حملة لخبراء تجميل ينادون: نعم للجمال الطبيعي .. لا لعمليات التجميل المبالغ فيها
12:00 م - الأحد 12 فبراير 2012
للمرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، تم تنظيم حملة توعية تحت عنوان «معا للجمال الطبيعي»، للحد من انتشار العمليات التجميلية بين النساء العربيات، ويرى المنظمون للحملة «أن هذه العمليات غيرت من ثقافة الجمال وخلقت هوية جديدة تتضارب مع الأصلية، كما جعلت معظم النساء العربيات يتمتعن بملامح وجه متشابهة».
ولأن الدراسات أظهرت أن لبنان يسجل العدد الأكبر من العمليات التجميلية، تدخل خبراء تجميل من أمثال بسام فتوح، هالة عجم وفادي قطايا، لدعم الحملة و«إنقاذ ما تبقى من جمال طبيعي في بلد عنوانه الجمال»، كما يقولون.
هذا إلى جانب توعية الناس بالجانب السلبي من هذه العمليات والمخاطر التي تنتج عنها، من دون أن ينسوا الإشارة إلى الفرق بين العمليات التصحيحية التي تستهدف تجميل المظهر وزيادة الثقة بالنفس، وبين هوس عمليات التجميل التي تغير ملامح الوجه وتخفي تعابيره.
يتحدث فادي قطايا عن أسباب توقيت الحملة قائلا: «إن بعض العمليات التجميلية انحرفت عن مسارها، وتسببت بتشويه الجمال بدل تحسينه»، ويضيف: «هذا ما نلمسه من خلال النساء اللواتي يقصدننا بشفاه كبيرة وخدود منتفخة تكاد تنفجر، وحاجبين مرفوعين يصلان إلى مستوى الشعر، ورموش مثبتة، تلوح يمينا ويسارا.. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ فامرأة بهذه المواصفات لن يصلح معها أي ماكياج، ولن تبدو جميلة مهما فعلنا لها».
وربما يكون قطايا أكثر شجاعة من غيره، لأنه يواجه زبوناته بهذه الحقيقة «حتى لو تسبب الأمر في غضبها»، حسبما يقول، «لأنني إذا لم أفعل ذلك، فإنها ستستمر في غيها وفي الخضوع للمزيد من العمليات التجميلية».
ويتابع: «وبما أننا لا نستطيع الوصول إلى كل النساء في مجال عملنا، قررنا الاستعانة بالإعلام ليصل صوتنا بشكل أكبر من ناحية، ولتوعية الجيل الجديد من ناحية أخرى».
وبما أن للفنانات دورا في انتشار هذه العمليات وارتفاع شعبيتها، فإن قطايا يقول إن الفنانات اللواتي يتعامل معهن، أجرين عمليات تجميل، لكنهن توقفن عند حدود معينة بعد أن بلغن الشكل الذي هن عليه اليوم.
«في المقابل، هناك 20 ألف فتاة يردن أن يكن هيفاء وهبي، و20 ألف فتاة أخرى يرغبن في أن يصبحن نسخة من نانسي عجرم، وهذا الوضع حتم علينا توجيه رسالة للفتيات مفادها أن لكل إنسان شخصية خاصة، شكلا خاصا، عليه أن يحافظ عليه وأن يجمله بما يتناسب معه، إذن لا يمكننا أن (نستعير) شفاه أنجلينا جولي ونضعها على أي وجه، لأنها قد لا تتناسب معه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن طبيب التجميل لا يتحمل المسؤولية وحده، بل أيضا المرأة، التي لا تقبل نصيحته عندما يقترح أن يجملها بطريقة طبيعية».
المشكلة بالنسبة لقطايا وأمثاله من أنصار الحملة أن التجميل يرتبط بالوضع النفسي الذي تعيشه النساء، بسبب الغيرة، أو انعدام الثقة بالنفس، أو محاولة إرضاء الزوج أحيانا، «فنحن نسمع بمشكلات بين الأزواج، يكون سببها في بعض الأحيان الفنانات، كأن يطلب الزوج من زوجته أن تتشبه بهذه الفنانة أو تلك».
الرجل مطالب بدعم المرأة وعدم ممارسة ضغوط نفسية عليها، كما أن للأهل دورا أساسيا في تربية الفتيات وتعزيز ثقتهن بأنفسهن عوض اللجوء إلى الحل السهل، الذي يتمثل في العمليات الجراحية، لا سيما أنها في لبنان في متناول الجميع، وتكلفتها أقل مما هي عليه في الدول الأوروبية والأميركية، وهو الأمر الذي ولد في رأي قطايا «وجوها متشابهة ومستنسخة عن بعض».
بدورها تشتكي هالة عجم من كثرة الأخطاء التجميلية التي تلاحظها أثناء عملها، قائلة: «إن النساء لا يميزن بين الصح والخطأ، وكثيرا ما يلجأن إلى هذه العمليات تحت تأثير الضغوطات التي يتعرضن لهن من المجتمع، أنا لست ضد الجراحات التجميلية، بل ضد التشوهات التي تنتج عنها والتي يتسبب فيها أشخاص من دون ضمير، تعدوا على المهنة بهدف كسب المال، يعمدون إلى حقن النساء بمواد ضارة، تؤدي إلى حصول تشوهات شكلية. التغير في الشكل يجب أن يتم عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، وتحت إشراف طبيب متخصص».
مهم جدا أن تحب المرأة العربية نفسها وتكون أكثر ثقة عوض المقارنة بغيرها، حسب رأي هالة عجم، التي تنصح أيضا بعدم استعمال كريمات تبييض البشرة التي أصبحت منتشرة، لأن البشرة السمراء لا تقل جمالا عن البيضاء.
المثير أن الحملة تعتمد على الإعلام الذي يساهم أيضا في الترويج لفتيات مثاليات الشكل، وهو ما لا تراه عجم متناقضا: «عندما تتصدر صورة فنانة بالغة الجمال غلاف مجلة، وتحملها المرأة إلي لأنها تريد أن تكون مثلها، أشرح لها أن الصورة خضعت للتعديل والفوتوشوب، كما أخبرها بأن عمل الفنانة يتطلب منها أن تكون بشكل معين، لا ينطبق على سيدة المجتمع أو الأم.
ثم إن الرجال يفضلون النساء البسيطات الواثقات في أنفسهن أكثر، ربما تلفتهم امرأة مغرية (بصدر كبير وشفتين ممتلئتين)، ولكنه يكون إعجابا مؤقتا، لأنهم عندما يفكرون بالزواج يبحثون عن امرأة بمواصفات مختلفة».
بسام فتوح الذي يتعامل مع أجمل الفنانات اللواتي خضعن لعلميات تجميل أيضا يطالب بضرورة عدم المبالغة فيها. المطلوب بالنسبة له هو الوعي والاعتدال «من تشعر أنها تعاني من مشكلة نفسية بسبب عظمة نافرة في الأنف، يمكن أن أنصحها بعملية تقويم له. المشكلة أن الأمر لم يعد يقتصر على أشخاص يعانون من حالات نفسية، بل أصبح يتسلل إلى عمق ثقافتنا وهنا تكمن الخطورة».
ويتابع: «هناك قوائم معتمدة تضم أنواعا من الجراحات التجميلية يجب أن تخضع لها المرأة لكي تصنف ضمن قائمة الجميلات، وهذا الأمر غير مقبول، لأنه لا يوجد نموذج محدد للجمال، ولا يمكن أن نحدده بشكل أو لون أو مقاسات معينة.
نحن لا نحارب التجميل على الإطلاق، بل أنا من أكثر المشجعين له كما للسياحة التجميلية، لأنني أعرف جيدا أن لبنان يعيش على قطاع الخدمات والسياحة، لكني ضد المبالغة والعشوائية فيها، إذ لا يجوز لأي امرأة أن تقصد جراح التجميل كلما أملى عليها مزاجها ذلك، وهذا ما يحصل للأسف، على الرغم من أنها بالماكياج يمكن أن تخفي الكثير من العيوب.
كريم الأساس مثلا يمكن أن يموه عنها أكثر من اللايزر أحيانا، وليس القصد هنا الترويج للماكياج، وإنما تشجيع المرأة على حب ذاتها وشكلها وألا تتخلص من الشوائب الصغيرة، لأنها هي التي تصنع الجمال.
جوليا روبرتس مثلا، لم تخفف (حنكها) على الرغم من أن عينيها صغيرتان وغائرتان، وعلى الرغم من أنها لا تخضع لمقاييس الجمال المتعارف عليها، فإنها تعتبر من أجمل نساء العالم. نحن نطالب بالجمال (المهذب) الذي لا يخدش العين - لأن هناك جمالا (بلا تهذيب) سببه العشوائية في عمليات التجميل - الماكياج والتسريحة».