السيجارة الإلكترونية .. تحذيرات من انجذاب الأطفال إليها

السيجارة الإلكترونية .. لا تنفث دخانا لكنها تثير جدلا واسعا
السيجارة الإلكترونية .. لا تنفث دخانا لكنها تثير جدلا واسعا

لا يرى من يدخنون السيجارة الإلكترونية في أغلب الأحيان أنهم يدخنون، بل يستخدمون فعلا لغويا أكثر اتساقا مع وضع هذه السيجارة وهو «سحب البخار» من السيجارة الصغيرة التي تعمل بالبطارية، التي تسخن النيكوتين ليتحول إلى بخار يتم استنشاقه سيجارة إلكترونية.
تحاكي هذه السيجارة، المتوفرة في السوق منذ أربع سنوات، شكل السيجارة العادية، لكن ينظر إليها باعتبارها آمنة أكثر من العادية نظرا لعدم احتوائها على تبغ، ولاحتوائها على كمية ضئيلة من المواد الكيميائية.
ومع انخفاض الأسعار، يزداد إقبال الناس عليها أملا في الإقلاع عن التدخين أو تفادي قانون منع التدخين.
وفي حين تجرى دراسات عن مدى فائدتها، يقول الباحثون إنها قد تؤدي إلى إدمان الأطفال النيكوتين أو تزعج من هم في محيط مدخنها بسبب ما تصدره من بخار، لكن العاملين في قطاع إنتاج هذه السجائر يزعمون أن نفعها أكثر من ضررها.
ويرى الشباب المنتجات التي تحتوي على نيكوتين على أنها جيدة ويقول بعضهم إنهم سيجربونها إذا قدمها لهم صديق، خاصة أنها بنكهات متنوعة، حسب دراسة أجرتها جامعة مينيسوتا ونشرت في شهر يوليو (تموز) الماضي على الموقع الإلكتروني لـ«الدورية الأميركية للصحة العامة».
وأجرى باحثون مقابلات مع 66 أميركيا تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عاما عن تبغ «سناس» snus السويدي الذي لا ينبعث منه دخان، وأنواع التبغ القابلة، وكذلك السجائر الإلكترونية المتوفرة بنكهات اللبان والكرز والشوكولاته.
خطر على الأطفال
ويقول جون بانزهاف، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة جورج واشنطن إن «الخطر الذي يكمن في السيجارة الإلكترونية هو جذبها الأطفال الذين قد لا يفكرون في التدخين لولاها». وحث إدارة الغذاء والدواء الأميركية على تقنين أوضاع تلك السيجارة.
وبعد أن وجدت إدارة الغذاء والدواء كمية ضئيلة جدا من المكونات السامة والمسرطنة في عدة عينات، سعت إلى وضع قيود منظمة على السيجارة الإلكترونية باعتبارها ضمن العقاقير، لكن قاضيا فيدراليا أصدر عام 2010 حكما يفيد بعدم امتلاك الإدارة هذه السلطة، مما دفعها إلى تنظيمها ضمن منتجات التبغ.
ويقول ديفيد أبرامز، مدير معهد «شرودر» الذي يعمل بدعم من مجموعة «ليغاسي» المكافحة للتدخين: «يستخدم كثيرون السيجارة الإلكترونية وسيلة لتفادي القوانين التي تحظر التدخين. نتيجة لذلك، يؤجلون الإقلاع عن التدخين أو يتملصون منه».
وشارك ديفيد في تأليف دراسة عن الموضوع نفسه في «دورية الصحة العامة». وأوضحت تلك الدراسة أن 70 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن السيجارة الإلكترونية أقل ضررا من السيجارة العادية.
وأوضحت دراسة ثالثة تمت مراجعتها من قبل أساتذة جديرين أن السيجارة الإلكترونية قد تصدر هواء مضغوطا (مكونات عضوية متطايرة) ونيكوتين، مما يعرض المحيطين بالمدخن لخطر التدخين السلبي. ونشرت الدراسة التي أجراها باحثون ألمان في يوليو (تموز) الماضي في «إندور آير».
ومع ذلك، ترى مجموعة منتجي السجائر الإلكترونية أن هذا هراء، حيث يقول توماس كيكلاس، مدير اتحاد «بخار التبغ للسيجارة الإلكترونية» في حديث نقلته «يو إس إيه توداي»: «لا يوجد دخان.. إنه فقط بخار ماء. إنك لا تشم أي شيء، ولا يوجد أي شيء بالداخل حتى يكون هناك جدل بشأنه».
ويوضح أن السيجارة الإلكترونية تحتوي فقط على خمس مكونات هي النيكوتين والماء والغليسرول والبروبيلين غليكول التي تستخدم في المستنشقات، والنكهة. ويقول إن العينات التي فحصتها إدارة الغذاء والدواء منذ عدة سنوات كانت تحتوي على كميات ضئيلة من مكونات أخرى، لكن المنتجات تحسنت.
ويضيف أن تجار التجزئة الأميركيين يحاولون عدم بيع منتجاتهم للأطفال، ويرفض بشدة الزعم بأن النكهات الحلوة هدفها جذبهم، حيث تقدم علكة النيكوتين بنكهة الكرز أيضا. ويوضح أن الفئة العمرية المستهدفة هي الأربعين وما فوق.
ويضيف: «ما نقدمه خير كبير جدا.. إنها تكنولوجيا فعالة، ويستخدمها المدخنون» مشيرا إلى أنها ساعدت آلاف الناس في الإقلاع عن التدخين.
ترويج تجاري
ويتم الاستعانة بالمشاهير لدفع الناس إلى استخدام هذا المنتج، حيث يظهرون وهم ينفثون البخار على الشاشة.
في فيلم «توريست» سحب جوني ديب دخانا من عصا رفيعة وهو يقول: «إنها ليست حقيقية، بل إلكترونية». وفي «ليت شو» عام 2010 ظهرت الممثلة كاثرين هيغل وهي تخرج سيجارة إلكترونية وتقول لديفيد ليترمان إنها ساعدتها في الإقلاع عن التدخين. وقالت: «إنك تنفث ماء وبخارا، لذا لا تضر بصحتك ولا بصحة من حولك».
ويرى البعض في الدوائر الطبية أن السيجارة قد تكون لها فوائد، حيث يوضح مايكل سيغل، من كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن، في دراسة نشرت في أبريل (نيسان) عام 2011 في «الدورية الأميركية للطب الوقائي»: «ربما تعد السجائر الإلكترونية بأن تكون وسيلة للإقلاع عن التدخين».
وقد اكتشف هو واثنان من الباحثين أن ثلثي المدخنين الذي يبلغ عددهم 222 أو 67 في المائة منهم قالوا إنهم باتوا يدخنون أقل بعد استخدامهم السيجارة الإلكترونية لمدة ستة أشهر، ونحو الثلث أو ما يعادل 31 في المائة منهم قالوا إنهم أقلعوا عن عادة التدخين نهائيا.
وتساور آخرين شكوك أكثر، حيث يقول أبرامز: «لا نستطيع القول ما إذا كانت آمنة أم غير آمنة، فنحن لا نعلم. هناك حاجة إلى إجراء بحث مسؤول». وأضاف أن إدارة الغذاء والدواء اختبرت وأجازت هذه الوسائل على أنها بديل للنيكوتين.
وقال ناثان كوب، زميله في «ليغاسي» واختصاصي أمراض الجهاز التنفسي، إن هناك مشكلات تتعلق بالجودة في تلك السجائر التي يتم استيراد أكثرها من الصين. ويوضح أن مستويات النيكوتين متنوعة ويمكن أن يحدث تلوث نتيجة مادة البروبيلين غليكول التي تستخدم في عدد من المنتجات من بينها أجهزة الاستنشاق ومضادات التجمد.
ويقول كوب: «ما زلنا نحاول فهم ما يحدث عندما يستنشق الناس مكونات السيجارة». أما في ما يتعلق بالإقلاع عن التدخين، فقد تكون بعض السجائر الإلكترونية فعالة، والبعض الآخر «لا»، على حد قوله.
الواضح هو أن الطلب يزداد على السجائر الإلكترونية، والتكلفة تنخفض، مما يجعلها بديلا زهيدا مقارنة بالسيجارة العادية.
ويتوقع كيكلاس، استنادا إلى تقارير من مصانع وأعضاء في مؤسسته، أن تصل مبيعات المنتج الذي طرح في الأسواق للمرة الأولى عام 2008، خلال العام الحالي في الولايات المتحدة إلى نحو 5 ملايين دولار.
تصميم إلكتروني
تتكون السيجارة من ثلاثة أجزاء: البطارية، والشاحن، والخرطوشة التي تحتوي على النيكوتين فضلا عن مواد أخرى.
ويبلغ سعر السيجارة نحو 21 دولارا، بعد أن كان 200 دولار منذ ثلاث سنوات على حد قول جيري نيوتن، صاحب «إيرث إن وير» في مقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا المنتجة لهذا النوع من السجائر.
ويقول إن سعر الخرطوشة، التي يتم استبدالها وبها كمية من التبغ تعادل كمية التبغ الموجودة في علبة ونصف من السجائر، 3 دولارات.
على عكس السجائر العادية، لا يتم فرض ضرائب على السجائر الإلكترونية، رغم أن بعض الولايات تفرض ضرائب بشكل منفصل.
ويزداد عدد المدن والولايات التي تحظر استخدام السيجارة الإلكترونية في الأماكن التي يمنع فيها التدخين.
ومنعت «أمتراك» تدخين تلك السجائر في القطارات، ومنعت البحرية استخدامها في الداخل في الغواصات. واقترحت وزارة النقل الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي منع استخدامها على متن الطائرات بسبب القلق من خطورة البخار الذي ينفث على الصحة.
بعض الذين استخدموا هذا النوع من السجائر وجدوه مفيدا، فنيوتن الذي يبلغ من العمر 63 عاما يقول إنه ظل مدخنا شرها لمدة 51 عاما رغم محاولاته المتكررة الإقلاع عن التدخين.
وفي 16 أغسطس (آب) من العام الماضي بدأ يستخدم السيجارة الإلكترونية وكانت تلك المرة الأخيرة التي يلتقط فيها نفسا من سيجارة حقيقية.
ويقول: «مخي يظن أنه لا يزال يدخن» في إشارة إلى تأثير النيكوتين الذي يحصل عليه من السيجارة الإلكترونية. وأضاف: «وانتهى السعال الناتج عن التدخين، وأشعر أنني بحال أفضل».
ازدياد المبيعات
وتزداد المبيعات منذ طرح السيجارة الإلكترونية في الأسواق للمرة الأولى عام 2008، حسب تقارير صادرة عن مصانع وأعضاء في اتحاد «بخار التبغ للسيجارة الإلكترونية».
وقد سوق منها عام 2008 نحو 50 ألف سيجارة إلكترونية، ثم ازداد العدد عام 2009 إلى 750 ألفا، ثم إلى 2.5 مليون عام 2010، و3.5 مليون عام 2011، وفقا لاتحاد «بخار التبغ للسيجارة الإلكترونية».