العزوبية والعنوسة تثيران القلق لدى العلماء الأميركيين
12:00 ص - الخميس 17 نوفمبر 2011
في سبتمبر (أيلول) الماضي أقيم احتفال ربما لم يسمع به الكثيرون، وهو الاحتفال بالأسبوع الوطني للأميركيين غير المتزوجين. ولكن ربما لم يكن عنوان الاحتفال كلمة مناسبة، لكن علماء الاجتماع والباحثين يقولون إن محنة الشخص الأميركي الأعزب قد أصبحت مدعاة لقلق متزايد.
ووفقا لمكتب الإحصاء السكاني فإن هناك نحو 100 مليون أميركي، أو ما يقرب من نصف عدد البالغين، غير متزوجين، ومع ذلك يتم تجاهلهم من قبل السياسات المنحازة للمتزوجين، بدءا من قوانين الإجازات العائلية وانتهاء بمعدلات التأمين المنخفضة.
عزاب مظلومون
تقول نعومي جيرستل، وهي عالمة اجتماع في جامعة ماساتشوستس في إمهرست، التي نشرت عددا من البحوث التي تقارن بين المتزوجين وغير المتزوجين: «هناك ضغط، سواء في المجتمعات السوية أو المجتمعات الأخرى (المثليين)، لدفع الناس للزواج، بناء على فرضية أساسية مفادها أنه إذا كنت أعزب فلا بد أن هناك خللا ما لديك».
وأضافت: «ولكن هناك نسبة كبيرة من السكان من غير المتزوجين، وسيزداد عدد السكان العزاب نموا. وفي الوقت ذاته، تتجه كل التحركات الوطنية نحو تقديم منافع للمتزوجين فقط، مما يترك العزاب مهملين بلا أدنى اهتمام».
بيد أنه كما تلاحظ هي وغيرها من الخبراء، غالبا ما يساهم العزاب بشكل أكبر في المجتمع، لأن الإنسان بمجرد أن يتزوج يميل إلى وضع طاقته وتركيزه في شريك حياته وعائلته على حساب صداقاته وعلاقاته المجتمعية وأقاربه.
وتشير الدكتورة جيرستل في تقرير صدر الشهر الماضي من قبل مجلس الأسر المعاصرة، إلى أنه في الوقت الذي تقدم فيه 68 في المائة من النساء المتزوجات مساعدة عملية أو روتينية لآبائهن، فإن 84 في المائة من اللاتي لم يتزوجن يقدمن مثل هذه المساعدة لآبائهن.
وأن 38 في المائة من الرجال المتزوجين يساعدون آباءهم، مقارنة بـ67 في المائة من الرجال الذين لم يتزوجوا. وحتى العزاب الذين لديهم أطفال (خارج الأواصر الزوجية، أو الانفصال) يكونون أكثر استعدادا للمساهمة على نطاق أكبر من دائرة أسرهم الضيقة.
وقالت الدكتورة جيرستل: «إن غير المتزوجين، سواء أكان لديهم أطفال أم لم يكن، هم الذين من المرجح أن يقوموا برعاية أشخاص آخرين. فليس إنجاب الأطفال هو ما يعزل الناس عن بعضهم، بل الزواج».
كما يكون غير المتزوجين أيضا أكثر ارتباطا بأقاربهم، وأبناء وبنات أشقائهم. وبينما يرتفع معدل المشاركة التطوعية للمتزوجين في أنشطة أطفالهم، غالبا ما يكون غير المتزوجين أكثر ارتباطا بالمجتمع ككل. فنحو 1 من كل 5 أشخاص من غير المتزوجين يشارك في الأعمال التطوعية، مثل التعليم، وتدريب أطفال الآخرين، وجمع الأموال للجمعيات الخيرية، وتوزيع أو تقديم الطعام.
ووفقا للدكتورة جيرستل فإن هناك احتمالية أكثر في أن يقوم غير المتزوجين بتبادل الزيارات مع الجيران. والنساء اللاتي لم يتزوجن أكثر احتمالية للمشاركة في التجمعات، عن النساء المتزوجات.
تأخير الزواج
هذا، وتشهد ديموغرافيا غير المتزوجين تغييرا مستمرا، حيث يقضي المزيد من الأميركيين نسبة أكبر من حياتهم غير متزوجين. وفي حين تمضي حياة بعض الناس من دون أن يتزوجوا، يقوم غيرهم من البالغين، الذين يعدون الآن من العزاب، ببساطة بتأخير زواجهم لفترة أطول مما كان يفعل جيل آبائهم.
وكثير من الناس قد أصبحوا عزابا بسبب الطلاق أو وفاة الزوج. وتبلغ أعمار نحو سدس جميع البالغين من غير المتزوجين 65 عاما أو أكبر، وقرابة ثمن غير المتزوجين هم من الآباء.
العنوسة الصعبة
والضغط من أجل الزواج قوي، لا سيما بالنسبة للمرأة، وقد أجرى باحثون في جامعة ميسوري وجامعة تكساس التقنية دراسة عام 2009 بعنوان: «أنا فاشلة، لأنني غير متزوجة، الجميع ينظرون إلي»، حيث أجرى الباحثون 32 مقابلة مع نساء الطبقة المتوسطة في الثلاثين من أعمارهن، اللاتي كن يشعرن بالعار لأنهن لم يتزوجن.
وقال لورانس جانونج، رئيس قسم التنمية البشرية ودراسات الأسرة في جامعة ميسوري: «على الرغم من أن أولئك النسوة كن ناجحات جدا في حياتهن المهنية وحياتهن الخاصة، فإنهن كلهن تقريبا كن يشعرن شعورا سيئا لأنهن لسن متزوجات، وكأنهن خذلن شخصا ما».
أضاف: «إذا كان شخص ما يشعر بالسعادة لأنه أعزب، فعلينا أن ندعمه في هذا أيضا». ولدى بيلا ديبالو، وهي أستاذة زائرة في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، مصطلح للتمييز ضد الأشخاص العزاب، الذي تصفه بأنه أحد آخر التحيزات المقبولة، وقد ورد هذا المصطلح في عنوان كتابها الجديد «العزوبية: ما هي؟ ولماذا تحظى بالأهمية؟ وكيف نوقفها؟».
وكمثال على ذلك، تستشهد الدكتورة ديبالو بقانون الإجازة العائلية والطبية، فنظرا لأنها وحيدة وليس لديها أطفال، لا يستطيع أي شخص، أن يأخذ إجازة في ظل هذا القانون، لرعايتها إذا مرضت، كما لا يعطيها هذا القانون الحق في طلب إجازة لرعاية أحد أقاربها أو أصدقائها.
وتقول ستيفاني كونتز، مديرة الأبحاث في مجلس الأسر المعاصرة، إن المشرعين في كثير من الأحيان يهملون احتياجات العزاب، وذلك لأن وجهة نظرهم عفا عليها الزمن، فهي مبنية على أساس الطريقة التي نشأوا بها.
وقد وجدت كونتز في أثناء بحثها لمادة كتابها الأخير: «إثارة غريبة: سحر الأنوثة في النساء الأميركيات في مطلع الستينات»، أن الناس العزاب في الماضي كانوا غالبا ما يوصمون بأنهم «منحرفون» و«عصبيون» و«أنانيون».
وقالت: «إن لدينا ميلا إلى الاعتقاد بأن المتزوجين يتمتعون بمميزات خاصة، وأنهم هم الذين يحافظون على تقدم المجتمع والعائلة، ولذلك فقد فكرت في أنه من المهم أن نشير إلى أن العزاب يساهمون في تقدم مجتمعنا أيضا».