والدتي لديها ارتفاع ضغط الدم. وأُصيبت بصعوبة في الكلام. وأخبرنا الطبيب بأنها جلطات خفيفة لأنها زالت بعد حوالي يوم. لكنها تكررت ثم أُصيبت بشلل نصفي. هل كان ثمة ما يُمكن فعله لتجنب ذلك ؟

القصة من المُقدر أن تحصل بهذه الطريقة التي ذكرتها، لكن كان من الممكن فعل الكثير. والطبيب حينما راجعته الوالدة لأول مرة بعد حصول الشلل النصفي، قصد بكلامه «جلطة خفيفة» أن أعراضها على نطق الكلام زالت تماماً خلال 24 ساعة. وإلا فإنها ليست خفيفة بمعنى أنها هينة وغير ذات شأن أو أهمية.


الإشكالية هي أن غالبية الناس الذين يُصابون بما يُسمى جلطات خفيفة لا يُراجعون مباشرة الطبيب أو قسم الإسعاف في المستشفى، وخاصة لأن الأعراض غالباً ما تزول خلال ساعات أو ربما دقائق ويعتقد المرء أو ذووه آنذاك أن السبب هو حصول إرهاق أو ما شابه.

والحقيقة أنها ليست ذلك بل هي «منذرات» بأن «مشكلة ما» تجري فصولها في الدماغ. وللأسف تشير الإحصاءات أن أقل من 10% ممن يتعرضون لهذه الجلطات الخفيفة يُراجعون الأطباء مباشرة. ونسبة مهمة ممن يُعانون من هذه الجلطات الخفيفة يُصابون بجلطات دماغية أكبر خلال بضعة أيام.

ولذا فإن أعراضاً مثل صعوبة مفاجئة في الكلام أو عدم القدرة عليه، أو عدم القدرة على فهم ما يقوله الآخرون، أو حصول ضعف في الحركة أو الإحساس للوجه أو القدمين أو اليدين، أو اضطرابات في إبصار إحدى العينين أو كلتيهما أو ضعف أو عدم قدرة على الوقوف، أو اختلال الحفاظ على توازن المشي، هي كلها علامات منذرة يجب التعامل معها بجدية.

المشكلة الأعمق هي حرج البعض من الشكوى للأطباء بإصابته بأي من الأعراض المرضية، وخاصة عند حصولها وزوالها، واعتقادهم أن الأمر لا يستدعي زيارة الطبيب أو الذهاب للإسعاف، أو شعورهم بأنهم قد يكونون مزعجين للأطباء إذا ما أتوا إلى المستشفى دونما داع، على حد ظنهم.

وهذا من الخطأ الواضح، لأن الأطباء والمستشفيات ليست فقط لخدمة المرضى المعروف تشخيص أمراضهم، بل هي لمن يشكون من أمور صحية غير طبيعية وغير معتادة لمعرفة ما إذا كانت علامات على وجود أمراض أو لا علاقة لها بالمرض. وحتى عند اكتشاف الطبيب أن الأمر هين وليس مرضاً، فما الحرج من الذهاب للمستشفى للاطمئنان طالما أن الطبيب موجود لخدمته .