أزياء الفينتاج .. تجعل الماضي يعود بحلته الأنيقة
خلال وجودها ومعها عدد من صديقاتها في مقهى «سازيراك» بفندق روزفلت التاريخي في ولاية نيو أورليانز في المدينة، كانت إيرين أوغ (45 عاما)، وصديقاتها لافتات للأنظار بأزيائهن المستوحاة من أربعينات أو خمسينات القرن الماضي، من حيث الخصر الضيق والتنورات الواسعة والبلوزات الضيقة، فضلا عن الإكسسوارات من قبعات وقفازات وماكياج.
تقول السيدة أوغ التي تعمل نادلة ومدربة شخصية: «نتلقى الكثير من الثناء والإعجاب، فهذه الأزياء تمثل مظهرا أنثويا خالصا يتضمن الكثير من الجمال والأناقة مقارنة ببعض الأزياء العصرية».
والحقيقة أن ما ترتديه السيدة أوغ وصديقاتها قد يبدو للبعض مجرد ملابس قديمة، من زمن ولى، لكن المتابعين لخطوط الأزياء لاحظوا تحولا كبيرا في الآونة الأخيرة فيما يخص العودة إلى موضة الأربعينات والخمسينات، بل وحتى العشرينات كما شهدنا في عروض موسمي الخريف والشتاء المقبلين. فقد استلهم الكثير من المصممين تصاميمهم من هذه الحقب مضيفين إليها لمسات عصرية تجعلها أكثر من مقبولة.
وتقول تيريزا كامبل ماك كي (55 عاما)، مالكة متجر «بلو فولفت فينتاج» الذي يبيع معروضاته على الإنترنت من الفساتين المصممة على خطوط موضة تلك الحقبة: «أبيع للنساء اللاتي يشتكين أنهن يذهبن إلى المتاجر ولا يجدن أي شيء يتسم بالرقة والأناقة المحافظة. هذه الفئة من النساء تريد قطعا كلاسيكية ومميزة تجعلهن يشعرن بالجمال والأنوثة».
وعلى عكس الكثير من الموضات المعاصرة التي تتسم بتعدد الطبقات والملابس المنسابة ببوهيمية ولا مبالاة تخفي معالم الجسم، تعمد موضات منتصف القرن العشرين إلى التأكيد على الجمال وإبراز الصيغة الأنثوية، كإبراز الخصر والصدر وغيرهما.
وهذا ما نراه الآن في محلات الفينتاج، التي تعيد إنتاج الفساتين القديمة بكل تفاصيلها الدقيقة من التنورات الضيقة والسراويل التي تتسم بطابع أنثوي أو حتى الواسعة منها. أما الملابس العلوية فهي تحمل سمات ملابس الماندرين أو الياقات المتوهجة، أو حتى المعاطف ذات صفي أزرار.
تقول ميشيل لاري كونز (31 عاما)، وتعمل سكرتيرة بشركة خدمات عامة وعارضة أزياء غير متفرغة في لاس فيغاس: «أنا أحب الملابس القديمة لكنها لا تدوم طويلا ومن الصعب أن تناسبك إذا كنت شخصا بدينا».
وتشير كونز إلى أن الملابس التي تراها أكثر مناسبة لها الفساتين ذات الصفين من الأزرار والأكمام القصيرة مع التنورات الضيقة التي تنتجها «بيتي بيدج» للملابس والإكسسوارات المصاحبة لها من ستيف مادن من أحذية بكعوب عالية. تجدر الإشارة إلى أن «بيتي بيدج» للملابس اشترت ترخيص استخدام ملابس الخمسينات الأنثوية لتشكيلتها لعام 2006.
من جانبها، أوردت الشركات المصنعة للموضات القديمة وتجار التجزئة ومن بينها «بلو فلفت فينتاج» و«بيتي بيدج كلوزينغ» و«تراشي ديفا» و«ريفامب» و«مودكلوث» و«ستوب ستيرنغ» و«كوين أوف هارتس»، تقارير تفيد بزيادة في نسبة مبيعاتها بلغت من 25 حتى 30 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية في الوقت الذي تراجعت فيه مبيعات الملابس العصرية.
ويوجد الآن، إلى جانب ما يقرب من 12 شركة تقوم على إنتاج التصاميم القديمة من الأزياء، عدد متزايد من الشركات المتخصصة في بيع الملابس القديمة والملابس المصنوعة يدويا على مواقع كثيرة مثل «إتسي دوت كوم».
وتختلف أسعار هذه الموضة حسب الجودة والأقمشة والحياكة، لكن الغالبية تبقى بأسعار معتدلة، حيث يتراوح سعر الفستان ما بين 150 و300 دولار.
وتقول آليسيا استرادا، مؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة «ستوب ستيرنغ» في باراماونت بولاية كاليفورنيا، والتي تعتبر رائدة في إعادة إنتاج الملابس القديمة: «اعتاد الناس أن يسخروا مني عندما كنت أبيع هذه النوعية من الملابس قبل 13 عاما والآن تباع ملابسي في 40 دولة وأكثر من 1000 متجر في جميع أنحاء العالم».
بيد أن البعض من محبي هذه الموضة القديمة يتأففون، إن لم يسخروا من هذه النوعية من الملابس. تصف مادلين ميروويتز، مالكة موقع «إينوكي وورلد» لبيع أزياء تعود إلى منتصف القرن الماضي التي أنتجتها دور أزياء كبيرة، المصممين الذين يقومون بإعادة إنتاج هذه الملابس بالمغنين الذين يغنون أغاني قديمة، وتقول: «أنا لا أريد أن أسمعك تغني، أنا أريد أن أسمع المغني الأصلي».
لكن رغم ذلك، تلقى مبيعات هذه الملابس التي أعيد إنتاجها، رواجا في الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا والسويد. تقول أنا أولسون (29 عاما)، وهي عاملة بناء في السويد إنها «لا ترتدي سوى موضة الفينتاج القديمة». لكنها تضيف أنها «على الرغم من حبها لها، فإنها لا تحب الرائحة السيئة والمقاسات غير المناسبة التي يمكن أن ترتبط بها».
وتقول في رسالة ببريدها الإلكتروني الخاص: «بإنتاج الموضة القديمة، لم أعد أشعر بالقلق إزاء ما يمكن أن أرتديه. أنا أعلم أنه لن تكون هناك مشكلات، وحتى إذا كانت هناك مشكلات أو تفاصيل لا تروقني فبإمكاني إعادتها إلى المحل».
وتشير أولسن إلى أنها تفضل الفساتين السوداء المستوحاة من موضة الأربعينات ذات الأكمام القصيرة والخصر الضيق من دار «تريشي ديفا» التي تنسقها بأحذية ذات كعب عال للمصممة الفنلندية مينا باريكا.
يعود الفضل في إعادة إنتاج موضة الفينتاج إلى جماعة عاشقة لموسيقى الروك التي تهوى موسيقى وسيارات وأزياء الخمسينات، وسرعان ما انتقل هذا التوجه إلى خط الموضة الرئيسي ملبية مطالب الجميع بدءا من المراهقات إلى النساء العاملات الساعيات إلى الحصول على ملابس محتشمة ومثيرة في الوقت ذاته، هذا عدا عن حنين البعض إلى زمن ارتبط في الأذهان بالأنوثة والبريق وبهوليوود في عصرها الذهبي.
تقول ليتي تينانت (30 عاما)، مالكة والمديرة التنفيذية لدار «كوين أوف هارتز» في مدينة أنهايم بولاية كاليفورنيا: «لقد أغرمت بهذه النوعية من التصاميم بعد مشاهدتي لفيلم (ماد مين)، ولا يمكنك القول إنها مجرد موضة عابرة، لأنها فعلا كلاسيكية تناسب كل الأوقات والأماكن، ومن الصعب عدم الوقوع في غرامها».
وتوافقها الرأي بيكي بيسادا (34 عاما)، وهي اختصاصية رعاية وطالبة في جامعة موسكيغون بولاية ميتشغان، فأسلوبها يتميز بالفينتاج، ولا تكتفي بأن ترتدي تصاميم قديمة، بل تصفف شعرها على الطريقة الفيكتورية أيضا. تقول: «إن الكثير من محبي موضة الفينتاج، أو موضة الخمسينات والستينات وغيرها من الحقب الماضية، قالوا إن مسلسل (ماد مين) التلفزيوني، الذي أنتجته شركة (إيه إم سي) التي أنتجت الكثير من الأفلام الكلاسيكية مثل كازابلانكا و(النافذة الخلفية) في الستينات، هو الذي أثار الرغبة في هذه الموضة، وربما يكون الأمر كذلك، لكني بالنسبة لي، فقد كنت دائما أعشق أسلوب مارلين مونرو والفساتين التي كانت ترتديها. وأعتقد أن المرأة في عالم اليوم بحاجة إلى قليل من سحر الماضي».
وعلى الرغم من إتقان بيكي بيسادا طريقة تصفيف شعرها، والتي تعلمتها بواسطة فيديو على الـ«يوتيوب»، فإن متجر «ريفامب» في لوس أنجليس يقدم دورات تعلم النساء كيفية تصفيف شعرهن ووضع المساحيق التي تلائم الملابس المستوحاة من تلك الفترة حتى تكتمل الصورة.
وهو ما تؤكده أنا ماري فون فيرلي (40 عاما)، وهي المالكة والمصممة الرئيسة لدار