كتاب ألماني .. انتظار الرجل للمرأة كي تنتهي من «ماكياجها» يكلفه سنة من عمره
يلبس الرجل بدلته ، يلف رابطة عنقه ويرتدي معطفه كي يغادر ؛ ثم يخاطب زوجته: «هل انتهيت» ، فتجيب الزوجة من الحمام «ثانية واحدة حبيبي».
مسرحية عاشها كل متزوج سواء في ألمانيا أو في الصين ، فالنساء يتأخرن دائما عن الخروج في الموعد المحدد ، إلى حاجتهن إلى زمن أطول للنظر في المرآة ، وضع اللمسات الأخيرة على المكياج ، وتعديل تسريحة الشعر لآخر مرة ، والنظر مرة أخرى في المرآة ومن ثم إطلاق رصاصة الرحمة «أنا جاهزة حبيبي».
المهم في هذه «المسرحية» أن «الثواني» تطول وتطول لتبلغ عدة دقائق ، وبين 10 - 30 دقيقة في أغلب الأحيان ، بينما يحرق الرجل السيجارة بعد الأخرى لتهدئة أعصابه.
وتتجمع الثواني لتتحول إلى عام كامل يخسره الرجل من حياته في انتظار انتهاء زوجته من تسريحة شعرها أو وضع الكحل في عينيها.
هذا في الأقل ما يقوله كتاب جديد صدر في ألمانيا عنوانه «في انتظار النساء» ، ويوثق ، علميا حسب تعبير الكاتب ، الزمن الذي يضحي به الرجل من حياته مقابل زينة المرأة.
وإذا كانت هذه هي حال الرجال منذ العصر الحجري ، فلا عجب حينها أن تعيش المرأة أطول من الرجل. فكل الدراسات التاريخية بأن المرأة كانت رائدة في إنتاج المواد الصناعية ، وكذلك أدوات الزينة والأصباغ ، وذلك من خلال أدوات الزينة التي عثر عليها الباحثون في كهوف الإنسان القديم. الدافع بالطبع هو التجميل وكسب ود الرجال وسلب الزوج نظراته الزائغة.
الكاتب والباحث الاجتماعي موريتز بيتز ، من جامعة هامبورغ ، أصدر كتابا يحصي فيه الوقت الذي يقضيه الرجل في انتظار المرأة.
ويقول في المقدمة إنه كرس لفترة طويلة من حياته لتسليط الضوء على هذه الظاهرة ، وحاول أن يكون أكثر علمية وحيادا خلال بحثه.
فالمرأة تتأخر وتترك الرجل يقاتل ضد أعصابه سواء كان ذلك أمام باب الحمام في البيت ، أو في حمام المطعم أو في المكوك الفضائي.
ويقول الكاتب إنه قضى لفترة طويلة يتأمل الرجال وهم يتوالون بسرعة على الحمامات العامة ، بينما تقف النساء في الدور أمام باب الحمام. وذلك تقضي المرأة الوقت في الحمام لتجميل نفسها ويظل الرجال في طابور ثان أمام باب التواليت في انتظار زوجاتهم.
عموما ، أحصى بيتز أن معدل ما يقفه الرجل في انتظار عملية تجميل المرأة خلال حياته هو سنة كاملة. وهي سنة كاملة «ضائعة» تضاف إلى الكثير من الوقت الضائع الذي يقضيه الإنسان بين التوالي وموقف الباص أو الترام.
ويمكن لهذا الوقت أن يطول أكثر إذا ما حسبه معه فترة انتظار النساء الأخريات في حياة الرجل مثل الأم والبنت أو السكرتيرة.
الهدف الأول من دراسة الباحثين بيتز كان زوجته كلاوديا وابنته سيمونه وحماته التي تعيش معهم. ويصف الكاتب «التوتر النفسي» المرافق لعملية انتظار المرأة بأنه «مثل تلقي مساعدة غير مرغوب فيها في العمل».
فهو خليط من القلق والتوجس والانفعال وكظم الغيظ. والمشكلة أن الرجال تعودوا هذا الانتظار ، ينتهي جزعهم حال خروج المرأة من الحمام ، وينسون هذا «الروتين» في المرة القادمة وآخرون ضحايا الانتظار. ولا يشعر الرجال عادة بما يكلفهم هذا الانتظار من وقت ومن أعصاب مع مر السنين.
الكاتب يعود إلى العصر القديم ليفسر هذه الظاهرة الاجتماعية التاريخية. فالرجال منذ العصر الحجري يغادرون الكهوف للصيد وجمع الحطب لكمة العيش ، بينما تنتظر النساء عودتهم لبدء عملية الطبخ ، ويقضين كل هذا الوقت بالطبع لتجميل نفسكهن والحديث مع بعضهن ، فوقت الانتظار لديهن كان طويلا.
هذا مثل الصيد وجمع الفطر ، يمكن للرجل القديم أن يكمن قرب النهر لفترة 5 دقائق كي يصطاد غزالا ، لكن جمع الفطر الذي تقوم به النساء ، يحتاج طبعا إلى وقت أطول.
يشتري الألماني سيارة فارهة وغالية تتلاءم مع منزلته الإدارية ، يهم من اللون الأسود ، في حين تختار المرأة سيارة صغيرة بلون زاه يجذب نظر الرجل. يشتري الرجل نظارة يستطيع الرؤية بها ، أو القراءة بها ، والمهم أنها تلائم وجهه ، في حين تنتقي المرأة اللون والتصميم قبل أن تتفحص العدسة جيدا.
وتعالج المرأة ضجرها وتعبها من العمل عن طريق أخذ الإجازات المرضية ، في حين يلجأ الرجل إلى الأسبرين والمهدئات كي يصبر نفسه على العمل.
وهذا ليس سوى غيض من فيض عن الفرق في التفكير بين الرجل والمرأة ، لكنه يبقى من أسرار طول عمر المرأة قياسا بالرجل.
يستنجد موريتز بيتز بمنظمة العفو الدولية للخلاص من «عذاب» زوجته التي تختار منتصف الليل للجدل حول مسألة عائلية عالقة.
ويقول إن المنظمة الإنسانية الدولية لم تصف «سرقة النوم من عيني الإنسان» بالتعذيب عبثا وبلا أسباب. ويضيف أن زوجته تختار اشتراط موعده لإثارة المشكلات ، ويضطر كل مرة لخوض النقاش ، متخليا عن النوم ، ليستسلم في النهاية قائلا «هل لي أن أنام الآن؟». الأدهى من ذلك هو أنه لا يتذكر ماذا وعدها في منتصف الليل ولا كيف ، فالمهم بالنسبة له هو ينام.
ولكن هل يمكن لانتظار المرأة ، لما مجموعه سنة كاملة من العمر ، أن يكون بهذا السوء؟ طبعا لا ، لولا الأضرار الصحية المرافقة له. فالإنسان يقضي ثلثي عمره في النوم وما مجموعه 7 سنوات وهو يعد الخراف في انتظار أن يغالبه النعاس.
يشاهد الإنسان طوال حياته التلفزيون 11 سنة ، يقضي سنة ونصف في التواليت ، سنة كاملة كمعدل في فراش المرض ضحية البكتيريا والفيروسات وغيرها ، 7 أشهر كاملة كمعدل في غرف انتظار الأطباء والمستشفيات ، تحت الدش أو في البانيو 136 يوما (نساء) و 125 يوما (رجال) .
ويقضي الألماني كمعدل 13 أسبوعا من حياته يتشمس على شواطئ البحار أثناء السياحة ، ويهدر 4 أشهر كمعدل في تحضير القهوة ، وينتظر 27 يوما كمعدل في انتظار الباص أو الترام. وذلك تقضي المرأة 76 يوما من حياتها وهي تبحث في جوف حقيبتها ، يقضي الرجل 55 يوما في تجميع أزواج جواربه.
استطلع الكاتب أيضا بعض الرجال في الموضوع ، فقال جيرد باخ ، (54 سنة) ، إنه ارتكب الكثير من المخالفات المرورية بسبب محاولة تعويض تأخر زوجته عن مواعيدهما ، وتعرض عدة مرات إلى حوادث خطيرة. وذكر دينيس ديرفينسكوس أنه صار يذهب إلى سيارته وينتظر خروج زوجته إلى الموعد ، ويثير أعصابها بين فترة وأخرى ببوق سيارته.
دانييل دارنيل لجأ إلى حيلة قديمة وهي أن تخبر زوجته كي تستعد قبل ساعة من الموعد الحقيقي ، لكنه لم يفلح في ذلك دائما.
وبيتر نيللين كان أكثر دبلوماسية من غيره ، فقال إن النساء لسن بطيئات ، ولكن نحن الرجال مستعجلون. ويجد بيتر سيوتالر زوجته جميلة طبيعيا ولا تحتاج إلى مكياج ، وهي لا تهتم لذلك بزينتها ، لكنها تتأخر في الحمام نحو 10 دقائق كمعدل.
أخيرا ، يصف الكاتب تجربته في تقليل ضرر انتظار المرأة في البيت وخارجه ، فيقول إنه يلجأ في البيت إلى التلفزيون أو كتاب يمضي فيه وقت انتظار المرأة ، ويخوض خارج البيت نقاشات حول كرة القدم والشطرنج مع رجال آخرين في انتظار زوجاتهم قرب التواليت ، أو ينفس عن شيء من غضبه بملاعبة قطة أو كلب.
كتاب «في انتظار النساء» صادر عن دار «شفارتسكوبف».