نسمع كلاماً متناقضاً حول القهوة، فهل شربها ضار بالصحة ؟ وهل للكافيين تأثير على البول ؟

هذه أهم نقطتين في رسالتك ، واسمح لي بشيء من التفصيل في الإجابة التي تنتج لانتشار شرب القهوة. مرت القهوة بمرحلتين تاريخيتين من ناحية نظرة الناس والأطباء لتأثيراتها الصحية. في السابق كان يُعتقد أنها ضارة وتتسبب بالأمراض ، كأمراض القلب أو السرطان أو غيره.


ثم ، وبعد صدور العديد من الدراسات الطبية الحديثة ، تغيرت النظرة وأصبحت أقرب للواقعية. وتبين من مجمل تلك النتائج التي من الصعب جداً القول بتسبب القهوة في الإصابة بالأمراض المزمنة ، بل إن المؤشرات العلمية تدل على أنها ربما مفيدة في الوقاية من بعضها ، كمرض السكري ، وربما لا تؤثر سلبي لها على بعض من الأمراض الأخرى ، كالقلب أو السرطان. وهناك من يجزم من الباحثين الطبيين أن لا تأثيرات ضارة لشربها.

والأساس في كل شيء أن الأفضل هو الاعتدال ، وخاصة فيما يتعلق بالمأكولات أو المشروبات. وأن تتناول الشيء المفيد ، أو عديم الضرر ، قد يتحول إلى شيء ضار عندما تتم إضافة عناصر أخرى إليه.

بمعنى أن أدلة علمية قوية جداً في عدم تسبب القهوة بأضرار صحية. لكن أدلة أدلة أخرى قوية على أن الإكثار من تناول السكر أو الدهون والكولسترول في الحليب ، هو شيء ضار. وعليه فإن التأثيرات الصحية لشرب القهوة الممزوجة بالسكر أو بالحليب ، هي غير تلك لشرب القهوة النقية. والأمر إلى حد كبير مشابه لتناول الكاكاو ، أو الشوكولاتة ، من ناحية فائدتها الصحية حينما تكون نقية دون إضافات السكر والزبدة والحليب. هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإن علينا الالتفات لأحد العناصر الكيميائية في القهوة الطبيعية ، وهو الكافيين.

وما تشير إليه المصادر الطبية أن تناول حوالي 300 مليغرام من هذه المادة، يومياً، غير ضار لغالبية الناس، أي ما يُعادل شرب ثلاثة أقداح من القهوة العادية. كما تشير إلى أن تناول كميات تفوق 600 مليغرام قد يتسبب بالتوتر والقلق وسرعة التهيج وقلة النوم والصداع وزيادة نبض القلب وغيرها.

وفي نفس الوقت تشير كذلك إلى أن ثمة أشخاصا لديهم «حساسية» للكافيين، بمعنى أنهم يتأثرون سلبياً بتناول كميات قليلة، قد تكون عادية لأناس آخرين. وتلك «الحساسية»، أو سهولة التأثر، تعتمد على العمر وحجم الجسم ومدى التعود على تناول الكافيين والمستوى الصحي للجسم والتدخين وتناول أدوية معينة.

وبالعموم ، فإن تناول كميات من الكافيين تُقارب تلك التي في ثلاثة أو أربعة أو خمسة أقداح من القهوة ربما ليس سبباً في زيادة إدرار البول ، يمكن ليس سبباً في الجفاف. لكن تناول كميات تفوق 6 أقداح ، أي أكثر من 600 مليغرام من الكافيين ، ربما يُؤدي إلى زيادة التبول لدى معظم الناس. ومع هذا ، فإن من الطبيعي أن يزداد بول الإنسان عند شرب السوائل. وبالتالي فإن زيادة التبول بعد شرب قدحين متتاليين ، عزيزي ، من القهوة ، ليس بسبب تأثير الكافيين على الكلى ، بل بسبب شرب حوالي نصف لتر من الماء.