اثنان من أبنائي الأربعة يصابون بغثيان وتعب خلال السفر بالسيارة، وأحيانا خلال المشاوير الطويلة بالمدينة، بماذا تنصح؟
إن مرض السيارة نوع من أنواع ما يعرف طبيا بـ«دوار الحركة»، ويحدث دوار الحركة عندما يتلقى الدماغ معلومات متضاربة من أجزاء استشعار الحركة المنتشرة في الجسم، مثل الأذن الداخلية، والعينين، والأعصاب في الأطراف.
تخيلي معي طفلا صغيرا يجلس في وضع منخفض في المقعد الخلفي للسيارة، من دون أن يتمكن من رؤية ما هو حاصل حوله خارج النافذة، أو طفلا كبير السن يجلس وهو يقضي وقت المشوار في قراءة كتاب ما في السيارة.
في هذا الوضع، تحس الأذن الداخلية للطفل بحركة جسمه وهو في السيارة، ولكن عينيه والمفاصل لا تفعل ذلك، أي لا تحس ولا تشعر بما تشعر وتحس به الأذن الداخلية، مما يعني أن الدماغ يتلقى من مصدر معلومات، ويتلقى من مصدر آخر معلومات أخرى مخالفة عن وضعية الجسم الواحد للطفل وعن تحركه. ولذا قد تكون النتيجة اضطراب في المعدة، وعرق بارد، والتعب، والدوار، وفقدان الشهية والتقيؤ.
والواقع أنه ليس من الواضح طبيا لماذا يصيب دوار السيارة بعض الأطفال أكثر من غيرهم. وفي حين أن المشكلة لا تبدو أنها تؤثر على معظم الأطفال الرضع والأطفال الصغار، فإن ثمة منْ يعتقد أن الأمر له علاقة بتطور نمو الدماغ أو بشخصية الطفل أو عوامل أخرى لا نعلم على وجه الدقة ما هو الصحيح منها.
وتنبهي معي أنه لمنع إصابة الطفل بمرض دوار السيارة، يمكن العمل على تقليل ما يعرف طبيا باختلاط المداخلات الحسية. أي العمل على تشجع طفلك على النظر إلى الأشياء خارج السيارة بدلا من التركيز على الألعاب، والكتب، أو الأفلام داخل السيارة. وذلك لكي يتلقى الدماغ معلومات صحيحة ومتوافقة من أجزاء الجسم كافة عن الجسم نفسه وموقعه في العالم حوله. كما يمكن عند السفر بالسيارة لمسافات طويلة، جعل بقاء الطفل في السيارة ضمن حالة القيلولة، أي النوم لفترة وجيزة.
كما أن من الضروري العمل من قبل الأب والأم على وضع خطة بعناية قبل الرحلة والاهتمام بوجبات الطعام التي يتناولها الطفل قبل السفر وأثناء السفر نفسه، أي أن لا تعطي طفلك أطعمة حارة أو أطعمة مشبعة بالدهون أو وجبة كبيرة قبل أو أثناء السفر بالسيارة.
وإذا كانت فترة السفر قصيرة، مثل ساعتين أو ثلاثة، فلا داعي للإكثار من تناول الطعام قبل أو أثناء السفر، بل يكون بعد السفر. وإذا كانت الرحلة طويلة أو يحتاج طفلك إلى تناول الطعام، فقدمي له وجبة خفيفة مثل البسكويت الجاف وكمية قليلة من العصير. وخلال الرحلة، عليك توفير التهوية المناسبة ذات البرودة النسبية، والحرص على إبقاء الرائحة خفيفة باستخدام كولونيا الليمون. وحاولي تشتيت ذهنه أثناء رحلة السيارة من خلال التحدث معه في أمور مفيدة أو قصص مشوقة.
واستخدام الدواء المفيد في مثل هذه الحالات يكون تحت توجيه الطبيب. وهناك عدة أدوية مفيدة للأطفال دون سن سنتين ومنْ هم فوق ذلك. وهذا يسأل الطبيب عنه، ولا مجال لذكره هنا.








