الرسم على «الباركيه» .. تتعدد ألوانه وأشكال .. وقيمته الجمالية تميز القصور التاريخية
12:00 م - الأربعاء 20 يوليو 2011
لا يكف فن الديكور عن تقديم الجديد دوما، لجعل منازلنا وبيوتنا أكثر بهاء وراحة للبال والنفس. أحدث صيحات هذا الفن طالت الأرضيات المركبة من خشب «الباركيه».
فهذه تعد من أكثر أنواع الديكور انتشارا منذ فترة، لما تشيعه من دفء يتماشى مع الكثير من طرز الديكور، كما يمكن استخدامها في معظم أرجاء المنزل، خصوصا حجرات النوم والضيوف والصالات الواسعة. ويزيد رونق «الباركيه» عندما يأتي برسومات متقنة.
ومنذ البداية ارتبطت أرضيات (الباركيه) بالذوق الرفيع، واختيارها يدل على الخصوصية والأبهة، وكان قديما لا يستخدم إلا في القصور الملكية، مثل قاعة العرش الموجودة في قصر عابدين الرئاسي في القاهرة، التي تتمتع بمساحة فسيحة من (الباركيه).
ومع بداية العصر الفاطمي عرف الرسم على الأرض في المناسبات السعيدة، مثل مرور الأمير من مكان ما، وأيضا الاحتفالات، ومن ثم أخذ الأوروبيون هذا التقليد وطوروه ليكون أحد فنون الديكور المعاصر ونفذوه على أرضيات «الباركيه».
وقبل أن يحترفه الفنانون العرب كان يستعان بفنانين أجانب للرسم على أرضيات القصور الملكية وغيرها من الأماكن المرموقة. وفي السنوات الأخيرة ظهر الرسم على «الباركيه» كموضة، تزين الجوانب الخارجية للأرض، أي على شكل إطار يلف المكان كله.
لكن نجاح الشكل النهائي لأي رسم يتوقف على أن تكون له حسابات ومقاسات خاصة، وهذا يتعلق بفنيي تركيب ألواح خشب «الباركيه»، حيث يجب الحرص على أن لا تزيد المقاسات على 20 سنتيمترا ولا تقل عن 15 سنتيمترا حتى يبرز جمال الرسم، وهذا الأمر يجب أن يتأكد منه مصمم الديكور بنفسه في كل مراحل التنفيذ.
أما ما يتناسب من وحدات الاستخدام في الرسم فتكون عبارة عن عناصر نباتية، أو هندسية، أو إسلامية، أو فرعونية كزهرة اللوتس، وكذلك الرموز الفرعونية الشهيرة مثل «مفتاح الحياة»، وكذلك مفردات الفن الفارسي.
وحول عملية تكوين الشكل المطلوب، تقول مهندسة الديكور مروة: «نأخذ من أحد العناصر وحدة (موتيف)، تفرغ وتوضع على كل متر طولي، وعند اكتمال الرسم بجب أن نحس بأنه يعطي راحة للنظر، إذ لا مجال لتشتيت العين عند مشاهدتها وخلق تشويش بسبب ازدحام في الوحدات. يجب أيضا الانتباه إلى أننا لا نستطيع رسم بورتريه لإنسان على الأرض، فهذا غير مستحب».
تستطرد مروة: «يفضل أن تكون (البلدورة) نفسها خالية من أي خطوط أو تعرجات للخشب، وعلى العكس في المساحة الداخلية يمكن أن تحوي تعرجات أو تموجات على شكل 7 و8، وعندما تكون هناك رسومات في وسط المساحة يجب أن تراعى مقاساتها مع فنيي التركيب.
وما لا شك فيه أن فكرة الرسم على (الباركيه) تمنح المكان بعدا جديدا، وبسبب حداثتها فهي لا تزال مقتصرة على شريحة معينة من المهتمين بالموضة والتميز، بالإضافة إلى أماكن تجمع الفنون كالمتاحف الحديثة والسفارات».
ما يحسب للرسم على «الباركيه» ثباته وعدم تغير ألوانه، وهذا بفضل طبقة الورنيش التي يطلى بها، لكن يجب الحرص على أن تكون ألوان الزيت المستخدمة من النوع الجيد، حتى يسهل إزالتها في حال أصيب أصحاب المنزل بملل منها. ويتحقق ذلك بماكينة الكشط الخاصة بـ«الباركيه»، ويمكن بعدها أن يطلى من جديد ليعود إلى أصله.
عن الألوان التي يمكن اختيارها تقول مروة إنها، مسألة ذوق خاص، «فمصمم الديكور يلعب دور المحلل النفسي مع العميل، وهذا يعني أن عليه فهم شخصيته، لأنه عندما يلجأ إليه يكون في مرحلة البحث عن شيء جميل ومتميز، ولا تكون لديه فكرة شاملة عن طبيعة العمل، خصوصا في هذا الفن الجديد. في البداية يجب على المهندس معرفة ما يميل إليه الشخص، بعدها يمكن أن يعرض عليه ألوان الموضة الحديثة ومساعدته في الاختيار، وإن بقي القرار الأخير في يد صاحب المنزل.
في الغالب يأتي على رأس الألوان البني بدرجاته المختلفة، لأنه يعطي للمكان هدوءا وكلاسيكية، كما أنه يمتزج مع الألوان الذهبية. وهنا يجب معرفة شيء هام جدا وهو أن الألوان والرسومات تحدد على حسب الغرفة التي سيرسم على أرضيتها؛ فمثلا حجرة الاستقبال يجب أن تتماشى مع الأثاث، وحجرة النوم يجب أن تكون مريحة وتوحي بالهدوء والدفء، أما حجرة الطعام فيجب أن تكون مشرقة، وحجرة الأطفال أيضا يجب أن تكون رسوماتها لها لمسة مرح طفولي».
وتؤكد مهندسة الديكور أهمية الإضاءة المناسبة، إذ يفضل أن تكون عبارة عن وحدات جانبية أو مباشرة على الرسومات، حتى يراعى عند وضع الأثاث أن يكون الإضاءة على الرسم نفسه.
وعن أفضل الطرق التي تبرز جمال الرسومات على «الباركيه» تلفت إلى ضرورة مراعاة المصمم لكل التفاصيل الصغيرة، فمثلا لو أخذ الرسم الموجود على الستائر أو قماش المفروشات واستخدمه في الرسم على «الباركيه» تكون النتيجة متناغمة، يلاحظها كل من يدخل المكان، بالإضافة إلى تناسق ألوان الحائط مع الألوان المستخدمة في الرسومات على الأرضيات فتكون كأنها لوحة واحدة تبتدئ من الحائط وتنتهي على الأرض.
نصائح للحافظ على جمال «الباركيه»
- عدم تنظيف الأرضيات بمواد تحتوي على تركيبات كحولية فهي تؤدي إلى اختفاء اللمعة.
- الحفاظ على «الباركيه» من التعرض للرطوبة، وذلك بتجفيفه باستمرار، وهذا في حالة سقوط ماء عليه.
- عدم اللجوء إلى تنظيفه بأي آلة حادة مهما كانت الأوساخ العالقة به، حيث توجد منظفات خاصة تباع في المحلات لهذا الغرض وتعمل على إذابة الأوساخ من دون عنف.
أهم خطوات الرسم على «الباركيه»
- يدهن «الباركيه» قبل البدء بمادة «السولار» حتى نعد المكان للرسم.
- يعتمد الرسم على «الباركيه» على إتقان الطباعة في مراحل كثيرة لأننا نحصل على الموتيفة (الوحدة المراد رسمها) كعنصر نباتي مثلا، فيتم رسمها على ورق من نوع خاص «استنسل»، وهو معروف جدا لدى محلات الفنون ويفرغ من الداخل بواسطة «المشرط» بحرص جدا. وتكرر الوحدة على كل متر مربع واحد حتى لا يشعر من يرى الرسم بازدحام في تكرار الوحدات.
- الخطوة الثانية التي لا تقل أهمية عن الأولى هي تحديد المساحة الإجمالية للرسم.
- بعد هذا يأتي دور الألوان التي تعطي للرسم ملامحه النهائية فتكون بواسطة قطعة إسفنج تغمر في ألوان الزيت ويتم بها تعبئة الفراغات التي سبق القيام بتفريغها.
- يجب مراعاة الحرص الشديد في هذه الخطوة لكي نتلافى أي خطأ قد يحدث في مرحلة التلوين، ولو حدث يمكننا إزالته فورا بمادة خاصة لهذا الغرض قبل جفافه.
- ينتهي الرسم في المرحلة النهائية بطلاء «الباركيه» بمادة الورنيش اللامع.
وتشير مروة إلى أن الوقت الذي يستغرقه رسم أرضية غرفة مثلا يتوقف على عدد الألوان المستخدمة في الرسم لأنه من المفضل أن يأخذ كل لون حقه تماما قبل البدء في وضع اللون الآخر.
ولو تم استعجال العملية، فلن يكون الرسم بنفس الدقة المطلوبة. مصمم الديكور الذي يرسم على «الباركيه» يشعر أنه أمام لوحة فنية يريد أن يصل بها إلى أبهى صورة.