البدانة .. جرس أنذار لمشكلات صحية خطيرة
11:24 ص - الأحد 17 مارس 2013
من المعروف أن صحة الفرد وتغذيته تؤثران تأثيرا مباشرا على إنتاجيته ونمط حياته، ويعدان دليلا غير مباشر على مدى التطور الاجتماعي والاقتصادي له.
وقد تبين حديثا في أميركا ومعظم الدول المتقدمة، أن ستة من الأسباب العشرة المؤدية للوفاة لها علاقة مباشرة بالتغذية.
وهذه الأسباب هي أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية، والسرطان، وداء السكري، وتليف الكبد.
وخلال العقود الأربعة الماضية، تغيرت أنماط السلوك الغذائي لأفراد المجتمع، ما أدى إلى زيادة استهلاك الدهون وارتفاع المدخول الغذائي من الطاقة الحرارية، وغلب عليها طابع الرفاهية وقلة الحركة، ونتج عنها زيادة ملحوظة في حالات السمنة والبدانة.
مشكلة البدانة
تعرف البدانة بأنها تراكم السعرات الحرارية الزائدة عن احتياج الإنسان، وتخزينها على هيئة دهون تترسب في أماكن مختلفة تحت الجلد، مثل البطن والأرداف والإليتين والمنكبين، والذراعين، مما يؤدى إلى زيادة في الوزن عن الطبيعي.
وتعتبر البدانة البوابة الرئيسية للكثير من الأمراض المزمنة وبعض الاضطرابات المرضية، لذا فإن معدل انتشار البدانة يعطي مؤشرا عن الحالة الصحية للمجتمع.
وبناء على الدراسات الوبائية فقد ارتفعت نسبة المصابين بالبدانة بين أفراد المجتمع، وخصوصا النساء، وأصبحت البدانة تمثل أحد أهم المشكلات الصحية في العالم.
وأهم العوامل التي أدت إلى التغيير في النمط الغذائي:
- زيادة الدخل خلال السنوات الأربعين الماضية، أدت إلى ارتفاع القوى الشرائية، مما أدى إلى تنوع الاستهلاك الغذائي.
- بعض المظاهر الحضارية السلبية أدت إلى تغير السلوك والعادات الغذائية، ومنها النقل الثقافي لأطعمة ومأكولات جديدة ومختلفة، مثل البيتزا، والهامبرغر، والأكلات السريعة الأخرى.
- تغير العادات وأنواع المأكولات بسبب السياحة والأنفتاح على العالم الخارجي.
- زيادة الإعلانات عن الوجبات السريعة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وخاصة التليفزيون.
- الاعتماد الكلي والمتزايد على وسائل التكنولوجيا والمواصلات والاتصالات الحديثة، أدى إلى قلة الحركة الجسدية.
الأضرار الصحية للبدانة بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية والنفسية والجمالية التي يواجهها الشخص البدين، هناك أيضا عدد من المشكلات التي تسببها البدانة، ومن هذه المشكلات ما يلي:
- الفتق البطني والحجابي، وهما شائعان جدا.
- الدوالي والتهاب المفاصل والعظام، حيث يحدث الوزن الزائد ضغطا على المفاصل.
- زيادة التعرض لمضاعفات العمليات الجراحية، حيث يحتاج البدين إلى عناية خاصة أثناء التخدير، وذلك لازدياد العبء على عملية التنفس وعلى عضلة القلب.
- زيادة التعرض للجلطات الدموية، وخصوصا في الساق والكلى؛ نظرا للتغيرات التي تحدث للأوعية الدموية.
- نقص القدرة على احتمال الرياضة لعدم قيام الحويصلات الرئوية بدورها على الوجه الأكمل، مما يؤدي إلى انخفاض في تركيز الأكسجين وزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون في الدم.
وقد ينتج عن ذلك حدوث زيادة في عدد خلايا الدم الحمراء عن معدلها الطبيعي مع ارتفاع في ضغط الدم الرئوي، وحدوث تضخم عضلة القلب، فيلهث المريض عند قيامه بأي مجهود عضلي بسيط.
- زيادة نسبة تكوين حصوات بالمرارة نتيجة الإفراط في تناول الدهون، إذ يتكون 96 في المائة من هذه الحصوات من الكولسترول نتيجة وفرة الدهون المشبعة.
- ارتفاع نسبة كل من الغليسيريدات الثلاثية والكولسترول مما يجعل الشخص البدين معرضا لأمراض القلب والأوعية الدموية.
- ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى، نتيجة زيادة العبء على القلب والكليتين.
- زيادة الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.
- زيادة احتمال حدوث سرطانات الثدي، والرحم، والبنكرياس، والمرارة، حيث يعمل تراكم بعض الدهون على استثارة الجينات المسببة للسرطان عن طريق بعض الهرمونات الجنسية.
- كثرة التعرض للحوادث وإصابات العمل، خاصة المعتمدة على الآلات.
- ظهور الشيخوخة المبكرة بين البدناء. ويقدر النقص في متوسط عمر البدناء بنحو 15 عاما عن الفرد ذي الوزن المناسب، نتيجة الإصابة بالأمراض والمضاعفات.
الجنس والسمنة
وتؤدي السمنة إلى تأثيرات على الرغبة الجنسية؛ إذ تقل الاستجابة الجنسية نتيجة الأسباب الجمالية والحواجز العضوية من ترسب الدهون، وترتفع درجة حرارة الخصيتين نتيجة وجود ثنيات الأنسجة الدهنية حول الفخذين، مما قد يسبب فقدا للخصوبة عند الرجال وظهور مرض دوالي الخصيتين.
كما أن التهاب الجلد، وبالذات حول الأعضاء الجنسية، نتيجة الحرارة والرطوبة، يجعل تنظيف هذه الأماكن صعبا مع وجود هذه الثنيات الدهنية. ويحدث عادة خلل في نظام الدورة الشهرية، قد يكون نتيجة اضطراب في التوازن الهرموني عند النساء البدينات. وتعاني النساء البدينات صعوبة في الحمل، وعادة يعانين اضطرابات أثناء الولادة.
ومن المشكلات الاقتصادية للبدانة، صعوبة توظيف الشخص البدين في وظائف معينة تعتمد على الشكل والمظهر، أو حتى الاستمرار فيها، ومزاعم عن قلة إنتاجية الشخص البدين مقارنة بغير البدين.
كما يستهلك الشخص البدين كمية كبيرة من الأطعمة، وهذه تمثل عبئا ماليا عليه. وأخيرا فإن تشخيص وعلاج الأمراض المصاحبة للبدانة تمثل عبئا ماليا على المريض، وعلى المرافق الصحية بالدولة.
«وقاية غذائية»
يمكن الوقاية والسيطرة على البدانة من خلال زيادة النشاط الحركي والإقلال من تناول السعرات الحرارية التي مصدرها البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون.
وعليه يركز المختصون بعلوم الغذاء والتغذية على تخفيض نسبة المتناول من الدهون، حيث تعد الدهون ذات كثافة عالية من السعرات الحرارية، فكل غرام من الدهون ينتج أكثر من ضعف ما تنتجه الكربوهيدرات أو البروتينات، بالإضافة إلى أن المتناول من الدهون غالبا ما يزيد على احتياج الفرد.
ويمكن الإقلال من تناول الدهون والكولسترول بحيث لا يزيد مجموعها على 300 مليغرام يوميا، وذلك من خلال زيادة تناول الخضراوات، والفواكه، والحبوب، والبقوليات، والإقلال من تناول صفار البيض، والزيوت، والدهون، والمقليات، والمأكولات الدهنية الأخرى، مع استبدال الدهون غير المشبعة بالدهون المشبعة.
كذلك استبدال لحوم الطيور (الخالية من الجلد) والأسماك بلحوم الماشية، واستبدال الألبان والأجبان الخالية أو المنخفضة الدسم بكاملة الدسم، مع الإقلال من تناول الأطعمة الجاهزة السريعة، كالبيتزا والهامبرغر؛ إذ إنها تحتوي عادة على نسبة عالية من الدهون.
ومع التطورات الحديثة في الوسائل الصحية لطهي الأطعمة، أمكن التغلب على مشكلة تغير نكهة وطعم الطعام المميز لوجود الدهون بوفرة، بحيث يمكن تناول أطعمة ذات نكهة الأطعمة المقلية وبنسبة تقل بكثير من الدهون عن الأطعمة المقلية بالطريقة التقليدية، حيث يمكن قلي ما يعادل كيلو ونصفا من البطاطا باستعمال 14 مليلتر فقط من الزيت، وهذه الكمية من الزيت تعتبر أقل من ملعقة الأكل القياسية، وبالتالي تخفض المتناول من الدهون.
وتعتبر هذه الطريقة من الطرق الحديثة للطهي الصحي، حيث تقلل من تناول الدهون، كما تقوم بتحضير أنواع مختلفة من الوجبات كالخضراوات المقلية، والأسماك، وأطباق اللحم، والدجاج، مع تحديد درجة الحرارة ووقت الطهي والمحافظة على النكهة.