هاري جيزنر .. مصمم يهوى ركوب الأمواج وهو في سن الـ86
12:00 ص - الأحد 8 أبريل 2012
تمتلئ حياة هاري جيزنر بأحداث غاية في الإثارة، لدرجة أن مؤلفا جديدا عن أعماله يبدو كرواية لأحد عمالقة الأدب، وليس مجرد كتاب يروي قصة حياة مهندس معماري كبير.
الكتاب بعنوان «منازل تطل على البحر وقت الغروب» للمؤلفة ليزا جيرماني، وسيطرح في الأسواق الشهر المقبل للناشر «أبرامز»، ويتناول الكتاب تجربته وجاء فيه أنه يمارس رياضة ركوب الأمواج كالمحترفين، وأنه نجا من الموت غرقا على شواطئ نورماندي، وإن كان قد فقد ساقيه تقريبا في تلك الحادثة.
درس جيزنر الهندسة المعمارية في ولاية ييل، ورفض فرصة أن يتتلمذ على يد فرانك لويد رايت، الذي كان معجبا برسوماته، كما تصادم مع شخصيات شهيرة مثل النجمين مارلون براندو وإيرول فلين، ووقع في غرام سيدات مرموقات، مثل الممثلة جون لوكهارت، وذهب لاستكشاف الأضرحة الأثرية في الإكوادور.
كل هذه المغامرات ومع ذلك تولى لفترة رعاية ابنه الأكبر وابنته الوحيدة، قبل أن يفقد حضانتها حين بلغت الخامسة من عمرها وقبل أن تقرر والدتها أن تسترد حضانتها.
يعتبر جيزنر ابنا مخلصا من أبناء كاليفورنيا، فجده الأكبر كان عمدة مدينة سانتا باربارا، وعمه جاك نورثروب، مصمم الطائرات الذي وضع النموذج الأصلي لقاذفة القنابل الشهيرة «ستيلث»، إلى جانب الكثير من المناقب الأخرى.
وقد صمم مجموعة من المنازل في كاليفورنيا وسط المناظر الطبيعية الرائعة بالولاية، حيث تقف بارزة وسط الوديان الضيقة ومعلقة بالمنحدرات الصخرية، وأشهرها على الإطلاق هو المنزل المسمى «ويف هاوس»، الذي يقع على رمال شاطئ ماليبو. ومما يذكر أن جيزنر وضع المخطط الأولي لتصميمات هذا المنزل وهو مستلق على لوح التزلج وسط الأمواج أمام الموقع.
الآن يبلغ جيزنر 86 عاما من عمره، ومع ذلك لا يزال يمارس رياضة التزلج على الماء، ويعيش في منزله في ماليبو ذي البناء الدائري الذي يقع على الشاطئ على مرمى حجر من «ويف هاوس»، وهو بيت يجمع بين مميزات شاليها متاخما للشاطئ ومنزلا حديثا على الطراز الأميركي.
هل هناك أوجه شبه بين التزلج على الماء والهندسة المعمارية؟
- التركيز: أن تركز على البيئة المحيطة بك. إن جمال هذه الرياضة يمكن أن ينعكس على تصميم المنازل.
هل ما زلت تمارس رياضة التزلج على الماء؟
- نعم، فأنا لا أستطيع التوقف عن ذلك أبدا. لقد قضيت حياتي كلها وأنا أمارس هذه الرياضة.
ما المنازل المفضلة بالنسبة لك؟
- إنها دائما المنازل التي أصممها، أعمل حاليا على تصميم سلسلة من المنازل القادرة على البقاء، لنسمها منازل العمر الطويل. هذه المنازل ستكون قادرة على تحمل أسوأ الظروف، مثل الأعاصير بالطبع، وموجات تسونامي، والنمل الأبيض، والبقع الشمسية. وباستثناء تحمل أنهار الحمم البركانية، أعتقد أنه يمكننا حل جميع مشكلاتنا عن طريق التصميم الجيد، التصميم الواعي العملي الذي يضمن تفعيل كافة العناصر، هذه المنازل ستصنع من الإسمنت المصبوب والخشب. يمكنني الاستفادة من الخشب بنفس القدر تقريبا الذي يمكنني به الاستفادة من الإسمنت.
هذه المنازل القادرة على البقاء لن تتصل بأي شبكة أو مصدر للكهرباء. لا اتصالات، لا مياه. يمكن وضعها في أي مكان. سوف تعتمد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
هل ستضع طاحونة على السطح؟
- ليس على السطح، فأنا لا أحب الاهتزازات. لا بد أن تكون الطاحونة منفصلة عن المنزل، وكذلك الألواح الشمسية، ما عدا ألواح تسخين المياه.
أنا أعلم أنك قمت بتجديد سيارة «مرسيدس» قديمة وتزويدها بمحرك كهربائي، وأنك تمتلك بضع براءات اختراع خاصة بنظام لتحويل النفايات الصلبة إلى وقود، هل لك أن تحدثني قليلا عن هذين المشروعين؟
- السيارة الـ«مرسيدس» كنت قد اشتريتها جديدة وقطعت بها مسافة نحو 300 ألف ميل. كان هذا منذ نحو 15 سنة مضت، وكانت تعمل بالبنزين، قلت لنفسي: سآخذ هذه السيارة من طراز «مرسيدس 190» لأنها جميلة جدا، وسأحولها إلى سيارة كهربائية غاية في الروعة، خصوصا أني أعرف أن أقبح السيارات شكلا هي السيارات الكهربائية.
فكرت أيضا أن أضع بها مولدا يعمل بالطاقة الشمسية، حتى لا أدفع شيئا في تنقلاتي، وأرجح أن ينتشر هذا الاتجاه خلال الخمسين سنة المقبلة.
أما النفايات الصلبة فأنا أعمل في هذا الموضوع منذ خمسين سنة.
لقد صممت محطة معالجة تكلفت 20 مليون دولار من أجل مدينة تضم 50 ألف نسمة في ولاية كنتاكي. قمنا بإنشاء المحطة، ثم أخذنا كل النفايات وكل قاذورات المجاري من محطة المعالجة ومزجناها معا، وخلال ستة أيام، كانت قد تحولت إلى تربة جميلة ذات رائحة طيبة.
كان هذا في منتصف الستينات من القرن العشرين، وفشل الأمر لأننا كنا نبعد الناتج عن العاملين في جمع القمامة. كنا نحصل على أجرة جمع القمامة بدلا منهم، وكان لديهم قدر من النفوذ السياسي، لذا فشلت المحطة، ودخلت في دوامة الحراسة القضائية إلى آخر تلك الأمور. لكن الشاهد في التجربة هو أن البشر ليسوا هم الناتج النهائي. لي ابن عم يعمل كيميائيا، وقد تعاون معي في تحويل مزيج النفايات الصلبة إلى وقود، ونجحنا في إنتاج الإيثانول.
متى كان هذا؟
- في الخمس سنوات الماضية. نحن نحاول دفع الأمر قدما، ولا أنكر أن الأمر صعب. الاختراع هو الجانب الآخر من شخصيتي.
أذكر أنني قرأت في مجلة «أركيتيكتشرال دايجست» شيئا عن صدامك مع مارلون براندو، الذي صممت له منزلين لم يريا النور أبدا. أحببت وصف لقاءاتكما.. كنت أنت وبراندو تتحدثان قليلا، ثم يختفي مع فتاة حسناء لنصف ساعة أو نحو ذلك، وتنهمك أنت في قراءة أحد الكتب إلى أن يعود.
- يضحك قائلا: كان شخصا مرحا. في ذلك الوقت، كان وزنه قد وصل إلى نحو 300 رطل. ذات يوم، كنت جالسا أنا وهو في تاهيتي نتناول مشروب الصباح سويا. كان براندو يتحدث إلى شخص آخر، حين لمحت تلك الأقفاص القديمة موضوعة في أحد الجوانب في مواجهة الخليج. تساءلت: «ماذا يوجد في هذه الصناديق؟».
أجابني: «قوقعتان عثرت عليهما في حطام إحدى السفن القديمة». ألقيت نظرة خاطفة داخل الصناديق لأجد أجمل قوقعة وقعت عليها عيناي. سألته: «هل هي للبيع؟»، استدار براندو إلى وتصنع حالة عارمة من الغضب، لأنه كان يريد الاحتفاظ بها لنفسه.
هل هي تلك القوقعة الموجودة لديك في منزلك؟
- نعم.