منازل صغيرة متنقلة باستعمالات متعددة مقابل 200 دولار
التجول في المنازل يتم عادة مع صاحب منزل فخور، لكن عندما يرى المرء ديريك ديردكسين، الذي يصنع بيوتا صغيرة من الخردة يتراجع هذا الشعور، ربما بسبب انخفاض درجة الحرارة خلال فصل الشتاء، وربما لضيق المساحة.
فقد صنع ملك الخردة من لوحات تحميل الشحنات والنوافذ المستعملة وخزانات مطابخ مهملة، منازل على مساحة 24 قدما مربعا. وتعد «هيكشو» وهي عربة نوم على مقعد غير سليم من خشب الأرز (أو كما يطلق عليه ديردكسين عربة يد للريفيين) أصغر حجما حيث يبلغ عرضها 2 ونصف قدم وعمقها 6 ونصف قدم.
وهذا ما يجعل منافسة المنازل المتنقلة التي يصنعها ديردكسين صعبا، نظرا لأصالتها وسحرها. وتبلغ تكلفة هذه الملاجئ المصنوعة من المواد المهملة أقل من 200 دولار. فكثيرا ما تكون الأسطح شفافة تسمح برؤية منظر جيد من أعلى الشجرة خاصة في المنزل الأصغر حيث يكون أفضل وضع هو الاستلقاء.
كما تحتوي تلك المنازل المتنقلة على تفاصيل خيالية وزخرفية مثل نافذة ككوة سفينة أخذت من وجه آلة غسيل ملابس ولوح معدني مأخوذ من الماكينة العاطبة نفسها. فديردكسين يكره التخلص من أي شيء.
ورغم أن هذه المنازل لا توفر الدفء أو المساحة الكافية، فمن الظلم التركيز عليها بدل التركيز على إنجازاته. فقد نشر كتابا مصورا على نفقته بعنوان: «منازل متواضعة وأكواخ بسيطة ومريحة وانسحابات متحطمة وحصون غريبة». أول طبعة للكتاب كانت مجمعة يدويا ومطبوعة محليا (في غرفة معيشته) وباع نحو 1500 نسخة. وستعيد دار «ليونز بريس» نشره العام القادم.
هناك كذلك مسلسل على موقع «يوتيوب» بعنوان «تايني يالو هاوس» الذي يتم تصويره عندما يكون لدى زوج أخته مصور الفيديو وقت فراغ، رغم أنه من الصعب تصنيف المنازل التي يصنعها نظرا لأغراضها المتعددة.
فبعضها يتضمن عربات نوم للضيوف وأخرى تعتبر أماكن إيواء للمشردين. وتجدر الإشارة إلى أن العمل الرئيسي لديدريكسين، البالغ من العمر 33 عاما، هو النجارة إلى جانب كونه كاتب قصص مصورة فكاهية، وعازف طبول في فرقة موسيقية، علما أنه تخرج في جامعة نورث إيستيرن بمرتبة الشرف. ويعيد بعض الفضل في إنجازه هذه المنازل الصغيرة إلى زوجته، قائلا: «لدي مساحة فناء كبيرة وزوجتي متسامحة للغاية».
تعمل زوجته، إليزابيث، اختصاصية علاج طبيعي، وهما يعيشان مع أبنائهما وكلبهما في منزل مساحته 950 قدما مربعا على بعد نحو 10 أميال من جنوب بوسطن.
وهو بيت اشترياه في عام 2002 مقابل 190 ألف دولار وبالطبع كان يحتاج إلى تجديد وصيانة. عند زيارتك لبيته، عليك الانتظار حتى يستيقظ الأطفال فحينها يبدو أن حماس الأب لمنزل صغير أمر عظيم، حيث صنع ما يشبه لوحة كبيرة في غرفة المعيشة، يمكن تحويلها إلى خيمة للأطفال.
لقد نشأ ديدريكسين في ماديسون بولاية كونيتيكت وكانت والدته معلمة في التعليم الأساسي ووالده معلم صناعة وكان يوجد بقبوه كل الأدوات. وشيد مظلة في الفناء الخلفي حيث كان يلعب «نينتاندو» مع الأصدقاء وجسر على جدول فضلا عن عدد لا يحصى من الحصون ومنازل على الشجر.
ويحكي ديدريكسين عن طفولته: «طالما كنت شغوفا بالأشكال المعمارية الصغيرة. أهداني والدي في عيد ميلادي العاشر كتاب (منازل صغيرة) للمهندس المعماري ليستر واكر. وعندما نشر لي كتابي، راسلته. لم أتلق أي رد وصدمت لأنه كان مثلي الأعلى».
كان ديدريكسين يكتب أيضا قصصا فكاهية مصورة لجريدة «ويكلي ديغ» في بوسطن. ثم عمل كمشغل «دي جي» مسائي في الكلية في بوسطن وكان أصغر مشغل على قائمة أفضل عشرة. يعلق: «لقد كانت محطة أسطورية. لقد كان الدخول إلى الغرفة الخلفية مثل مفعول الكوكايين».
في 2005 بعد خمس سنوات مع المحطة، فقد عمله عقب تغيير في الإدارة. بعدها بدأ العمل كمفتش منازل، وهو عمل كان يجني منه 330 دولارا للمنزل، وانشغل بمشاريعه الخاصة.
فقد شيد كابينة مساحتها 250 قدما مربعا في فيرمونت مع أخيه الأصغر داستين. ومنذ نحو عام جمع تصميمات المنازل المتنقلة الصغيرة في كتاب سعره 10 دولارات باعه في معرض أقامة بباحة بيته.
لم يكن ينوي ديدريكسين الذهاب إلى ناشرين لأنهم تجاهلوه عندما حاول تأليف كتاب للأطفال. وتم تمويل أول طبعة من أرباح زجاجات وعلب بيرة التقطها من الطرق التي كان يسير بها مع كلبه.
يقول: «كنت آخذ معي حقيبة قمامة في كل مرة أخرج بها وألتقط العلب وكنت أحتفظ بسجل يوضح أعدادها. وكنا نجني نحو 100 دولار من هذا العمل الحر».
لكن مسلسل «تايني يالو هاوس» الذي ظهر في يناير (كانون الثاني) العام الماضي أعطاه دفعة كبيرة لترويج الكتاب، حيث تم بيع ما يتراوح بين 7 آلاف إلى 8 آلاف قطعة من «هيكشو» خلال الأسبوع الأول.
من المنازل الصغيرة التي صنعها، منزل يشبه تصميمه المثلث القائم على عربة مقطورة، وجانب منه مطلي باللون البرتقالي. كان البناء الذي تبلغ مساحة قاعدته 4 أقدام مربعة وطوله 4 أقدام يتسع لشخص واحد.
وكانت هناك وسادة من اللونين الأصفر والأخضر على الأرض ونافذة من الزجاج الذي يحمل صورا لطيور استوائية لستيفاني أتلي، الفنانة التي شاهد ديدريكسين أعمالها في إتسي.
وكانت النافذة الكبيرة المستديرة عبارة عن باب آلة غسيل ملابس. كذلك كان يوجد مرطبان مخلل فارغ خارج البناء بالقرب من الباب وكان بمثابة نافذة أخرى.
وفي الداخل كانت هناك بومة من الخشب سعرها 6 دولارات موضوعة على رف ليس بعيدا عن مصباح أحمر اللون. يبدو من غير اللائق أمام هذه الغرابة السؤال عن الغرض من هذا البناء لكن يجيب ديدريكسين عن هذا التساؤل بالقول: «كانت الفكرة هي بناء إما مأوى للمشردين بسعر أقل من 100 دولار أو تشييد منزل على الشجرة».
وكان الجواب: «إنه كوخ لمشرد يبلغ سعره 100 دولار. لقد خطر ببالي هذا الاسم الآن». إنه يوضح الملامح المختلفة لهذا البناء. ويسمح برطمان المخلل الفارغ المستخدم كنافذة للضوء بالمرور، لكن يمكن أن يستخدم بغرض التخزين أيضا أو كإناء زجاجي للنبات إذا غطيته.
لكن لا يمكنك استخدامه بعد حيث يجب أن يكون معه عازل من السيليكون وبالتالي لن يجدي في ظل هذا البرد الشديد. وإذا حشوته كيف يمكن أن يكون بمثابة نافذة؟ يقول ديدريكسين: «سيكون عليك ترك مساحة فارغة».
وفي طريقه إلى أسفل التل باتجاه الباحة الخلفية حيث يوجد ثلاثة منازل متنقلة صغيرة الحجم تظهر «سيارة الخردة». ومع ارتفاع السقف الذي يتراوح بين 5 أقدام وثلاث بوصات و5 أقدام و10 بوصات، يستطيع ديدريكسين الذي يبلغ طوله ستة أقدام وأربع بوصات الوقوف على الأقل في بعض الأماكن.
مثل الكثير من أماكن التخييم توجد قاعدة للنوم ارتفاعها 8 أقدام. يمكن للضيوف النوم على أرض مساحتها 4×6 قدم. لكن إذا كانوا طوالا، سيضطرون إلى النوم بشكل منحرف.
وتتكون النافذة ذات الارتفاع المنخفض التي توجد في غرفة الضيوف من زجاجات صفراء وزرقاء وخضراء. كذلك هناك وحدة تدفئة بفتحة تهوية خارجية من قاعدة لوح خاص بالقلي بصنج نحاسي مكسور يستخدم كعاكس للحرارة.
من أغلى القطع الموجودة هنا أربعة ألواح من البلاستيك المضلع على السطح، يبلغ ثمنها 80 دولارا. كيف تخيل ديدريكسين سيارة الخردة؟ يقول: «لقد كان من المفترض أن يكون مكانا لتأليف كتابي والوصول إلى أفكار لتصميماتي.
لا يوجد مكان أفضل من مكان غير تقليدي وغريب، فهو يساعدك على الخروج بأفكار جديدة بدلا من أن تجلس في غرفة ذات جدران بيضاء. كان هذا أيضا أول مكان تخييم لابني».
أما المنزل المتنقل الثاني، فكان عبارة عن «هيكشو» أصغر وأقل ارتفاعا حيث يتراوح ارتفاع سقفه ما بين ثلاثة إلى أربعة أقدام وعشر بوصات وعرضه نحو 30 بوصة وطوله 7 أقدام. ونتيجة لضيق المكان، من الصعب تحريك اليدين في مساحة لا تزيد على بضع بوصات.
يشرح ديدريكسين: «لقد كان الهيكشو أول بناء شيدته. لقد تخيلت كل هذه الأشكال الصغيرة كأماكن للنوم للذين ينسون حقائب النوم الخاصة بهم.
في مرحلة من المراحل كنت أنوي عزله ليصبح مثل السونا لسهولة تسخينه لكون الأرضية من خشب الأرز ولصغر مساحة المكان. أو ربما لإقامة مهرجانات موسيقية يحضر فيها الناس هذه المنازل المتنقلة الصغيرة، إلا أنه لن يبلى بسهولة كل الاحتياجات».
ويتابع أنه نام مرة في هذا المكان، وكان ذلك في فيرمونت، معترفا أن المكان ضيق «لكن عليك التضحية بالمساحة إذا كنت تريد أن يحمله شخص واحد كعربة يد». لكن رغم هذه المساحة الصغيرة هناك لمسات زخرفية مثل مزهرية مكسيكية.
وفي الطريق إلى «بوكسي ليدي» الأصغر مساحة يوجد مكعبان من الخشب الرقيق جنبا إلى جنب على لوح خشبي برجل وعجلتين. وتبلغ مساحة المكعب الأكبر الذي يمكن النظر إليه باعتباره مساحة للعيش أقل من أربعة أقدام.
ويبلغ ارتفاع الحجم الأصغر قدمين وعرضه 28 بوصة وطوله ثلاثة أقدام. هناك فتحة في صندوق أصغر تسمح للمرء بتمديد ساقه، لكن من الصعب دخوله.
«الفكرة الأصلية كانت تتمحور حول كيفية بناء مكان يمكن لأحدهم أن يسحبه وينحيه جانبا بسرعة بواسطة حبل، وهذا ما يوفره هذا التصميم، الذي يصبح أكثر جمالا وعملية في فصل الربيع».