ما حقيقة علاقة تناول اللحوم المشوية أو المدخنة بالإصابات السرطانية؟

نحتاج إلى التأني في موضوع تسبب مواد كيميائية معينة في ارتفاع الإصابات بأحد أنواع الأمراض السرطانية. وصحيح أن هناك مواد كيميائية تصنف من قبل الهيئات الصحية العالمية بأنها «مواد مسرطنة»، إلا أن الأمر ليس مطلق الوصف.


والسبب هو أن توصل الباحثين إلى نتيجة مفادها أن مادة ما هي «مادة مسرطنة»، لا يعني بالضرورة إثبات ذلك على البشر، بل ربما كان نتيجة لملاحظة تأثيراتها على حيوانات التجارب في المختبرات.

كما أن الهيئات العلمية تضيف معلومة مهمة عن تلك المادة، وهو مقدار الكمية التي إذا ما تعرض لها الجسم ظهرت الإصابة السرطانية. وأبسط مثال على «الكمية» هو أشعة الشمس التي لها علاقة بارتفاع الإصابة بسرطان الجلد، ولكن عند التعرض لفترات طويلة، وفي أوقات معينة من النهار، ولدى من لديهم قابلية في الأصل للإصابة بسرطان الجلد. الأبحاث الطبية تحدثت عن مادتين كيميائيتين في اللحوم المشوية لها علاقة بالإصابات السرطانية.

واللحوم المشوية يقصد بها اللحوم الحمراء للضأن والبقر وغيرها، واللحوم البيضاء في الدواجن والأسماك.

المادة الأولى هي «الأمينات متباينة الحلقات» HCAs. وهي التي تقول المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة وغيرها من الهيئات الصحية العالمية أنها من «المتوقع» أن تكون سببا في الإصابات السرطانية.

وهذه المادة تنشأ في اللحوم حينما تشوى إلى حد الاحتراق. وحينما تمت تغذية حيوانات التجارب في المختبرات بهذه المادة نشأت إصابات سرطان القولون والثدي والبروستاتا.

إلا أن التجارب على البشر لإثبات هذا الأمر لم تصل بعد إلى نتائج حاسمة.

والمادة الثانية هي «الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات» PAHs. وهي مواد تنشأ حينما تتساقط قطرات دهون اللحوم المشوية على الجمر، وتتبخر لتلتصق باللحوم مجددا. ومن ثم يأكلها الإنسان.

ومن المهم ذكره أن المادة الأولى المذكورة لا تتكون فقط عند الشواء، بل حتى عند طهي اللحم في الماء لمدة أكثر من اللازم.

وأن المادة الثانية يمكن أن تنشأ عند الشواء في الفرن أو طهي اللحوم على الصاج، كما في أقراص لحوم الهمبورغر أو غيرها.

وهناك عدة حلول عملية تنصح بها الهيئات الطبية العالمية للحصول على شواء صحي خال إلى حد كبير من تلك المواد المتهمة بالتسبب في السرطان، مثل عدم الإفراط في طهي اللحوم بالعموم، وعدم تعريضها خلال الطهي لدرجات حرارة عالية ولمدة طويلة، وتحاشي إضافة طبقات الشحم إليها، أو شواء اللحوم المختلطة بالشحوم، والاهتمام بإضافة قطع من الخضراوات بين قطع اللحم، والحرص على «تتبيل» اللحم قبل الشواء، من خلال غمره في الخل أو مرقة «ترياكي» اليابانية أو أوراق الروزماري أو الكركم الأصفر.

وهذا الأمر أثبتت التجارب العلمية أنه يقلل من تكون المواد تلك بنسبة قد تصل إلى ما بين 50 إلى 70%.