ثورة طبية : عين صناعية للمصابين بالتهاب الشبكية الصباغي
11:45 ص - السبت 30 مارس 2013
لا يوجد حتى اليوم علاج فعال لمرض التهاب الشبكية الصباغي، لكن إدارة الغذاء والدواء الأميركية أجازت استخدام جهاز صناعي يمكنه إعادة بعض النظر إلى الكفيف. والشركة التي تصنع جهاز «سيكوند سايت» Second Sight (البصر الثاني) ومقرها سيلمار في ولاية كاليفورنيا، يمكنها حاليا تسويق هذا الجهاز الصناعي، الذي يمكن زرعه في شبكية العين لدى المرضى الذين يعانون من هذا المرض الذي يصيبها بتنكس وضمور يؤديان إلى العمى وفقدان النظر. وهذا هو أول علاج لهذه الحالة تمت الموافقة عليه في الولايات المتحدة.
عين إلكترونية
يقول مارك هيومايون أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ساوث كاليفورنيا في لوس أنجليس إن من شأن هذا العلاج تمكين الأشخاص المصابين، كفيفي النظر كليا، من الرؤية قليلا لتحسين حركتهم وتنقلاتهم.
وأضاف هيومايون الذي قام بتطوير الجهاز خلال السنوات الـ25 الماضية، إنه «يتيح للأشخاص الوصول إلى أرصفة الطرقات، والسير عليها من دون لي كواحلهم، أو العجز عن رؤية العقبات غير المتوقعة، كالسيارات المتوقفة على جانب الطرقات، فضلا عن تحضير مائدة الطعام، ومشاهدة أحدهم يدخل من الباب». وبمقدور بعض المصابين قراءة الأحرف الكبيرة، لكن المهمة الأساسية لزراعة هذا الجهاز، هي منح المرضى ما يكفي من النظر لاستعادة حركتهم.
يدعى الجهاز «أرجوس 2» Argus II، وهو مكون من ثلاثة أجزاء رئيسية: نظارة مركب عليها كاميرا فيديو، وكومبيوتر محمول، وشريحة إلكترونية مزروعة قرب شبكية العين. وتقوم كاميرا الفيديو بإرسال بيانات الصور التي تلتقطها إلى الكومبيوتر المركب على الحزام، فيقوم المعالج بتحويل بيانات الصور هذه إلى إشارات كهربائية يجري بثها إلى الشريحة المزروعة.
ويعاد إرسال هذه الإشارات إلى مجموعة مؤلفة من 60 قطبا، التي تمثل خلايا شبكية العين. وتنفذ هذه الأقطاب عمل خلايا تحسس الضوء التي ضمرت وانتكست. وحتى الآن لا يستطيع هذا النظام مساعدة المرضى على تمييز الألوان المختلفة، لكنه قادر على تأمين شعور مرئي كاف لتحسس الخطوط العريضة للأشياء القريبة.
وكانت قد جرت الموافقة على «أرغوس 2» في أوروبا في مارس (آذار) 2011، وتم زرعه في 30 مريضا في الولايات المتحدة في إطار تجربة سريرية بدأت عام 2007. لكن الشركة الصانعة لم تعلن عن أسعارها في الولايات المتحدة، لكن الجهاز الواحد من النظام هذا يباع بسعر 100 ألف دولار في أوروبا، وهو سعر يعتمد على التوقعات بأن الزرع سيدوم عشر سنوات.
ويقول هيومايون في حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفيو» إنه جرى تدريب الجراحين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مثل لوس أنجليس، وسان فرانسيسكو، وفلادلفيا، وبالطيمور، على عمليات الزرع.
وسيلة واعدة
يقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من حالة التنكس الصباغي هذا في الولايات المتحدة وحدها بنحو 100 ألف شخص، وهو مرض يقوم بقتل خلايا الشبكية المتحسسة للضوء ببطء، مبتدئا من أنابيب الشبكية المسؤولة عن الرؤية الطرفية والليلية، وانتهاء بالخلايا المخروطية التي تؤمن الرؤية المركزية.
والنتيجة هي حصول الرؤية النفقية المؤدية بالنهاية إلى العمى الكامل. ويقدر هيومايون أن هنالك نحو 2000 أميركي في المراحل الأخيرة من المرض الذين سيستفيدون من جهاز كهذا.
ويقول جاك دونكتن أستاذ علم الأورام السريرية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو «إنه ليوم مثير فعلا، فهذا هو العلاج الأول الموافق عليه للتنكس الصباغي. وثمة بعض العقاقير التي لا تزال قيد التجارب السريرية، فضلا عن بعض الدلائل بأن فيتامين (أيه) من شأنه إبطاء تقدم المرض وتطوره، لكن حتى الآن لم يجر العثور على وسيلة لإعادة النظر المفقود بالنسبة إلى الضرير. لذا فإنه من المثير فعلا الوصول إلى مثل هذه المرحلة»، على حد قول دونكتن.
وتستخدم الأجهزة المتطورة مثل منظم ضربات القلب، وقوقعة الأذن الصناعية، الأقطاب الكهربائية أيضا كوسيط تواصل مع الجسم البشري، لكن لا شيء منها من التعقيد كتلك التي تزرع في الشبكية، كما يقول هيومايون .. فقوقعة الأذن المزروعة تستخدم نحو 20 قطبا، أما «أرجوس 2» فيستخدم ثلاثة أضعاف هذا العدد، حيث يتوجب تسليكها في حزمة صغيرة مدمجة متوافقة حيويا بحيث لا تسخن، وبالتالي يمكنها تحمل الحركات السريعة للعين .. «فهذه هي أكثر أداة طبية مزروعة تعقيدا حتى اليوم على صعيد عدد الأقطاب»، وفقا إلى هيومايون الذي أضاف أن التطورات في البرمجيات المستقبلية من شأنها توسيع قدرات «أرجوس»، إذ تقوم الشركة بتطوير برنامج يمكن الجهاز من تحفيز المرضى على رؤية الألوان، عن طريق تأمين إشارات كهربائية بترددات مختلفة.