قشرة الرأس .. علماء يبحثون عن حلول جذرية لها

تقول لين ماكينلي غرانت، الأستاذة المساعدة في طب الأمراض الجلدية بكلية الطب جامعة جورج تاون، إن الحكة في الرأس تعود في كثير من الأحيان إلى القشرة الموجودة في فروة الرأس، وهي عبارة عن التهابات شائعة بين الكثير من الأشخاص.
وتضيف ماكينلي غرانت: «كل شخص لديه قدر، ولو كان ضئيلا، من القشرة»، مشيرة إلى وجود أعراض أخرى مثل تساقط الشعر والاحمرار والحساسية. وتتعدى هذه الحالة التي تصيب نحو نصف السكان في مرحلة ما بعد البلوغ، كل حواجز الجنس والعرق والعمر، حيث أشارت دراسة حديثة إلى أن الأميركيين ينفقون نحو 300 مليون دولار سنويا على الشامبوهات وغيرها من المنتجات للتخلص من القشرة.

دور الغدد الدهنية 

مع ذلك، ما زالت معرفة الأطباء عن كيفية عمل قشرة الشعر والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بها محدودة نسبيا. وتقول أنتونيلا توستي، وهي أستاذة بطب الأمراض الجلدية بجامعة ميامي والمتخصصة في صحة الشعر والأظافر، إن ما يعرفه الأطباء هو أن الزيت الموجود على فروة الرأس يلعب دورا كبيرا في ذلك، مضيفة: «يحتاج كل شخص إلى الزهم (مادة دهنية تفرزها الغدد الدهنية) أو الزيت، فهو جزء مهم من صحة الجلد وفروة الرأس، ولكن قد تؤدي في بعض الأحيان إلى التهاب خلايا الجلد».
وتضيف توستي أن خلايا الجلد الموجودة في فروة الرأس عادة ما تستغرق نحو 28 يوما لكي تنضج وتموت وتتغير بصورة دورية، ولكن في الأشخاص الذين يعانون من القشرة فإن هذه الخلايا لا تنضح بشكل كامل، وتتكون في مجموعات ضخمة في فترة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام.
وقد أشار أحد الأبحاث في الآونة الأخيرة إلى وجود عامل آخر يساعد على نمو القشرة، وهو فطريات الملاسيزيا (Malassezia). وعن ذلك تقول توستي: «توجد هذه النخالة بشكل طبيعي في فروة رأس كل شخص، ولكنها تنتشر بصورة مفرطة في بعض الأشخاص وفي حالات معينة، وهو ما قد يؤدي إلى الالتهاب والتساقط المفرط لخلايا الجلد». وتضيف توستي: «نحن لا نعرف بالضبط لماذا يحدث هذا مع بعض الأشخاص ولا يحدث مع غيرهم».
المناخ والغذاء 
ويمكن أن تؤدي بعض الظروف البيئية إلى زيادة قشرة الرأس، ولا سيما في هذا التوقيت من العام. وتقول توستي: «عادة ما تزيد القشرة بصورة كبيرة في فصل الشتاء وفي المناخ الجاف»، مشيرة إلى أن العوامل الغذائية مثل تناول الكحول واتباع نظام غذائي دهني، والضغوط النفسية قد تؤدي إلى تفاقم الحالة.
ويقول الخبراء إن أسوأ حالات الإصابة بالقشرة والتهاب الجلد الدهني تكون أكثر شيوعا عند المصابين بالأمراض العصبية مثل الشلل الرعاش، وضحايا السكتات الدماغية والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. وتقول توستي: «لكننا لا نعرف السبب في ذلك».
وعلى الرغم من أن القشرة تعد مشكلة مزمنة ومتكررة بالنسبة للكثير من الأشخاص، فإنه يمكن علاجها، ويرى الأطباء أن أهم خطوة في العلاج هي غسيل فروة الرأس بالشامبو كثيرا، والأهم من ذلك أن يتم ذلك بطريقة صحيحة.
وتقول توستي: «من الأهمية بمكان التفرقة بين غسيل فروة الرأس بالشامبو وغسيل الشعر بالشامبو». وتفضل إيلا تومبس، وهي متخصصة بطب الأمراض الجلدية بواشنطن، غسيل فروة الرأس عندما تكون جافة، على أن يتم تدليكها بشكل جيد، مع ترك الشامبو على فروة الرأس لمدة 10 دقائق على الأقل، وبعد ذلك تتم إضافة الماء حتى تكون هناك رغوة، ويتم استخدام فرشاة قديمة لتدليك فروة الرأس في حركة دائرية لإزالة القشرة وحتى تصل مكونات الشامبو النشطة إلى الجلد، وبعد ذلك يتم الشطف. وبعد ذلك، تقترح ماكينلي غرانت استخدام شامبو عالي الجودة حتى يكون شكل الشعر أفضل، كما تقترح تغيير نوع الشامبو من آن لآخر حتى يكون فعالا.

طريقة العلاج 

وبالنسبة لاختيار طريقة العلاج، يمكن الاعتماد على أي نوع من أنواع الشامبوهات التي تحتوي على الزنك وقطران الفحم وحمض الساليسيليك، والتي تعالج كل منها أعراضا مختلفة، فعلى سبيل المثال يكون حمض الساليسيليك أفضل للقشرة الجافة، حسب تصريحات ماكينلي غرانت، التي تشير إلى أنه يمكن أن تتم تجربة بعض الأنواع حتى يتم العثور على المنتج المناسب مع كل شخص.
وتشير ماكينلي غرانت إلى أنه في حال لم ينجح الشامبو في التخلص من القشرة فإنه يتعين على الشخص الذهاب إلى طبيب متخصص في الأمراض الجلدية حتى يحصل على علاج مناسب لحالته، مثل الستيرويد الموضعي الذي يستخدم في علاج الالتهابات. ومن المهم أيضا أن يتخلص الشخص من الفطريات والتي تتطلب علاجا بناء على رأي الطبيب.
وقد حددت إحدى الدراسات التي نشرت خلال العام الماضي إنزيما يوجد في نوع معين من فطر الملاسيزيا والذي لا يمكن لهذا الفطر النمو من دونه، كما وجدت أن مضادات سلفوناميد الحيوية الموضعية كانت أكثر فعالية في منع نمو هذا الفطر من عقار الكيتوكونازول الذي يوجد في الكثير من العلاجات المضادة للقشرة.
وبالنسبة للأشخاص الذين لا يشعرون بالقلق من وجود أعداد قليلة من القشرة على بزاتهم أو ستراتهم السوداء، يجب عليهم أن يعلموا أن هذه الحالة قد تكون سببا في تساقط الشعر المبكر، حيث تقول توستي: «إذا كان الشخص الذي يعاني من القشرة لديه أيضا استعداد وراثي للصلع، فيجب عليه أن يعمل على علاج القشرة بشكل سريع، لأن هذا الالتهاب سوف يزيد من سرعة تساقط الشعر، للرجال والنساء على حد سواء».
وتقول تومبس إن القشرة بالنسبة لباقي الأشخاص الذين ليس لديهم استعداد وراثي للصلع لن تؤثر على تساقط الشعر، ولكن سيكون الأمر مقلقا من حيث المظهر، مضيفة: «القشرة مصدر إزعاج وغير جذابة في كثير من الأحيان، ولكنها لا تؤذي أي شخص».