لا تتعجب .. يمكنك الآن زراعة ما تحتاج من اللحم بنفسك
خاص الجمال - إيناس مسعود
يستلم البروفيسور "مارك بوست" ما يقدر بـ 300.000 £ لصناعة البرجر في العام الواحد، ربما تعتقد أنه مال يأتي بسهولة، لكن حاول القيام بهذه المهمة بدون استخدام لحوم حيوانية.
قد تبدو بعض الأفكار والوسائل التكنولوجية في بدايتها كالخيال العلمي، لكنها سرعان ما تتحول إلى حقيقة علمية، ففي سلسلة الأبحاث الثمانية الخاصة بهم يمكنهم استكشاف أفكار تمثل مستقبل التكنولوجيا.
2- وفي عام 2002، وجهت وكالة ناسا اهتماماً عابراً بالفكرة ومولت الدكتور (موريس بنيامين) بكلية (تورو) في نيويورك للتحقيق في صناعة اللحوم من الخلايا الجذعية كوسيلة لتوفير الغذاء لرواد الفضاء في رحلات الفضاء الطويلة.
- نجح في زراعتها أي (نمت) حتى أصبحت كقطعة سمك مخلية.
- قام بعد ذلك بتتبيلها في الثوم، الليمون، الفلفل وزيت الزيتون.
- ثم قليها في الزيت.
- اختبرها فريق العمل وقالوا إن رائحتها تشبه تماما رائحة السمكة الأصلية، وتبدو مثل لحم السمك الحقيقي.
- لكن لم يسمح لهم بتذوقها لأن قوانين الولايات المتحدة تمنع تناول أي منتجات مازالت خاضعة للتجارب العلمية.
3- في عام 2005 قام الدكتور "فان إيلين" أخيرا بإقناع الحكومة الهولندية لدعم البحث الذي أجري داخل أنبوب اختبار اللحوم، ووصلت قيمته إلى 2 مليون جنيه استرليني.
4- ثم نشأت بعد ذلك سلسلة من المشروعات، كشف أحدها عن كيفية إخضاع الخلايا الجذعية الجنينية لتصبح خلايا عضلية، ثم قامت دراسة ثانية بالبحث في كيفية نمو العضلات ليكبر حجمها، ودراسة ثالثة بحثت في أي نوع في المتوسط سيكون النمو الأمثل لخلق شرائح اللحم داخل المختبر، وسريعا نفذ المال وتقيد المشروع مرة أخرى.
5- ومؤخرا هذا العام، اتصل فاعل خير بالبروفيسور "بوست" الذي عمل لفترة قصيرة مع زملاء الدكتور "إيلين" وعرض عليه أن يدفع له لصناعة برجر من لحم الخنزير يشبه أكثر أنواع البرجر تكلفة.
ألقِ نظرة على انبعاثات الكربون الناتجة عن عملية إنتاج اللحوم، والمبرر واضح.. تصل حسابات تربية المواشي حوالي 18% من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة من صنع الإنسان، أكبر من الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل.
ويخبرنا العلماء أن عملية تربية الحيوانات للحصول على اللحوم عمل غير فعال وضار بالبيئة، حيث تتوقع الأمم المتحدة أن الطلب العالمي على اللحوم سيتضاعف بحلول عام 2050، مما سيزيد هذه المشكلة سوءاً، وعلى قمة كل هذا حوالي 80% من كل الأراضي الزراعية مسخرة لإنتاج اللحوم، كما تستهلك الماشية نحو 10% من إمدادات العالم من المياه العذبة، وبذلك تصبح تربية الحيوان مهمة مكلفة جدا.
وبعد ذلك يُطلب منا الرفق بالحيوان، ويعتقد البروفيسور "بوست" أنه يشعر معظم الناس أن الطريقة التي نربي بها اللحوم هذه الأيام أقل مما يرضينا، ويعتقد أن كل شخص يعلم بشكل غير واعٍ أن الطريقة التي ننتج بها اللحوم غير دائمة وغير صديقة للحيوانات.
رددت منظمة حقوق الحيوان هذه النداءات مطالبة الناس بالمعاملة الرحيمة للحيوانات، وأعلنت منظمة "بيتا" عن جائزة مليون دولار لأول شركة تمد محلات الطعام باللحوم الاصطناعية في ست ولايات أمريكية على الأقل بحلول عام 2016.
وصرح البروفيسور "مارك" أن هذه الطريقة تملك أفضل فاعلية، فبها يتم التحكم في الخلايا الجذعية الجنينية بطريقة صحيحة، وهذا يمكن أن ينتج العديد من أطنان اللحوم، لكن يعتقد البروفيسور أن السيطرة على تمايز الخلايا الجذعية الجنينية صعب للغاية.
وبينما تمكنوا من اكتشاف كيفية توجيه الخلايا الجذعية الجنينية للنمو في البشر والفئران وخلايا القرد الهندي، لكن التحكم في الخلايا الجذعية الجنينية من الأبقار والخنازير أثبتت أنها أكثر صعوبة، ولسبب ما لا يمكنهم فعل ذلك ولا يعرفون سبب ذلك حتى الآن.
وبدلا من ذلك يستخدم البروفيسور حاليا نوعاً من الخلايا تسمى (myosatellites) وهي شكل من الخلايا الجذعية العضلية تستخدم بشكل طبيعي بواسطة الجسم لإصلاح العضلات التالفة.
ويمكن انتزاعها من الحيوان الكبير بدون قتله، ولها مميزات عديدة هي:
- خلايا ذات طريق واحد؛ أي أنها يمكن أن تصبح خلايا عضلية فقط.
- عندما تتكاثر الخلايا العضلية بها تميل بصورة طبيعية للتنظيم في ألياف العضلات.
- كل ما يحتاج البروفيسور فعله في هذه الحالة لتكوين شريط من العضلات هو توفير نقاط الربط للألياف حتى تنمو حولها وتتكون العضلات بنفسها تلقائيا.. إنها عملية تشبه السحر.
ولتحقيق ذلك قام بعض الباحثين بتجربة إعطاء العضلات النامية صدمات كهربية صغيرة جدا لتحفيزها على النمو، ويصرح البروفيسور أن هذه الطريقة تحفز النمو بنسبة 10% فقط، كما أن الطاقة المطلوبة لذلك ستكون مكلفة للغاية لجعل اللحوم المنتجة بهذه الطريقة مجدية من الناحية التجارية.
وبعد مرور أسابيع قليلة، تنمو خلايا العضلات وتتحول إلى قطع يبلغ سمكها مليمترات وطولها من 2 إلى 3 سنتيمتر، لكن لا يمكن أن تكون أكثر سمكا من ذلك في الوقت الحاضر لعدم وجود طريقة للحصول على الأكسجين والغذاء داخل الخلايا في مركز القطعة، فلو زاد السمك أكثر من ذلك سيسبب موت الخلايا المركزية بسبب نقص الأكسجين والعناصر الغذائية.
وعلى المدى الطويل، يخطط البروفيسور لتطوير شبكة معقدة يمكن من خلالها نقل الأكسجين والعناصر المغذية إلى مركز القطعة مما يسمح لها بالنمو أكثر سمكا، ويرفع إمكانية إنتاج قطعة من العضلات سميكة بدرجة كافية ليتم إعدادها مثل شريحة اللحم.
ومن حيث المبدأ يمكن استخدام أي حيوان متوفر لدينا كمصدر للحوم مثل لحم الخنزير، السمك والدجاج.. المقصود أي حيوان يحتوي على خلايا من نوع (myosatellite) في عضلاته.
ويؤمن أن المشروع بحاجة إلى دعاية كبيرة توضح للناس أن هذا النوع من اللحم الاصطناعي آمن ولا يختلف إطلاقا عن اللحم الطبيعي؛ لأن بعض الناس يعتقدون أنه من المواد الغذائية المعدلة وراثيا، لكنه ليس كذلك لأنه يستخدم نفس العملية التي تحدث تماما في الطبيعة.
ويضيف أننا كنا نشتري اللحم منذ بعض العصور من بيوت الفلاحين، أما الآن نشتريها من المصنع فلماذا لا يحدث ذلك مع اللحوم؟
كما أن قتل الحيوانات من أجل اللحوم سيصبح شيئا من الماضي، لكن مازال إنتاج اللحوم بهذه الطريقة الحديثة يتطلب بعض الحيوانات، وسنحتاج إلى مزارع لأننا بحاجة إلى بعض قطائع المتبرعين منهم لإمدادنا بالخلايا الجذعية، ومع ذلك سيكون هناك مستوى منخفض من تربية الماشية وحفظها، لكنها ستكون جزءاً صغيراً جدا عن ما يحدث الآن.
التغلب على طعم اللحم الاصطناعي في المختبر واحدة من أصعب العقبات التي قابلت البروفيسور وزملاءه حتى الآن، ويضيف أنهم لا يعرفون من أين يأتي طعم اللحم ويفترضون أنه ينتج عن الدهون الموجودة بها، لكن ربما هناك مكونات أخرى معظمها غير معروفة مما يضفي نوعاً من الغموض وما هي الظروف التي يجب توافرها خلال زراعة اللحم وتؤثر على المذاق.
الشخص الوحيد الذي تذوق طعم اللحم الاصطناعي صحفي في التلفزيون الروسي قام بزيارة للمختبر العام الماضي، حيث قام بانتشاله من الطبق ووضعه داخل فمه قبل أن يتمكن البروفيسور من قول أي شيء، وكان جوابه أن هذا اللحم يحتاج مزيداً من المضغ ولا طعم له.