كيت بلانشيت سفيرة «IWC» .. عرابة الفن والشباب
03:03 م - السبت 23 فبراير 2013
لا ينكر اثنان أن كيت بلانشيت، فنانة قديرة تتلون مثل الحرباء، حسب تطلبات أدوارها المتنوعة والمعقدة. فعندما تقمصت دور الملكة إليزابيث الأولى مثلا انتبهت لكل التفاصيل لتعكس تلك الحقبة بمصداقية، بما في ذلك إخفاء لون أسنانها البيضاء.
وعندما لعبت دور المغني بوب ديلان، أيضا نجحت في أن تعيده لنا إلى أيام الشباب في فترة مهمة من مسيرته الفنية والشخصية، إلى حد أنها أنستنا بأنها امرأة تقوم بدور رجل، وهلم جرا من الأدوار التي نجحت فيها بشكل لا يضاهيه سوى قدرتها على بلورة أسلوب أناقة خاص بها.
فهوليوود تزخر بالأنيقات المتمرسات اللواتي يجذبن الأنظار في المناسبات المهمة وغير المهمة، لكن قليلات منهن يجذبن الأنظار من دون أي جهد أو تكلف، وكيت بلانشيت واحدة من هؤلاء.
فعندما ارتدت فستانا، قد يكون بالنسبة للبعض سرياليا، من دار «جيفنشي» خلال حفل افتتاح فيلم «ذي هوبيت» بدت رائعة فيه. وكان اختيارها هذا دليلا على جرأة ومهارة في تطويع الصعب وجعله سلسا ومقبولا للعين.
وعندما تعرضت لبعض الانتقادات بظهورها بفستان من «فالنتينو» من الشيفون باللونين الليلكي والأصفر خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار في عام 2011. لم يتقبل معظمنا الانتقادات القاسية التي وجهت إليها، ورأينا أن الانتقادات كانت متحاملة عليها، لأن تصميمه كان يناسب شخصيتها غير العادية.
وفي كل الحالات، نجد أنفسنا ندافع عنه بحماس، والسبب يعود إلى تلك الثقة التي تعكسها لنا وترنو إلى اللامبالاة. وهذه سمة لا تنطبق على مظهرها فحسب بل تمتد إلى أمور حياتية أخرى بما فيها العمل.
وهذا ما أكدته بمناسبة ترأسها لجنة تحكيم جائزة IWC للمخرجين الخليجيين في مهرجان دبي السينمائي الأخير. فقد قالت إن إسداء النصح لأي ممثل مبتدئ ليس بالأمر المستحب، لأن «مفهوم النصيحة نفسه مسموم وغير إيجابي من ناحية أخرى».
وأضافت أنه «من المهم أن يأخذ الإنسان قراراته بنفسه وأن لا يفتح المجال لآخرين بإملاء آرائهم أو وجهات نظرهم عليه». وتتابع: «عندما تركت معهد الدراما، قال لي مدرس تمثيل: إذا كنت ستفشلين، فلم لا تجعلين الفشل نفسه عملية مبهرة ومدهشة؟».
المثير أنها بالرغم من عدم توددها لعالمي الموضة والجمال، إلا أنها لا تستطيع أن تتملص منهما تماما أو تعيش بمعزل عنها، فهي امرأة أولا ونجمة تحت الأضواء ثانيا، والأهم من كل هذا أنها ببشرتها البورسيلينية ورشاقتها وطولها الفارع وثقافتها الواسعة تعتبر سفيرة مثالية لأي دار أزياء أو مجوهرات أو تجميل. لكنها مع ذلك، تبقى في الذهن فنانة أولا وأخيرا مقارنة بغيرها. ففنها هو كل شيء بالنسبة لها، وجمالها ما هو إلا أداة إضافية تستفيد منها في أدوارها.
وهذا ما يجعلنا نحترم فنها، الذي لا يقتصر على أداء أدوار البطولة في السينما فحسب، بل يمتد إلى الإشراف المسرحي، كونها تعشق المسرح، وأسست مع زوجها شركة تعنى بشؤون المسرح والشباب بمدينة سيدني.
هذا الاهتمام بالشباب والرغبة في منحهم فرصة العمر، كان وراء تواجدها مؤخرا في مهرجان دبي السينمائي، بدعوة من شركة الساعات العالمية «آي.دبليو.سي شافهاواسن» IWC Schaffhausen رئيس لجنة تحكيم جائزة IWC للمخرجين الخليجيين وقيمتها 100 ألف دولار، بالإضافة إلى ساعة نحتت عليها عبارة «في حب السينما»، وهي الجائزة التي فازت بها ميسون الباجة جي مخرجة فيلم «كل شي ماكو»، المقتبس عن قصة حقيقية من واقع العاصمة العراقية بغداد.
وتجدر الإشارة إلى أن المنافسة شملت كلا من المخرجة العراقية المقيمة في لندن ميسون الباجة جي، التي أخرجت تسعة أعمال وثائقية، منها أفلام «الرحلة الإيرانية» و«المياه المرة»، والمخرج البحريني محمد راشد بوعلي، ومن الإمارات كلا من عبد الله الكعبي، مخرج فيلم «الفيلسوف»، والمخرج علي مصطفى، مخرج فيلم «دار الحي».
ولم تخف الفنانة إعجابها بالأفلام التي تم تقديمها، والتي قالت إنها كانت بمثابة اكتشاف لها، خصوصا أنها المرة الأولى لها بدبي. تقول: «إنه مكان رائع، فأنا أعشق الغوص في ثقافة أي بلد أتواجد فيه، سواء كنت فيه للتصوير أو لحضور مهرجانات سينمائية. فالمهرجانات ليست لصناعة الأفلام وعرضها فحسب، بل أيضا لحكي قصص من الواقع، وكشف جوانب خفية من الثقافة المحلية.
وهذا ما يثيرني، أن أرى هذه القصص تتبلور أمام عيني، ويمكنني القول إنها في الغالب تكون أقوى تأثيرا من مجرد متابعة الأخبار على شاشة التلفزيون، لهذا أصبح صناع السينما يحضرون إلى المنطقة عموما، ومهرجان دبي خصوصا، للتعرف على صناع السينما والممثلين في المنطقة وخلق نوع من التزاوج بين الثقافات.
المخرج باز لوهرمان، مثلا، منح ممثلين من الهند أدوارا في فيلم (غاتسبي)، وكان اختياره في محله، فهذا المزيج بين الثقافات هو الذي ينتشر في كثير من الأفلام في الآونة الأخيرة ويحقق قبولا.
نعم لا تزال مثل هذه المهرجانات والفعاليات في الشرق الأوسط صغيرة، مقارنة بباقي المهرجانات السينمائية العالمية، لكن هذا لا ينتقص من شأنه بل بالعكس، فهذا يعني أنه يتمتع بكثير من الديناميكية وبحيوية الشباب وفورتهم. يعني أيضا أنه في كل سنة يفكر فيما سيقدمه في السنة المقبلة وكيف يمكن أن يطور نفسه، لا سيما أنه أصبح منبرا مهما مفتوحا على العالم، والكل يصوب أنظاره حاليا نحو المنطقة».