أغذية الدماغ .. كيف تفيد في الدراسة وفي الحياة؟
04:33 م - الخميس 22 نوفمبر 2012
موسم العودة إلى المدارس يبدو وقتا جيدا للتفكير في تعزيز القدرة الذهنية لدى أطفالك، ناهيك عن القدرة الذهنية لديك أنت.
ولكن هذا العام، بدلا من البطاقات التعليمية وتمارين عمليات الضرب الحسابية، فإنك قد ترغب في التركيز على النظام الغذائي لأسرتك.
يقول ماجد فتوحي، رئيس «معهد علم الأعصاب لصحة ولياقة الدماغ» في مدينة بالتيمور:
«الغذاء يستطيع أن يؤثر على الدماغ في دقائق، فأنت لا تحتاج إلى دليل علمي لتعلم أنك إذا تناولت كعكة محلاة بالسكر، فإنك سوف تشعر بعد فترة - ربما تكون دقائق أو ساعة - بأنك متعب ومستنزف بسبب الارتفاع الحاد في نسبة السكر في الدم، كما أنك تعلم بالطبع أنك عندما تكون جائعا، فإنك تمر بحالة مزاجية سيئة ولا تستطيع في العادة اتخاذ قرارات سليمة».
الغذاء والدماغ
وتقول ميغان بارنا، أخصائية تغذية الأطفال بالعيادات الخارجية في «المركز الطبي الوطني للأطفال»، إن «عادات الأطفال الغذائية من الممكن أن تؤثر على مستوى الطاقة لديهم وحالتهم المزاجية وأدائهم الدراسي»، وتضرب مثالا بأن مجرد تناول وجبة إفطار صحية بشكل يومي يرتبط بتحسن التركيز والسلوك، إلى جانب فوائد أخرى.
ونحن لا نتحدث عن الحصول على ميزة أعلى قليلا من أجل اختبار الإملاء هذا الأسبوع فحسب، حيث يقول فتوحي، الذي يعمل أيضا أستاذا مساعدا في علم الأعصاب بكلية الطب «جامعة جونز هوبكنز»: «رغم الإدراك الجيد لتأثير تناول الطعام على الدماغ على المدى القصير، فإن الكثيرين لا يعلمون أن التغذية لها أثر هائل على وظائف الدماغ على مر السنين والعقود، فما تأكله الآن - سواء من حيث كمية الطعام أو نوعيته - قد يؤثر تأثيرا كبيرا في الوظائف المعرفية لديك على المدى البعيد وخطر الإصابة بخرف الشيخوخة أو الزهايمر فيما بعد».
ويضيف أن اتباع نظام غذائي سيئ يرتبط ارتباطا مباشرا بالأمراض المعروفة «القاتلة للدماغ» مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى السمنة وداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول والالتهاب، وكلها أمراض قد يكون لها تأثير سلبي على وظائف الدماغ وأدائه.
غذاء البحر المتوسط
إذن ما هي الوجبة التي تساعد على إبقاء أذهان أفراد أسرتك حادة وذكية، سواء على المستوى الآني أو على المدى البعيد؟ يؤكد فتوحي: «الدماغ هو عضو في غاية النشاط يحتاج إلى الكثير من الدم والأكسجين والعناصر الغذائية». وهو يبدأ بالتوصية بنظام غذائي على الطريقة المتوسطية يتضمن وفرة من فيتامينات «بي»، إلى جانب فيتامينات «سي» و«إي» المضادة للأكسدة، وفيتامين «دي» - في مزيج تقول الأبحاث إنه قد يساعد على حماية الدماغ.
كما يؤكد أيضا على أهمية الحفاظ على الوزن عند مستوى جيد فيقول: «السمنة قد تضر بالدماغ بطرق كثيرة ومختلفة، مثل تقليل تدفق الدم وزيادة خطر الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم.. كما ترتبط أيضا بصغر حجم الدماغ»، مما قد يؤثر على الذاكرة قصيرة الأجل وخطر الإصابة بخرف الشيخوخة. ويتابع فتوحي مؤكدا على ضرورة تجنب الدهون المتحولة (trans fats) بأي ثمن، لأنها ترتبط أيضا بصغر حجم الدماغ وضعف عمله.
أغذية المخ
وقد أجمع الخبراء الثلاثة الذين تحدثت إليهم على أن حمض «دوكوساهيكسانويك» (docosahexaenoic acid) أو «دي إتش إيه» DHA اختصارا - وهو عبارة عن حمض دهني من نوع «أوميغا 3» يوجد في أسماك السلمون والماكريل والسلمون المرقط والسردين وغيرها من الأسماك وله أهمية في إصلاح وصيانة خلايا الدماغ - هو أهم مكون غذائي بالنسبة لصحة الدماغ.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن استعمال حمض «دي إتش إيه» كمكمل غذائي قد يحسن من الذاكرة وقدرة التعلم والأداء المعرفي لدى الأطفال، في حين أن انخفاض نسبته يرتبط بصغر حجم الدماغ وزيادة خطر الإصابة بالزهايمر واحتمال ظهور مشكلات سلوكية لدى الأطفال والبالغين (ويستطيع النباتيون ومن يكرهون السمك أيضا أن يتناولوا مكملات غذائية تحتوي على حمض «دي إتش إيه» المأخوذ من الطحالب).
ويوضح فتوحي أن التوت البري والسبانخ يرتبطان أيضا بفوائد خاصة بالدماغ، مثل تعزيز الوظائف المعرفية والحركية، ويضيف أنه تتكشف المزيد من الأدلة على أن الشيء نفسه ينطبق على حبوب الكينوا. ويشير فتوحي إلى أنه على الرغم من عدم وجود ما يؤكد أن هذه الأغذية تفيد الدماغ لدى الأطفال، «فإنها لن تضرهم بالتأكيد»، مضيفا أن هناك أدلة أقل على فائدة أغذية الدماغ الأخرى المزعومة، مثل الشاي الأخضر وزيت جوز الهند ونبات الجنكة ذي الفصين (ginkgo biloba).
ادعاءات ومزاعم
ويحذر خبراء آخرون الناس من الوقوع فريسة للادعاءات التي تحيط بأحد الأنواع الشائعة من الفواكه أو الحبوب على حساب نوع آخر، فيقول أستاذ الغدد الصماء توماس شيرمان من كلية الطب «جامعة جورج تاون»:«من الممكن أن تتعرض لغسل دماغ يجعلك تقتنع بأنك إذا تناولت الكثير من التوت البري، فإنك ستصبح تلقائيا أذكى وتسجل درجات أعلى في اختبارات الذكاء، وهذا غير صحيح تماما، فالكثير من (أغذية الدماغ) هذه تعد مفيدة لصحتك بشكل عام، فهي تحتوي على سلسلة من الفيتامينات والعناصر الغذائية التي لا يحصل معظم الناس على ما يكفي منها، وهذه الأغذية مجتمعة تشكل وجبة مقبولة جدا، لكن ذلك لا يعني أن تعود إلى المنزل وتأكل رطلا من التوت البري أو توت القوجي».
والنقطة الأهم هي أن المزايا المحتملة لاتباع نظام غذائي أفضل تتجاوز بوضوح العام الدراسي.
حيث يقول فتوحي:
«من الأشياء المثيرة للاهتمام إلى حد كبير بشأن الدماغ طواعيته وقدرته على النمو في أي سن».
ويختم قائلا إن معظم الأغذية المفيدة للذهن تفيد أيضا صحة القلب والأوعية الدموية والبشرة، موضحا:
«لقد أظهرت الأبحاث أنك إذا غيرت النظام الغذائي المتبع في دور المسنين، فإن نوعية الحياة والأداء المعرفي يتغيران. يمكنك دوما تحسين وظائف الدماغ مهما كان عمرك».