لماذا نتحدث كثيرا عن أنفسنا؟
03:19 م - الأربعاء 15 أغسطس 2012

خاص الجمال - إيناس مسعود
لا يستطيع الإنسان الامتناع عن التحدث عن نفسه، لأن ذلك يشعره دائما بالراحة والسعادة، وهذا ما اكتشفه العلم من خلال دراسة جديدة نشرت في تقارير الأكاديمية الوطنية للعلوم، بجامعة هارفارد، حيث قام الباحثون بإجراء سلسلة من التجارب قيموا من خلالها عدداً كبيراً من الناس الذين يحبون التحدث عن أنفسهم والأسباب التي تدفعهم لذلك.
ما اشتملت عليه الدراسة:
دراسة أولى "مسح شامل للمخ":
وفي إحدي هذه الدراسات قاموا بعمل مسح شامل لمخ هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يكشفون عن بعض المعلومات الشخصية عن أنفسهم أو الحكم على شخصيات وآراء الآخرين.
دراسة أخرى "نوعية الأسئلة التي يفضلها الناس":
وفي تجربة أخرى اختبر الباحثون عما إذا كان يفضل الناس الإجابة عن أسئلة عن أنفسهم أو عن أناس آخرين أو التحدث عن حقائق محايدة فوجدوا أن المشاركين يحصلون على مستويات مختلفة من التعويض النقدي الذي يعتمد على السؤال الذي يختارونه.
دراسة ثالثة "مدى رغبتهم في مشاركة إجاباتهم مع الغير":
وقاموا أيضا بدراسة أخرى استكشفوا خلالها عما إذا كان هؤلاء الأشخاص يرغبون في مشاركة إجاباتهم مع الآخرين أم الاحتفاظ بها لأنفسهم.
العلماء المشاركين في الدراسة:
شارك في هذه الدراسة بما تضمنته من دراسات جانبية الباحثة "ديانا آي تامر"، والباحث "جاسون بي ميتشيل" في قسم علم النفس بجامعة هارفارد.
ما توصل إليه الباحثون:
مهما كانت نوعية الاختبار توصل الباحثون إلى أن النتائج أخذت تقريبا نفس المسار وهو أن الإنسان يحصل على دفعة من الكيمياء الحيوية عندما يفصح ويتحدث عن نفسه.
وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الحوار عن النفس يحتل حوالي 40% من المحادثة مع الآخر؛ حيث تخبرنا الدراسة أن الكيمياء داخل مخنا هي التي تقودنا لعمل ذلك، ففي التجربة التي تحدث بها المشاركون عن إما أنفسهم أو عن الآخرين أثناء المسح الضوئي للمخ بالرنين المغناطيسي اكتشف الباحثون أن تبادل المعلومات الشخصية يؤدي إلى نشاط في أجزاء المخ الخاصة بالمكافأة.
أي أن تلك الأجزاء بالمخ هي المسؤولة عن استجابة الشخص وما يشعر به عندما يمارس الجنس أو يتناول الطعام، وأن التحدث عن الأشخاص الآخرين لا يؤدي إلى نفس الإحساس أو الغرض.
وفي الدراسة التي عرض الباحثون علي المشاركين مقداراً ضئيلاً من المال في مقابل الإجابة على أسئلة عن أنفسهم وعن أناس آخرين، لاحظوا أن الناس كان لديهم استعداد للتخلي عن 17% من مكسبهم لكي تسنح لهم الفرصة للرد على الأسئلة المتعلقة بهم، وعندما كانت المكافأة متساوية اختار الأشخاص التحدث عن أنفسهم ثلثي الوقت.
وأضاف الباحثون أن الأشخاص استمتعوا بالتحدث عن أنفسهم خاصة عندما علموا أن الآخرين من الناس كانوا يستمعون إليهم. عندما منح المشاركون الاختيار بين مشاركة إجاباتهم مع الآخرين أو الاحتفاظ بها لأنفسهم تنازلوا عن 25% من أرباحهم المحتملة ليتمكنوا من بث معلوماتهم الشخصية.
اتضحت التأثيرات بشكل كبير بواسطة المعرفة أن أفكار الشخص يمكن التواصل بها مع شخص مما يشير إلى أن الأفراد عندما يجدون فرصاً للكشف عن أفكارهم الخاصة للآخرين ينالون نوعاً من المكافأة الخاصة.
ويسير كل هذا جنبا إلى جنب نحو السبيل الذي يتحدث فيه الشخص مع المجتمع المحيط به ووسائل الإعلام التي تشجع على التعبير عن النفس مثل الفيسبوك والتويتر وكذلك في البرامج الحوارية وكتابة الكتب.
في السابق كان يعتقد أن ميل الناس لفتح الحوار المجتمعي يرجع إلى رغبتهم في تكوين حميمية مع الآخرين كوسيلة للانفتاح معهم وكسب ثقتهم ووضع أساسات لتكوين علاقات صداقة، ولكن بعد هذه الدراسة أصبح السر وراء كل هذا التفاعل بين الأشخاص بعضهم البعض يرجع بشكل رئيسي إلى أنهم يحبون الشعور الناتج عن هذا.
لذلك في المرة القادمة عندما تقابل شخصا لا يتوقف في الحديث عن نفسه وآرائه بشكل يشعرك بالملل منه، تذكر أن ذلك خارج عن إرادته فهذا يرجع كلية إلى كيمياء المخ، وإذا لم تتمكن من إيقافه حاول في المقابل التحدث أيضا عن نفسك حتى تشعر بالتوازن.