هل المنتجات الغذائية العضوية أفضل من بقية المنتجات الأخرى، ولماذا؟
هذا ملخص رسالتك عن موضوع انتشار الأطعمة العضوية، وذكر البعض أنها صحية وأفضل من المنتجات الغذائية التي لا تراعي عناصر إنتاج الأطعمة العضوية. وعلينا مراجعة أمرين، الأول ما هو تعريف المنتجات العضوية؟ وذلك لنرى ما إذا كانت بالفعل تتبعها المزارع التي تقول عن منتجاتها أنها عضوية، أي تنطبق عليها شروط تصنيف الأطعمة. والثاني هل توجد أدلة علمية وتوصيات من هيئات طبية عالمية حول هذا الأمر؟
وبداية أتفق معك أن ثمة اليوم زخما إعلاميا حول الدعاية لتفضيل تناول المنتجات الغذائية، من لحوم وخضار وفواكه وحبوب وبقول ومشتقات ألبان، وأن المستهلك حريص على الحصول على الأفضل لصحته. ووفق التعريفات العالمية، فإن الأطعمة العضوية هي منتجات المزارعين الذين يحرصون على استخدام موارد متجددة ويحافظون على التربة والمياه للإبقاء على نوعية عالية من سلامة البيئة للأجيال المقبلة. أي إن سلسلة العمليات الإنتاجية لها لا تستخدم فيها طرق الإنتاج التقليدي المنتشرة حاليا.
وبعبارة أخرى، بألا يكون تنشيط عملية نمو النباتات باستخدام الأسمدة المصنوعة بطريقة كيميائية، بل باستخدام أسمدة طبيعية كروث البقر أو مخلفات المواشي الأخرى. وأن القضاء على الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية لا يتم باستخدام المبيدات الحشرية الكيميائية الصناعية، بل باستخدام مواد طبيعية أو استخدام الطيور للقضاء على الحشرات أو استخدام الأساليب القديمة لمنع تزاوج الحشرات وتكاثرها. ولكن هناك نقطة مهمة وهي أنه عند ظهور وباء في المحاصيل لا يُمكن السيطرة عليه، فإن بالإمكان استخدام مبيدات حشرية مأخوذة من مواد طبيعية أو صناعية، ومع ذلك يبقى تصنيف هذا المنتج الغذائي بأنه عضوي.
كما يشمل التعريف ضرورة عدم استخدام التقنيات الحديثة في الحفظ والتغليف كالمواد الحافظة وغيرها من أساليب الكيمياء الحيوية أو التعقيم باستخدام المواد المشعة أو غيرها. ولا تُستخدم أيضا فيها تطبيقات التعديل الجيني بالهندسة الوراثية. والأمر الآخر المهم في تعريف المنتج العضوي هو أن تربة المزرعة يجب أن لا تكون قد تعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية لأي من تلك المواد الممنوعة، أي الأسمدة العضوية والمبيدات الحشرية والفضلات البشرية وغيرها. بعبارة أخرى، لا يستطيع المزارع تحويل مزرعة تقليدية إلى مزرعة عضوية بين ليلة وضحاها.
وفي شأن منتجات اللحوم والدواجن ومشتقات الألبان والبيض، فإن العضوية منها هي التي لا تستخدم في إنتاجها مضادات حيوية أو هرمونات النمو أو أعلاف تقليدية، بمعنى أنه منذ الثلث الأخير للحمل بالعجول أو غيرها، وبدءا من اليوم الثاني لتفقيس البيض بالنسبة للدواجن، يجب أن تتلقى الحيوانات والدواجن تغذيتها بأعلاف عضوية المصدر 100%. ويجب أن تُترك الحيوانات لترعى في المراعي الخارجية، أي خارج أماكن مبيتها.
ولزيادة نمو حجمها ووقايتها من الأمراض يمكن إعطاؤها فيتامينات أو معادن، وحتى لقاحات الأمراض التي قد تصيب الحيوانات. مع الحرص على توفير أماكن مبيت ذات مواصفات خاصة من ناحية الشكل والتصميم والتهوية والتنظيف وسعة المكان لحركتها وغير ذلك. ولذا علينا ملاحظة أمر مهم، أن هناك فرقا بين المنتجات العضوية الحقيقة التي تنطبق عليها شروط التعريفات العالمية وبين كل مما تراه في السوبرماركت ويقال عنه إنه منتجات عضوية طبيعية، أو التي يكتب عليها أنها من مزارع مكشوفة وغير محمية، أو الخالية من الهرمونات، أو مغذاة بسماد طبيعي أو غير ذلك.
وبعض الناس قد يفضل المنتجات العضوية ويجد فيها طعما أفضل أو أقرب لما كان عليه الحال قديما، ولكن من الناحية الطبية ووفق تعليقات الهيئات الطبية العالمية على الموضوع، لا يوجد أي تأكيد علمي يصف المنتجات العضوية التي تلتزم بالقيود والشروط اللازمة لإنتاجها بأنها صحيا أفضل من غيرها.
وفي شهر سبتمبر (أيلول) الحالي نشرت مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية مراجعة علمية لمئات الدراسات الطبية التي تناولت بالبحث هذا الأمر، وخاصة في جانبين. الأول مدى تلوث المنتجات العادية غير العضوية بالأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية الكيميائية وتأثيرات ذلك الصحية على متناوليها. والثاني مدى توفر المعادن والفيتامينات وغيرها من العناصر الغذائية في المنتجات العضوية مقارنة بالمنتجات الأخرى.
وخلص الباحثون إلى نتيجة مفادها أنه لا إثباتات علمية من كل تلك الدراسات على أن صحة الناس الذين يحرصون على تناول المنتجات العضوية هي أفضل من غيرهم الذين يتناولون منتجات عادية. بل طرحوا مشكلة ارتفاع سعر المنتجات العضوية مقارنة بأي منتجات أخرى.