المصممون ونجمات هوليوود يستعدون لأهم عرض أزياء عالمي .. حفل الأوسكار

بعد أسبوع باريس للأزياء الراقية والغولدن غلوب .. بدأ العد التنازلي لحفل الأوسكار
بعد أسبوع باريس للأزياء الراقية والغولدن غلوب .. بدأ العد التنازلي لحفل الأوسكار

أصبح أسبوع باريس للأزياء الراقية مرتبطا بحفل توزيع جوائز الأوسكار بشكل وثيق، ومنذ مدة. فتوقيتهما المتقارب، فضلا عن عدد النجمات وخبيراتهن اللاتي أصبحن من الوجوه المألوفة في هذا الموسم لا يترك أدنى شك بأن حضورهن لعاصمة النور والجمال ليس من باب المتعة وحدها، بل أيضا للعمل، أو ما يمكن تسميته بالعمل الممتع. 
 
فخلف الكواليس تتم عدة تعاقدات واتفاقات تكتسب فيها خبيرات الأزياء قوة وسطوة تزيد كلما زاد بريق النجمة وكانت مرشحة لجائزة. هذا الموسم كانت كاميرون دياز، دايان كروغر، جيسيكا تشاستاين، سونام كابور، روني مارا، من بين النجمات اللاتي حضرن الأسبوع، ورغم أنهن لسن كلهن مرشحات لجائزة، فإنهن نجحن في إثارة اهتمام المصورين، وإثارة اللغط في صفوف المهتمين بشؤون الموضة والفن، حول مَن مِن المصممين الذين حضروا عروضهم سيقع عليه اختيارهن فيما يعتبر أهم مناسبة تجمع السينما والموضة: الأوسكار. 
 
ويجدر التنويه هنا بأن علاقة الموضة والسينما ليست جديدة، بل فقط مختلفة عما كانت عليه في الخمسينات، حين كانت أودري هيبورن، غرايس كيلي، إليزابيث تايلور، وغيرهن، يقابلن مصممهن المفضل في الخفاء وبعيدا عن أعين الفضوليين. الآن أصبحت معظمهن تحضرن عروض الأزياء شخصيا وعلى الملأ، ولا يكتفين بإرسال خبيرات الأزياء لاختيار ما يرينه مناسبا لهن، كما دخلت في العملية حسبة اسمها الإفادة والاستفادة كان مسكوتا عنها في السابق. حسبة تميل إليها النجمة لأنها ستحصل على فستان «هوت كوتير» يقدر بآلاف الدولارات ويجسد كل معاني الفخامة والأناقة، ويشجعها كل مصمم لأنه يعرف مسبقا أن بريقها لا بد وأن يلمسه في حال ظهرت في فستان من تصميمه. 
 
أما إذا فازت بجائزة فإن هذا هو عز الطلب وضربة الحظ التي يحلم بها. فالمتعارف عليه في أوساط الموضة أن حفل توزيع جوائز الأوسكار هو أهم حدث بالنسبة للمصمم بعد عرضه، أما من الناحية الدعائية، فهو أهم بكثير من أي عرض يمكن أن ينظمه، لأن صورة نجمة في فستان من إبداعه تنشر أو تذاع عالميا، وتتكرر في عدة نسخ ومجلات، يكون لها مفعول السحر وترفع أسهمه عاليا بين ليلة وضحاها. فمن منا لا يتذكر ذلك الفستان الذي ظهرت به السمراء هالي بيري وهي تتسلم جائزتها في عام 2002 وكان من تصميم إيلي صعب؟. 
 
لم يكن الاسم نكرة ولم يكن ينقصه الإبداع من قبل، لكن لا يختلف اثنان أن اسم إيلي صعب قبل هالي بيري لم تكن له نفس الرنة التي يتمتع بها الآن، فقد قفز في تلك الليلة إلى مرحلة أخرى جعلت العالم كله يتوقف ويتكلم عنه. لهذا ليس غريبا أن المصممين وبيوت الأزياء يرحبون بأن تكون إبداعاتهم من نصيب مرشحة للأوسكار أو شخصية تلفزيونية مهمة تقدم الحفل وتأخذ حيزا لا بأس به من الأضواء. 
 
المصمم الإيطالي جيورجيو أرماني نفسه دخل مجال الـ«هوت كوتير» من خلال خطة «أرماني بريفيه» لكي يغازل النجمات ومناسبات السجاد الأحمر أساسا، ونجحت خطته، فهو اليوم من بين المصممين الذين تظهر تصاميمهم دائما في هذه المناسبة بشكل أو بآخر لأنها تقطر بريقا وأناقة.
 
نظرة إلى عروض الأزياء التي شهدتها باريس طوال ثلاثة أيام في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لا تترك أدنى شك بأن الخيارات كثيرة وفي الوقت واضحة لا تصيب بالكثير من الحيرة، نظرا لتنوعها وشخصية كل منها. فامرأة «ديور» ليست بالضرورة هي امرأة جون بول غوتييه، وامرأة «أرماني بريفيه» أو «فرساتشي أتولييه» ليست هي امرأة إيلي صعب أو «ستيفان رولان» أو «شانيل»، فلكل واحدة منها شخصيتها وجاذبيتها. 
 
ثم لا يمكن أن نتجاهل الولاءات التي تفرضها متطلبات العمل، والتي تلعب دورا في تحديد خيارات البعض. فتشارلز ثيرون مثلا هي وجه «ديور» لسنوات، وبالتالي فمن المتوقع أن تلبس فستانا من تشكيلة الدار، كذلك ناتالي بورتمان، بينما تلقت جيسيكا تشاستاين مكالمة بترشيحها لجائزة أفضل ممثلة مساندة عن دورها في فيلم «ذي هيلب» وهي تدخل عرض «أرماني بريفيه» مما يجعلنا نتوقع أن تظهر بفستان من تصميمه، ولو من باب التفاؤل. الممثلة الفرنسية بيرينس بيجو، بطلة فيلم «ذي آرتيست» كانت مبهورة وهي تتابع عرض إيلي صعب. ولأنها تختار أزياءها بنفسها من دون مساعدة خبيرة أزياء، فلن نستغرب إن اختارت فستانا من تشكيلته، التي لا تليق بنجمة فحسب بل بإمبراطورة.
 
لكن هذا لا يعني أن هؤلاء المصممين يفضلون الأسماء الكبيرة فحسب رغم تأثيرها السريع والقوي، فمنهم من لا يمانع في التعامل مع وجوه واعدة يبدأون معها علاقة يأملون أن تتوطد مع الزمن من باب الوفاء. العنصر الآخر الذي يشجعهم على التعامل مع هؤلاء الصغيرات أنهن يتجرأن على إدخال لمساتهن الخاصة والجريئة، كما يتمتعن بأسلوب حيوي يخاطب ويستقطب جيلا جديدا من الزبونات الشابات اللاتي يطمحن لدخول نادي الـ«هوت كوتير» لكن يتخوفن من أنه خاص بالأمهات والجدات أكثر.
 
هذا الاهتمام بالوجوه الشابة بدأ منذ بضعة مواسم، لكنه توطد في الموسم الماضي. 
 
ففي حفل الـ«غولدن غلوب» العام الماضي، مثلا، ظهرت هايلي ستينفيلد، نجمة «ترو غريت» التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها آنذاك، على البساط الأحمر بفستان بلون الكريم من ماركة «برابال غورانغ». كان مظهرها يناسب عمرها، محتشما وهادئا، لكنه أيضا كان مبتكرا بفضل إضفائها لمساتها الخاصة عليه، مما جذب إليها الأنظار بما في ذلك أنظار المصممين الذين كانوا غير متحمسين لتصميم ملابسها قبل أسابيع. وما لبثت أن حصلت على عقد لتصبح وجه دار «ميوميو».
 
هايلي ستينفيلد لم تكن الشابة الوحيدة التي أثارت الاهتمام في العام الماضي، فقد تألقت ممثلات صاعدات أخريات مثل جنيفر لورانس، وإيما ستون، ولن يختلف هذا العام عن سابقه من هذه الناحية. 
 
فمن المتوقع أن نرى في السادس والعشرين من فبراير وهو تاريخ حفل توزيع جوائز الأوسكار، ممثلات يافعات شاركن في أفلام جذبت الانتباه العام الحالي مثل فليسيتي جونز، التي شاركت في فيلم «لايك كريزي» وروني مارا التي شاركت في فيلم «ذي غيرل ويذ ذي دراغون تاتو» والتي من الواضح أنها تميل إلى إبداعات المصمم ريكاردو تيشي، مصمم دار «جيفنشي»، وإليزابيث أولسن، التي شاركت في فيلم «مارثا مارسي ماي مارلين» وغيرهن.
 
فليسيتي جونز ذات الشعر الداكن والعيون البارز، التي تلعب دور طالبة جامعية في حالة حب في الفيلم المستقل «لايك كريزي» استعانت بخبيرة الأزياء جيسيكا باستر لاختيار أزيائها وتنسيق إطلالتها. ورغم أنها معجبة بتشكيلتي كل من «جينفشي» و«ألكسندر ماكوين»، فإن الباب لا يزال مفتوحا أمامها لتغير رأيها، ولم ترس على أي من التصميمات المقترحة عليها. 
 
وتجدر الإشارة إلى أن جونز ستكون من الأسماء اللافتة للاهتمام هذا العام في مجال الموضة، بعد أن أصبحت الوجه الجديد لمنتجات «دولتشي أند غابانا»، وبعد أن ظهرت في حملة خريف دار «بربيري» البريطانية لعام 2011. وكأي فتاة شابة، فهي تحب أن تلعب بالموضة وتغيرها حسب مزاجها، حيث ظهرت بفستان كوكتيل من «دولتشي أند غابانا» في العرض الأول لفيلم «لايك كرايزي»، (مثل المجنونة)، وفيما بعد في فستان أخضر بدرجة النعناع من تصميم بروانزا شولر، خلال مهرجان «غوثام» للأفلام المستقلة، والذي فازت فيه بجائزة الممثلة الصاعدة.
 
أما روني مارا التي تبلغ من العمر 26 عاما فتتميز بجرأة أكبر بالمقارنة، فهي تظهر أحيانا وكأنها تنتمي إلى مدرسة البانك العصرية، بشعرها الأسود الداكن وغرتها القاسية وألوان ماكياجها القوي، مما يجعل تفضيلها لدار «جيفنشي» مفهوما. 
 
لن نتوقع منها هذا العام تصميما آمنا وتقليديا، على العكس من الممثلة الشابة إليزابيث أولسن التي تبلغ من العمر 22 عاما وتميل إلى التصميمات الأنثوية الناعمة. فهذه الأخيرة تعرف جيدا ما تريد من الموضة، وإذا عرف السبب بطل العجب، فهي الأخت الأصغر للتوأم ماري كيت وآشلي أولسن، اللتين كان لهما دور كبير في نشر أسلوب البوهو، وحقائب اليد والنظارات الشمسية الضخمة ويصممان خطا معروفا باسم «ريد». في مهرجان «كان» السينمائي في فصل الربيع الماضي، مثلا، حيث عرض فيلمها «مارثا مارسي ماي مارلين» أدارت الرؤوس بأناقتها، وفي مهرجان «صاندانس» السينمائي، أيضا لفتت الانتباه بفستان أبيض بسيط تزينه كشاكش وشرائط مع صندل مرصع بالكريستال من «جيسوبي زانوتي». 
 
لكن بحكم أنها غير مرشحة لأي جائزة فإنها ستبقى من الأسماء الواعدة وغير المؤثرة هذا الموسم. شايلين وودلي، البالغة من العمر 20 عاما، في المقابل ستكون أكثر تأثيرا، لأنها الوحيدة إلى جانب روني مارا، التي ترشحت لجائزة الغولدن غلوب عن دورها في فيلم «الأحفاد» الذي تلعب فيه دور ابنة جورج كلوني المتمردة، وهو الفيلم المرشح لجائزة الأوسكار.
 
لكن رغم تشجيع المواهب الصاعدة، فإنها تبقى تبحث عن أسلوبها الخاص، أحيانا تخطئ وأحيانا تصيب إلى أن تجد طريقها، على العكس من مثيلات أنجلينا جولي، تشارلز ثيرون، كيت بلانشيت وغيرهن ممن أصبحن ضليعات في مناسبات السجاد الأحمر وما تتطلبه من أزياء وألوان وتسريحات، لهذا سنتوقع عرسا من الأناقة تختزل كل جماليات أسبوع باريس الأخير، لا سيما إذا كان فستان أنجلينا جولي من دار «فرساتشي» هو المقياس.