كيف نتعامل مع الاكتئاب في سن المراهقة؟
12:00 ص - الثلاثاء 17 أبريل 2012
خاص الجمال - عمرو لبيب
قبل سن 20 سنة، تتسم الحالة المزاجية للمراهقين بالتغير حيث تكون الاضطرابات السلوكية وتقلبات التنمية وأزمة المراهقة أمورا شائعة ومميزة لهذه الفترة.
كيف تعرفين إذا ما كان طفلك يعاني من الاكتئاب؟ وكيف تفسرين تلك العبارة الشهيرة في هذه المرحلة "لا يهمني"، "أنا لا شيء"، "لا أحد يحبني"..
منذ فترة لم يحظ الاكتئاب لدي الأطفال والمراهقين بتعريف جيد، وباعتبار الاكتئاب مواكبا للنضج النفسي، ظللنا ننظر إليه بوصفه مرتبطا في مظاهره بالعمر ارتباطا وثيقا، هكذا تكلمنا عن "مظاهر الاكتئاب" عن طريق ربط أعراضه الغامضة من : معارضة الوالدين، اضطرابات الأكل ، والجنوح وهلم جرا.
الآن لدينا اليقين بأن "النواة الصلبة" لأعراض الاكتئاب هي نفسها التي تتعلق بالأطفال أو البالغين مثل الحزن، اللامبالاة، التثبيط الفكرية، الأفكار السلبية، واضطرابات النوم.
الاكتئاب مرض شائع بين المراهقين:
يصيب الاكتئاب1 ٪ من الأطفال و 5 ٪ من المراهقين، هذا الرقم يمثل نسبة كبيرة من حيث المعاناة الفردية والصحة العامة، وهذا التردد أكثر مدعاة للقلق حيث تعتبر محاولة الانتحار من مضاعفات الاكتئاب.
وعلى عكس ما نراه في البالغين، فإن تواتر حدوث الاكتئاب هو نفسه بالنسبة للفتيات والفتيان قبل المراهقة، ولكن بداية من سن البلوغ كما عند الكبار نلاحظ أن نسبة الجنس هي 2 إلى 1 لصالح الإناث.
التفسيرات المتقدمة هي في المقام الأول نفسية، وهي تعني أن عدد المراهقات المصابات بالاكتئاب أكثر بكثير من الفتيان في مثل سنهن حيث يشعرن بانعدام تقدير الذات مع النظرة السلبية للجسم.
نادرا ما يتم عزل الاكتئاب لدي الأطفال والمراهقين:
ترتبط اضطرابات القلق مع الاكتئاب في 40 إلى 70 ٪ من الحالات، وقد يكون هذا ناتجا عن قلق الانفصال، اضطراب الهلع، رهاب المدرسة وصعوبات التعلم لدى الأطفال.
وغالبا ما تحدث اضطرابات السلوك قبيل الاكتئاب حيث تمثل عامل الخطر، ويمكن أن تستمر معه أيضا، وغالبا ما تكون السلوكيات الخطرة وخاصة استخدام الكحول أو عقاقير المنشطات العقلية بمثابة اضطرابات ثانوية للاكتئاب في سن المراهقة، غير أنها عامل من عوامل الجاذبية.
ما هي علامات الاكتئاب عند الأطفال؟
يجب أن نصغي بعناية لسماع الحزن المرضي وأعراض الاكتئاب في الكلمات الغير معلنة للأطفال.
كلام الطفل المصاب بالاكتئاب:
فقدان الاهتمام والمتعة
"لا يهمني"،"ليس لدي أي شيء للقيام به"، "لا أريد شيئا"
فقدان القيمة واحترام الذات
"أنا لاشيء"
فقدان القدرة
"لا أستطيع أن أفعل ذلك"
مشاعر الخجل، والشعور بالذنب
"إنها غلطتي"، "أنا سيء"، "أشعر بالخجل"
فقدان الحب، ومشاعر اليأس
"والدي لا يحباني"
أحيانا أفكار الموت والانتحار
"لا أحد يحبني"
اضطرابات في التركيز والانتباه والذاكرة
"لا أستطيع، إنه من الصعب جدا"، "أنا لا أفهم شيئا"، "لا أعرف"، "لا اتذكرشيئا"
يجب أن تسترعي التغيرات في سلوك الطفل انتباه عائلته والمعلمين من خلال المشاكل المدرسية، فالطفل الذي يعاني من صعوبة في التركيز غالبا ما يتفاعل من خلال تجنب أو رفض العمل، ما لم يقضي هناك ساعات طويلة من دون نتيجة، وفي كلتا الحالتين، يؤدي هذا إلى الفشل الدراسي.
ولكن يمكن أن يظهر الاكتئاب لدي طفل بطريقة من شأنها أن تبدو متناقضة: فقد يصبح سريع الانفعال، أو متحمسا، أو مرهقا في نشاط عقيم، أو غاضب، وفي أوقات أخرى ينطوي علي نفسه.
وغالبا ما يحدث تغير في الشهية، عند الأطفال الصغار حيث يكون فقدان الشهية هو السائد، وعند المراهقين، يتسم الاكتئاب عادة بالرغبة الشديدة أو الشره المرضي الحقيقي.
أما النوم فسيكون مضطرب دائما، الطفل يرفض النوم ويواجه صعوبة في النوم، أو ينام بشكل سيء، ويصاب بالتعب.
ومن السلوك المتعارض إلى انعدام احترام الذات، والذي يعززه رد الفعل من قبل الأسرة في بعض الأحيان، توجد حلقة مفرغة حيث يتدهور الاكتئاب دون أن يتم التعرف عليه أو حتى يشتبه في وجوده.
كيفية التعامل مع اكتئاب الطفل؟
أمام حدوث تغير في سلوك الطفل أو الشاب لا يمكن أن يفسر من خلال مناسبة عائلية أو اجتماعية أو شخصية، سواء كان هذا التغيير مستمرا أو إذا كانت هناك معاناة دائمة، بل ينبغي القيام بالاستشارة.
دور طبيب العائلة أو طبيب الأطفال مهم في كل من التشخيص والعلاج، وقد يكون التشخيص والشرح للأسرة كافيا للتغلب على حلقات الاكتئاب، ولكن إذا استمرت المشكلة وقاومت هذا النهج الأولي، فمن المستحسن أن نرى طبيب نفساني للأطفال والذي قد يقرر توفير دعم أكثر ملائمة.
عند الأطفال من النادر أن يتم الإشارة بالأدوية المضادة للاكتئاب، ومع ذلك، فإنها يمكن أن تكون مفيدة جدا عند المراهقين، ويمكن استخدام العديد من أشكال العلاج النفسي، ويتم الاختيار بين هذه العلاجات بالمشاركة بين الأسرة والطفل نفسه.
أطفال شخص مكتئب:
يكون أطفال الآباء والأمهات الذين يعانون من الاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم للاضطرابات النفسية، وتصل نسبة الخطر إلي ثلاث مرات لهما فيما يتعلق باضطرابات المزاج، وفي حال حدوث اكتئاب للأم أو الأب لا يكون له نفس العواقب علي الأطفال، فالأمر لا يبدو بنفس الطريقة علي الطفل الصغير أو المراهق.
وقد أظهرت دراسة أن 24 ٪ من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم سنة والمولودين لأمهات تعانين من الاكتئاب أنهم يظهرون ضعفا في التفاعل، وفي الآونة الأخيرة، تبين أن 40 ٪ من الأطفال من آباء وأمهات مضطربين عاطفيا عند الولادة، يتلقون الرعاية النفسية خلال حياتهم في سن الكبار.
هذه النتائج تدعم فوائد متعددة الجوانب للتدخلات العلاجية للأم وطفلها اللذان يعانيان من الاكتئاب، ويعد تأثير العلاقة بين الآباء والأطفال أمرا حاسما لتطوير اضطرابات الاكتئاب لدى الأطفال، من الطفولة حتى المراهقة.
وتتميز فترة المراهقة بتحولات جسمانية وبيولوجية ونفسية كبرى علي حد سواء، ووجود أحد الوالدين مصابا بالاكتئاب أو كليهما في هذه السن لا يفضي حتما إلي نمو صحي.
ما هو مستقبل الأطفال المصابين بالاكتئاب؟
الخطر الرئيسي المتقدم لاضطرابات الاكتئاب في مرحلة الطفولة بشكل خاص هو تكرار حوادث مماثلة خلال فترة المراهقة، ويمكن لخطر الانتكاس والتكرار الاكتئابي الذي يحدث في سن المراهقة أن يصل بالفعل إلى 70 ٪ بعد 5 سنوات (في حالة الاكتئاب الأكبر).
ومع ذلك فإن الاضطراب الاكتئابي التفاعلي لا يكاد يكون متبوعا مطلقا بنوبة اكتئاب كبرى، أما بالنسبة للبالغين، فمن المستحيل الفصل في الأمر بشكل قاطع في الوقت الراهن:
- تشير بعض الدراسات إلى أن العديد من الأطفال الذين يعتبرون "في خطر" قد يكون لهم في مرحلة البلوغ، رغم كل التوقعات، مهارات جيدة تفوق أولئك الذين يعتبرون آمنين.
- وتؤكد دراسات أخرى أن الأطفال المكتئبين لم يظهر عليهم الاكتئاب في مرحلة البلوغ.
وفي المقابل فالمراهقين المصابين بالاكتئاب كانوا أكثر عرضة للاضطرابات الاكتئابية في مرحلة البلوغ.
أخيرا ووفقا لتوصيات مؤتمر التوافق في الآراء حول الاكتئاب لدى الأطفال نرى الآتي: "يمكننا ويجب علينا أن نحرر أنفسنا من المعادلة التبسيطية الحتمية التي تربط بين الأمراض القاتلة لدى البالغين واضطرابات الاكتئاب التي تصيب الأطفال".