محاذير طبية من تفاعلات الدواء مع الطعام والمكملات الغذائية
12:00 ص - الثلاثاء 17 أبريل 2012
التداخل الدوائي Drug interaction هو التفاعل الحاصل بين دواء يتناوله الإنسان مع دواء آخر أو طعام أو شراب أو مكملات غذائية يتم تناولها في الوقت نفسه، وقد ينجم عن هذا التفاعل فقدان فعالية الدواء أو زيادة السمية الناتجة عن تناوله أو ظهور آثار جانبية غير مرغوب فيها لا تحدث عند تناول الدواء بمفرده. لذلك تنقسم التداخلات الدوائية إلى: تداخلات بين الدواء ودواء آخر Drug-Drug interaction وتداخلات بين الدواء والطعام أو الشراب Drug-Food interaction وتداخلات بين الدواء والمكملات الغذائية Drug-food supplements interaction.
وقد تدرك الغالبية العظمى من الأفراد أو حتى الصيادلة والأطباء فقط، أهمية التداخلات التي يمكن أن تحدث بين الدواء ودواء آخر، ولا يعيرون تداخلات الدواء مع الطعام والشراب والمكملات الغذائية الاهتمام الكافي، فقد يلجأ البعض إلى الخلط بين عدة أطعمة في الوقت نفسه، فمثلا الشوكولاته مع زبدة الفول السوداني قد يكون خليطا له مذاق خاص جدا لدى البعض، لكن ما لا يدركه الكثيرون أن تناول الشوكولاته والجبن القديم والسالامي والبيبروني والنقانق مع بعض أنواع العقاقير المضادة للاكتئاب مثل مجموعة «مثبطات MAO» قد يؤدي إلى عواقب صحية خطيرة مثل الارتفاع الحاد في ضغط الدم.
تداخلات الدواء والطعام
قد تؤدى تداخلات الدواء مع الطعام Drug-food Interaction والشراب إلى تأخر أو تحفيز امتصاص الدواء من الأمعاء، كما تتأثر أحيانا معدلات التحول الأيضي للدواء وإخراج نواتج الأيض الدوائي من الجسم بتناول بعض الأصناف من الأطعمة. لذلك ينصح الخبراء بتناول بعض العقاقير على معدة خاوية من الطعام (قبل ساعة أو بعد ساعتين من تناول الطعام).
وقد يكون تحمل بعض أنواع العقاقير أفضل في حالة تناولها مع الطعام مثل الأسبرين والمسكنات غير الاستيرويدية، لذلك يجب الحرص على سؤال الطبيب أو الصيدلي عن إمكانية تناول الدواء مع وجبة خفيفة أو وجبة رئيسية أو على معدة خاوية من الطعام.
ومن أشهر الأطعمة والمشروبات التي يمكن أن تتداخل مع الدواء:
- الكحوليات: ينصح الخبراء بضرورة تجنب تناول الكحوليات مع أي دواء يتناوله الإنسان، لأن الكحول قد يؤدى إلى الإقلال أو زيادة مفعول العقاقير الدوائية، فمثلا؛ تناول الكحول مع المضادات الحيوية يفسد فعاليتها وقد يزيد من الآثار الجانبية الناجمة عن تناولها، كما يزيد تناول الكحول مع المسكنات والأسبرين من تهيج المعدة الناجم عن تناولها وقد يتسبب في زيادة سيولة الدم ومخاطر التعرض للإصابة بالنزف.
- الجريبفروت: عصير الغريبفروت أحد المشروبات الشهيرة التي تذكر دائما بتداخلاتها السلبية مع ما يقارب خمسين مجموعة دوائية؛ خاصة العقاقير المخفضة لضغط الدم المرتفع ومضادات تخثر (تجلط) الدم وبعض مضادات التوتر والأرق ومضادات الملاريا ومثبطات المناعة مثل عقار «سيكلوسبورين» شائع الاستخدام بين المرضى الذين أجريت لهم زراعات الكلى أو القلب أو الكبد وغيرها.
- العِرْقسُوس: تناول كميات كبيرة من مشروب العرقسوس أكثر من 200 جرام يوميا لمدة طويلة أكان العرقسوس على هيئة شراب أم حلوى (لدائن) العرقسوس، يسبب أعراضا جانبية تشبه الأعراض التي يسببها الكورتيزون وتشتمل على اختزان الصوديوم والماء في الجسم ونقص البوتاسيوم في الدم مما يترتب عليه ضعف العضلات وارتفاع ضغط الدم وارتشاح السوائل بالجسم.
لذلك يؤدى تناول العرقسوس إلى زيادة التأثيرات الجانبية وحدوث التسمم بعقار «ديجوكسين» الذي يستخدمه مرضى احتشاء عضلة القلب والرجفة الأذينية واختلال نبض القلب، كما يؤدى أيضا إلى انخفاض فعالية العقاقير المستخدمة في علاج ضغط الدم المرتفع مع احتمال حدوث ارتفاع شديد في ضغط الدم وقد يؤدى تناول العرقسوس إلى زيادة فعالية الأدوية المدرة للبول وكذلك «الكورتيزون» ومشتقاته.
- الشوكولاته: العقاقير المضادة للاكتئاب مثل مجموعة مثبطات «MAO» لا ينصح بتناولها مع الإسراف في تناول الشوكولاته لتجنب حدوث الارتفاع الحاد في ضغط الدم، كما أن الكافيين الموجود بالشوكولاته من المحتمل أن يؤدي إلى زيادة مفعول وتأثيرات بعض العقاقير المنبهة مثل عقار «ريتالين» وقد يقلل من التأثيرات الدوائية لبعض المهدئات والمنومات.
المكملات الغذائية
تؤكد إحصاءات المعهد القومي الأميركي للصحة العامة أن نحو 50 في المائة أو أكثر من الأصحاء والمرضى بالولايات المتحدة الأميركية يحرصون بصفة منتظمة على تناول المكملات الغذائية المحتوية على الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والأعشاب النباتية أو مواد أخرى بغرض الحصول على صحة أفضل أو الوقاية أو العلاج من بعض الأمراض.
وأشهر المكملات الغذائية التي يمكن أن تتداخل مع الدواء:
- «عشبة القديس يوحنا» st.John›s wart: تحتوي على مواد كيميائية تساعد على تنشيط الجهاز الإنزيمي بالكبد والمسؤول عن تفكيك العقاقير، وبالتالي يؤدي تناول المكملات الغذائية المحتوية على «عشبة القديس يوحنا» إلى الإقلال من تركيزات العقاقير بصفة عامة في الدم، مثل عقار «لانوكسين» المستخدم في علاج احتشاء عضلة القلب أو اضطرابات نبض القلب أو الرجفة الأذينية أو مجموعة «ستاتين» المستخدمة في علاج ارتفاع دهون الدم وعقاقير الضعف الجنسي مثل «الفياغرا».
- فيتامين «E»: تناول فيتامين «E» قد يزيد من التأثيرات الإيجابية لمضادات تخثر (تجلط) الدم المأخوذة عن طريق الفم مما يؤدي إلى زيادة سيولة الدم.
- الجنسنج: الجنسنج من الأعشاب المستخدمة على نطاق واسع بوصفه مادة مقوية عامة لزيادة النشاط البدني والذهني وزيادة الرغبة الجنسية، يحتوي على مواد كيميائية مسيلة للدم، لذا، فإن استعماله مع مضادات تجلط (تخثر) الدم مثل الأسبرين أو مضادات التجلط التي تؤخذ عن طريق الفم، مثل «وارفارين» أو«كومادين» أو التي تؤخذ عن طريق الحقن مثل «هيبارين» أو مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية NSAIDs مثل «بروفين» أو «نابروكسين» قد تؤدى إلى زيادة مفعول الدواء، ويترتب على ذلك زيادة مخاطر حدوث نزف، كما يؤدي تناول الجنسنج لفترات طويلة بصفة منتظمة إلى ارتفاع ضغط الدم، لذا، فإن استعماله مع العقاقير المخفضة لضغط الدم يقلل من مفعول الدواء وتصبح السيطرة على ضغط الدم المرتفع أكثر صعوبة، وتناول الجنسنج مع مضادات الاكتئاب من مجموعة مثبطات «MAO» يؤدي إلى حدوث صداع واضطراب في النوم والعصبية وفرط النشاط.
- الجنكة: أحد أهم الأعشاب التي تستخدم في علاج ضعف الذاكرة ومرض ألزهايمر، لذلك يطلق عليها اسم «عشبة الذكاء». والجرعات العالية من عشبة الجنكة Ginko Biloba، تؤدي إلى الإقلال من كفاءة العقاقير المضادة للتشنجات والصرع مثل «كاربامازيبين» (تجريتول tegretol) وحمض فالبرويك (ديباكين Depakine) كما أن الجنكة من الأعشاب المسببة لسيولة الدم، لذا يجب تناولها بحذر مع الأدوية المسيلة للدم مثل الأسبرين ومضادات التجلط، كما يجب تجنب مكملات الجنكة قبل العمليات الجراحية بفترة لا تقل عن أسبوع إلى عشرة أيام.
نصائح مهمة
للإقلال من التداخلات المحتملة التي يمكن أن تحدث بين الدواء والطعام أو المكملات الغذائية ينصح باتباع التعليمات التالية:
- إطلاع الطبيب على كل أنواع الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها.
- قراءة الملصق الموجود على المنتج الدوائي بعناية واللجوء إلى الطبيب أو الصيدلي للسؤال مع الحرص على معرفة الإرشادات والاحتياطات المتعلقة بكل أنواع الأدوية التي تتناولها حتى الأدوية التي تصرف من دون وصفة طبية.
- اللجوء إلى الطبيب أو الصيدلي فقط للسؤال عن احتمالات تداخل الدواء مع أطعمة أو مكملات غذائية.
- الحرص على تناول الدواء مع الماء وعدم محاولة إضافة الدواء إلى الأطعمة أو المشروبات الأخرى إلا بعد سؤال الطبيب لأن هذا السلوك قد يغير من فعالية الدواء وطريقة عمله.
- عدم تناول الفيتامينات والمعادن في التوقيت نفسه لتناول العقاقير لأنها قد تتسبب في حدوث مشكلات تتعلق بفعالية وامتصاص الدواء.
- عدم خلط الدواء مع المشروبات الدافئة لأن الحرارة قد تؤثر على التركيب الكيميائي للدواء.