متى ترفع حواء الراية البيضاء لآدم مهما كانت سلبياته
خاص الجمال - إيناس مسعود
أحيانا يكون استمرار المرأة بجوار من يخدعها أو ركله خارج قاموس حياتها ليس بالقرار الحر الذي يمكن لها اتخاذه، لكن بالطبع هناك أسباب قد تؤثر على حياة المرأة وتضطرها إلى تحمل ما لا يحتمله بشر وهو اكتشافها أن زوجها خائن ولا تستطيع التخلص منه. وهذا كما يقول المثل المصري: (اللى يرميك على المر اللي أمر منه).
الشعور المر هنا هو شعورك بالألم مع عدم قدرتك على الحصول على الدواء لأنه سيكلفك الكثير، أو أن سعره باهظ عليك قد يتطلب تضحيات أخرى.
وهنا بعض تلك الأسباب شيوعا
تخشى الوحدة:
عندما تعلم الزوجة أن زوجها يخونها مع من تصغرها عمرا، وتزداد عنها جمالا أو رشاقة يصبح من الطبيعي أن تواجهه بهذا أو تقرر التخلص منه.
لكن خوفها من الوحدة ورغبتها في الشعور بالأمان تجعلها تحتمل ويل الخيانة وتصبر على هذا الابتلاء وتتجاهل آلامه، وهكذا هي تتبع مبدأ ظل رجل أفضل من ظل الحائط.
فالخوف من الوحدة يجعل الناس تتعايش مع جميع أنواع الحالات والعلاقات المروعة، وخاصة لأن الوحدة أكثر رعبا بالنسبة للمرأة عنها لدى الرجل.
باستطاعة الرجل المطلق أن ينطلق هنا وهناك ويتعرف على من يريد من النساء والرجال مما يشغل حياته ويقيه الشعور بالوحدة، بينما المرأة على العكس تصبح مقيدة ولا يمكنها ممارسة حياتها بصورة طبيعية وقد يؤدي هذا إلى تعرضها للاكتئاب الذي ربما يترتب عليه عواقب وخيمة تدفع المرأة وحدها ثمنها.
المبدأ منطقي إلى حد ما، فربما يكون وجودك مع شخص مشاغب يسبب لك المتاعب يمنح حياتك معنى وروح أفضل من البقاء في سكون مميت وعزلة مملة. يقولون "أرض من غير ناس ما تنداس، وقصر بدون ملك لا يمتلك".
الأمان المادي:
الاحتياج المادي من أكثر الأشياء التي تخيف المرأة وتسبب لها القلق من التعرض للفقر والمذلة، فقد خلقت المرأة معززة منذ القدم حيث كان يعرف عنها أنها مخلوق مدلل تجد من يخدمها ويمنحها ما تريد وقتما تريد، حتى ديننا الحنيف قد كرمها وألزم الزوج بالتكفل بمتطلبات زوجته والأب بمتطلبات ابنته والأخ بمتطلبات أخته.
وهذا لأنها إذا ما تعرضت للجوع أو الفقر قد تقاد إلى طريق الهلاك الذي لا مرد منه أو يستغلها بعض الأشخاص المجردين من الأخلاق. كما أنها ضعيفة البنية لذا لا يمكنها ممارسة الأعمال الشاقة مثل الرجل، فإذا لم تتمكن من إيجاد عمل كريم ومناسب لها، تتجه إلى المغريات الأخرى.
زوجها غير متمكن جنسيا:
عندما يكون الزوج غير مثالي من الناحية الجنسية مع زوجته، تصبر عليه حتى إذا كانت تعلم خيانته لها وذلك لأنها تؤمن بداخلها أنه إذا خانها مع أي امرأة فلن تستمر علاقته بها؛ لأن النساء اللاتي يتقابلن مع رجل متزوج لا يرغبن في شيء إلا في هذا الجانب الذي إن كان مفقودا فسوف تنتهي العلاقة على الفور.
فالزوجة تصبح مطمئنة كل الاطمئنان أن زوجها مثل لعبة اليويو سوف يعود إليها مهما طال الحبل أو قصر. كما أنها تستسلم وتلغي من عقلها فكرة الزوج المثالي وتتعايش مع من هو بين يديها فعصفور في اليد أفضل من عشر على الشجرة.
تستثمره عاطفيا:
يشكل الزوج لكثير من النساء جزءا أساسيا من نسيج الأسرة الذي إن تفكك سيكون بمثابة تدمير لها، لذلك تحاول الزوجة أن تتناسى آثامه معها وسلبياته الخطيرة حتى إن كانت الخيانة من خلال محاولتها تذكر مابذله على مدى الحياة بينهم والدور الذي يلعبه بحياتها وحياة أسرتها، حتى أنها تفكر مليا قبل اتخاذ أي قرار بالابتعاد عنه.
حيث تكافح وتفكر ببعد نظر لتعرف إذا كان خطأ زوجها سيؤدي إلى تفكك الأسرة أم أن احتمالها له يمكن أن يكون علاجا لنمو العائلة والحفاظ عليها. ويلعب الأطفال دورا هاما في هذا لأنهم يدفعون أمهم على التحمل والصبر من أجل أن تستمر الحياة ولا يحرم الأطفال من وجودهم مع والديهم، فوالد مستهتر بالنسبة لهم أفضل من آلام اليتم والحرمان من وجوده.
لديها جدول أعمال خفي (خطة سرية):
أحيانا يكون لدى المرأة أهداف أخرى تتعدى كونها مجرد زوجة كل ما يشغلها هو مراقبة زوجها وإصلاح عيوبه، وتقول لنفسها من الأفضل أن تستمر متزوجة لأنها إن حصلت على الطلاق قد يصبح هذا عائقا أو شائبة حول رقبتها وخاصة في مجتمعنا الشرقي تعيق ما تهدف إليه من طموحات، فيمكن أن تقيم صفقة مع الشيطان إذا كنت شخصا ذا عيون مفتوحة وعقل راجح.
من الغريب قول ذلك، لكن تعرض الشخص لمخاوف ونقد يمنح الحياة معنى أفضل من مجرد العيش حياة مسالمة وساكنة ليس بها حياة.
الخيانة يمكن أن تقوي رابطة الزواج:
يقول خبراء العلاقات الزوجية أن مرور الزواج بمحنة قد يقوي العلاقة الزوجية إذا كان كل من الزوجين يملك استعدادا قويا للإصلاح. يتحقق هذا عند إعادة مناقشة الجوانب التي تم تجنبها لفترة طويلة في حياتهم الزوجية مثل الجنس، المال، الأعمال المنزلية والبعد العاطفي.
مع وجود أساس من الصداقة والحب يصبح هناك فرصة لحل وتفهم الأزمة وإصلاح كل جوانب القصور بالعلاقة الزوجية. سيستغرق هذا العلاج مدة طويلة لكن سيكون له أثر إيجابي في النهاية يجعل العلاقة أقوى وأوثق.
التعرض لفقدان الأصدقاء:
فقدان بعض الأصدقاء من الأسباب ذات الأهمية التي تجعل المرأة تتراجع وتتحمل زوجها مهما كانت مشكلاته، وهذا لأن الطلاق يصحبه توابع من أخطرها فقدان بعض العلاقات الاجتماعية الضرورية منها العزلة والبعد عن الأصحاب والأحباب نتيجة للظروف والضغوط النفسية التي تتعرض لها المرأة.
كما يتعامل المجتمع مع المطلقة بطريقة سلبية يجعل منها شخصا منبوذا يتجنبه الكثير؛ خوفا من أن يميل إليها أحد الأزواج أو تتسبب في نشوء مشكلات بين من تعرفهم من الأزواج، لذا تبتعد عنها النساء ويطمع بها الرجال.
أسرتها تعارض الطلاق:
تؤمن الأسرة أن سير الزواج على الوتيرة السليمة يعتمد أساسا على المرأة، وهي الشخص الوحيد القادر على الحفاظ على زوجها وتجنب ما يمكن أن يحدث من توترات أسرية.
ولا ترى الأسرة أن الزوج أيضا يمكن أن يكون سببا للمتاعب الزوجية بسبب سوء تصرفاته وعدم التزامه بما يجب عليه من واجبات تجاه زوجته وأولاده.
فتلقي باللوم على المرأة وحدها وتعارض قرار الطلاق وتبدأ بالضغط عليها بشتى الطرق، منهم من يخبرها أنها ستصبح منبوذة من جانب أبويها إذا تطلقت، ومنهم من يحرمها من الميراث وغيرها من الضغوط. هذا بالإضافة إلى تعرضها لمعاناة فقدان أطفالها الذي يمكن أن يتسبب به أهل الزوج.
يعتقد معظم الأزواج أن جسد الزوجة ملكية خاصة لهم:
تسيطر على الرجال في مجتمعاتنا الشرقية فكرة الملكية الخاصة عندما يتعلق الأمر بالمرأة، فهم يعيقون عملية الطلاق بكل ما بوسعهم، ليس لأنهم يحبون تلك المرأة ولكن لشعورهم بالخزي من مجرد التفكير أنها يمكن أن تصبح زوجة أحد غيرهم حيث يصبح الزوج الثاني بمثابة الغريم أو العدو الذي يستحق أن يعدوا له ما استطاعوا من قوة وعتاد.
وهذا المفهوم الفكري يجعل الرجل مصدر إزعاج للمرأة إذا حصلت على الطلاق وقررت الارتباط بزوج آخر، فقد يقوم بمطاردة أو تهديد الزوج الجديد، وقد يسيء إلى زوجته من خلال إعلام الزوج الجديد عن ما بها من عيوب ومشكلات شخصية وغيرها، أي يبذل قصارى جهده لإبعاد أي رجل عنها حتى وإن كان على علاقة بامرأة أخرى، كذلك لا يريد أن تأخذ الزوجة ماله الذي بذل الجهد ليحصل عليه وينتفع به رجل آخر.
تجنب لقب عانس:
ما هو مفهوم العنوسة؟
العنوسة كلمة قاسية تنعت بها كل فتاة لم تتوفق في إيجاد الشخص المناسب لها.
متى يتم وصفها بذلك؟
يطلق المجتمع على المرأة بالعانس عندما تصل إلى الثلاثين من عمرها بدون أن تتزوج، ويحدث هذا ليس لدى المجتمعات الشرقية فقط لكن على مستوى العالم كله.
ما مدى تأثير هذا اللقب القاسي على المرأة؟
يعرض هذا اللقب القاسي المرأة لكثير من الضغوط النفسية والمشكلات التي تؤدي إلى إصابتها باختلال وجداني ويزرع بداخلها بعض المشاعر المدمرة وتشمل:
- التفكير المجهد الذي قد يصل إلى حد فقدان الثقة بالنفس؛ لأنها تعتقد أنها سيئة لدرجة جعلتها تفشل في الحصول على رجل.
- البعد عن التجمعات حتى لا تعرض نفسها للرد على أسئلة محرجة لا تملك الإجابة عليها.
- الحرمان وخاصة من الإنجاب فهو الأكثر قسوة.
وينتج عنه بعض التصرفات الغير واعية، قمت بتلخيصها فيما يلي:
- ربما يطغى هذا التخلي عن عقائد هامة مثل الأخلاق والقيم الدينية.
- القبول بأي رجل يتقدم لخطبتها حتى إن كان أقل منها من الناحية العلمية والفكرية، وبهذا تحل المشكلة بمشكلة أكبر، لأن عدم التوافق الفكري بين الزوج والزوجة يسبب متاعب حياتية لا حصر لها.
فالرجل الذي يقل عن زوجته من هذا الجانب الخطير يحاول جاهدا أن يأخذها إلى أسفل ويقلل من شأنها ويبرز عيوبها دائما أمام نفسها وأمام الغير ليشعرها أنها هي الأقل وليس هو.
فتكون الحياة جحيماً، لكن تتحمل المرأة ناره لمجرد تجنب لقب عانس الذي يطلقه عليها المجتمع المتخلف.