم الإكسسوارات التي تدر أرباحا على صناع الموضة إلى جانب حقائب اليد. لكن ما هي المعايير التي يجب أن نتبعها لاختيار أنواع وألوان الوشاح، وكيف نستعمله؟ تجيب جينيت يازجي من محلات «هيرميس» في بيروت، عن هذه الأسئلة قائلة إن «هناك 125 طريقة لارتداء الوشاح، إذ يمكن أن تتعامل معه المرأة تماما كأي قطعة مجوهرات، وكأي إكسسوار يخطر ببالها، بدءا من استعماله كحزام، أو لتزيين حقيبة يد كلاسيكية به، أو بلفّه على رقبتها أو يدها إذا كان من نوع (غافروش)، أي المربع بـ(45 سنتيمترا) أو باستعماله كطوق لتزيين شعرها».
وتشير إلى أن الألوان الفاتحة كالأزرق والزهري والبرتقالي والأخضر هي المفضلة في هذا الموسم، خصوصا أنها تناسب جميع أنواع البشرات، بينما يعتبر الأسود والأبيض الأكثر رواجا على العموم، لأنهما حياديان، وينسجمان مع أكثر أنواع الأزياء التي ترتديها المرأة.
أما البني والبيج والأحمر فيخضع اختيارها حسب باقي ألوان الأزياء. المهم أن تراعي هي والنقوش الأسلوب والمناسبة لمناسبات النهار، بما في ذلك التسوق أو العمل أو زيارة الأصدقاء، مثلا، فإن الألوان المشعة مقبولة، وإن كان يفضل أن تكون الزخرفات فيها قليلة. وللمساء، لا بأس أن تدخل فيه تطريزات بخيوط من ذهب، أو أن ترصع زخرفاته بأحجار كريستال وما شابه ذلك.
وتشرح أن الوشاح ظهر في القرن الثامن عشر وعرف طريقه إلى القصور والطبقات المخملية، بفضل الملكة ماري أنطوانيت، التي كانت تضعه على كتفيها. ويقال إنه وصل إلى أوروبا ومنها إلى باقي القارات، من الشرق. فقد كانت له استعمالات متعددة من قبل المرأة الشرقية والآسيوية، التي كانت تغطي به تارة رأسها، أو تتركه منسدلا على صدرها تارة أخرى، ويعرف هنا بالشلحة، أو «الباشمينا» بالفرنسية.
في عام 1960، تم تحديث الوشاح من قبل المصمم الإيطالي الراحل، ايميليو بوتشي، الذي ابتكر منه ما يبهج العين ويجمّل المرأة ويزيد من أناقتها، خصوصا أن أغلب زبوناته كن من الطبقات الأرستقراطية ونجمات هوليوود من اللواتي كن يقضين أوقاتهن في المنتجعات واليخوت الفاخرة.
لكن لا يمكن هنا عدم الإشارة إلى أن أشهر هذه المربعات المصنوعة من الحرير هي لدار «هيرميس». فهي التي اشتهرت بوشاح الـ«كاريه»، ومعناه «المربّع» بالفرنسية، إشارة إلى حجمه (90 × 90 سنتيمترا).
وهو دائما من الحرير وبرسوم تحاكي اللوحات الفنية المستوحاة من الطبيعة أو من إرثها الذي يتغزل ببدايتها في مجال السروج وكل ما له علاقة بالخيول والفروسية. في الوقت الذي يمكن فيه استعمال هذا الوشاح كإكسسوار زينة في المقام الأول، إما كطوق للشعر، أو كياقة تضيف بعض اللون على كنزة عادية أو لتزيين المعصم أو الحقيبة، فإن الذي يبلغ حجمه (140 × 140) ويعرف بالـ«باشمينا» له استعمالات أخرى. فبالإضافة إلى دفئه وأناقته عندما يوضع على الكتف في النهار أو المساء، فهو أيضا يحتمل تنسيقه مع وشاح بلون آخر بلون يتناغم معه ويكون بالحجم نفسه.
وتذهب نايلا سيوفي صاحبة محل متخصص في الأوشحة، إلى أبعد من هذا بقولها إنه بإمكان المرأة أن تستعمل أكثر من وشاح وبأحجام مختلفة في الإطلالة الواحدة، حيث يمكن أن يستعمل حجم 140 سنتيمترا لتغطية الجزء الأعلى من الجسم، ووشاح بحجم 90 سنتيمترا كحزام ووشاح بنوع غافروش، بـ45 سنتيمترا على جانب الحقيبة أو المعصم.
وتشرح أن هناك طرقا أخرى لاستعماله بطريقة عصرية، مثل ربطة رعاة البقر (الكاوبوي)، أو ربطة بعقدة بحرية أو عادية، إذا كان بحجم أكبر، فينسدل على الأكتاف ويقفل بخاتم خاص أو بدبّوس معدني، مما يعطي الزي رونقا كلاسيكيا.
كما في الإمكان أن يغطّي الرأس على طريقة أميرة موناكو الراحلة غريس كيلي، التي اشتهرت بوضعه على رأسها فسمي بـ«فولار غريس كيلي»، أو يرفع به الشعر، أو يثبت غرة كثيفة، فيزيد إطلالة المرأة، مثلما شاهدنا في عدة عروض نذكر منها عرض «دولتشي أند غابانا».
ولعل أجمل الأوشحة التي طرحتها بيوت الأزياء هذه السنة هي تلك التي تتدرج بألوان مختلفة أو تمزج بين الأسود والبيج والأزرق والزهري والأخضر والأصفر في زخرفات ورسوم مستوحاة من الطبيعة. فقد تكون مطبوعة بالورود والأزهار، أو تتداخل فيها الدوائر أو نقشة النمر أو رسوم سريالية متنوعة.
كما أن الوشاح المؤلّف من خليط الأقمشة، أي المصنوعة من الحرير والقطن، أو من الكتان والصوف، تشهد رواجا في موسمي الربيع والصيف عموما، لأنها منعشة أكثر من الحرير وحده.
هناك أيضا الوشاح المصنوع من الموسلين، وهو مختلف عن الوشاح الحريري الصغير بكونه أكثر طولا وأقل عرضا، حيث يمكن تركه منسدلا على الصدر ليضفي على الزي أناقة. وغني عن القول إنه يشكل هدية مفعولها مضمون، فليس هناك امرأة لا ترحب بأي شكل من أشكاله، وبالنسبة للمرأة العربية، فإن كثيرا من بيوت الأزياء العالمية تنتهج منذ سنوات خطة طرح أوشحة خاصة بالمنطقة وبيئتها، وبأحجام ضخمة في الغالب، حتى تتمكن من استعمالها كطرحة للمحجبات أو «شال» في الأمسيات.
بل إن بعضها ذهب إلى حد الاستعانة بفنانين عرب، مثل دار «لوي فويتون»، التي استعانت بفنان الغرافيتي «إل سيد» ليرسم لها مجموعة من الإكسسوارات، أهمها إيشاربات وأوشحة بالخط العربي.
وفي لبنان، استعانت دار «هيرميس» بالمصمم روسي ديمتري ريبالتشنكو ليبتكر لها «فولار»، أطلقت عليه اسم «تحت أرز لبنان» يأخذ شكل لوحة من الطبيعة اللبنانية تتضمن صورة فلاح يركب الحمار ويقود قطيع غنم، وذلك في ظل شجرة أرز عملاقة.
للتفريق بين الوشاح المصنوع من الحرير الأصلي أو الصناعي يمكن اتباع الخطوات التالية:
- مربّع الحرير الأصلي يتميز بأطرافه الأربعة غير المستقيمة، فإذا كانت تبدو وكأنها مقصوصة بالمسطرة، فهذا يعني أنها ليست أصلية.
- خيط الحرير يتميّز بلمعان مضيء ملحوظ، لهذا، وقبل الشراء، ضعيه تحت الضوء، فإذا رأيت انعكاسات ألوان مختلفة، فهو أصلي، وإذا كانت بيضاء، فذلك يعني أنه مخلوط بخيوط غير حريرية.
- للحفاظ عليه كأي قطعة مجوهرات، يجب تنظيفه بمياه فاترة فقط وتجفيفه في الظلّ بعيدا عن أشعة الشمس حتى لا يصاب بالاصفرار وتبهت ألوانه ورسومه.