ديكور يعبر عن شخصية فريدة .. بأستخدام أثاث يمزج القديم بالحديث
12:00 ص - الخميس 19 أبريل 2012
أثثت مهندسة الديكور، الباحثة في مجال الفنون والعمارة، سحر منقارة، بيتها القريب من شاطئ البحر، بطريقة بسيطة، مراعية مساحته الصغيرة والأجواء المحيطة به، إلى جانب أسلوبها في التصميم؛ فالبيت مكون من طابق أرضي واحد وغرفتين صغيرتين في بناية فخمة تطل على مجمع لفلل خاصة بأغنياء مدينة طرابلس (شمال لبنان).
رغم صغر مساحة البيت التي لا تتعدى 70 مترا نجحت في اختصار ما تود ابتكاره حيث مزجت ديكورا شرقيا بآخر حديث مع الكثير من الحميمية
لكن على الرغم من صغر مساحة البيت، التي لا تتعدى 70 مترا، فإنها نجحت في اختصار ما تود ابتكاره؛ حيث مزجت ديكورا شرقيا بآخر حديث مع الكثير من الحميمية، وجمعت فيه أغراضا اعتادت أن تشتريها من محلات الأنتيكات في أسواق طرابلس القديمة، وأخرى من سوق الأحد، حولتها إلى أثاث مختلف استفادت منه في بيتها تماشيا مع ديكوراته وشخصيته، فمثلا تشكل أوراق لاصقة ملونة لوحة منعشة لزهور من لون الفوشيا تبهر الحائط الأساسي الذي يفصل غرفتي النوم الصغيرتين المجهزتين، كل واحدة منهما بسرير بحجم مختلف.
ويمتد اللون نفسه إلى الحديقة الصغيرة المقابلة للبيت؛ حيث يفصل بينهما حائط زجاجي، لتتمتع العين بتمازج اللون بزهور من لون الفوشيا ونباتات خضراء رقيقة مزروعة في باحة الحديقة.
توجد بغرفة نومها ستارة بيضاء وخزانة وسرير وحمام غير متكلف .. بينما تتمركز طاولة صغيرة بكتب وصور عائلية في زاوية من الغرفة
غرفتا النوم منفصلتان، ينام زوجها في غرفة، وهي تنام بغرفة أخرى. وهذا أمر لا يزعجها؛ إذ ابتكرت أيضا حماما لكل واحد منهما في غرفته. وهنا تعلل سحر سبب فصل الغرف إلى زمن ما قبل الثورة الصناعية؛ حيث كانت الغرف منفصلة بين الزوجين، لكن مع الثورة والحاجة إلى الاقتصاد بالمال والأشياء صارت غرف النوم مشتركة.
هما لا يحتاجان إلى عزلة إضافية؛ فالغرف تبقى للنوم فقط والأشياء المشتركة هي لغرفة الجلوس والطعام المصممة بطريقة مميزة وذات روح غربية صاخبة؛ لهذا فإن كل ما في البيت يعبر عن شخصيتين متناقضتين: شخصيتها وشخصية زوجها، وإن كانت تشعر فيه أيضا بألفة زوجية هادئة؛ فهي، كما تقول، تحتاج إلى مساحتها الخاصة في عالم مليء بجنون الإبداع، بينما يحتاج زوجها، الرياضي الباحث عن عالم بيئي، إلى مساحته الخاصة، وهذا ما راعته في هذا البيت منذ أن بدأت في تصميمه وبنائه.
فغرفة نومها، مثلا، مؤلفة من ستارة بيضاء وخزانة وسرير وحمام غير متكلف، بينما تتمركز طاولة صغيرة بكتب وصور عائلية في زاوية من الغرفة. على العكس من غرفة زوجها التي تتميز بلون قاتم وستائر رمادية تعبر عن عمقه؛ فهو ناشط بيئي ورياضي ويمارس لعبة الشطرنج بمهارة.
في غرفة الجلوس تم وضع الكراسي والكنبات السوداء من الجلد وتلفزيون .. بينما تضفي بعض الطاولات المذهبة والخشبية دفئا هادئا يعبر عن «شخصية البيت المميزة»
في غرفة الجلوس، اكتفت سحر ببعض الكراسي والكنبات السوداء من الجلد، وضعت أمامها تلفزيونا من نوع «فلاتشرن» يعبر عن حداثة صارخة، بينما تضفي بعض الطاولات المذهبة والخشبية دفئا هادئا يعبر عن «شخصية البيت المميزة» حسبما تقول منقارة.
وتشرح أن «تأثيث البيت يحتاج إلى إمعان في التفاصيل، وفي ما نريد تحقيقه من دون المبالغة في استعمال أشياء لا حاجة لنا بها ولا معنى لها»، مشيرة إلى أن «معظم اللبنانيين لا يعرفون كيف يختارون ديكورا مناسبا يليق بهم وبما يشتهون؛ فبعضهم يشتري أثاثا باهظ الثمن لا يكون ملائما لحجم الغرفة وضوئها وسقفها وحيطانها؛ حيث تبدو كأنها محشورة».
على العكس من ذلك، فإن بيتها الصغير يزخر بقطع تم انتقاء بعضها من أماكن مخصصة لرمي الأغراض المنزلية والأثاث القديم، وبعضها الآخر من سوق الأحد. ونجحت في إنقاذ هذه الكراسي وتحويلها إلى تحف فنية تزين زوايا الغرف والردهات، مثل الطاولة البيضاء التي تستقبل الزائر في المدخل.
وتشرح سحر: «كل شيء يتدرج حسب ذوق الشخص»، مؤكدة أنها لم تعتمد أسلوبا واحدا في أعمالها المتعددة؛ فهي تعمل في ابتكار ديكورات للمطاعم والبيوت والشقق، وتقول: «إن لكل مكان خصوصيته».
فعندما تصمم بيتا خاصا بشخص آخر، فهي تحاول إقناعه بطريقة شبه «ديكتاتورية، لكن مرنة»، منطلقة من فكرة أن معظم من يريدون تغيير أثاث بيوتهم وتفاصيله يخافون من التغيير ويشعرون وكأنهم يتخلون عن جزء من حياتهم السابقة؛ فالأشياء تحمل ذكريات متعلقة بحياة الأشخاص.
وتستدل بذلك على تجربة خاصة عندما حاولت إقناع سيدة في «الداون تاون» في وسط بيروت، بهدم جدران غرفة ابنها المتوفى. فالأم المنهارة لوفاة ابنها كانت متعلقة بأغراضه ولم يكن يخطر ببالها أن تتخلص منها، لكن سحر أقنعتها فعلا بهدم جدران غرفته لضمها إلى غرفة الجلوس وطلتها بلون أبيض ناصع. وكانت النتيجة إيجابية على مستوى الديكور وعلى مستوى نفسية الأم.
عندما طلب منها أن تصمم مطعما سويسريا يطل على قلعة تاريخية في منطقة بلين زونا، الواقعة على الحدود الإيطالية لسويسرا، لم تكتفِ سحر بالإشراف على المشروع فحسب، بل قررت السفر إلى المكان عينه لمدة أسبوعين حتى تستكشف المكان وتتعرف على تفاصيله. فبالنسبة لها كان من المهم اكتشاف المكان وروحه. فالبناء أثري وقديم، مما كان يستوجب التعامل مع مسؤولين في البلدية والتنسيق معهم قبل القيام بأي أعمال ترميم.
تشكل أوراق لاصقة ملونة لوحة منعشة لزهور من لون الفوشيا تبهر الحائط الأساسي الذي يفصل غرفتي النوم الصغيرتين
لم يكن الأمر سهلا؛ ففي البداية رفضوا وضع سقوف جانبية للمطعم، إلا أنها استطاعت إقناعهم، وذلك بوضع سقوف مزروعة بنباتات وزهور تضيف لمسة حميمية، فما كان منهم إلا أن وافقوا.
وتشرح أن ما يهمها هو احترام المكان والمساحة، حتى تتمكن من تخطيط وتركيب الأشياء بتناسق تام. بعبارة أخرى: «يجب على المكان أن يحافظ على جماله وبساطته، وبالتالي من الضروري مراعاة القياسات بشكل دقيق لكي تكون مريحة للنظر».