تقنية جديدة يمكن أن تساعد في الإنذار المبكر من نوبات الصرع

يتميز الصرع بحدوث نوبات متكررة كبرى أو صغرى تتباين خصائصها
يتميز الصرع بحدوث نوبات متكررة كبرى أو صغرى تتباين خصائصها

تدخل فيها برمجيات جديدة للتقليل من إنذاراتها الكاذبه الصرع (Epilepsy) من الاضطرابات أو الاختلالات العصبية المزمنة التي تصيب الأفراد من جميع الأعمار، والناتجة عن نشاط كهربائي غير طبيعي (شاذ) للخلايا العصبية في الدماغ.
ويتميز الصرع بحدوث نوبات متكررة كبرى أو صغرى تتباين خصائصها، ويتمثل العرض الأساسي للصرع في فقدان الوعي وما يرافقه من تشنجات واضطرابات مختلفة تبعا للحالة.
تتمثل في اضطرابات ومشاكل حركية، أو جسدية مثل الكسور والكدمات، أو حسية (الرؤية والسمع والتذوق)، أو عقلية أو نفسية ومزاجية. 
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك نحو 50 مليون شخص مصابين بالصرع في جميع أنحاء العالم، ويعيش نحو 90 في المائة منهم في الدول النامية.
ويستجيب الصرع للعلاج بالأدوية في 70 في المائة من الحالات، غير أن العلاج لا يتاح بعد لنحو ثلاثة أرباع المصابين به في الدول النامية.
وقد تكون المعالجة الجراحية المتمثلة في زرع أقطاب كهربائية بالمخ مفيدة للمرضى الذين لا يستجيبون إلا قليلا للعلاجات الدوائية، وذلك من خلال إطلاق نبضات كهربائية قصيرة إلى الدماغ للقضاء على مصدر نوبة الصرع. 
ورغم هذه الوسائل التقليدية المتمثلة في الأدوية المضادة للصرع والعمليات الجراحية.
فإن هناك حاليا دراسات وتجارب مستمرة للتوصل إلى تقنيات طبية جديدة متطورة أخرى يمكن أن تسهم في التخفيف من نوبات الصرع ومنع حدوثها، والتغلب على مشكلات عدم الاستجابة للعلاج بالأدوية أو زرع الدماغ بأقطاب كهربائية. 
ومن بين هذه التقنيات، ما تقوم به حاليا جامعة جونز هوبكنز الأميركية، فقد أعلنت خلال شهر أبريل (نيسان) الحالي عن قيام قسم الهندسة الطبية الحيوية بالجامعة.
بجهود بحثية لتحسين التكنولوجيا المضادة لنوبات الصرع التي ترسل كميات صغيرة من التيار الكهربائي للدماغ للسيطرة على النوبات، وذلك من خلال تطوير نظام جديد للإنذار المبكر يكشف عن نوبات الصرع، ويؤدي إلى الإقلال من إنذارات النوبات الكاذبة الكثيرة جدا. 
ويتمثل هذا النظام في برنامج «سوفت وير» جديد للكشف عن نوبات الصرع في وقت مبكر، والإقلال بشكل كبير من عدد النبضات غير الضرورية الحالية التي يتعرض لها مرضى الصرع.
وقد تم اختبار هذا البرنامج الجديد في تسجيل نشاط المخ في الوقت الحقيقي لـعدد 4 مرضى يعانون الصرع المقاوم للأدوية، ورصد خبرة تعرضهم لنوبات صرع، وقد كشف عن جميع نوبات الصرع الفعلية.
وكانت هناك نوبات إنذارات كاذبة أقل بنسبة 80 في المائة، من التكنولوجيا التقليدية. وقد تم نشر نتائج الدراسة بمجلة «الصرع والسلوك». 
تقول الدكتورة سريديفي سارما، الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة جونز هوبكنز التي تقود هذه الجهود البحثية، إن «هذه الأجهزة الجديدة تستخدم خوارزميات تشغيل (سلسلة من الخطوات الرياضية) مصاحبة للأقطاب الإلكترونية المزروعة في الدماغ لمراقبة النشاط الكهربائي.
ويمكن لهذه الخوارزميات معرفة متى يتم إدارة علاج النبضات الكهربائية في الدماغ، وهي جيدة جدا في الكشف عن الوقت الوشيك لحدوث النوبات، وكذلك في وقف الصرع من مصدره».
وتضيف أن «هناك الكثير من النوبات الكاذبة للصرع، التي تصل للمئات في اليوم الواحد، وفي كثير من الأحيان عندما ندخل تيارا كهربائيا للدماغ.
لا نعرف ما هي الآثار الصحية التي قد تحدث، كما أن هذه الإنذارات الكاذبة الكثيرة جدا، يمكن أن تقلل من عمر البطارية التي تغذي الأجهزة المزروعة، والتي يجب أن يتم استبدالها جراحيا». 
وقال الفريق البحثي، إن النظام الجديد المستخدم، قد أسفر عن نتائج واعدة، على الرغم من عدم إجراء الاختبارات على المرضى في عمليات سريرية.
وهناك تقدم كبير في تطوير برمجيات حساسة للكشف عن نوبات الصرع وشيكة الحدوث، ومن دون عدد كبير من الإنذارات الكاذبة، وذلك باستخدام تسجيلات دماغ أكثر من 100 من مرضى الصرع في مستشفى جونز هوبكنز. 
وتقول الدكتورة سارما: «نأمل في غضون من 2 إلى 4 سنوات، أن نتمكن من اختبار هذا النظام الجديد الذي سيتم زراعته في الدماغ، على الأشخاص الذين يعانون الصرع المقاوم للأدوية». 
يقول البروفسور غريغوري بيرغي، أستاذ علم الأعصاب ومدير مركز جونز هوبكنز للصرع، إن «هناك حاليا اهتماما متزايدا بتطبيق العلاج باستجابة أجهزة نظام الحلقة المغلقة لعلاج نوبات الصرع.
والذي يتطلب الكشف المبكر عن النشاط غير العادي (الشاذ) للدماغ، الذي يتحول إلى نوبة، ويجب أن يكون في غضون ثوان من بداية حدوث النوبة، وقبل انتشارها لتتسبب في أعراض مثل فقدان الوعي». 
ويعتبر تصميم وتنفيذ استجابة «أجهزة نظام الحلقة المغلقة» (closed - loop devices) لعلاج النوبات - تطورا جديدا ومثيرا في علاج الصرع. وتقوم هذه الأجهزة بتسجيل الإشارات البيولوجية في الوقت الحقيقي للكشف عن أدلة بداية النوبة المرضية.
وهي أجهزة مشابهة لمراقبة ردود الفعل التلقائية في أجهزة تنظيم ضربات القلب التي تزرع في الجسم.
والجهاز الذي يعمل بنظام الدائرة المغلقة يشبه «الثرموستات» (thermostat) (المثبت الآلي لدرجة الحرارة)، الذي يحافظ على درجة حرارة منطقة مغلقة أو جهاز على مستوى ثابت ومريح. 
ويضيف بيرغي، أن «تطوير طرق الكشف المبكر عن النوبات يعد تحديا حقيقيا، والمجموعة البحثية للدكتورة سارما تدرك هذا الأمر، فهي تقوم بتطبيق خوارزميات جديدة للكشف عن النوبات.
والاختبارات الأولية قد أظهرت نتائج واعدة، تستدعي مزيدا من الدراسة على نوبات أكثر للمزيد من مرضى الصرع». 
وتتركز دراسة الفريق البحثي للدكتورة سارما، على نظام مكون من ثلاثة عناصر، تشمل أقطابا كهربائية مزروعة في الدماغ، ترتبط بها أسلاك متصلة بمحفز عصبي (neurostimulator) أو بطارية، وجهاز استشعار عن بعد في الدماغ، يكشف عن وقت حدوث النوبات والأنشطة التي تتسبب في حدوثها. 
وفي محاولة لحل مشكلة إنذارات نوبات الصرع الكاذبة، يقوم الفريق البحثي بالتدريب على نظرية التحكم والبدء بمصدر الإشارات في الدماغ، وكذلك بمقارنة بيانات أنشطة كهربائية من أدمغة مرضى الصرع قبل وأثناء وبعد النوبات.
ودراسة كيفية تغير هذه الأنشطة مع مرور الوقت، وبخاصة عند بداية النوبة. 
تقول الدكتورة سارما: «نريد معرفة الوقت الأمثل للتدخل والعلاج لوقف النوبة، والبحث عن تلك اللحظة من دون وجود إنذارات كاذبة».
وتأمل أن ترى يوما ما برامجها الجديدة كجزء لا يتجزأ ضمن الرقائق الإلكترونية الدقيقة (microchip)، التي من شأنها أن تفحص باستمرار النشاط الكهربائي في الدماغ وتطلق التحفيز الكهربائي عند بداية حدوث النوبة.