هل زيادة عدد ساعات النوم سبب في السمنة أم أن قلة عدد ساعات النوم سبب فيها؟
![](/UserFiles/News/2020/01/01/-7983.jpg?200101000000)
هذا ملخص رسالتك حول ما تسمعينه من أن قلة النوم سبب في السمنة، وأنت كنت واضحة في تفريقك بين الكسل عن القيام بالمجهود البدني وكثرة أو قلة عدد ساعات النوم، وهذا صحيح لأننا حينما نتحدث عن كثرة النوم لا يعني هذا تلقائيا الكسل عن أداء المجهود البدني وممارسة الرياضة، وحينما نتحدث عن قلة النوم لا يعني هذا تلقائيا زيادة النشاط في ممارسة الرياضة.
- وربما ثمة من ينام كثيرا ويمارس الرياضة اليومية، ومن لا ينام كثيرا ولكنه يكسل عن القيام بالحركة والنشاط البدني اليومي، وعكس هذا كله صحيح. وبالفعل هناك حالات قام فيها أشخاص بممارسة الرياضة اليومية وحسبوا كمية السعرات الحرارية (كالوري) المفقودة من خلال ذلك الجهد البدني، ولكنهم لم ينقصوا في الوزن بما يوازي ما توقعوه نتيجة لطول أو قصر ساعات النوم عن النصيحة الطبية المعتدلة.
- والحقيقة أن هناك علاقة عكسية بين كثرة أو قلة النوم ومستوى نشاط عمليات التمثيل الغذائي وإنتاج الطاقة. وكثيرة هي المصادر الطبية التي ربطت رقم سبعة بسلوكيات نمط الحياة الصحية، والرقم سبعة في جانب النوم هو النصيحة الطبية للبالغين من الجنسين بنوم سبع ساعات في الليل يوميا، وهو أحد أهداف برنامج «صحة الناس» لعام 2020 بالولايات المتحدة.
ومما تلاحظه الأوساط الطبية أن العقود القليلة الماضية شهدت ارتفاعا في معدلات الإصابة بالسمنة، يرافقه ارتفاع في معدلات الأرق وقلة النوم، وخاصة قلة النوم في ساعات الليل. وتحديدا، وجد في الولايات المتحدة، وكثير من دول العالم اليوم، أن نحو 37% من البالغين لديهم سمنة، وفق التعريف الطبي الدقيق لـ«السمنة» كحالة مرضية منفصلة تماما عن حالة «زيادة الوزن». وبمرافقة هذا الارتفاع في السمنة هناك أيضا ارتفاع في معدلات نوم أقل من ست ساعات يوميا في وقت الليل، والنسبة بالولايات المتحدة تتجاوز 32%من البالغين. ورقم ست ساعات نوم في اليوم تشخص طبيا بأنها «حرمان جزئي من النوم اللازم».
وحينما يحرم الإنسان نفسه، أو لأسباب خارجة عن إرادته، عن النوم سبع ساعات، كأن ينام ست ساعات مثلا أو أقل، فإنه لا يتعرض فقط للتوتر وسهولة إثارة العواطف السلبية لديه، كالغضب أو الحزن، بل هناك تغيرات سلبية تطال التفاعلات الكيميائية التي تجري في الجسم لضبط توازنات عمليات إنتاج الطاقة.
وهناك تأثيرات تتسبب بفوضى في عمليات إنتاج هرمونات الشهية وتفاعل مناطق في الجهاز العصبي والجهاز الهضمي معها، وبالتالي تفاوت في إنتاج هرمون الشهية تلبية لاحتياج الجسم الطبيعي، وكذلك تفاوت في الاستجابة الطبيعية لكمية هرمونات الشهية. وبالتالي، ووفق ما تؤكده دراسات طبية بالولايات المتحدة وغيرها، ترتفع احتمالات الشعور بالجوع ومعدلات تناول الأطعمة، وأيضا تدن في حرق مصادر إنتاج الطاقة بالجسم، أي تدني استهلاك مخزونات الشحوم.
وأيضا بالإضافة إلى تدني استهلاك الشحوم، هناك فوضى في توزيع تراكم الشحوم في الجسم، وتحديدا زيادة تراكمها في منطقة البطن بالمقارنة مع تراكم الشحوم طبيعيا في منطقة ما تحت الجلد وفي منطقة الأرداف والأفخاذ.
ولاحظي معي أن عيش الحياة بطريقة صحية هو منظومة متكاملة مكونة من عدة عناصر مترابطة، بمعنى أننا حينما نقرر أن نحافظ على صحة الجسم فإننا لا نستطيع أن نهتم بصحة العظام فقط وننسى الرئة، أو أن نهتم بصحة القلب ونهمل صحة الكبد. وحينما يقال: «سلوك نمط صحي في عيش الحياة اليومية» فإن المقصود يشمل كمية الطعام وأوقات تناول الطعام ومقدار ممارسة النشاط البدني ونوم عدد ساعات كاف من الليل يوميا وتحاشي الغضب والبعد عن أسباب التوتر، فهي منظومة متكاملة تُعطي الإنسان فرصة كي يحيا حياة طيبة مريحة ونتيجتها صحة في الجسم.