عمري في الثلاثينات، وتصيبني من آنٍ لآخر هالة غامقة في لون الجلد حول العينين، ما السبب؟ وماذا أستطيع أن أفعل لإخفائها أو إزالتها؟
هذا ملخص رسالتك، وواضح منها أن هذه الهالة تظهر حول العينين وليست حول عين واحدة، وأنها ليست موجودة دائما بل تظهر وتختفي، وأنك تستخدمين مساحيق التجميل لإخفائها.
دعيني أوضح بعض النقاط التالية حول هذه المشكلة التي يتعرض لها الكثيرون، كي يسهل فهمها وكيفية التعامل معها بواقعية.
أولا من ناحية آلية ظهور تلك الهالات السوداء أو الغامقة حول العين بالذات، عليك ملاحظة أن الجلد في المنطقة المحيطة بالعين، أرق وأقل أسباب الهالة الغامقة.
سماكة من جلد بقية الجسم. وتحديدا يبلغ سمك طبقة الجلد هناك نحو نصف مليمتر، بينما يبلغ في مناطق الجلد الأخرى نحو اثنين من المليمترات.
هذه الرقة في سماكة الجلد تسمح بسهولة رؤية الأوعية الدموية الموجودة تحت الجلد حينما تتوسع ويحتقن الدم فيها لأي سبب كان، وبالتالي يبدو الجلد غامقا بسبب ما يحصل في الأوعية الدموية وتجمع الدم فيها.
وكلما زادت شفافية الجلد، كما لدى ذوي البشرة الفاتحة، زاد وضوح ظهور الهالات الغامقة تلك.
والأمر أشبه بتغير لون الجلد بُعيد حدوث الكدمات التي تتسبب بتسرب الدم من الأوعية الدموية وتجمعه تحت الجلد.
وإضافة إلى إصابات العين والجلد من حولها بالكدمات، هناك أسباب عدة لتوسع الأوعية الدموية واحتقان الدم فيها، من أهمها وأكثرها شيوعا حالات الحساسية في الأنف، والحساسية الموسمية من القش وغبار الزهور والنباتات، والالتهابات في الجيوب الأنفية، والربو، والحساسية من بعض الأطعمة.
وهناك بعض الأدوية التي تعمل بعد تناولها على توسيع الأوعية الدموية، هي الأخرى قد تكون السبب لدى البعض.
كما أن زيادة شحوب لون الجلد سبب في زيادة شفافية الجلد، وبالتالي سهولة ظهور غمق لون الجلد المحيط بالعينين.
ومن أهم أسباب شحوب لون الجلد هو فقر الدم أو الأنيميا، وخصوصا أنيميا نقص الحديد.
وسبب شحوب لون الجلد في حالات الأنيميا هو تدني توفر الأكسجين نتيجة لنقص مادة الهيموغلوبين في حالات فقر الدم.
وإضافة إلى سوء التغذية فإن الحمل والدورة الشهرية هما من أهم أسباب أنيميا نقص الحديد لدى النساء.
ويضاف إلى رقة سماكة الجلد عامل آخر، وهو درجة عمق التركيبة العظمية للجمجمة، وخصوصا العين والعظام المحيطة بها.
وهي ما يشكل مجالا أكبر لتكوين الظل وبالتالي غمق اللون للمنطقة المحيطة بالعين.
وهناك حالات وراثية تتوسع فيها الأوعية الدموية حول العين أسوة بتوسع الأوعية الدموية في دوالي الساقين، كما يحصل تناقص في كمية كولاجين الجلد الذي يعطيه شيئا من سماكته وترابطه، وبالتالي تظهر الهالات السوداء أو الغامقة إما بشكل دائم وإما بزيادة تدريجية.
كما أن هناك آليات أخرى لا علاقة لها بالأوعية الدموية مرتبطة بزيادة تراكم صبغات ميلانين الجلد، وهي غالبا تحصل في بعض الحالات، كما في الهالات الغامقة الوراثية التي تكون طوال الوقت وخصوصا مع تقدم العمر.
ومن الأسباب الشائعة أيضا، الإجهاد وقلة النوم. وهذا يلاحظه الكثيرون. والسبب أنهما يتسببان في شحوب الجلد، ما يجعل من الأسهل رؤية غمق الأوعية التي تحت الجلد.
وهناك سبب منتشر نسبيا في نشوء تلك الهالات الغامقة اللون، وهو تورم المنطقة المحيطة بالعين. أي انتفاخها نتيجة لتراكم المياه في الأنسجة المحيطة بالعين. وهذا قد يحصل في حالات أمراض الكلى أو الكبد أو تجمع المياه في الجسم بحالات ضعف القلب وغيرها. كما قد يحصل لأسباب مرضية، مثل تجمع المياه في جسم المرأة ما قبل بدء فترة الحيض في الدورة الشهرية. ومثل أيضا زيادة تناول الملح. وهذا التورم يشد الجلد ويرقق سماكته، وبالتالي وضوح الأوعية الدموية التي تحت جلد ما حول العينين.
ثانيا من ناحية المعالجة، لا يوجد علاج موضعي أو على هيئة حبوب أو حقنة ثبتت فائدته كعلاج يصلح لكل الحالات في إزالة هذه الهالات الغامقة أو السوداء. ومع هذا هناك بعض المؤشرات العلمية التي تدل على احتمال جدوى بعض الوسائل المنزلية لتخفيف غمق لون هذه الهالات.
وفكرة المعالجات المنزلية هي تخفيف مسببات نشوء الهالات الغامقة هذه، مثل وضع شرائح من الخيار الطازج على سطح جلد ما حول العين، وليس العين نفسها أو حواف الجفون، وهو ما قد يفيد في شد الجلد وتخفيف رقة سماكته. وكذلك الحرص على تخفيف تناول الملح، وشرب الماء بكميات يومية كافية. وربما يفيد أيضا وضع ثقل طفيف على جلد ما تحت العين، أي ما يُعادل أكياس الشاي الورقية الصغيرة المبتلة بالماء. وكذا من المفيد جدا تخفيف التعب والإرهاق في الحياة اليومية وتعديل نظام النوم اليومي لنيل القسط اللازم والكافي منه.
وفي الحالات الناجمة عن الحساسية وتوابعها، يكون من المفيد الحرص على تمام معالجة لتلك الحالات وفق إرشادات الطبيب. وهناك دراسات غير جازمة في نتائجها تدل على أن وضع مستحضرات طبية محتوية على مواد ريتانول وفيتامين كيه أو مواد هديروكوينون، قد يكون مفيدا إذا ما تم استخدامها بانتظام تحت الإشراف الطبي ولفترات زمنية تصل إلى بضعة أشهر.
وعلى كل ما تقدم، يتضح لك السبب المحتمل لديك وكيفية العمل على تخفيف نشوء الهالات تلك.