كتاب يزيح الستار عن العالم الداخلي لقصر باكنجهام
تحتفل ملكة بريطانيا، الملكة إليزابيث، بيوبيلها الماسي العام المقبل، وبالمناسبة أقيم عدد من المعارض، منها الذي تناول سيرة الملكة منذ طفولتها، وآخر عرض صورا نادرة للملكة في قصرها في بالمورال، وصورا أخرى لها مع زوجها الأمير فيليب، وذلك يضاف إلى العروض الفريدة التي تقدمها المجموعة الملكية لمجوهرات الأسرة المالكة.
ربما يعجبك
المناسبة تحمل ثقلا خاصة للبريطانيين، خاصة هؤلاء الذين يؤيدون الأسرة المالكة، ولم يفت محطة «بي بي سي» أن تقدم عددا من البرامج تدور حول تاريخ القصور الملكية، تقوم فيها المذيعة المعروفة فيونا بروس، بتخصيص حلقة للحديث عن تاريخ كل قصر على حدة، من قصر باكنجهام إلى قلعة ويندسور وقصر هوليرود في أسكوتلندا.
وعلى جانب آخر، يقوم الكاتب روبرت هاردمان بتقديم حلقات من كتابه «ملكتنا» (أور كوين) على صفحات جريدة «ديلي ميل»، يصور فيه خفايا قصر باكنجهام وحياة الملكة فيه بعيدا عن الأضواء.
الكتاب يزيح الستار عن عالم من الطقوس الملكية، والتغييرات التي حملت القصر العتيق والمؤسسة الحاكمة إلى القرن الحالي، عقب تخلصها من عدد من التقاليد القديمة البالية.
وحسبما يذكر هاردمان فإن الحياة في قصر باكنجهام تغيرت كثيرا، خاصة بالنسبة للعاملين فيه، فعبر عدد من التغييرات تغيرت حتى الصفات التي تطلق عليهم، فمبدئيا تم إلغاء استخدام كلمة «طاقم الخدمة»، وتم تحويلها إلى «طاقم العاملين» أو «ستاف»، وأصبح بإمكان العاملين في القصر الاستمتاع بالكثير من أجزاء القصر الملكي، بعد أن كانت قصرا على أفراد العائلة، فعلى سبيل المثال يذكر هاردمان أن العاملين في قصر باكنجهام وقصر سانت جيمس وكلارنس هاوس (مقر ولي العهد)، أصبح بإمكانهم استخدام حمامات السباحة الخاصة بالقصر، وأصبح من المعتاد أن يتشارك اللورد تشامبرلين (كبير الموظفين) مع عمال النظافة أو سكرتيرة أو سائق من قصر كلارنس هاوس في السباحة في «بحيرة الملكة»، تلك التي شهدت الأميرة ديانا كواحدة من مرتاديها المنتظمين، والأميرة مارغريت. وكذلك الوضع مع ملعب الاسكواش الذي دأب على استخدامه الأمير فيليب، ويذكر هاردمان أن الأمير قضى وقتا هناك يشغل نفسه باللعب بينما ينتظر ولادة ابنه الأول.
ويذكر التاريخ أن وجود أحد عمال القصر في أي من الأجنحة المخصصة للأسرة المالكة، كان يعرضه للعقاب الشديد أو الفصل.
ويشير هاردمان إلى أن التغييرات «الاجتماعية» في القصر حدثت ببساطة شديدة، على عكس المتوقع، ويروي قصة هذا التغيير قائلا إن الشخص الذي يقف خلف التعديلات هو السير ديفيد والكر، رئيس العاملين في القصور الملكية.
وحسب ما رواه السير والكر، فإن الملكة عادة ما توافق على الاقتراحات الجديدة إذا ما قدمت لها بشكل مدروس ومفصل، ويذكر أن العاملين معها يؤكدون أنها تتقبل الأفكار الجديدة بمرونة شديدة.
وهو ما يظهر من رواية والكر، الذي قال إن رد الملكة حول اقتراحه بإجراء تغييرات جذرية في حياة العاملين في القصر كان بسيطا ومفاجئا، فقد وافقت بسهولة قائلة: «حسنا، ابدأ ذلك فورا».
ويذكر هاردمان أن اللورد والكر كان وراء عملية تغيير شاملة في طريقة إدارة القصور الملكية، منذ التحاقه بالعمل فيه في عام 1984، وكان من أولوياته إدخال روح المهنية على العاملين في القصور، وتحديد الميزانية المخصصة للعناية بالقصور، لتقليص النفقات التي كانت كثيرا ما تخرج عن الحدود، فيذكر، على سبيل المثال، أن عملية تغيير مصابيح الإضاءة في القصور وصلت تكلفتها إلى 92 ألف جنيه إسترليني في أحد الأعوام.
وقد قام فريق العمل المرافق للورد والكر بإعداد تقرير مفصل يتضمن 188 اقتراحا لتغييرات شاملة في طريقة إدارة القصور، وافقت عليها الملكة إليزابيث بعد عرضها عليها، ولكن تلك التغييرات أثارت بعض الجدل بين العاملين الذين أرادوا الاحتفاظ ببعض التقاليد القديمة.
فعلى سبيل المثال شملت التغييرات المطابخ الملكية وعملية إعداد الطعام، حيث فرضت التقاليد القديمة الفصل بين الطعام المقدم للملكة وغيره المعد للعاملين، وهو ما تغير بعد تولي اللورد والكر الإدارة، فأصبح الطعام الذي يقدم في جميع أرجاء القصر موحدا، فما يقدم على مائدة الملكة هو ما يقدم لصغار الموظفين.
ويذكر هاردمان أن بعض التغييرات لم تحظَ بترحيب من العاملين، مثل منع تقديم الخمور في المطاعم المخصصة للموظفين، وأيضا دمقرطة غرف الطعام، حيث اختلط الموظفون بمختلف درجاتهم في أوقات تناول الطعام، وهو ما رفضه بعض كبار العاملين في القصر، وطالبوا بعودة النظام القديم الذي يفصل بين كبار العاملين وأولئك الأقل رتبة منهم في سلم العمل. وخصص النظام الجديد لموظفي القصر خمسة غرف للطعام تعمل بنظام الخدمة الذاتية.
وتبعا لرياح التغيير فقد أصبح 70 في المائة من العاملين في القصور من حملة المؤهلات العلمية العليا، ويذكر هاردمان، على سبيل المثال، أن إحدى العاملات الحديثات من خريجي جامعة سانت أندروزز، وهي الجامعة التي تخرج فيها الأمير ويليام. كما يتلقى العاملون في القصر دورات على استقبال الزوار والإتيكيت في فندق الـ«ريتز»، كما تقام لهم بشكل منتظم دورات في «خدمة العميل» والاقتصاد.
وفي الوقت الذي قد نرى فيه البريطانيين يتابعون أحداث المسلسلات التاريخية، أو تلك التي تدور داخل القصور الأرستقراطية، حيث يتحكم في ساكنيها نظام طبقي صارم يفصل بين الخدم والمخدومين، نجد القصور الملكية المعاصرة ابتعدت بنفسها عن تلك الصور إلى حد كبير، وفرضت نظاما عصريا على أشد المؤسسات البريطانية عراقة.
