خلافات حول الفوائد المطلقة للجذور الحرة ومضادات الأكسدة

شهدت الأروقة العلمية خلال الآونة الأخيرة مناقشات كثيرة تتعلق بالفوائد المطلقة لمضادات الأكسدة (Anti – Oxidants)، ورجحت الكثير من الدراسات ضرورة الاعتدال في تناول مضادات الأكسدة، التي تعمل على تخليص الجسم من الجذور الحرة (Free radicles). وأكد الباحثون على ضرورة توخي الحذر في التعامل مع الدعاية غير العلمية عن الفوائد المطلقة لمضادات الأكسدة.


كما يرى الكثير من الباحثين أن الخوف والفزع من التأثيرات الضارة السلبية للجذور الحرة على الجسم قد يكون مبالغا فيه بدرجة كبيرة تصل إلى حد الهوس بمضادات الأكسدة التي أصبحت تباع دون وصفة طبية، وتضاف إلى الطعام والشراب وكريمات الوجه وغيرها من منتجات العناية الصحية والمكملات الغذائية.

دور الجذور الحرة
الجدير بالذكر أن الكثير من الدراسات الحديثة أشارت إلى أهمية وجود نسب من الجذور الحرة بالجسم لتنشيط مسارات حيوية مهمة بالجسم، وأكدت أن الحرمان التام منها يعوق تلك المسارات المهمة في الجسم.

ويرى الباحثون أن الفكرة القائمة حاليا باعتبار الجذور الحرة خطرة بصفة عامة تعتبر أحد الأخطاء الشائعة التي يجب التخلي عنها، وذلك طبقا لدراسة نشرت خلال شهر مارس (آذار) 2011 في مجلة «journal of physiology» أكدت أن الجذور الحرة تلعب دورا مهما في عمليات حيوية مهمة تتعلق بفسيولوجية انقباض عضلة القلب بطريقة صحية.

كما أشارت إلى ذلك دراسة أخرى نشرت خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2011 في دورية المعهد القومي الأميركي للعلوم بعنوان: «مضادات الأكسدة قد تتسبب في حدوث مشكلات متعلقة بالخصوبة لدى إناث فئران التجارب».

وقام الباحثون فيها بمعالجة حويصلات مبيضية لإناث الفئران بواسطة مضادات الأكسدة وكانت النتيجة غير متوقعة، حيث انخفض معدل التبويض بشكل ملحوظ، بمعنى انخفاض عدد البويضات التي تخرج من المبيض المعالج، مقارنة بالحويصلات غير المعالجة بمضادات الأكسدة.

وقد أثارت هذه النتيجة تساؤل الباحثين: هل من الممكن أن تعتمد عملية التبويض على الجذور الحرة التي تعادلها مضادات الأكسدة؟ وعندما قام الباحثون بمعالجة الحويصلات المبيضية بهرمون «LH» المحفز الفسيولوجي لعملية التبويض ومعالجة حويصلات أخرى بمحلول بيروكسيد الهيدروجين (مصدر لجزيئات الأكسجين التفاعلية Reactive oxygen molecules)، جاءت النتيجة مدهشة للجميع، فقد تساوت استثارة القدرة على التبويض في كلتا الحالتين.

واستنتج الباحثون أن جزيئات الأكسجين التفاعلية التي تنتج عن تنشيط عملية التبويض نتيجة الاستثارة الناتجة عن ارتفاع هرمون «LH» إلى أقصى معدلاته بالدم «LH – Surge», ربما تلعب دورا مهما في الاستثارة الفسيولوجية لعملية التبويض «Ovulation», لذلك أكد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لتقييم تأثير مكملات مضادات الأكسدة على عملية التبويض والخصوبة لدى الإناث.

مضادات الأكسدة
وفي دراسة نشرت خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2010 في دورية «Journal of agricultural and food chemistry» بعنوان: «تساؤلات حول أمان استخدام بعض مضادات الأكسدة الواقية من السرطان»، أكد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الدقيقة حول مدى أمان استخدام مضادات الأكسدة الواقية من السرطان «Cancer preventive Anti – oxidants».

وجاءت التوصيات بعد دراسة نوعين من مضادات الأكسدة وهما مادة (كويرستين Quercetin) و(حمض فريوليك Phreolic acid) المصنفين ضمن مضادات الأكسدة الواقية من السرطان، حيث أوضحت النتائج أن استخدامها بتركيزات مرتفعة أدى إلى زيادة حدة انتشار سرطان الكليتين في فئران التجارب المصابة بمرض السكري الشديد.

لذلك يؤكد العلماء أن خير الأمور أوسطها , ففي الحالات الطبيعية قد تلعب الجذور الحرة دورا مهما كمواد كيميائية محفزة لعمليات حيوية بالجسم, بينما يتسبب الارتفاع الشديد أو طويل الأمد لمستويات الجذور الحرة بالجسم في حدوث المرض والانتكاسة.