واحدة للمحجبات وأخري للشاطئ وثالثة للأخلاق .. لماذا هوس مسابقات الجمال ؟
مسابقة ملكة جمال الشواطئ قد تعني مزيدا من التعري، ومسابقة ملكة جمال الكون قد تعني مزيدا من الإبهار، لكن ماذا عن مسابقة لاختيار ملكة جمال الأخلاق أو ملكة جمال الحجاب؟! هل هي محاولة لإتاحة الفرصة أمام شريحة من الفتيات لا يستطعن المشاركة في مسابقات الجمال التقليدية التي تقام على الشواطئ أو داخل قاعات الفنادق للمنافسة على لقب "ملكة الجمال"؟ شريحة عريضة من الفتيات تنحصر علاقتهن بمسابقات ملكات الجمال في مشاهدتها فقط عبر شاشات التلفزيون دون أن يشاركن نظرا لما يتطلبه ذلك من أن يظهرن بمظهر متحرر. وهروبا من ذلك ظهر اتجاه يلعب على هذا الوتر محاولا اجتذاب تلك الفئة من الفتيات وإتاحة الفرصة أمامهن كي يجربن شعور المنافسة على لقب "ملكة الجمال" الذي تحلم به كل فتاة، وجاء ذلك عبر إقامة مسابقات تمثل الاتجاه الموازي لمسابقات ملكات الجمال التقليدية، يقف وراءها في الغالب أصحاب الاتجاه الإسلامي.
من ضمن تلك النماذج كانت المسابقة التي ستقيمها قناة أقرأ الفضائية في شهر نيسان / إبريل المقبل لاختيار "ملكة جمال الأخلاق"، وحسب قسيمة اشتراك المسابقة فهناك تركيز على فضيلة بر الوالدين التي سيتنافس فيها فتيات تتراوح أعمارهن بين 16-26 عاما، وسيقام برنامج خاص لتغطية هذه المسابقة التي ستستمر إلى حزيران / يونيو المقبل .
ورغم أن الفكرة تعتمد أساسا على استعراض خلق الفتيات إلا أن لفظ ملكة جمال يظهر وكأنه الهدف الرئيس من الاشتراك في هذه المسابقة كمحاولة لسحب البساط من مسابقات الجمال المتعارف عليها التي يفتتن بها أغلب الشباب، إلى جانب الدعاية لنوع جديد من المسابقات "الإسلامية"، كما أن أسبقية تنظيم هذه المسابقات من قبل جهات إسلامية يأتي ترويجا بصورة ما لارتداء الحجاب رغم أن الهدف المعلن هو "بر الوالدين"، وليس أدل على ذلك من كون شعار المسابقة يمثل شكل فتاة محجبة على رأسها تاج ملكة الجمال.
على الخط نفسه نموذج آخر أقامه التيار الإسلامي خلال هذا الشهر داخل جامعة القاهرة إحدى أكبر الجامعات في الوطن العربي لمسابقة لملكة جمال الحجاب، ورغم أن عنوان المسابقة أكثر مباشرة إلا أنها اعتمدت على الفكرة نفسها وهي إعلاء شأن الفتاة المحجبة وإعطاؤها الفرصة كي تمارس ما لن تستطيع ممارسته في الواقع من أن تكون "ملكة جمال"، المسابقة كانت تهدف إلى اختيار الفتاة صاحبة أفضل زي (إسلامي)، وذلك في الوقت الذي تتأنق فيه العديد من الفتيات بأزيائهن التي لن تلقى قبولا داخل مسابقات من هذا النوع.
أما "ملكة جمال الأخلاق" التي طرحتها قناة اقرأ الفضائية فقد تعرضت لهجوم مؤخرا من قبل علماء دين محافظين من السعودية ومصر انتقدوا محاكاة المسابقة لمسابقات ملكات الجمال التي تقام في الغرب والمرتبطة في الأذهان بصورة معينة، وهو ما دفعهم للهجوم على المسابقة على اعتبار أنها ليست سوى دغدغة لمشاعر الفتيات بلقب "ملكة الجمال".
ورغم أن هناك مسابقات من النوعية نفسها تقام داخل مدارس الفتيات وخصوصا في منطقة الخليج العربي.. إلا أنها تقام على نمط مسابقات الفتاة المثالية، وهي تختلف في مضمونها عن هذا التوجه الذي يحاول صنع بديل إسلامي للعديد من الأنشطة حتى وإن كان ذلك يحمل بعض التكلف.
فتيات يرتدين أزياء متحررة يمارسن التحفظ في سلوكياتهن كنوع من التجمل، وأخريات يرتدين أزياء متحفظة كالحجاب يمارسن تحررا في سلوكياتهن كنوع آخر من التجمل، ووسط تلك الأجواء فرصة ومساحة لأفكار تسعى إلى تجميلهن سواء بوضع شكل محافظ لأفكار متحررة، أو وضع شكل متحرر لأفكار محافظة.