منزل في «نيويورك» .. يأخذ بعين الاعتبار حاجات الصغار والكبار

مدخل البيت والسلالم المؤدية إلى الطابق العلوي
مدخل البيت والسلالم المؤدية إلى الطابق العلوي

نيكول بيتانكورت وبراي بور وطفلتاهما بيلار 8 سنوات وبيولو 4 سنوات و الطاولة الموجودة في غرفة الطعام تعود إلى أكثر من 100 عام وتتماشى تماما مع أسلوب الزوجين الذي يمزج القديم بالحديث 
لوحة فنية للفنان أيتش كريغ هانا في غرفة الجلوس المجاورة للمطبخ و جانب من الحمام الرئيسي بأرضيته الخشبية وإضاءته وألوانه التي تضفي عليه اتساعا 
الحصول على مساحة واسعة في المنازل والشقق في نيويورك خاصة في حي «هارلم» يعتبر ترفا لا يتمتع به سوى قلة قليلة من سكانها، لذا لم يكن مفاجئا من نيكول بيتانكورت وبراي بور، وهما زوجان يعملان في مجال الفن ولديهما طفلتان، أن يخلقا فناء داخل منزلهما في حي هارلم حين شعرا بالحاجة إلى ذلك.
أول خطوة قاما بها في هذا الصدد أن تخلصا من أجزاء من الأرضية والسقف، مما خلق لهما مساحة داخلية تسمح بانتقال الضوء والصوت والروائح عبر الطوابق الثلاثة، من أسفل إلى أعلى.
يقول بور: «لقد عشنا عامين في المكسيك، وكانت كل المنازل تتمتع بفناء داخلي، لهذا عندما انتقلنا إلى هنا، تحدثنا كثيرا مع المهندسين حول ما يمكن فعله لجعل منزلنا بهذا الشكل، فابتكروا تلك الثقوب الضخمة التي تمتد حتى الطابق الثالث».
وتابع: «لم يرحب الكثير من أصدقائنا بالفكرة قائلين إنها ستصيبنا بالجنون بسبب صراخ الطفلتين، ولكننا تأقلمنا مع الوضع وتعلمنا أنه وبمجرد أن تبدأ الطفلتان في الصراخ وقبل أن تشعلا معركة دموية، أن نفتح معهما حديثا حميما».
وتعقب بيتانكورت، التي أنشأت موقعا إلكترونيا اسمه «أمنا الأرض» (Parent Earth) لتسويق الأغذية الصحية للعائلات، وهو العمل الذي يتطلب منها الطهي كثيرا: «أثناء الطهي، يمكنني معرفة أن الطعام قد نضج».
ثم أشارت إلى طابق الأطفال أعلى المطبخ، وقالت: «إذا وصلت الرائحة إلى الأعلى هناك، فهذا دليل أن الطعام قد نضج. لكن الأمر الذي أخاف منه هو أنه إذا احترق، فإن غرف النوم تغمرها راحة الطعام المحروق».
لحسن الحظ أن حاجز السلم والعوارض الخشبية البارزة تساعد على الحيلولة دون سقوط أحد الأطفال أو حتى أحد الكبار إذا تعثروا، المشكلة تبقى في اللعب التي تسقط من غرفة الأطفال.
تقول بيتانكورت: «صحيح أن اللعب قد تسقط من أعلى. أحيانا، أثناء بعض الحفلات التي نقيمها، وبينما نكون مشغولين بتوزيع المشروبات على الضيوف، نجد فجأة أن اللعب تتساقط فوق رؤوسنا، لتبدأ بعد ذلك المعركة».
قبل انتقالهما لهذا السكن، غادرا منطقة سوهو للإقامة في المكسيك لمدة عامين، وقاما بتأجير الطابق العلوي من منزلهما، ليس لأنهما يدركان القيمة التجارية للمنطقة فحسب، ولكن لأنهما كانا يريدان الاستمتاع بحياتهما معا.
يقول بور: «هذه هي القصة التقليدية في نيويورك. ليس هناك وقت كاف كي نكون والدين، ولا لكي نكون حبيبين، ولا لكي نعمل بشكل مناسب».
وتقول بيتانكورت إن الجميع في سوهو يبدو عليهم الشباب و«الجمال نوعا ما»، وهناك لا يوجد كبار في السن ولا عائلات كبيرة ولا مجموعات من الأطفال الذين يجرون هنا وهناك ويقضون وقتا طيبا.
فحياتهما هنا مختلفة عما كانت عليه في المكسيك، كما يقول بور.. «فهناك تتحرك الأسر بشكل عام كوحدة واحدة».
وفي أوائل سنة 2007، بينما كانا يخططان للعودة إلى نيويورك، بدآ البحث عن عقار يسكنان فيه، وسرعان ما استقرا في هارلم، وهو حي يمتلئ بمختلف الأجيال والأعراق.
وكما حدث بالضبط، كانت عقليتهم التجارية التي جعلتهم يغادرون سوهو ويؤجرون بيتهم فيه من قبل، هي التي شجعتهم ومكنتهم في الوقت ذاته من شراء منزل هناك، حيث قاما سنة 2007 ببيع الطابق العلوي الذي كانا قد اشترياه سنة 1996، وتجاوز ثمن البيع مليوني دولار.
قبل أن يرسى اختيارهما على هذا العقار، عاينا عشرات المنازل، لكنهما في كل مرة كانا يشعران بأن المنازل التي كان يسكنها مستأجرون فقراء من كبار في السن، لا تناسبهم. يقول بور إنهما لم يكونا راغبين في أن يخبرا هؤلاء الناس، الذين تبدو عليهم رقة الحال أصلا، أن أمامهم مهلة 30 يوما لمغادرة المنزل الذي يسكنون فيه.
وفي سبتمبر (أيلول) 2007، بعد تسعة أشهر من البحث، عثرا على منزل قديم في جنوب هارلم مقابل 1.4 مليون دولار (وكان المستأجرون طلابا يدفعون الإيجار شهرا بشهر، وبالتالي لم يشعرا بالذنب عند شرائه).
كان منظر المنزل يشي بأنه أنشئ في نهاية القرن الـ19 أو بداية القرن الـ20، فقد كان يحتفظ بقليل من زخرفته الأصلية - مثل بعض الأعمال الخشبية المنحوتة، ودرج كان موجودا في صالة المدخل، ومدفأة رخامية في الطابق الثاني - ولم ير الزوجان داعيا للتخلص منها باعتبارها إضافة مرحبا بها تعطي المكان شخصيته.
يقول بور: «أردنا أن نجمع بين عنصرين: لمسة الحداثة وجمال المنظر. لكننا أيضا لم نكن نرغب في الاستغناء عن الطبيعة العضوية للمنزل، فهو منزل مصمم على الطراز الفيكتوري، ولم نكن نرغب في إتلافه».
وتعلق بيتانكورت: «أحببنا الجانب السلبي من الأشياء أيضا. فبحكم أني نشأت في نيويورك، فأنا أميل بطبعي إلى الشكل الشبكي، كما أحب الطبيعة الخام للأشياء، وهذا ما جعلنا نحتفظ ببعض الأسطح كما هي».
وقد استعان الزوجان بالمهندسين المعماريين، غريغوري ميريويذر ولورنس بلو، لترميم شامل تكلف 675 ألف دولار. وبالفعل، أعيد الطابق الأرضي إلى ما كان عليه في السابق كوحدة للإيجار بها غرفتان للنوم، بينما وضع في الطابق العلوي غرفة النوم الرئيسية وحمام ومكتب خاص ببيتانكورت.
في الطابق الذي يليه توجد غرفة نوم الطفلتين وغرفة اللعب وحمام، بينما توجد مساحة المعيشة الرئيسية في طابق الاستقبال. وما أسعد بيتانكورت على وجه الخصوص هو المكان الذي اختير لإقامة المطبخ فيه.
تقول: «في معظم المطابخ التقليدية التي نراها توضع قطع الأثاث في أحد أطراف الغرفة، وينحشر الناس داخل المطبخ، ويتركون المساحة الموجودة في الطرف الآخر من الغرفة كمنطقة ميتة.
ولكن إذا وضع المطبخ في المنتصف، فإنه يكون مركز حياة الأسرة، بدلا من أن يكون مجرد شيء تخفيه أو تحضر منه الأدوات. يمكنك أن تقضي وقت فراغك في غرفة المعيشة أو في غرفة الطعام، لأن المطبخ يقع في المنتصف. إنه المدفأة التي تتجمع حولها الأسرة في منتصف المنزل».
يعتبر بور وبيتانكورت، اللذان تزوجا منذ 12 عاما، زوجين مبتكرين. فبور (46 عاما) يعمل مهندس صوت بأحد المسارح، فضلا عن أنه ممثل وموسيقي سابق.
أما بيتانكورت (44 عاما) التي كانت والدتها راهبة ووالدها يعمل في ترميم المنازل في بروكلين فتعمل كمخرجة أفلام وثائقية. وقد سبق لها الفوز بجائزة «إيمي» سنة 1996 عن فيلمها الوثائقي بعنوان «قبل أن تذهب: يوميات ابنة»، تحدثت فيه عن وفاة والدها متأثرا بإصابته بمرض الإيدز.
لهما ابنتان هما بيلار (8 سنوات) وبيولو (4 سنوات)، وإذا كان هناك شيء يعترفان بأنهما مقصران فيه، فهو حياتهما الأسرية التي لا يخصصان لها وقتا كافيا، حسب قولهما.