الوشاح الحريري يدخل منصات عروض الأزياء لهذا الموسم

حديث أوساط الموضة هذه الأيام لا ينصب على راف سيمونز مصمم دار «ديور» الجديد ومدى أهمية تشكيلته المرتقبة في شهر يوليو (تموز) القادم، أو على هادي سليمان الذي سيتسلم مقاليد دار «إيف سان لوران»، ولا على كايت موس أو ليدي غاغا أو غيرهم ممن يؤثرون على أساليبنا أو يستعملون الموضة لإثارة الجدل وتأجيج الاهتمام بهم، بل هو منصبّ بالكامل على ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية.
60 عاما على عرش بريطانيا ليس بالرقم الهين، وبالتالي لا بد وأن يطال تأثيرها الكثير من مناحي الحياة، بما في ذلك الموضة. نعم، الموضة، رغم أنه يصعب على البعض، خصوصا من جيل الشباب، تصور فكرة أن تكون مؤثرة على ساحة الموضة، بكلاسيكيتها ورسميتها وشعرها الأبيض. 
لكن الحقيقة أنها بالفعل تؤثر علينا من حيث لا ندري. فإلى جانب أنها من أكثر النساء معانقة للألوان الفاتحة والمتوهجة، وهذه موضة ترافقنا منذ عقد من الزمن تقريبا، والقبعات المبتكرة والمثيرة، فإنها أكثر من حافظ على مكانة الإيشارب، أو وشاح الرأس، وظلت مخلصة له عندما أدارت له الموضة ظهرها واستغنت عنه نساء العالم. وها هو يعود إلى الساحة أقوى من ذي قبل، بأشكال وألوان ونقوشات مختلفة، وعلى أيدي كبار من أمثال ميوتشا برادا، و«لوي فويتون»، و«ديور»، وأليس تامبرلي، وغيرهم.
فما إن ظهرت في صورة التقطت لها في ما يبدو أنها كانت رحلة صيد أو نزهة برية، وقد تخلصت من الأزياء الرسمية مستعيضة عنها بجاكيت ممطر ووشاح حريري يغطي رأسها خلال إجازة في قصر «بالمورال» باسكوتلندا، حتى سارع المصممون لإيجاد ترجمات كثيرة لهذه الصورة الأيقونية على منصات عروض الأزياء. ولا شك أن كون هؤلاء المصممين من جيل الشباب ساعد على تسويقه بسرعة أكبر.
وهكذا استعاد الوشاح الحريري البريق والألق الذي عرفه في الخمسينات والستينات من القرن الماضي عندما كان يزين رؤوس نجمات من مثيلات غرايس كيلي، وأودري هيبورن، وبريجيت باردو، وغيرهن من اللواتي جعلنه إكسسوارا لصيقا بالمنتجعات الصيفية من كابري الإيطالية إلى الريفييرا الفرنسية.
في منتصف الستينات ومع الثورة الاجتماعية التي شهدتها هذه الحقبة وبدأت فيها المرأة تتحرر من كل ما يمت إلى الماضي بِصلة، بما في ذلك التقاليد والكلاسيكية، تراجعت أهميته لصالح تسريحات الشعر القصيرة والصبيانية.
وبعد غياب طال لبضع سنوات تسلل إلى الواجهة مرة أخرى لكن ليس إلى رأس المرأة، بل حول عنقها. فالشابات استعملنه لحقن زي بسيط بجرعة لون ولمسة باريسية، والناضجات لإخفاء علامات الزمن وترهل الجلد في هذا الجزء، ولا شك أن بعض بيوت الأزياء ساعدت على الدفع به إلى الواجهة، بالإبداع فيه سواء من حيث الخامات أو الرسومات. 
دور كبير في هذا الصدد قامت به «هرميس» التي جعلت منه إكسسوارا يزيد من أناقة أي امرأة وجمالها، سواء غطت به رأسها أو لفته حول عنقها أو حقيبتها. ومؤخرا أكدت ميوتشا برادا أهميته المتزايدة بطرحها مجموعة خاصة من الإيشاربات المربعة الصغيرة الأقرب إلى اللوحات الفنية، وهذا بحد ذاته دليل قوي أن هذه القطعة الحريرية المربعة تعرف نهضة قوية في زمننا، وأنها ستكون إكسسوارا مرحبا به هذا الصيف، أيا تقلبت أحوال الطقس. 
لكن المثير في الأمر أنه تجاوز بالنسبة للبعض دور الإكسسوار بعد أن تحول إلى زي كامل، والفضل في هذا يعود إلى الثنائي الإيطالي دولتشي أند غابانا الذي خصص آخر عرض من خطهما الأرخص «دي أند جي» لهذه القطعة المربعة التي حولاها تارة إلى فساتين طويلة، وتارة إلى قمصان أو شورتات أو بنطلونات في عرض مثير ذكر الجميع بجمال هذه القطعة المربعة، خصوصا وأن الألوان كانت متوهجة والنقوشات حية. 
قبلهما وفي تشكيلتها لصيف 2011، فعلت راي كاوكوبو، مصممة «كوم دي جارسون» نفس الشيء وطرحت مجموعة من الفساتين المصنوعة من الأوشحة، أكدت أنه حتى أكثر المصممين حداثة وتقدمية يمكن أن ينظروا إلى الماضي ويستقون منه كل ما هو جميل. وسواء وافق البعض أو رفضوا فإن دور الملكة البريطانية لا يستهان به وتأثيرها على الموضة حاضر، وإن ليس بصورة واضحة ومباشرة.
فهي التي جعلت الألوان الساطعة مناسبة لكل الأعمار والمناسبات الرسمية، مثلا، وهي أيضا من جعلت الإكسسوارات جزءا لا يتجزأ من مظهر المرأة الأنيقة وإطلالتها، سواء من خلال قبعات الرأس في النهار أو التيجان والجواهر في المساء