الفوائد الصحية للأطعمة الوظيفية .. تعتمد على معلومات علمية موثقة
10:24 ص - الأربعاء 5 سبتمبر 2012
إذا كنت ممن يصدقون جميع المزاعم الموجودة على الملصقات على مختلف الأطعمة، فربما تعتقد أن السبيل الوحيد للحصول على صحة جيدة هو ببساطة ملء معدتك بكثير من هذه الأطعمة، مثل: عصير الرمان يعتني بصحة قلبك، والحبوب تقلل من الكولسترول، بينما يعالج الزبادي حالات الإمساك.
تمثل ما يسمى بالأطعمة الوظيفية (functional food)، التي يؤكد منتجوها أنها تقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض أو تحسن من فرص الحصول على صحة جيدة، الفئة الأسرع نموا في صناعة المواد الغذائية.
وتتراوح مبيعات المواد الغذائية المدعمة بالكالسيوم، والألياف، والأحماض الدهنية «أوميغا 3»، والفيتامينات، بين 20 و30 مليار دولار سنويا، وذلك وفقا لشركة «برايس وترهاوس كوبرز»، التي تتوقع نمو مبيعات هذه الفئة بمعدل سنوي يتراوح بين 8.5 و20%، وهو أسرع بكثير من المعدل المتوقع لنمو مبيعات صناعة المواد الغذائية بشكل عام، الذي يتراوح بين 1 و4% سنويا.
ما الذي يزيد الطلب على هذه الأطعمة؟ أشارت «الأكاديمية الأميركية للتغذية والغذائيات»(Academy of Nutrition and Dietetics) إلى أن ذلك يعود إلى ارتفاع تكاليف العناية بالصحة من جهة، وإلى ازدياد نتائج الأبحاث العلمية التي تربط بين الحميات الغذائية الجيدة وانخفاض معدل الإصابة بالأمراض المزمنة، ولكن المشكلة الحقيقية أن مثل هذه المزاعم الصحية تكون مبنية، في معظم الأحيان، على حقائق واهية.
أغذية أم عقاقير؟
لا تعترف «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» بأن الأطعمة الوظيفية تنتمي إلى فئة المواد الغذائية الحقيقية، فبموجب القانون الفيدرالي للأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل، فإن المنتجات التي تزعم أنها تعالج أو تخفف من بعض الأمراض تعتبر عقاقير، وينبغي أن تستوفي المتطلبات التنظيمية الخاصة التي تضعها الإدارة، بما في ذلك تقديم بعض الأدلة على أنها آمنة وفعالة للاستخدام المقصود منها.
فإذا كنت أحد منتجي هذه الأطعمة وكنت تريد أن تزعم في الإعلانات وعلى غلاف المنتج أن منتجك لديه بعض الخصائص المحسنة للصحة، فيجب أن تتوافر هناك بعض المعلومات العلمية الموثوق بها لدعم هذه المزاعم.
على سبيل المثال، يؤكد منتج «بوم وندرفول» على أنه «عصير رمان بنسبة 100 في المائة» (POM Wonderful 100 PercentPomegranate Juice)، وأن المكمل الغذائي السائل «بومكس» (POMx liquid supplement) لديه أدلة علمية تدعم مزاعمه الخاصة بأن منتجاته تعالج أو تقي من الإصابة بأمراض القلب وسرطان البروستاتا والضعف الجنسي لدى الرجال، ولكن «لجنة التجارة الاتحادية الأميركية» قامت بزيارة إلى الشركة في عام 2010 للتحقق مما تسميه الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة.
صرح ديفيد فلاديك، مدير مكتب حماية المستهلك بـ«لجنة التجارة الاتحادية الأميركية»، في البيان الصحافي الذي أعلن فيه عن شكاوى اللجنة الإدارية بأن «أي مستهلك يرى أن منتجات (بوم وندرفول) هي الحل السحري للوقاية من الأمراض، قد تم تضليله .. عندما تنتهج إحدى الشركات مبادئ البحث العلمي في حملاتها الإعلانية، يجب أن تدعم الأبحاث تلك المزاعم التي تطلقها الشركة على نطاق واسع، وهذا على العكس تماما مما قامت به الحملة الإعلانية الخاصة بشركة (بوم وندرفول)؛ حيث إن المعلومات العملية المتاحة لا تثبت صحة الادعاء بأن عصير (بوم) أو (بومكس) له فعالية في معالجة أو منع الإصابة بهذه الأمراض».
وقد أصدر أحد قضاة القانون الإداري أمرا ضد الشركة يقضي بالتوقف عن نشر هذه الادعاءات في شهر مايو (أيار) بعد عدم العثور على أدلة كافية لدعم مزاعم المنتج حول الفعالية التي يتمتع بها في تقليل المخاطر الصحية.
إلا أن الشركة رفعت دعوى قضائية في عام 2010 معتبرة أن «لجنة التجارة الاتحادية الأميركية» قد تجاوزت الصلاحيات الممنوحة لها عندما قامت بوضع معايير جديدة للدعاية للأطعمة والمكملات الغذائية. ولم يتم إصدار حكم في هذه القضية حتى الآن.
دقة معلومات الملصقات
لم يكن مسموحا بوضع مثل هذه المزاعم الصحية على ملصقات المنتجات الغذائية حتى قبل 20 عاما مضت تقريبا، وكما كانت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» ترى آنذاك، فإن إدراج معلومات عن وجود مثل هذا الارتباط الصحي، يعني أن هذه المنتجات سيجري تسويقها على أنها عقاقير. وفي حال تم الترويج للمنتجات الغذائية بهذه الطريقة، ينبغي على المنتجين إجراء بعض الدراسات السريرية لتقديم أدلة على سلامة وفعالية منتجاتهم.
وقد تغير هذا الوضع في بداية تسعينات القرن الماضي مع إنشاء نظام وطني لوضع الملصقات على المواد الغذائية، بينما يتم وضع «الحقائق الغذائية» الآن على عبوات المواد الغذائية.
وعارض مصنعو المواد الغذائية هذه الجهود، ظنا منهم أنها سوف تكشف بعض المعلومات السلبية حول منتجاتهم، ثم قاموا بتشكيل جماعة ضغط للمطالبة بالحصول على الحق في ترويج فوائد منتجاتهم. وفي المقابل، استجاب الكونغرس بإصدار تشريع جديد: «ان البطاقات والتوعية الغذائية» (Nutrition Labeling and Education Act)، الذي يجبر «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» على السماح بكتابة المزاعم الصحية التي يثبت صحتها على عبوات المنتجات الغذائية.
وفي عام 1994، قام الكونغرس بسن «قانون المكملات الغذائية» (Dietary Supplement Health and Education Act)، الذي زاد من سهولة وضع المزاعم الصحية على الملصقات الخاصة بمنتجات الفيتامينات والمعادن والأعشاب.
وتقول ماري إنغلي، مديرة قسم الممارسات الإعلانية بـ«لجنة التجارة الاتحادية الأميركية»: «كنا نتوقع أن يتم كتابة بعض المزاعم الصحية على منتجات المكملات الغذائية، ولكن بعد مرور خمس سنوات، بدأنا نلاحظ احتواء كثير من المنتجات الغذائية على مثل هذه المزاعم، مثل (لتحسين عملية التمثيل الغذائي) و(لزيادة المناعة)، وبعض الأشياء الأخرى الخاصة بصحة الدماغ والقلب».
فوائد الأطعمة
كان هناك اعتقاد سائد بأن المستهلكين ربما يميلون لتناول الأطعمة المدعمة (بمواد مفيدة للصحة)، بدلا من العقاقير، ولكن دراسة نشرت في (the journal Pharmacoepidemiology & Drug Safety) قد أثبتت خلاف ذلك.
إذن، ماذا ينبغي على المتسوق الواعي للمواد الصحية، القيام به؟ تقول إليزابيث راهافي، مديرة قسم الصحة في «مؤسسة المجلس الدولي لمعلومات المواد الغذائية» (International Food Information Council Foundation)، وهي جماعة خاصة في هذا القطاع: «اعرف نفسك.. يستطيع المستهلكون أن يسألوا أنفسهم بعض الأسئلة التي من الممكن أن تساعد في توجيه خياراتهم، مثل: (هل هذا هو الطعام الذي أستهلكه عادة؟) وفي كثير من الأحيان، تأتي فوائد الأغذية الوظيفية من الاستهلاك المتكرر لها».