هواء الطائرة .. هل حقا يعرضك للمرض؟
خاص الجمال - إيناس مسعود
مازال الطيران هو الأكثر أمانا فى وسائل السفر، فحتى الآن وبالرغم من أن الإحصاءات تدل على أنه أسلم وسيلة نقل، مازال يواجه ملايين المسافرين بعض القلق حتى من مجرد التفكير في الطيران، لكن ما السر وراء هذا التفكير الذي يخيفنا بهذا الشكل؟.
بالإضافة إلى الكثير من المخاوف مثل التعرض لعمليات إرهابية، الاضطرابات أو الأعطال الميكانيكية. وليس هذا هو الأساس لأن من يركب الطائرة مازال يخشى تعرضه لغزو الجراثيم، فالطائرة تحتوي على خليط حقيقي من الركاب بعضهم يتمتع بصحة جيدة والبعض الآخر يعاني من الأمراض المتعددة.
قد يكون من سوء حظك أن تجلس على مقعد مجاور لبعض الأشخاص المرضى وبهذا ربما تتعرض بالفعل للعدوى والإصابة بأخطر الأمراض، لكن ماهو مبرر هذا الخوف؟ بعد كل شيء إنه عام 2011 إذن أليس من الواجب تعقيم هواء الطائرة من الآن؟.
تنقية الهواء:
بالرغم من تكدس الركاب يوميا على متن الطائرات مثل السردين المعلب والمغلق بإحكام، أظهرت الأبحاث أن خطر انتقال الأمراض المعدية على متن الطائرة منخفض جدا، على الأرجح يتركز خطر انتقال الهواء بدرجة أكبر في صالة المغادرة بالمطار فهناك لا يتم تنقية الهواء بدقة كما يحدث داخل الطائرة.
هذه الأيام أصبح هناك تحكم بعناية في نوعية الهواء الموجود بكابينة الطائرة حيث تقوم معظم الطائرات الحديثة بإعادة تنقية 50% من الهواء الموجود بها مع الإبقاء على الـ 50% الأخرى كهواء متجدد من خارجها.
لكن لم يكن الأمر دائما كذلك في الماضي، بشكل جزئي وبسبب دخان السجائر، كانت الأنظمة القديمة تستخدم فعليا 100% من الهواء الطلق، المضغوط، المرطب، والمبرد بواسطة محركات في عملية كانت تستهلك طاقة كبيرة.
الآن لتوفير الوقود وتقليل عبء عمل المحرك، يتم استخدام كمية أقل من الهواء المنقى وبدلا من ذلك يتم إعادة تنقية نصف الهواء الموجود بمقصورة الطائرة من خلال منقيات ذات كفاءة عالية والجسيمات الجوية مثل تلك التي تستخدم في المستشفيات للتخلص من جزيئات الغبار، البكتيريا، الفطريات والفيروسات المختلفة.
لسوء الحظ لا تتمتع أجهزة التنقية أو الفلاتر بقوة مثالية وكاملة في عملها (فيقال أنه مازال هناك 63% من الهواء المتبادل بين الناس داخل الطائرة وهو من مسببات الأمراض المحمولة جوا) كما أن استخدامها ليس شيئا إلزاميا.
على سبيل المثال تفتقد حوالي 15% من خطوط الطيران التجارية الأمريكية والتي تنقل ما يزيد عن 100 راكب إلى تلك الأجهزة المنقية أو الفلاتر، ولا يوجد حاليا أي معايير أو قوانين تفرض على شركات الطيران الالتزام بعملية تنقية الهواء داخل الطائرات.
رغم أن عملية تبديل الهواء داخل الطائرة تتم بنظام معين من 20 إلى 30 مرة في الساعة، لايزال هناك خطر - وإن كان طفيفاً - من انتقال الأمراض المحمولة جوا، لكن من هم الأشخاص الأكثر عرضة للعدوى؟ وما هي الآفات التى تعرضهم لخطر العدوى بها؟
خطر انتقال العدوى:
بشكل عام يعتمد تعرضك لخطر انتقال الأمراض المحمولة جوا على مدى جلوسك بالقرب من شخص مصاب، فمن المعروف أنه يجب أن يكون هناك مسافة تقدر بصفين على الأقل بينك وبين غيرك خلال رحلة تستغرق مدتها ثمان ساعات، جاء هذا التقدير من دراسات تمت حول انتشار مرض السل والعدوى البكتيرية المعدية للرئة السفلية.
أدرك الباحثون ذلك عندما كان هناك راكب واحد يحمل مرض الالتهاب الرئوي الحاد، والعدوى الفيروسية بالجهاز التنفسي وتسبب في نقل تلك العدوى إلى 22 راكباً على متن الطائرة في رحلة من هونج كونج إلى بكين عام 2003، حيث اكتشفوا أن البعد بين المريض وبقية الناس بحتى سبعة صفوف كانوا أيضا في خطر.
بينما يعتبر زيادة التهوية مساعدا على تقليل خطر العدوى بين المسافرين الجالسين بالقرب من بعضهم البعض لكن المشكلة الأكثر خطورة هنا هى أن انتقال العدوى ليس بالضرورة أن يحدث عن طريق الهواء إنما من التعامل المباشر بين الركاب.
الأمراض مثل الأنفلونزا على سبيل المثال يمكن أن تنتقل إذا قام المريض بالعطس أو السعال مباشرة بالقرب منك أو عند لمس سطح مصاب وبعدها لمس منفذ بالجسم مثل الفم أو العينين، فلا تختلف الطائرات في كثير من الأحيان عن غيرها من وسائل النقل مثل الأتوبيسات أو القطارات، لذلك يعتبر غسل اليدين وتجنب لمس الوجه سوف يساعد على المزيد من الوقاية من الأمراض السابق ذكرها هذا بالإضافة إلى استخدام منقيات الهواء المناسبة.
السبب الرئيسي لانتقال العدوى هو:
عندما يقوم شخص ما من الركاب بالسعال أو العطس ينتقل حوالي من 20,000 إلى 30,000 من الجزيئات على مسافة ثلاث أقدام وتتركز فوق الأسطح المجاورة، ويمكن لهذه الكائنات الدقيقة البقاء في الهواء مباشرة لفترة تبدأ من عدة دقائق وتستمر حتى 24ساعة، فإذا كنت تبعد عن ذلك الشخص بمسافة تزيد عن 6 أقدام فلا داعي لأن تقلق كثيرا لأن هذه الجزيئات لا تبتعد كثيرا.
تصريحات بعض ركاب الطائرات:
تقول إحدى ركاب الطائرات إنها في معظم الأحيان عندما تأخذ الطائرة لساعات قليلة تصاب بالبرد أو التهاب الصدر، لذا كانت تلجأ إلى الاختباء تحت بطانية للرحلات الطويلة في محاولة لتجنب ذلك.
يلقي العديد من الركاب الذين يصابون بالمرض خلال يوم أو يومين من رحلة طيران قريبة باللوم على جودة الهواء الموجود داخل مقصورة الطائرة، لكن وكما اتضح أن هواء الطائرة ليس أسوأ من الهواء الذي نواجهه داخل مكتب العمل متوسط الزحام، لذا علينا أولا القلق من زميل المقعد الذي يقوم بالعطس أو السعال.
رأي أحد الباحثين في هواء الطائرة:
يقول العالم "تشارلز جيربا" الخبير بعلم الميكروبات البيئية بجامعة أريزونا بتوكسون ما يلي: "هواء الطائرة ليس بالسوء الذي يتصوره معظم الناس".
يلقب هذا الدكتور بدكتور الجرثومة، فهو يدرس الجراثيم وأماكن تجمعها ولا يقلق كثيرا بشأن نوعية الهواء الموجود على متن الطائرة، ويضيف أنه خلال الرحلة يكون الطعام الذي نتناوله والأشياء التي نلمسها هي على الأرجح التي تسبب لنا المرض.
تصريح المتحدث الرسمي عن شركة بوينج للطائرات:
يعتقد كثير من المسافرين بصورة خاطئة أن الهواء داخل مقصورة الطائرة الذي دخل معهم من بابها هو الهواء الواجب عليهم تنفسه حتى نهاية الرحلة، وهذا غير صحيح، حيث يلقي باللوم على انخفاض نسبة الرطوبة داخل الطائرة مما يسبب نتائج سيئة، فتكون نسبة الرطوبة العامة على متن طائرة من الألومنيوم منخفضة حوالي 6%، مما يسبب الجفاف للركاب في الرحلات الطويلة إذا لم يشربوا الماء بانتظام خلالها.
وهذا يمكن أن يشعر الركاب باختلاف بين حالتهم في اللحظة التي ركبوا خلالها الطائرة وبعد مرور بعض من الوقت على متنها.
لتجنب مخاطر الإصابة فى الطائرة، عليك اتباع ما يلي:
تنفس بسهولة:
في المرة القادمة عند ركوبك الطائرة عليك التنفس بسهولة عندما تعلم أن الحد الأدنى لتدفق الهواء بين صفوف المقاعد يتم تحديثه بشكل أكثر من ما يحدث داخل مكاتب العمل.
احترس مما تلمسه يداك:
ينصح خبراء الصحة المسافرين بأنهم بدلا من القلق من الهواء الموجود داخل الطائرة ينبغي عليهم بذل الجهد لتجنب لمس بعض الأشياء التي تسبب انتقال الجراثيم والأمراض المعدية ومن هذه الأشياء ما يلي:
- المقاعد.
- الطاولات.
- أواني التقديم.
- ظهر المقعد.
- مقاعد المراحيض.
- الصابون.
انتقل من مكانك:
ينصحك الخبراء بمحاولة تجنب الجلوس بجانب شخص مريض يقوم بالعطس أو السعال إذا كان هناك فرصة لذلك أو مقعد مفتوح وإن لم تستطع تغيير المقعد حاول تركيز منفذ هواء التكييف فوق مقعدك للحصول على تدفق متوسط من الهواء حتى يزج ذلك الهواء بتلك الجراثيم بعيدا عنك.
حث الركاب على الترطيب:
يجب حث الركاب منذ بداية الرحلة على الحفاظ على نسبة الترطيب بالجسم هذا لأن كلا من الممرات الأنفية، العيون، الأغشية المخاطية في الفم والشفاه تحتوي على إنزيمات مقاومة للبكتيريا، ولا تعمل هذه الإنزيمات بشكل جيد إذا تعرض الجسم للجفاف لذلك يقترح الخبراء شرب 8 أونسات من المياه على الأقل كل ساعتين.
حافظ على نظافة يديك:
اعلم -عزيزي المسافر- أن شركات الطيران لا تقوم بالحد الأدنى من تنظيف الطائرات خلال اليوم، لذلك عند ركوب الطائرة يجب حمل مطهر ووضع بعض القطرات منه على طاولة الطعام أمامك وقم بتنظيفها بمنديل، كذلك نظف حزام المقعد وازرعه ثم يديك وبذلك أنت قمت بتطهير النطاق الذي تجلس به، وبعدها استرخِ على المقعد وخذ نفسا عميقا.
ونتمنى لك رحلة صحية، سعيدة وممتعة.